قال دبلوماسيون لـ"الشرق"، إنه جرى تأجيل التصويت على مشروع قرار مجلس الأمن للمرة الثانية بشأن زيادة المساعدات إلى قطاع غزة، حتى صباح الأربعاء، بعدما أرجئ إلى الثلاثاء، لإفساح المجال أمام استمرار المفاوضات بشأن النص.
وأشار الدبلوماسيون إلى أن "المحادثات مستمرة داخل أروقة مجلس الأمن لتجنب استخدام الولايات المتحدة حق النقض (فيتو) ضد مشروع القرار".
ونقلت وكالة "رويترز" أيضاً عن دبلوماسيين أن واشنطن تريد تخفيف اللهجة التي "تدعو إلى الوقف العاجل للأعمال العدائية للسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق، واتخاذ خطوات عاجلة نحو وقف مستدام للأعمال العدائية".
حل القضايا العالقة
بدورها، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة تعمل مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن على حل القضايا العالقة بمشروع قرار يطالب إسرائيل وحركة "حماس" بالسماح بوصول المساعدات إلى قطاع غزة، وإنشاء آلية مراقبة للأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية المقدمة.
وأشارت إلى أن واشنطن سترحب بقرار يدعم تلبية الاحتياجات الإنسانية لغزة، ولكن تفاصيل القرار مهمة. وذكرت أنه "يمكن التوصل إلى هدنة إنسانية ممتدة، إذا وافقت (حركة) حماس على إطلاق سراح المحتجزين (الإسرائيليين)".
ورداً على سؤال عما إذا كان الدبلوماسيون يقتربون من التوصل إلى اتفاق، قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد للصحافيين: "نحاول.. نحاول حقاً".
واستخدمت الولايات المتحدة في 9 ديسمبر حق النقض "فيتو" ضد مشروع قرار لمجلس الأمن يدعو إلى "وقف إنساني فوري لإطلاق النار" في غزة.
نسخة مشروع القرار
ويدعو مشروع القرار، الذي طرحته الإمارات، إلى "وقف عاجل ودائم للأعمال القتالية للسماح بوصول المساعدة الإنسانية من دون عوائق إلى قطاع غزة".
ويطالب النص بتسهيل دخول وتوزيع المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء قطاع غزة "براً وبحراً وجواً". كما يؤكد دعم حل الدولتين و"يشدد على أهمية توحيد قطاع غزة والضفة الغربية تحت السلطة الفلسطينية".
ووزعت بعثة الإمارات على الأعضاء نسخة جديدة من مشروع القرار الذي تأجل التصويت عليه إلى صباح الأربعاء.
وقال مصدر لـ"الشرق"، حينها، "يبدو أنه قد تم الاتفاق مع الولايات المتحدة على الصيغة النهائية، وهناك إمكانية كبيرة لتمرير مشروع القرار الذي يدعو في البند الثانية إلى الوقف العاجل للأعمال العدائية".
وجاء في نص البند الثاني المشار إليه أن قرار مجلس الأمن (المنتظر): "يعيد التأكيد على التزامات أطراف النزاع بموجب القانون الإنساني الدولي فيما يتعلق بتقديم المساعدة الإنسانية، ويطالبهم بالسماح وتسهيل وتمكين إيصال المساعدة الإنسانية بشكل فوري وآمن ودون عوائق، وعلى نطاق واسع مباشرة إلى السكان المدنيين الفلسطينيين في جميع أنحاء قطاع غزة، ويدعو في هذا الصدد إلى الوقف العاجل للأعمال العدائية للسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق، وإلى اتخاذ خطوات عاجلة نحو وقف مستدام للأعمال العدائية".
قرارات الأمم المتحدة
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، وافقت في 27 أكتوبر الماضي، على مشروع القرار العربي بشأن حرب إسرائيل على غزة، والذي يدعو إلى هدنة إنسانية فورية دائمة ومستدامة تفضي إلى وقف الأعمال العدائية، وتوفير السلع والخدمات الأساسية للمدنيين في شتى أنحاء القطاع فوراً وبدون عوائق.
وجاء ذلك في إطار الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة للجمعية العامة آنذلك، والتي تحمل عنوان: "الأعمال الإسرائيلية غير القانونية في القدس الشرقية وبقية الأرض الفلسطينية المحتلة".
ومثّل القرار حينها أول رد رسمي للأمم المتحدة على تصاعد العنف جراء العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية منذ هجمات السابع من أكتوبر، بعد أن فشل مجلس الأمن الدولي 4 مرات في اتخاذ إجراء خلال أسبوعين منذ اندلاع الصراع.
والقرار غير الملزم المقدم من الأردن نيابة عن المجموعة العربية، أيّده 120 عضواً، وعارضه 14، فيما امتنع 45 عن التصويت، من أصل 193 عضواً في الجمعية العامة.
وفي 11 ديسمبر الماضي، تبنت الأمم المتحدة بأغلبية ساحقة قراراً غير ملزم يدعو إلى "وقف إطلاق نار إنساني فوري" في غزة، وحماية المدنيين وإتاحة وصول المساعدات الإنسانية و"الإفراج الفوري وغير المشروط" عن كلّ الرهائن.
وصوتت الهيئة التي تضم جميع الدول الأعضاء في الأمم المتّحدة وعددها 193، بأغلبية 153 صوتاً لصالح القرار، أي أكثر من عدد الدول التي تؤيد عادة القرارات التي تدين روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا (نحو 140 دولة).
وصوّتت عشر دول من بينها الولايات المتحدة وإسرائيل ضدّ القرار، بينما امتنعت 23 دولة عن التصويت.
تدهور الوضع
وعبَّر متحدثان باسم وكالتين تابعتين للأمم المتحدة، بالإضافة إلى رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في وقت سابق الثلاثاء، عن غضبهم من تدهور الوضع في مستشفيات غزة، حيث لا توجد الإمدادات الأساسية اللازمة لعلاج الجرحى.
ولم تعد معظم مستشفيات غزة تعمل بسبب الأضرار الناجمة عن الهجمات والغارات الإسرائيلية ونقص الوقود والعاملين، وتتعرض المستشفيات التي لا تزال مفتوحة لضغوط متصاعدة بسبب القصف والأعداد المتزايدة من المرضى والجرحى الذين يصلون.
وقال المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" جيمس إلدر: "أنا غاضب، لأن الأطفال الذين يتعافون من عمليات بتر الأطراف بالمستشفيات يُقتلون فيها".
وأضاف إلدر، أن مستشفى ناصر، أكبر مستشفى لا يزال يعمل بالقطاع الذي أمضى فيه بعض الوقت في وقت سابق من الشهر الجاري، تعرَّض للقصف مرتين خلال الساعات الـ48 الماضية.
وتابع بقوله إن من بين الضحايا فتاة تُدعى دينا (13 عاماً) تعرَّضت لبتر للأطراف، كانت قد نجت من غارة جوية على منزلها أدت إلى سقوط عائلتها ضحايا.
وأضاف إلدر: "أين يذهب الأطفال والأسر؟ إنهم ليسوا آمنين في المستشفيات، وليسوا آمنين في الملاجئ، وهم بالتأكيد ليسوا آمنين في ما يسمى بالمناطق الآمنة".