تتركز المناقشات بين الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر وقطر في المباحثات التي تستضيفها الدوحة، على تمديد الهدنة المؤقتة في غزة 3 أيام أخرى، في مقابل الإفراج عن 10 محتجزين بالقطاع كل يوم، إضافة إلى فتح مسار بشأن التفاوض على مقايضة بعض الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى حماس بأعداد كبيرة من المعتقلين الفلسطينيين، حسبما أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال".
ووصل رئيس الموساد الإسرائيلي ديفيد برنياع إلى العاصمة القطرية الثلاثاء، لإجراء محادثات مع مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA) بيل بيرنز، وكبار المسؤولين القطريين، بحسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، فيما أفاد مصدر مصري لـ"الشرق" أن مدير المخابرات المصرية عباس كامل، متواجد في قطر للمشاركة في المباحثات.
وذكر موقع "أكسيوس" أنه من المقرر أن يبحث مدير CIA، ورئيس الموساد، ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في الدوحة، إمكانية تمديد الهدنة مجدداً في غزة.
ويهدف اللقاء إلى مناقشة التمديد الثاني المحتمل لوقف القتال في قطاع غزة، إذا أطلقت حركة "حماس" سراح المزيد من المحتجزين، وفقاً لمسؤول أميركي ومصدرين على اطلاع مباشر بالخطة.
وقال مسؤول أميركي إن واشنطن أكدت ضرورة الحفاظ على المستوى الحالي من إدخال المساعدات إلى غزة أو زيادتها عندما تنتهي الهدنة، وفق "وول ستريت جورنال".
وذكرت "وول ستريت جورنال" نقلاً عن مسؤولين مصريين كبار قولهم إنهم "يضغطون مع قطر من أجل تنفيذ هدنة أطول على أمل تطويرها إلى وقف دائم لإطلاق النار، وإن المراحل التالية للإفراج عن المحتجزين بعد النساء والأطفال تتضمن الرجال المسنين، يليهم تسليم جثث لمحتجزين آخرين".
وتُعد هذه الرحلة الثالثة لرئيس الموساد الإسرائيلي إلى قطر منذ بداية الحرب في غزة، والذي استضاف بدوره مسؤولين قطريين كبار في إسرائيل، حيث تتوسط الدوحة بين تل أبيب و"حماس".
وشدد المسؤولون المصريون والقطريون على أهمية الضغط من أجل بدء محادثات بشأن هدنة دائمة من شأنها إنهاء الحرب تماماً.
وقال مسؤولون أميركيون إن الولايات المتحدة حثَّت إسرائيل على إيلاء اهتمام أكبر بحماية المدنيين والحد من أضرار البنية التحتية، حال شنها هجوماً في جنوب غزة، وذلك لتجنب المزيد من عمليات النزوح التي سيصعب على الجهود الإنسانية مواجهتها، إذ تعتزم واشنطن إرسال 3 طائرات إلى مصر محملة بمساعدات إنسانية حيوية للقطاع.
مقايضة صعبة
وقال مسؤولون إن أي وقف لإطلاق النار طويل الأمد سيتطلب على الأرجح من إسرائيل و"حماس" تقديم تنازلات يصعب قبولها، مثل مقايضة الجنود الإسرائيليين بأعداد من المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ربما تصل للآلاف.
وأوضح المسؤولون أن ذلك سيتطلب من إسرائيل كبح هجومها على جنوب غزة بهدف السيطرة على القطاع والقضاء على القيادة العليا لـ"حماس". لكن المسؤولين قالوا إن الهدنة المؤقتة الحالية تعمل على بناء نوع من الثقة اللازمة للمضي قدماً.
وتأتي الزيارة بعد أن اتفقت إسرائيل و"حماس" على تمديد الهدنة المؤقتة لمدة يومين من أجل السماح بإطلاق سراح ما لا يقل عن 20 رهينة أخرى من غزة.
