تصاعدت أزمة إنهاء المحكمة الاتحادية في العراق، عضوية رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، الثلاثاء، إذا أعلن حزب "تقدم" استقالة ممثليه في الحكومة ومقاطعة جلسات البرلمان اعتراضاً على القرار، فيما قال الحلبوسي إنه "سيلجأ إلى الإجراءات التي تحفظ الحقوق الدستورية"، بينما رحب "تحالف العزم" بالقرار، داعياً جميع الأطراف إلى "احترامه وتنفيذه".
وقررت المحكمة الاتحادية العليا، إنهاء عضوية الحلبوسي، وكذلك النائب ليث الدليمي في البرلمان، وفق ما ذكر الموقع الرسمي للمحكمة. وقالت إن القرار يعتبر نافذاً من تاريخ صدوره في 14 نوفمبر، مضيفة أن القرار "بات وملزم لكافة السلطات".
وجاء قرار المحكمة بناءً على دعوى قضائية تقدم بها "الدليمي" ضد الحلبوسي، وبدأت المحاكمة في فبراير الماضي، بعد اتهام "الأول" لرئيس البرلمان بـ"تزوير" تأريخ طلب استقالة باسمه قدم سابقاً، بهدف طرده من البرلمان.
والدليمي، كان ينتمي إلى حزب تقدم الذي يتزعمه الحلبوسي، واتهم رئيس البرلمان في بيان بإنهاء عضويته كنائب في يناير عبر "أمر نيابي غير قانوني".
ووفقاً للدستور العراقي، فإن قرار المحكمة الاتحادية "بات وملزم لجميع السلطات وغير قابل للطعن"، كما تعد جريمة "التزوير" في القانون العراقي، من الجرائم المخلة بالشرف.
وكان الحلبوسي يترأس جلسة لمجلس النواب، وقت صدور القرار، وفور علمه بالأمر، رفع الجلسة إلى إشعار آخر، وغادر مقر البرلمان.
وشغل الحلبوسي (42 عاماً) منصب رئيس مجلس النواب العراقي في عام 2018، وانتخب في يناير 2022 للمنصب نفسه في الدورة الخامسة لمجلس النواب.
ويتولى نائب رئيس البرلمان محسن المندلاوي، رئاسة البرلمان مؤقتاً إلى حين انتخاب رئيس جديد، وفقاً لـ"رويترز".
وتأتي الإطاحة بالحلبوسي قبل ما يزيد قليلاً عن شهر من انتخابات مجالس المحافظات التي أجريت آخر مرة قبل عشر سنوات.
"تقدم".. استقالة 3 وزراء ومقاطعة البرلمان
من جانبه، اعتبر حزب "تقدم" قرار المحكمة الاتحادية يمثل "خرقاً دستورياً صارخاً واستهدافاً سياسياً واضحاً"، معلناً مقاطعة جلسات ائتلاف إدارة الدولة، واستقالة ممثلي الحزب في الحكومة الاتحادية.
وجاء في بيان صحافي للحزب: "بعد مضي أكثر من عام كامل على تشكيل الحكومة الحالية، التزمنا بجميع الاتفاقات السياسية والورقة التي تشكلت على أساسها الحكومة التي انبثقت من ائتلاف إدارة الدولة الذي تشكل لدعم الرئاسات والحكومة والمؤسسات وتبني القرار السياسي للدولة وهو الائتلاف المعني بتنفيذ الاتفاقات السياسية والمسؤول عن التزام المؤسسات كافة بتطبيق الدستور والقوانين".
وتابع: "على الرغم من كل ما حدث من استهدافات خلال هذا العام، إلّا أننا آثرنا وجماهيرنا الصبر والالتزام بالاتفاقات السياسية لتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي، ولتحقيق تطلعات الشعب في حياةٍ حرةٍ كريمة ورفع الظلم عن المظلومين"، موضحاً: "إلّا أننا تفاجأنا بصدور قرار المحكمة الاتحادية اليوم والذي نجد فيه خرقاً دستورياً صارخاً واستهدافاً سياسياً واضحًا".
وأعلن الحزب مقاطعة جلسات ائتلاف إدارة الدولة، واستقالة ممثلي الحزب في الحكومة الاتحادية وهم: "نائب رئيس مجلس الوزراء وزير التخطيط مجد علي تميم، وزير الصناعة والمعادن خالد بتال النجم، وزير الثقافة والسياحة والآثار أحمد فكاك البدراني"، إضافة إلى استقالة ممثلي الحزب من رئاسة ونواب رؤساء اللجان النيابية، كما قرر الحزب مقاطعة أعضاء مجلس النواب عن الحزب، جلسات مجلس النواب.
