واشنطن في مرمى الانتقادات بعد إفشالها مشروعاً لوقف النار في غزة

time reading iconدقائق القراءة - 9
دبي-الشرقوكالات

فشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الجمعة، في تبني مشروع قرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، وذلك بعدما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" لعرقلة مشروع القرار، فيما وصف داعمو القرار هذا الفشل بـ""اليوم المروع".

وبحث مجلس الأمن مشروع القرار الذي تقدمت به بعثة دولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، ويدعو إلى اتخاذ قرار عاجل بوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية في قطاع غزة.

وحصل مشروع القرار على دعم 13 عضواً بالمجلس وامتناع عضو واحد عن التصويت هو بريطانيا، بينما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض.

ووفق وكالة "أسوشيتد برس"، فإن الموقف الأميركي المنعزل، يعكس الصدع المتزايد بين واشنطن وبعض أقرب حلفائها بشأن الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة. وكانت فرنسا واليابان من بين الدول التي أيدت وقف النار.

وقال نائب المندوبة الأميركية في مجلس الأمن روبرت وود عقب استخدام الفيتو، إن "مشروع القرار منفصل عن الواقع، ولن يكون له أي تأثير على الأرض". وأضاف: "تم تجاهل توصياتنا، والمشروع جاء غير متوازن وبعيداً عن الحقيقة، ولذلك لم نتمكن من تأييده".

وشكر السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان الولايات المتحدة على ما وصفه بـ"الوقوف بثبات إلى جانبنا"، وقال إن "وقف النار لن يكون ممكنا إلا عبر تدمير حماس". كما شكر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت في بيان، ما اعتبرها "القيادة الجريئة للولايات المتحدة".

بدورها، قالت سفيرة بريطانيا لدى الأمم المتحدة باربرا وودورد، إن بلادها امتنعت عن التصويت بسبب عدم التنديد بحركة "حماس".

"يوم مروع في مجلس الأمن"

ندد مندوب فلسطين في الأمم المتحدة رياض منصور بتعطيل مشروع القرار الدولي، وقال عقب التصويت "إنها لكارثة أن يُمنع مجلس الأمن من الاضطلاع بمسؤولياته مرة أخرى. ملايين الأرواح الفلسطينية باتت على المحك".

وأضاف أمام جلسة مجلس الأمن: "مجرمو الحرب أُمهلوا وقتاً إضافياً لكي يُمعنوا في المجزرة. إذا ما كنتم ضد الدمار وتشريد الشعب الفلسطيني يجب أن تقفوا ضد هذه الحرب. إذا دعمتهم الحرب، فأنتم تُمكنوهم من ارتكاب جرائم".

وتابع المندوب الفلسطيني قائلاً: "ما يحدث في هذه الأيام سيكون له أثر مصيري على منطقتنا، وعلى رؤية كل دولة والعلاقات بين الشعوب والمجتمعات في جميع أنحاء العالم. هذا يوم مروع بالنسبة لمجلس الأمن، ونرفض هذه النتيجة".

وقال نائب المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة محمد بوشهاب قبل التصويت، إن القرار، الذي رعته بلاده، حصل على تأييد نحو 100 دولة في أقل من 24 ساعة، وهو ما يعكس الدعم العالمي للجهود المبذولة لإنهاء الحرب وإنقاذ حياة الفلسطينيين.

وبعد التصويت، أعرب بوشهاب عن خيبة أمله العميقة إزاء استخدام الولايات المتحدة حق النقض، وحذر من أن مجلس الأمن يزداد عزلة.

ونقلت "أسوشيتد برس" عن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي قوله في واشنطن، إن "قتل المدنيين الفلسطينيين أثناء القصف الإسرائيلي والحصار على غزة يمثل جرائم حرب، ويهدد بزعزعة استقرار المنطقة والولايات المتحدة والعالم لسنوات قادمة".

"حكم أميركي بالموت على الفلسطينيين"

وصرّح نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي عقب التصويت أن الأميركيين "حكموا أمام أعيننا بالموت على آلاف أو حتى عشرات آلاف المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين".

 وقال بوليانسكي خلال الجلسة: "لن نبالغ إن قلنا إن اليوم من أحلك الأيام في تاريخ الشرق الأوسط"، مضيفاً: "زملاؤنا في الولايات المتحدة حكموا أمام أعيننا بالموت على الآلاف إن لم يكن عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين، بما في ذلك النساء والأطفال".

وشدد بوليانسكي على أن "التاريخ لن ينسى" تصرفات واشنطن في هذا الصدد، مضيفاً: "يمكنكم أن تتفوهوا بأي عدد تريدونه من الكلمات الفارغة عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والمرأة والسلام والأمن وبعض القواعد، لكننا رأينا ثمنها الحقيقي الآن، عندما اختار عضوان من مجلس الأمن (بريطانيا وأميركا) أن يظلا متواطئين في هذه الإبادة التي ترتكبها إسرائيل"، وفق ما أوردت وكالة "سبوتنيك".

