قال ملك الأردن عبد الله الثاني، إن القيادة الإسرائيلية التي لا ترغب في سلوك طريق السلام على أساس حل الدولتين، لا يمكنها أن توفر الأمن لشعبها، محذراً من بقاء الوضع على ما هو عليه خلال الأيام المقبلة.
وأضاف الملك عبد الله في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست: "لا يمكن للإسرائيليين الاعتقاد بأن الحلول الأمنية وحدها ستضمن سلامتهم واستمرارهم في حياتهم كالمعتاد، بينما يعيش الفلسطينيون في البؤس والظلم"، مشدداً على أن الوعد بمستقبل سلمي سوف يغيب عن الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء مع غياب الأفق السياسي.
حل الدولتين
وتساءل ملك الأردن عن وجود أي بدائل واقعية لحل الدولتين، مؤكداً أنه من الصعب تخيل أي منها. وأوضح أنه "من شأن حل الدولة الواحدة أن يجبر هوية إسرائيل على استيعاب الهويات الوطنية المتنافسة. ومن شأن حل اللادولة أن يحرم الفلسطينيين من حقوقهم وكرامتهم".
وأشار إلى أن إسرائيل أصيبت في السابع من أكتوبر "بجرح، وصُدمت بشدة بسبب سقوط أكثر من ألف إسرائيلي، بمن فيهم نساء وأطفال، على يد حماس". واستدرك أنه "منذ ذلك الحين، قُتِل أكثر من 11 ألف فلسطيني جراء القصف الإسرائيلي العشوائي على غزة. وآلاف الأطفال يلقون حتفهم تحت أنقاض المنازل والمدارس والمستشفيات المدمرة في غزة". وتساءل قائلاً: "باسم إنسانيتنا المشتركة، كيف يمكن قبول هذه الأعمال الوحشية وعمليات القتل؟".
وحذر العاهل الأردني من بقاء الوضع كما هو عليه خلال الأيام المقبلة، قائلاً إن من شأن ذلك أن يزيد "التطرف والانتقام والاضطهاد ليس في المنطقة فحسب، بل في جميع أنحاء العالم". وقال "ستحاول الأجندات والأيديولوجيات السياسية الشريرة استغلال الدين".
وتابع "ليس هناك نصر في المذبحة التي نشهدها، ولن ينتصر أحد إلا إذا حصل الفلسطينيون على حقوقهم ودولتهم. وهذا فقط سيكون بمثابة نصر حقيقي للسلام للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء. وسيكون أيضاً، أكثر من أي شيء آخر، انتصاراً لإنسانيتنا المشتركة".
المغادرة تعني "فقدان الأمل والكرامة"
وشدد على أن "المسار الحالي ليس طريقاً إلى النصر لأي شخص، وبالتأكيد ليس طريقاً يسترشد بالوضوح الأخلاقي"، موضحاً أن "المعاناة الإنسانية والتوترات العالمية اليوم تحثنا على الالتزام بمعايير الإنسانية قبل أن نصل إلى نقطة الانهيار الأخلاقي للجميع".
وقال العاهل الأردني أن "للفلسطينيين، شأنهم شأن الإسرائيليين، الحق في حياة كريمة وأمن واحترام، في دولة مستقلة وذات سيادة وقابلة للحياة".
وأضاف أنه "منذ ما يقرب من 20 عاماً، قوضت الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب عملية السلام، واستهزأت باتفاقات أوسلو، التي وعدت بحل الدولتين من أجل السلام والأمن لكلا الجانبين".
وتابع: "وبدلاً من ذلك، خطوة بخطوة، وضد القانون الدولي، تم تقسيم الأراضي الفلسطينية إلى جيوب صغيرة منفصلة. وضاعفت إسرائيل مستوطناتها ثلاث مرات على أراض اعترفت الاتفاقات بأنها ستكون جزءا من الدولة الفلسطينية".
وأردف: "طُرد المقدسيون من منازلهم. وهوجمت الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، وتعرض المصلين للمضايقة. والآن، تم تهجير 60% من سكان غزة المحاصرين البالغ عددهم 2.3 مليون فلسطيني".
ووصف العاهل الأردني قصف المدنيين في غزة بـ"العقاب الجماعي"، مؤكداً أن الأسر ليس لها مكان تحتمي به، مضيفاً: "بالتأكيد، لن يتخلى سكان غزة عن منازلهم لأن منشوراً أو رسالة نصية تخبرهم بذلك. إنهم يعلمون أن المغادرة تعني فقدان الأمل والكرامة وفرصة العودة إلى أرضهم.. لقد رأوا ذلك يحدث لموجات وموجات من إخوانهم الفلسطينيين ولأسلافهم طوال العقود السبعة الماضية من هذا الصراع".
وقال إن "خروج" إسرائيل من غزة قبل 18 عاماً "لم يكن مساهمة في حل الدولتين، بل كان استباقاً لأي حل من هذا القبيل. لقد أنتج انقساماً دائماً منع (قيام) دولة فلسطينية من خلال إنكار شريك فلسطيني واحد".