وتأمل مصر وقطر أن يؤدي تمديد الهدنة إلى بناء الثقة بين تل أبيب و"حماس"، مما يسمح بالتفاوض على إطلاق سراح بعض الجنود الإسرائيليين المحتجزين، وتحقيق وقف دائم لإطلاق النار في غزة.
وقال مسؤول مصري كبير، بحسب "وول ستريت جورنال": "نحاول بناء الثقة وحسن النية لفتح الباب أمام سلام طويل الأمد وتسوية سياسية"، مضيفاً: "إنها فرصة بعيدة المنال، لكن حتى الآن امتنع الجانبان عن السعي لاقتناص ميزة عسكرية خلال فترة الهدنة، وهو ما يمنحنا الأمل في أن ذلك قابل للتنفيذ".
وقال مسؤول مصري آخر، إن وقف إطلاق النار الممتد يمكن أن يساعد أيضاً في تهدئة التوترات في الضفة الغربية، وتقليل خطر نشوب صراع إقليمي أكبر قد يجذب جهات أخرى، مثل جماعة "حزب الله" اللبنانية وإيران.
وتقول إسرائيل إنها ستستأنف عمليتها العسكرية في غزة بمجرد استكمال بنود الاتفاق الجاري بين تل أبيب و"حماس". ونقلت الصحيفة عن مسؤول مصري كبير قوله إن "هدف القضاء على حماس غير واقعي، وإسرائيل والولايات المتحدة تدركان ذلك".
قائمة جديدة
من جهته، أكد مصدر مقرب من "حماس" الثلاثاء، تبادل قوائم تضم أسماء 10 من المحتجزين لدى الحركة الفلسطينية، في مقابل 30 معتقلاً فلسطينياً في اليوم الخامس من الهدنة مع إسرائيل، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
وقال المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري في مؤتمر صحافي: "سيكون هناك عمل حثيث من أجل تمديد الهدنة، وهذا يرتبط بشكل أساسي بتأكيد حماس لإمكانية الإفراج عن عدد أكبر من المحتجزين لديها".
وأوضح الأنصاري أن "تركيزنا الأساسي حالياً، هو التوصل إلى هدنة مستدامة من شأنها أن تؤدي إلى مزيد من المفاوضات، وفي نهاية المطاف إلى وضع حد لهذه الحرب".
وأضاف: "نحن نعمل بناء على ما لدينا. وما لدينا الآن هو بند في الاتفاق يسمح لنا بتمديد (الهدنة) لأيام، طالما أن حماس قادرة على ضمان إطلاق سراح ما لا يقل عن 10 محتجزين لديها".
69 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 150 فلسطينياً
ومنذ بدء الهدنة المؤقتة الجمعة، تطلق "حماس" يومياً سراح بعض المحتجزين لديها، بينما تفرج إسرائيل عن بعض الأسرى الفلسطينيين.
وأعلنت إسرائيل الاثنين، أن 11 من مواطنيها عادوا من قطاع غزة، ليصل إجمالي عدد الإسرائيليين والأجانب الذين أطلقت "حماس" سراحهم منذ الجمعة إلى 69 محتجزاً.
بدورها، قالت مصلحة السجون الإسرائيلية إنها أطلقت سراح 33 فلسطينياً من سجن "عوفر" في الضفة الغربية، ومن مركز احتجاز في القدس، ليصل إجمالي المفرج عنهم إلى 150 أسيراً.
وقال متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إن العدد الإجمالي للمحتجزين لدى "حماس" في غزة حتى الاثنين، يصل إلى 184، من بينهم 14 أجنبياً و80 إسرائيلياً يحملون جنسيات أخرى.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مطلع الأسبوع الجاري، إنه بمجرد انتهاء الهدنة "سنعود بكامل قوتنا لتحقيق أهدافنا: القضاء على حماس، والتأكد من عدم عودة قطاع غزة إلى ما كان عليه، وبالطبع تحرير جميع الأسرى".
وسُويت مناطق واسعة من قطاع غزة بالأرض جراء الغارات الجوية والقصف المدفعي الإسرائيلي، وظهرت أزمة إنسانية مع نفاد إمدادات الغذاء والوقود ومياه الشرب والأدوية.