اتهم الجيش الإسرائيلي، الأحد، "حزب الله" اللبناني بالسعي إلى "التصعيد العسكري" في المناطق الحدودية محذراً من محاولة "جر لبنان" إلى الصراع في غزة؛ فيما أعلنت حكومة لبنان "خطة طوارئ"، مع بدء نزوح الآلاف، وسط مخاوف من أن تصبح الاشتباكات المحدودة "حرباً شاملة".
وحذر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأحد، "حزب الله" اللبناني، إذا قرر الدخول في حرب مع إسرائيل، من "دمار لا يمكن تصوره عليه وعلى لبنان".
وقال نتنياهو، في بيان أصدره مكتبه، إنه "لا يستطيع القول بعد ما إذا كان (حزب الله) سيقرر الدخول في الحرب بالكامل، أم لا"، وخاطب نتنياهو القوات الإسرائيلية، بقوله إن حرب غزة "حياة أو موت" بالنسبة لإسرائيل.
وتشهد المنطقة الحدودية تصعيداً، لا يزال ملتزماً بقواعد الاشتباك السارية، بينما أخلت إسرائيل عشرات التجمعات السكنية في شمال إسرائيل، فيما فرّ آلاف الأشخاص في لبنان من المنطقة الحدودية إلى مدينة صور الجنوبية، ومناطق أخرى.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي جوناثان كونريكوس عبر منصّة عبر منصّة التواصل الاجتماعي "إكس" (تويتر سابقاً)، إن "حزب الله يعتدي ويجر لبنان إلى حرب لن يجني منها شيئاً، إنما قد يخسر فيها الكثير"، مضيفاً أن "حزب الله يلعب لعبة خطيرة للغاية، إنه يصعد الوضع، نرى هجمات متزايدة كل يوم".
وتساءل كونريكوس: "هل الدولة اللبنانية مستعدة حقاً لتعريض ما تبقى من الازدهار والسيادة اللبنانيين" من أجل من وصفهم بـ"دواعش غزة".
"خطة طوارئ"
وفي بيروت، قال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الأحد، إن "الاتصالات الدبلوماسية التي نقوم بها دولياً وعربياً واللقاءات المحلية مستمرة في سبيل وقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وجنوبه تحديداً، ومنع تمدد الحرب الدائرة في غزة إلى لبنان".
وأضاف، بحسب بيان صدر عن مكتبه، أن الحكومة تعمل على وضع "خطة طوارئ من باب الحيطة"، مشدداً "لكننا في الوقت ذاته مطمئنون إلى أن أصدقاء لبنان يواصلون معنا بذل كل الجهود لإعادة الوضع إلى طبيعته وعدم تطوره نحو الأسوأ"، وفق ما أوردت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية.
وكان نائب الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم، قال السبت: "نحن معنيون ونحن جزء من هذه المعركة، ليكن واضحاً، كلما تتالت الأحداث، ونشأ ما يستدعي أن يكون تدخلنا أكبر، فسنفعل ذلك".
قصف متبادل
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية، مساء السبت، بوقوع غارات جوية إسرائيلية على طول الحدود، بما في ذلك بالقرب من بلدات "علما الشعب"، و"يارين"، و"الضهيرة"، وأطراف "عيتا الشعب".
وأعلن "حزب الله"، استهداف مواقع إسرائيلية عدة على الجانب الآخر من الحدود وضمن مزارع شبعا المتنازع عليها.
وأوقع تبادل القصف، السبت، 6 قتلى من "حزب الله"، وعنصر من حركة "الجهاد"، فضلاً عن خمس إصابات على الجانب الإسرائيلي، بينهم ثلاثة جنود وعاملان زراعيان تايلانديان.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، أن قواته "رصدت خلية إرهابية تحاول إطلاق صواريخ مضادة للدروع باتجاه منطقة أفيفيم على الحدود مع لبنان"، مشيراً إلى أن قواته شنت "ضربة على الخلية قبل أن تتمكن من تنفيذ الهجوم".
