أشار يوسف خليل إلى الجدران المثقوبة بالرصاص والمخضبة بالدماء، وقال إن جنديَين إسرائيليَين دخلا غرفة بمدرسة في غزة كان ينام فيها بالقرب من عائلته، وأطلقا النار عشوائياً، مما أدى إلى سقوط 9 أشخاص، بينهم أطفال.
وتأتي روايته، التي يقول الجيش الإسرائيلي إنه يتحقق منها، بعد أن أثار قتل جنود إسرائيليين لثلاثة محتجزين فارين من حركة "حماس" في غزة تساؤلات جديدة إزاء قواعد الاشتباك الإسرائيلية في الحرب التي أثبتت أنها استثنائية الفتك بالمدنيين.
وقال خليل إنه كان يحتمي مع عائلته في أوائل ديسمبر في مدرسة شادية أبو غزالة بمخيم جباليا للاجئين في شمال غزة، حيث دار جانب من أشرس المعارك في الآونة الأخيرة. ويقع مخيم جباليا في منطقة طلبت إسرائيل من المدنيين مغادرتها منذ أكتوبر.
وتساءل خليل: "كيف يطخوا (يطلقون النار على) ولادي وأولاد أولادي أمام عيني؟!". وقال إنه كان نائماً حين دخل جنديان الغرفة، وأطلقا النار على الجميع.
ومضى يقول إن الجنديَين شرعا يطلقان النار في كل اتجاه، وعندما توقفا عن إطلاق النار كان يريد أن يخرج، لكنهما لم يسمحا له في البداية بالخروج من الغرفة.
وأضاف أن الحادث الذي قال إنه وقع أثناء مداهمة للجيش الإسرائيلي على جباليا، انتهى باعتقال الناجين أو فرارهم.
واسترسل قائلاً إنه حين عاد الناجون بعد أسبوع، كانت الجثث كما هي في مواضعها. وأظهرت مقاطع لـ"رويترز" من المدرسة تم تصويرها في الفترة من 13 إلى 15 ديسمبر غرفاً دراسية أصابها الدمار، وجثتين على الأقل على الأرض لشخصين أعمارهما غير واضحة، وفراشاً روته الدماء وثقوب رصاص وبقع دماء على الأرض.
انتقادات واسعة النطاق
وواجهت إسرائيل انتقادات دولية واسعة النطاق بسبب العدد الكبير من الضحايا الناجم عن قصفها الجوي والمدفعي لغزة في الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر.
وتقول السلطات الصحية الفلسطينية في قطاع غزة إنها تأكدت من سقوط نحو 20 ألف شخص، معظمهم بسبب القصف، وإن هناك آلافاً من الجثث دون إحصاء تحت الأنقاض.
وتقول إسرائيل إنها تحاول تجنب سقوط مدنيين في قصفها، واتهمت "حماس" بالاختباء بين سكان غزة، بما في ذلك في الملاجئ المدرسية والمستشفيات، مما أدى إلى ضحايا أكثر في صفوف المدنيين، وهو ما تنفيه الحركة الفلسطينية.
ومع توغل القوات الإسرائيلية في المناطق الحضرية كثيفة السكان في غزة خلال الشهر الجاري، تزايد تركيز الاهتمام على سلوك قواتها البرية في قطاع يكتظ بنحو 2.3 مليون نسمة.
وأثار قتل جنود إسرائيليين، الأسبوع الماضي، لثلاثة محتجزين إسرائيليين هاربين من غزة، قال تحقيق أولي إنهم كانوا يلوحون براية بيضاء، غضباً بين بعض الإسرائيليين واعترافاً من المسؤولين بأن الجنود الضالعين في القتل لم يتبعوا قواعد الاشتباك المقررة.
ويتساءل الفلسطينيون عن عدد سكان غزة الذين سقطوا أيضاً في مثل هذه الأحداث التي لم تحظ بالاهتمام والتحقيقات التي تعقب سقوط إسرائيليين.
"تكتيكات إرهابية"
واتهم البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، الأحد، الجيش الإسرائيلي بممارسة "تكتيكات إرهابية" بعد إطلاق النار على مسيحيتَين فلسطينيتَين لجأتا إلى كنيسة في غزة. وقال الجيش الإسرائيلي إنه لا صحة لإطلاق النار عليهما.
وقال رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي أثناء مناقشته سقوط المحتجزين الثلاثة إن قوات الجيش الإسرائيلي لا تطلق النار على أي شخص يستسلم.
وأوضح هاليفي: "إذا خرج اثنان من سكان غزة يرفعان راية بيضاء ليستسلما، فهل سنطلق النار عليهما؟ قطعا لا. هذا ليس الجيش الإسرائيلي. أنا أقول لكم، لمن تختلط عليه الأمور هنا، حتى الذين حاربونا ويضعون أسلحتهم الآن ويرفعون أيديهم، نعتقلهم ولا نطلق النار عليهم"، وفق تعبيره.
ويتناقض كلام رئيس الأركان الإسرائيلي مع ما جرى حتى مع المحتجزين الإسرائيليين الذين تركتهم حماس، حيث لقوا حتفهم بنيران إسرائيلية رغم خروجهم عرايا ورفعهم رايات بيضاء.
وتطالب عائلة سامر الطلالقة، أحد المحتجزين الثلاثة الذين سقطوا، بإجابات. وقال فؤاد الطلالقة إن "الكيل فاض من الحكومة الإسرائيلية، لأنها قتلت ابنه".
وتابع بقوله: "من الذي لن يغضب إذا أخذوا ابنك لمدة 70 يوماً وأنت لا تعرف شيئاً، ثم يعيدونه في كيس؟".