وعبّر المندوب الصيني في مجلس الأمن تشانج جون عن أسفه للفيتو الأميركي، معتبراً أن أي تبرير لمعارضة وقف النار "ضعيفة"، مشيراً إلى أن "التسامح مع استمرار القتال، والادعاء بأنكم (الأميركيين) قلقون بشأن حياة وسلامة سكان غزة، أمران يتعارضان"، واصفاً ذلك بـ"النفاق"، و"ازدواجية المعايير".

من جهته، قال السفير الفرنسي نيكولا دي ريفيير إنه "مع تفاقم الأزمة في غزة وخطر توسعها، فإن (المجلس) لا يرقى إلى مستوى المهمة الأساسية التي أوكلها إليه الميثاق". 

"تصويت ضد الإنسانية" 

وانتقدت منظمة "أطباء بلا حدود" استخدام الولايات المتحدة لحق النقض "الفيتو" لعرقلة مشروع قرار بوقف إطلاق النار في غزة، ووصفته بأنه "تصويت ضد الإنسانية"، ويجعل أميركا "متواطئة في المذبحة" الجارية في القطاع.

وذكرت المنظمة في بيان، أن الفيتو الأميركي "يتعارض مع القيم التي تقول الولايات المتحدة أنها تتبناها، ويبعث رسالة فحواها أن القانون الدولي الإنساني يمكن تطبيقه بشكل انتقائي، وأن حياة بعض الأشخاص أقل أهمية من حياة آخرين".

وأكدت المنظمة على الحاجة لوقف إطلاق النار على الفور، مشيرة إلى أن الفيتو الأميركي يجعلها "متواطئة في المذبحة في غزة".

كما انتقدت منظمة العفو الدولية الفيتو الأميركي، ووصفته بأنه يعكس "عدم اكتراث لمعاناة المدنيين والدمار واسع النطاق والكارثة الإنسانية غير المسبوقة في قطاع غزة".

وأضافت المنظمة بموقعها الإلكتروني: "لا مبرر للاستمرار في إعاقة اتخاذ مجلس الأمن قرارات هدفها إنهاء سفك دماء المدنيين".

وقال لويس شاربونو من منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان: "عبر مواصلة توفير أسلحة وحماية دبلوماسية لإسرائيل التي ترتكب الفظائع (...) تُخاطر الولايات المتحدة بجعل نفسها متواطئة في جرائم الحرب".

 
لم يكن موقف الولايات المتحدة مفاجئاً في إحباط محاولة أعضاء مجلس الأمن وقف إطلاق النار في غزة، إذ لطالما أكد المسؤولون الأميركيون موقفهم المؤيد للعمليات العسكرية الإسرائيلية.

وفي وقت سابق الجمعة، اعتبر جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، أن بإمكان إسرائيل فعل المزيد لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين بقطاع غزة، مضيفاً أن الولايات المتحدة تُشارك المجتمع الدولي القلق بشأن الوضع الإنساني بالقطاع.

وأضاف كيربي: "ندرك جميعاً بالتأكيد أنه يمكن فعل المزيد لمحاولة تقليل الخسائر في صفوف المدنيين".

وأعلنت وزارة الصحة في غزة، الجمعة، أن أكثر من 17 ألفاً و480 ضحية سقطوا خلال الحرب التي تشنها إسرائيل في القطاع منذ 7 أكتوبر الماضي.

وتقصف إسرائيل غزةً جواً، وتفرض حصاراً مشدداً، وتشن هجوماً برياً، فيما أُجبرت الغالبية العظمى من السكان الفلسطينيين البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة على ترك منازلهم.

"لا حماية للمدنيين في غزة"

وعقدت الجلسة بعد لجوء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، الأربعاء، إلى المادة 99 من ميثاق المنظمة الدولية، التي تتيح له "لفت انتباه" المجلس إلى ملف "يمكن أن يعرّض السلام والأمن الدوليين للخطر"، في أول تفعيل لهذه المادة منذ عقود.

وقال جوتيريش أمام المجلس قبل التصويت، الجمعة، إنه "لا توجد حماية فعالة للمدنيين.. يُطلب من سكان غزة أن يتحركوا مثل الكرات البشرية.. دون أي مقومات للبقاء على قيد الحياة. لا يوجد مكان آمن في غزة".

وصرّح ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم جوتيريش، لوكالة "فرانس برس"، إنه رغم تصويت المجلس، فإن الأمين العام للأمم المتحدة "لا يزال مصمماً على الدفع من أجل وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية".

ويعاني القطاع نقصاً في المواد الغذائية والماء والوقود والأدوية، في وقت نزح 1.9 مليون شخص أي 85% من سكانه، وسط دمار وأضرار طالت أغلب المباني السكنية.

ومشروع القرار هذا هو الخامس الذي يرفضه المجلس منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة.

وخرج المجلس عن صمته في منتصف نوفمبر، عندما نجح في تبني قرار دعا إلى "هدنات وممرات إنسانية" في قطاع غزة، وليس "وقف إطلاق النار".

تصنيفات

قصص قد تهمك