قالت مصر، السبت، بعد "قمة القاهرة للسلام"، إن "الحرب الجارية في قطاع غزة كشفت عن خلل في قيم المجتمع الدولي في التعامل مع الأزمات"، مشددةً على أن "الأرواح التي تزهق كل يوم خلال الأزمة الراهنة تقتضي استجابة على مستوى الحدث من المجتمع الدولي".
وأضافت الرئاسة المصرية، في بيان عبر فيسبوك: "بينما نرى هرولة وتنافساً علي سرعة إدانة قتل الأبرياء في كل مكان، نجد تردداً غير مفهوم في إدانة الفعل نفسه في مكان آخر.. بل نجد محاولات لتبرير هذا القتل، كما لو كانت حياة الإنسان الفلسطيني أقل أهمية من حياة باقي البشر".
وأكدت القاهرة أن "المشهد الدولي عبر عقود يكشف عن قصور جسيم في البحث عن حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية"، مشيرةً إلى أنها "لن تقبل مطلقاً بدعاوى تصفية القضية الفلسطينية على حساب أي دولة في المنطقة".
وشددت مصر على موقفها الداعم للحقوق الفلسطينية والمؤمن بالسلام كخيار استراتيجي "لا حياد أو تراجع عنه"، لافتةً إلى أن الشعب الفلسطيني لا بد أن يتمتع بكافة حقوقه مثل باقي الشعوب.
وأضافت الرئاسة المصرية في بيانها أن القاهرة سعت من خلال دعوتها لقمة القاهرة إلى بناء توافق دولي يطالب بوقف الحرب التي راح ضحيتها آلاف المدنيين وإعطاء أولوية خاصة لضمان تدفق المساعدات على غزة وإيصالها إلى مستحقيها، مشددة على أنها لن تتهاون "للحظة في الحفاظ على سيادتها وأمنها القومي"، وذلك في ظل المخاطر والتهديدات.
وانطلقت القمة في وقت سابق السبت، بمشاركة أكثر من 30 دولة، من بينهم ملوك ورؤساء، ورؤساء حكومات، ووزراء خارجية، فضلاً عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، ورئيسي الاتحادين الإفريقي والأوروبي، والأمين العام لجامعة الدول العربية، وممثلين عن الولايات المتحدة والصين وروسيا.
جهود روسية مكثفة
بدوره، قال المبعوث الروسي للشرق الأوسط ودول إفريقيا، ميخائيل بوجدانوف خلال كلمة في "قمة القاهرة للسلام"، إن "فورة العنف غير المسبوقة من حيث نطاقها في منطقة النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، تؤدّي إلى زيادة كارثية في عدد الضحايا بين المدنيين من كلا الطرفين.. مع ذلك فإن قطاع غزة يجد نفسه على شفير الهاوية الإنسانية".
وأضاف بوجدانوف أن روسيا تبذل جهوداً مُكثفة في سبيل خفض التصعيد، مشيراً إلى المباحثات التي أجراها الرئيس فلاديمير بوتين مع قادة بلدان عربية وإيران وإسرائيل. كما أكد مطالب موسكو إلى جميع الأطراف المعنية بضرورة وقف إطلاق النار العاجل، وضمان الممرات الإنسانية من أجل تقديم المساعدة العاجلة لجميع المحتاجين.
وذكر أن الأزمة الحالية أثبتت مجدداً أنه بدون تسوية عادلة للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس صيغة الدولتين، سيبقى الاستقرار الإقليمي هدفاً لا يمكن تحقيقه.
وأضاف بوجدانوف أن الطرفين يجب عليهما كسر حلقة العنف المفرغة، والتخلي عن الخطوات الأحادية الجانب بما في ذلك الاستيطان، ووضع المقدسات.
مساع أميركية
من جانبها قالت السفيرة بيث جونز القائم بالأعمال بالسفارة الأميركية بالقاهرة، في كلمتها خلال القمة، إن هجوم حركة "حماس" في 7 أكتوبر الجاري، أظهر استهتاراً بسلامة الشعب الفلسطيني، الذي وضعته في طريق الأذى، وفي مرمى جهود إسرائيل للدفاع عن نفسها ومواطنيها، لافتةً إلى أن المدنيين الفلسطينيين لا يتحملون اللّوم، ولا ينبغي أن يعانوا بسبب "حماس".
وشددت جونز على حماية أرواح المدنيين، وضرورة وصول المساعدة بشكل عاجل إلى المحتاجين، كما أشارت إلى أن بلادها ستواصل العمل بشكل وثيق مع شركائها في المنطقة للتأكيد على أهمية الالتزام بقانون الحرب، واحترام القانون الإنساني الدولي.
وأضافت في كلمتها: "واشنطن تعلم أن الغالبية العظمى من الفلسطينيين ليسوا من حماس، وأن الحركة لا تمثل الشعب الفلسطيني.. والخلط بين الأمرين لا يؤدي إلا إلى إطالة أمد جزء من سوء فهم الأزمة.. وتظل الولايات المتحدة ملتزمة بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير".
وعبرت السفيرة الأميركية عن "حزنها الشديد، بسبب الخسارة المأساوية في أرواح الفلسطينيين، بما في ذلك الانفجار الذي وقع في المستشفى الأهلي المعمداني في غزة".
وذكرت أن الرئيس جو بايدن عين السفير ديفيد ساترفيلد مبعوثاً خاصاً للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط، لضمان إيصال المساعدات العاجلة إلى غزة، عبر العمل بشكل وثيق مع الأمم المتحدة، ومصر، والأردن، وإسرائيل، وقادة إقليميين".
وعلى نطاق أوسع، أكد "بايدن بشكل لا لبس فيه دعم الولايات المتحدة لسلام دائم في الشرق الأوسط، مبني على أساس حل الدولتين". ويجب الاستمرار في اتباع المسار الذي يتيح لإسرائيل والشعب الفلسطيني العيش بأمان وأمن وسلام، لافتةٌ إلى أنَّ "مصرَ شريكٌ لا غنىً عنهُ في هذا المسعى".