في الوقت الذي تشير فيه إسرائيل إلى اقترابها من شن هجوم بري متوقع على قطاع غزة، يبعث مسؤولون أميركيون وأوروبيون برسائل لحضها على "توخي الحذّر"، في محاولة لتقليل احتمالية خوض "حرب شوارع" طويلة، يمكن أن تؤدي إلى المزيد من الخسائر البشرية، ومستقبل مضطرب لسكان القطاع، حسبما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أميركيين وأجانب.
وقالت الصحيفة الأميركية، الجمعة، إن الجيش الإسرائيلي شن، الخميس، أكبر عملية توغل له في غزة منذ الهجوم المباغت لحركة "حماس" على بلدات إسرائيلية في السابع من أكتوبر الجاري، فيما يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضغوطاً داخلية متزايدة لشن اجتياح بري على القطاع.
ووفقاً لـ"وول ستريت جورنال" ثمة تأييد واسع النطاق داخل إسرائيل لاجتياح بري شامل لغزة، ولكن صناع القرار يتصارعون مع مجموعة معقدة من الخيارات، لكل منها مزايا وعيوب، فيما يحض حلفاء غربيون، وخاصة الولايات المتحدة، تل أبيب على إيجاد سبل لحماية المدنيين، وتحرير الرهائن.
ولفتت الصحيفة إلى أن الأمر الأكثر إثارة للمخاوف، الذي أعرب عنه حلفاء غربيون هو فكرة الدخول في "حرب شوارع" قاتلة، شبيهة بالمعارك التي خاضتها القوات الأميركية في مدن العراق وأفغانستان، والتي من المرجح أن تصاحب الاجتياح البري في غزة.
عرقلة تحرير الرهائن
مع ذلك رجحت "وول ستريت جورنال"، أن شن هجوم بري في الوقت الراهن سيعرقل الجهود المبذولة للتفاوض على إطلاق سراح المزيد من الرهائن، أو حتى ربما يؤدي إلى وفاتهم عن غير قصد.
كما أن الانتظار لفترة طويلة يهدد بإضعاف معنويات القوات الإسرائيلية المحتشدة على حدود غزة، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الضرر الذي يلحق بالاقتصاد الإسرائيلي، حيث يتم سحب مئات الآلاف من الجنود من القوى العاملة في بلد يبلغ عدد سكانه 9.3 مليون نسمة.
ونقلت الصحيفة عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ريتشارد هيشت، قوله الخميس: "أعتقد أن الجميع يوازنون بين هذين الأمرين"، في إشارة إلى الحاجة إلى شن عملية برية وتحرير الرهائن، وأضاف: "أنا متأكد من أن هذه الأمور تؤخذ في الاعتبار عند اختيار التوقيت، ولكن من الناحية العسكرية، نحن نستعد للمرحلة التالية".
وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي، أن الغارة التي شنتها القوات الإسرائيلية، الخميس، كانت التوغل البري الأوسع في غزة منذ بداية الحرب، وأظهرت لقطات نشرها الجيش الإسرائيلي رتلاً من الدبابات، ومركبات المشاة القتالية يدخل القطاع، إذ عملت الدبابات على أرض مفتوحة، دون أن يخرج الجنود من مركباتهم ودون أي مقاومة ظاهرة.
العملية الشاملة "أصعب بكثير"
وتوقعت الصحيفة أن تكون ظروف العملية البرية الشاملة "أصعب بكثير"، إذ توفر الأنقاض والمباني غطاءً لمقاتلي حركة "حماس"، لإطلاق النار على المركبات الإسرائيلية، وأي جنود على الأرض.
في هذا السياق، قال عوزي ديان، النائب السابق لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي ومستشار الأمن القومي، إن توغل، الخميس، كانت بمثابة "تدريب حقيقي على ساحة المعركة للجنود الإسرائيليين الذين كانوا يتدربون بالقرب من الحدود مع غزة، ورسالة إلى كل من الإسرائيليين و"حماس" مفادها أن الهجمات البرية أو الغزو الشامل يمكن أن يحدث في أي وقت".
وأضاف: "هذه الغارة تقول للإسرائيليين إننا نستطيع القيام بالاجتياح البري، وعلى استعداد للقيام به، فنحن ننتظر قليلاً الآن، ولكنه سيحدث".
وأوضحت الصحيفة أن إتاحة المزيد من الوقت قبل العملية للقوات الإسرائيلية، بما في ذلك للفرقة الضخمة من جنود الاحتياط، سيسمح لهم بالتدريب معاً للاستعداد للمهام المقبلة، ويتضمن ذلك تعزيز المهارات الفردية، وقابلية التشغيل البيني لمختلف الوحدات التي قد تشارك في أي مناورة معقدة.
مع ذلك، فإن الصحيفة تشير إلى أن التعامل مع أنفاق "حماس" يعد أمراً محفوفاً بالمخاطر، إذ يُعتقد أن الرهائن محتجزون في بعضها، ويقول مسؤولون أميركيون وإسرائيليون إن تلك الأنفاق ربما تكون مفخخة، وربما يصبح الرهائن والمدنيون الفلسطينيون في مرمى النيران المتبادلة.
"دعم استشاري أميركي"
من جانبه، قال السيناتور الديمقراطي بِن كاردن، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، إن الجنود الأميركيين يستغلون الوقت للعمل مع نظرائهم الإسرائيليين على كيفية خوض "حرب الشوارع"، والتعامل مع الأنفاق والتقنيات العسكرية الأخرى، بالإضافة إلى التخطيط لمناطق آمنة للمدنيين.
وأضاف كاردن: "لم ندع إلى تأجيل الاجتياح البري، والإسرائيليون سيفعلون ذلك عندما يريدون، ونتوقع جميعاً أنه سيحدث، وسيكون ذلك قريباً".
وتقصف إسرائيل قطاع غزة المكتظ بالسكان منذ هجوم حركة "حماس" في السابع من أكتوبر على بلدات إسرائيلية، وتقول إسرائيل إن حماس قتلت نحو 1400 شخص بينهم أطفال، واحتجزت أكثر من 200 رهينة.
وقالت وزارة الصحة في غزة، الخميس، إن عدد الضحايا الذين سقطوا في الضربات الإسرائيلية المتواصلة على القطاع ارتفع إلى 7326، بينهم نحو 3 آلاف طفل.