كما أطلق مقاتلون من الجانب اللبناني صاروخاً مضاداً للصواريخ على دبابة إسرائيلية في منطقة مزارع شبعا، وفق الجيش الإسرائيلي، الذي أعلن عدم وقوع إصابات أو أضرار، كما قال إنه رد باستهداف "الخلية الإرهابية".
ومنذ اندلاع القتال على طول الحدود، لقي أربعة أشخاص على الأقل مصرعهم في إسرائيل، هم ثلاثة جنود ومدني واحد، وفق مصادر إسرائيلية.
وفي لبنان، أسفر التصعيد حتى الآن عن مصرع 29 شخصاً، غالبيتهم مقاتلون من "حزب الله"، إضافة إلى خمسة مقاتلين من فصائل فلسطينية، وأربعة مدنيين بينهم مصور في وكالة "رويترز".
نزوح وعمليات إخلاء
ونزح أكثر من 4200 شخص من قرى في جنوب لبنان بسبب الاشتباكات الحدودية، وقال مسؤولون محليون، الجمعة، إنهم غير مستعدين لنزوح جماعي أكبر بكثير يمكن أن يترتب على الصراع المحدود يتصاعد إلى "حرب شاملة"، بحسب وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية.
ويقيم نحو 1500 من النازحين في ثلاث مدارس في مدينة صور الساحلية، على بعد نحو 20 كيلومتراً شمال الحدود.
وأفاد بيان مشترك صادر عن وزارة الدفاع والجيش في إسرائيل، الأحد، بأن إسرائيل أضافت 14 تجمعاً سكنياً إلى خطة الإخلاء في شمالها.
وتقع التجمعات المذكورة في البيان، والتي وافق عليها وزير الدفاع يوآف جالانت، بالقرب من لبنان وسوريا.
والجمعة، أمرت إسرائيل، بإخلاء بلدة "كريات شمونة" الشمالية الحدودية التي يسكنها نحو 25 ألف شخص، بعد مواجهات متكررة مع مقاتلي "حزب الله" على الحدود مع لبنان.
"أسوأ تصعيد"
وهذا هو أسوأ تصعيد للعنف على الحدود الإسرائيلية اللبنانية منذ حرب عام 2006 بين "حزب الله" وإسرائيل، بحسب وكالة "رويترز".
وبالنسبة للعديد من النازحين، تعيد التوترات الحالية ذكريات الحرب الوحشية التي دامت شهراً واحداً بين "حزب الله"، وإسرائيل في عام 2006، التي دمر خلالها القصف الإسرائيلي مساحات واسعة من القرى في جنوب لبنان، وفي الضواحي الجنوبية لبيروت.
ونقلت "أسوشيتد برس" عن إدوارد بيجبيدر، ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في لبنان، قوله إن "التعليم سيكون أحد الضحايا الرئيسيين إذا طال أمد النزوح".
وأضاف أن 52 مدرسة من أصل 300 مدرسة في جنوب لبنان مغلقة بالفعل بسبب الأعمال العدائية، ما أجبر أكثر من 8000 طفل على ترك التعليم، بالإضافة إلى المسجلين في المدارس التي تستخدم الآن كملاجئ. ومن شأن الصراع الأوسع أن يهدد أيضاً البنية التحتية الرئيسية بما في ذلك الإمدادات الكهربائية، ومن ثم إمدادات المياه.
وتابع بيجبيدر: "في أي تصعيد، الأطفال هم الأشد تأثراً، إنهم في وضع مأساوي".
تجدر الإشارة إلى أن "حزب الله" وإسرائيل خاضا حرباً مدمّرة صيف 2006، خلّفت أكثر من 1200 ضحية في الجانب اللبناني معظمهم من المدنيين، و160 شخصاً في الجانب الإسرائيلي معظمهم من العسكريين. وتسبّبت الحرب التي استمرت 34 يوماً بنزوح نحو مليون لبناني من بلداتهم، وفق "رويترز".