كشفت حالة من النشاط المفاجئ في ميناء بكوريا الشمالية عن حجم التعاون العسكري المكثف مع روسيا لتعزيز قدرات الجيش الروسي عبر تزويده بما ينقصه من أسلحة وذخيرة.
وبينما تواجه أوكرانيا تحديات في المساعدات العسكرية الموجهة لها من الغرب، شهد أحد موانئ كوريا الشمالية انتعاشاً في تجارة الأسلحة الموجهة إلى خطوط القتال الأمامية في موسكو ضد كييف، بحسب "بلومبرغ"، التي قالت إن الميناء كان خامداً في السابق وعاد إلى الحياة، وهو أمر من شأنه تعزيز الاقتصاد المتدهور الذي يديره كيم جونج أون.
وأظهرت صور التقطتها أقمار اصطناعية لميناء ناجين في كوريا الشمالية، خلال الفترة من أكتوبر إلى ديسمبر، "تدفقاً مستمراً للسفن داخل المرفق، وعمليات تحميل وتفريغ للمئات من حاويات الشحن، وعربات السكك الحديدية المجهزة لنقل البضائع".
ويبدو أن هذه الحالة من النشاط سرت في الميناء منذ أوائل أكتوبر، عندما اتهمت الولايات المتحدة كوريا الشمالية بإرسال ذخائر إلى روسيا. وقدَّم البيت الأبيض صوراً قال إنها تظهر أسلحة سُلِّمَت في وقت لاحق على مسافة آلاف الأميال إلى مستودع في بلدة تيخوريتسك الروسية لاستخدامها في أوكرانيا.
وتؤدي عمليات تدفق الذخائر، التي قالت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية إنها تضمنت مئات الآلاف من قذائف المدفعية، إلى تعزيز إضعاف قدرة كييف على ردع الغزو الروسي، خاصة في ظل التهديدات التي فرضتها حالة انقسام الكونجرس الأميركي والاتحاد الأوروبي بشأن المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
وأفاد تقرير صادر عن المعهد الملكي للخدمات المتحدة، وهو مركز أبحاث أمني بريطاني، في أكتوبر، بأن "قرار بيونج يانج تسليم ذخائر بكميات هائلة مرة أخرى يسلط الضوء على التهديد البالغ الذي تفرضه كوريا الشمالية على الأمن الدولي، ما يؤدي هذه المرة إلى تأجيج حرب على أرض أوروبية أودت بالفعل بحياة عشرات الآلاف من الأوكرانيين، وبددت عشرات المليارات من الدولارات في صورة دعم عسكري تكبده الغرب".
وعلى الرغم من رفض بيونج يانج، المحظورة من بيع الأسلحة منذ نحو 15 عاماً، مراراً وتكراراً اتهامها بدعم روسيا، إلا أن تحليل بيانات الأقمار الاصطناعية يشير إلى خلاف ذلك، وفق "بلومبرغ".
وأظهرت صورة، التقطت في 9 ديسمبر، سفينة الحاويات الروسية "أنجارا"، التي تخضع لعقوبات أميركية، أثناء انتظارها في ميناء ناجين لتفريغ حمولتها، بينما تنتظر الحاويات القادمة من كوريا الشمالية التحميل على رصيف مجاور.
وقال جايو شين، المحلل في شبكة Open Nuclear Network في فيينا، لـ"بلومبرغ" إن "صور الأقمار الاصطناعية تُظهر أن رحلات سفن الشحن، ذهاباً وإياباً، بين ميناء ناجين في كوريا الشمالية وميناء دوناي في روسيا، استمرت على الرغم من العقوبات الأميركية الإضافية، والتقارير المكثفة التي صدرت في الأشهر القليلة الماضية عن هذا النشاط".
وأضاف أنه على الرغم من عدم إمكانية تأكيد طبيعة الشحنات من خلال الصور المتاحة، إلا أن عدد الرحلات، ذهاباً وإياباً، والحاويات المنقولة يشير إلى أن ثمة "عملية تبادل تجاري مستمرة وكبيرة، ربما تشمل أسلحة، أو إمدادات عسكرية أخرى".
تحديات التسليح الغربي لأوكرانيا
ولفتت "بلومبرغ" إلى أنه مع انتعاش التجارة بين كوريا الشمالية وروسيا، يمر تدفق المساعدات العسكرية الأميركية إلى كييف بـ"منعطف خطير"، خاصة بعد إعلان وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) أنه لن يكون لديها ما يكفي من الأموال لإرسال أسلحة إلى أوكرانيا، بحلول 30 ديسمبر، إذا لم يوافق الكونجرس على زيادة التمويل، وهو ما اعتبرته "بلومبرغ" "غير مرجح الآن"، إذ يقضي معظم المشرعين إجازات نهاية العام خارج واشنطن.
وقدَّم التقرير، الصادر عن المعهد الملكي للخدمات المتحدة، تحليلاً لعشرات الصور عالية الجودة، والتي أظهرت "تحرك عدد قليل من سفن الشحن في رحلات بين ناجين ودوناي بشكل متكرر". ورجح التقرير أن هذه السفن "محملة بأسلحة كورية شمالية يتم إرسالها إلى روسيا".
وفي كوريا الجنوبية، أبلغ جهاز الاستخبارات الوطنية المشرعين، في نوفمبر، بنقل نحو 10 شحنات من الأسلحة من كوريا الشمالية إلى روسيا منذ أغسطس، مرجحاً أن هذه الشحنات تحتوي على "أكثر من مليون قذيفة مدفعية".
وقال خبير الأسلحة جوست أوليمانز، الذي شارك في تأليف كتاب The Armed Forces of North Korea (القوات المسلحة في كوريا الشمالية)، لـ"بلومبرغ" إنه "بعد نحو 6 أسابيع لم أرَ أي مؤشرات على تباطؤ معدلات النقل، لذلك، على حد علمنا هناك نصف مليون قذيفة أخرى".
وأضاف أوليمانز أنه حدد "4 أنواع من الذخائر التي كانت جزءاً من الشحنات الأخيرة"، وهي "قذائف هاون عيار 120 ملم وقذائف مدفعية عيار 122 ملم، و152 ملم، وصواريخ عيار 122 ملم" استناداً إلى تحليل للذخائر التي ذهبت إلى الخطوط الأمامية.
وقالت سو كيم، المحللة السابقة المختصة بالشأن الكوري في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، والتي تعمل حالياً لدى شركة LMI للاستشارات الإدارية، ومقرها الولايات المتحدة، لـ"بلومبرغ" إنه "مع إدراك كل من كيم وبوتين فائدة شراكتهما، من المرجح أن يستمر التعاون بين كوريا الشمالية وروسيا العام المقبل".
وأضافت أن "من غير المرجح أن يتوقف هذا التعاون بين البلدين طالما أن العواقب الدولية، من قبيل العقوبات، تظل رمزية وقاصرة إلى درجة كبيرة عن ردع السلوك السيئ".