بينما يستعد سكان قطاع غزة لمواجهة هجومٍ بريٍ إسرائيلي، بعد أيامٍ من الضربات الجوية المكثفة والحصار، تبدو مستشفيات القطاع في حالة شلل، وسط مخاوف من نفاد الوقود، وخروج أجهزة طبية ضرورية من الخدمة.
وحذّر المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لمنطقة شرق المتوسط أحمد المنظري من تحول نقص المياه والكهرباء والوقود بقطاع غزة المحاصر إلى "كارثة حقيقية" خلال الساعات الأربع والعشرين القادمة.
وقال في مقابلة مع وكالة "فرانس برس" الاثنين، بشأن نقص الإمدادات الأساسية إن الأمر قد يحتمل "الأربع والعشرين ساعة القادمة بعد ذلك ستكون كارثة حقيقية.. لا وقود وبالتالي لا كهرباء ولا مياه لعموم سكان غزة وبالأخص للمستشفيات والمؤسسات الصحية".
وتساءل أشرف القدرة، المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، عن سبل تعامل المستشفيات مع هذا الوضع.
ويهرع الأطباء لمساعدة عدد متزايد من المرضى في المستشفيات المكتظة التي تعاني نقص الأدوية، والوقود بسبب الحصار. ومن بين هؤلاء المرضى أطفال أصيبوا في ضربات جوية. ويقول الأطباء إن الحالات الأكثر خطورة فقط هي التي تخضع لعمليات جراحية؛ نظراً لعدم كفاية الموارد، وفق "رويترز".
وقود يكفي 24 ساعة فقط
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الاثنين، إن احتياطي الوقود في مستشفيات قطاع غزة يكفي لمدة 24 ساعة فقط، ما يعرض آلاف المرضى للخطر.
وقالت وزارة الصحة في غزة، الاثنين، إن الغارات الإسرائيلية قتلت 2837 فلسطينياً، على الأقل، وأصابت نحو 12 ألفاً آخرين، منذ السابع من أكتوبر. ولا يزال ألف شخص في عداد المفقودين، ويُعتقد أنهم تحت الأنقاض.
وناشد القدرة الناس التوجه إلى مستشفى الشفاء، وهو أكبر منشأة طبية عامة في القطاع الذي يبلغ عدد المنشآت الطبية العامة به 13 منشأة، من أجل التبرع بالدم. وقال إنه إذا توقف المستشفى عن العمل، فإن العالم كله سيكون مسؤولاً عن حياة مئات وآلاف المرضى الذين يعتمدون على خدمات الوزارة، لا سيما التي يقدمها مستشفى الشفاء. ويخدم هذا المستشفى قطاع غزة بأكمله، وإن كانت خدماته تتركز بشكل مباشر على 800 ألف شخص يعيشون في مدينة غزة وحدها.
وتشن إسرائيل أعنف ضرباتها الجوية على الإطلاق، ومن المتوقع أن تشن هجوماً برياً على غزة، وهي واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، إذ يبلغ عدد سكانها 2.3 مليون نسمة.
أصحاب الأمراض المزمنة
وفر بعض الفلسطينيين من ديارهم في مدينة غزة بعد أن حذرهم الجيش الإسرائيلي، وطالبهم بضرورة التوجه جنوباً.
لكن بعض السكان قالوا إنهم عرضة لخطر الضربات الجوية الإسرائيلية في الطريق إلى الجنوب. ويعود البعض إلى الشمال بسبب انعدام الأمن، وعدم وجود مكان للإقامة في الجنوب المكتظ بشكل متزايد.
ولم يتسن، لـ"رويترز"، الحصول على تعليق من الجيش الإسرائيلي بشأن تلك التداعيات.
وقال فلسطينيون في غزة إن حملة القصف الإسرائيلية خلال الليل هي الأعنف منذ أن شنت هجماتها الانتقامية. وأضافوا أن القصف كان كثيفاً في مدينة غزة تحديداً؛ حيث أصابت ضربات جوية المناطق المحيطة بمستشفيين رئيسيين في المدينة.
ويرقد سعيد العبد الله على سرير في مستشفى، وجسده موصول بجهاز لغسل الكلى، بعدما نجا من القصف الذي استهدف منزله في خان يونس. وقال: "نتعذب في غسل الكلى.. عذاب مر.. ونعاني معاناة صعبة في المواصلات.. وفي الروحة وفي الجاية.. واتهجرنا".
وتجري حالياً جهود دبلوماسية لمحاولة فتح معبر رفح الحدودي، الخاضع للسيطرة المصرية، إلى غزة، مع وصول مساعدات إلى الجانب المصري.
وفي مستشفى ناصر في خان يونس بجنوب قطاع غزة، وبينما تستمر سيارات الإسعاف في الوصول إليه بمصابين، يواجه أصحاب أمراض مزمنة احتمال تعطل الأجهزة الطبية.
وقال الطبيب محمد زقوت: "لدينا 220 مريضاً (بالكلى). نصف عدد الأجهزة تقريباً ستخرج عن الخدمة الليلة، هذا معناه كارثة حقيقية؛ لأن بعض المرضى لن يستطيعوا إجراء الغسيل الكلوي".
وقال أحد هؤلاء المرضى، ويدعى ناهض الخازندار، اضطر إلى الفرار مع عائلته من مدينة غزة إلى خان يونس، "أنا مريض فشل كلوي، وأغسل في الجمعة ثلاث مرات، لي أسبوع ما غسلتش". وبينما كان ينتظر خارج قسم الكلى في مستشفى خان يونس، حيث وصل عشرات الجرحى، بالإضافة إلى جثث، قال: "بدني منفخ، وجيت ع المستشفى عشان أغسل ومخنوق، لازم أغسل كلية ضروري".