الحلبوسي: قرار "غريب"
وبدوره، أعرب الحلبوسي عن استغرابه لصدور قرار قضائي بإنهاء عضويته، ووصفه بأنه "غريب"، مؤكداً أنه "سيلجأ إلى الإجراءات التي تحفظ الحقوق الدستورية".
وأشار في كلمة أمام مجلس النواب إلى أنه "عمل أكثر من خمس سنوات رئيساً لمجلس النواب العراقي، وحرص منذ اللحظة الأولى لدخول المجلس على معالجة المشكلات التي تواجهها البلاد"، وتشمل مشكلات "طائفية، وأمنية، وإرهابية، وخدمية".
وشدد على أن النواب سعوا إلى "وضع الأمور في نصابها الصحيح واتخاذ الخطوات التي تنعكس إيجاباً على الشعب"
وأكد أنه لم يكن هو من "يسعى إلى عدم استقرار البلد، وتفتيت المكونات السياسية للمجتمع، وتفتيت المكونات الاجتماعية"، مضيفاً: "حرصت أن أقف معكم في مسؤولياتكم، وإخوانكم الذين أرأسهم كحزب (حزب تقدم) حرصوا على الوقوف معكم ومع أهلهم بالمحافظات كلها".
وأعرب عن دهشته "لصدور مثل هذه القرارات، وعدم احترام الدستور، وتلك الوصاية" التي لا يعرف مصدرها، كما أعرب عن شكره وامتنانه للنواب، مؤكداً أنه "سيلجأ إلى الإجراءات التي تحفظ الحقوق الدستورية".
"تحالف العزم" يرحب
وفي المقابل، قال "تحالف العزم" في بيان صحافي، إنه "يؤكد موقفه الثابت والمبدئي بشأن قرارات المحكمة الاتحادية واحترامها باعتبارها حيادية وباتة وملزمة، وآخرها قرارها في إنهاء عضوية محمد الحلبوسي".
وجاء في البيان أن "تحالف العزم يؤمن بأهمية احترام السلطة القضائية واستقلاليتها في العمل، ويثق بأن مثل هذه القرارات قد نوقشت بجدية، واستندت إلى الأدلة الثابتة"، معتبراً "هذا القرار خطوة هامة نحو تعزيز مبدأ الدولة الدستورية في العراق وتساوي الجميع أمام القانون"، داعياً "جميع الأطراف إلى احترام وتنفيذ هذه القرارات".
وأضاف: "يشدد تحالف العزم على ضرورة استمرارية العملية السياسية في العراق، وتحقيق الاستقرار السياسي والأمني"، لافتاً إلى أن "المسيرة لا تتوقف عند المسميات والأشخاص". ودعا "القوى السياسية إلى العمل المشترك لتعزيز مسار الإصلاح والتنمية في العراق وتجاوز الخلافات من أجل مستقبل أفضل للعراق وشعبه".
من جانبه، دعا حزب السيادة برئاسة خميس الخنجر، إلى اجتماع عاجل لمناقشة تداعيات إنهاء عضوية الحلبوسي.
بديل الحلبوسي
بدورها، قالت المتحدثة الرسمية للمفوضية العليا للانتخابات في العراق جمانة الغلاي، إن المفوضية في انتظار كتاب إشعار من مجلس النواب العراقي يطلب فيه من المفوضية تسمية البديل لـ"الحلبوسي".
وأشارت في تصريحات خاصة لـ"الشرق" إلى أنه "بحسب قانون انتخابات مجلس النواب، فإن من حصل على أعلى عدد من الأصوات ممن لم يحالفهم الحظ في الانتخابات الأخيرة، ومن دائرته الانتخابية سيحل مكان الحلبوسي في عضوية مجلس النواب".
وتشير القوائم التي نشرتها المفوضية في وقت سابق، والتي تُظهر ترتيب المرشحين بحسب الأصوات الانتخابية إلى أن المرشح عيسى ساير مضعن العيساوي، والحاصل على 4728 صوتاً، وهو من "تحالف العزم" ومرشح بالدائرة الأولى عن محافظة الأنبار سيحل مكان "الحلبوسي".