على الرغم من رفضه الدائم الحديث عن تصوراته لليوم التالي من انتهاء الحرب على قطاع غزة، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وبعد أكثر من 80 يوماً من اندلاع الحرب في 7 أكتوبر الماضي، بدأ الحديث عن سيناريو تسيطر فيه "عشائر وجهات محلية" على القطاع.
واعتبر مسؤولون ومحللون سياسيون ومتخصصون في الشأن الإسرائيلي، أن هذا السيناريو لا سبيل لنجاحه أو حتى تطبيقه في قطاع غزة، متهمين نتنياهو بأنه يلجأ إلى "المناورة" هرباً من أي استحقاقات سياسية تجاه الشعب الفلسطيني من ناحية، وسعياً لإرضاء الإدارة الأميركية التي طالبته برؤية عن اليوم التالي للحرب من ناحية أخرى.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، الجمعة، أن نتنياهو، الذي يرفض إجراء مناقشات بشأن "اليوم التالي" لانتهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، طلب الأسبوع الماضي، من مسؤولي الأمني معرفة ما إذا كانت هناك قوى محلية في قطاع غزة يمكن التعاون معها واستخدامها.
وأضافت أن نتنياهو طلب من أجهزة الأمن بحث ما إذا كان بإمكان إسرائيل "تعزيز مكانة عشائر مسلحة وجهات محلية ودعمها، حتى يمكنها السيطرة على القطاع".
كان نتنياهو أكد مراراً رفضه إعادة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، لافتاً إلى أن إسرائيل ستتولى إدارة الملف الأمني في القطاع، على الرغم من دعم الولايات المتحدة لحكم السلطة الفلسطينية في غزة.
عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رمزي رباح، علق على تصريحات نتنياهو، بقوله إن "ما يفعله نتنياهو الآن هو مناورة مدروسة، فهو يريد الهروب من التسليم بحقوق الشعب الفلسطيني في إدارة شؤونه، ومن وجود حكومة وحدة وطنية مرجعتيها منظمة التحرير تدير الأوضاع في غزة باعتبارها جزءاً من أراضي الدولة الفلسطينية".
واعتبر أن "أي حديث عن مرحلة انتقالية وسيناريوهات تتولاها روابط قرى (مجالس قروية محلية) أو إدارة مدنية مرتبطة بالاحتلال أو مفروضة من الإدارة الأميركية لن ينجح".
تحذير من الفوضى
المفكر الإسرائيلي مايكل ميلتسن، حذر من نقل السلطة في غزة إلى عشائر مسلحة، معتبراً أن "مجالس القرى التي شكلتها إسرائيل في الضفة الغربية والقدس في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، أثبتت فشلها، ورفضها الفلسطينيون بل وحاربوها".
وقال ميلتسن في مقال نشره موقع القناة 12، الجمعة: "معظم المقترحات المطروحة بشأن هذا الموضوع تمثل تحدياً لإسرائيل، وفي هذا السياق يعاد طرح تجديد عشائر مسلحة تحل محل (حماس) في فرض النظام، والمثال الأبرز لذلك هو التجمعات القروية التي تشكلت في المناطق بمبادرة من أرئيل شارون في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، ونفرها الجمهور الفلسطيني حتى تلاشت".
وتوقع المفكر الإسرائيلي أن "مثل هذا النموذج مآله الفشل، وأن أهل غزة سيتعاملون مع مثل هذا الكيان بغلظة، وهو ما قد يؤدي إلى ظهور نموذج فوضوي مثل ما حدث في سوريا وليبيا والصومال".
النموذج الأمثل الذي يجب أن تفكر فيه إسرائيل في نظر ميلتسن هو "حكومة مدنية فلسطينية محلية في غزة تعتمد على رؤساء البلديات والعشائر والنقابات المهنية والجامعات، بالإضافة إلى رجال الأعمال والشيوخ، وتعمل على توفير الخدمة المدنية وفرض النظام العام، بينما تكون إسرائيل هي المسؤولة عن الأمن في القطاع".
ورأى ميلتسن، أن "هذه الحكومة المدنية يجب أن ترتبط ارتباطاً كلياً بحكومة رام الله المركزية".
3 خيارات
المتخصص في الشأن الإسرائيلي عزام أبو العدس، توقع أن تكون "نسبة نجاح كل السيناريوهات التي يطرحها نتنياهو وحكومته تجاه غزة صفر"، لكنه أشار إلى أن أمام تل أبيب 3 خيارات، هي "عودة السلطة الفلسطينية، والتي لن تتمكن من العودة لغزة دون وجود حكومة وحدة وطنية"، والثاني "تواجد قوات عربية، ولن ترسل أي دولة عربية قواتها لغزة إذا لم يكن هناك حل سياسي واضح ينهي الصراع".
وأضاف: "الخيار الثالث حكم غزة من قِبل إسرائيل، وهي كانت تحكمه سابقاً، والعمليات التي كانت تقع حينها والاستهداف اليومي لقواتها هو ما دفعها لاختيار كيان فلسطيني لإدارة غزة".
واعتبر المحلل السياسي فتحي بوزيه، أن "سيناريو الإدارة العشائرية لغزة جاء بعد ضغط من الإدارة الأميركية لتقديم رؤية لليوم التالي بعد الحرب"، وأن تصريحات نتنياهو جاءت "لإرضائها"، خصوصاً بعدما وضع إسرائيل في عزلة دولية.