قال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية الثلاثاء، إن الحركة قدمت موقفها لقطر ومصر بشأن وقف الحرب في غزة، بعد دراسة المبادرات التي قدمتها القاهرة والدوحة، مضيفاً أن تلك الرؤية ترتكز على "الوقف الشامل للعدوان على شعبنا، والاستجابة لمطالبه المحقة والعادلة"، معرباً عن انفتاح حماس على حكومة وحدة وطنية في غزة والضفة.
وأضاف في كلمة متلفزة من الدوحة، "بعد دراسة الأفكار بإيجابية قدمت الحركة لقطر ومصر موقفها ورؤيتها التي ترتكز على الوقف الشامل للعدوان على شعبنا وإغاثته والاستجابة لمطالبه المحقة والعادلة".
وشدد على أن الشعب الفلسطيني هو من يقرر مصيره، قائلاً: "نحن من يقرر اليوم والغد لشعبنا ولأمتنا، ونحن من يقرر لأنفسنا حاضرنا ومستقبلنا".
وأكد أن "مؤامرة التهجير" لن تمر، مضيفاً: "قلنا ونكرر لن تمر مؤامرة التهجير"، وشدد على أنه لن يُطلق سراح الأسرى الإسرائيليين "إلا بشروط المقاومة".
وقال إن المقاومة في غزة، "في تصاعد متواصل، وتذيق العدو وجيشه جزاء جرائمه"، وأكد أن "المقاومة والمقاومين وقياداتهم بخير".
وتابع: "أطمئن شعبنا وأمتنا أن المجاهدين وقياداتهم بخير، ويمارسون مهامهم القيادية بكل جدارة واقتدار فخورون بشعبهم وأمتهم".
حكومة وطنية بالضفة وغزة
ولفت إلى أن الحركة تلقت العديد من المبادرات التي تتعلق بالوضع الفلسطيني الداخلي "صادرة عن جهات فلسطينية وعربية، حريصة على شعبنا ووحدتنا".
وقال إن الحركة أكدت لكافة الأطراف "تمسكها بوحدة الشعب والقضية، وانفتاحها على كافة المكونات الوطنية من أجل إعادة بناء المرجعية الوطنية، عبر الخيار الديمقراطي، إلى جانب الاتفاق على حكومة وطنية للضفة والقطاع، والعمل على أساس برنامج المقاومة والثوابت، وفي مقدمتها الدولة وعاصمتها القدس، وحق العودة وتقرير المصير".
وأشار أنه إلى إنجاز ذلك، "لن يكون هناك فراغ أو فوضى في القطاع"، مشدداً على أن الأجهزة الأمنية والشرطية والمؤسسات الحكومية، وخاصة الأطقم الطبية والدفاع المدني، "تقوم بجهدها في ظل الإمكانات المتاحة".
والشهر الماضي، طرحت مصر مقترحاً من 3 مراحل، يتضمن هدنة إنسانية لمدة أسبوعين قابلة للتمديد لأسبوعين أو ثلاثة، تطلق خلالها "حماس" سراح 40 من المحتجزين الإسرائيليين من فئتي النساء والأطفال (أقل من 18 عاماً)، والذكور من كبار السن خصوصاً المرضى. وتشمل المرحلة الثانية إجراء حوار وطني فلسطيني برعاية مصرية بهدف "إنهاء الانقسام"، وتشكيل حكومة تكنوقراط (مستقلين)، بينما تعلقت المرحلة الثالثة بوقف كلي وشامل لإطلاق النار، وصفقة شاملة لتبادل الأسرى.
وعدلت مصر مقترحاتها، الأربعاء الماضي، لتخلو من أي بنود تتعلق بشكل الحكم والإدارة في قطاع غزة والضفة الغربية عقب الحرب، وأكدت مصر، السبت، رفضها أي تدخل في الشأن الفلسطيني، مشيرة إلى أنها قدمت "إطاراً لمقترح" بشأن وقف الحرب في غزة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المعنية، و"لم تطرح مبادرة بعد"، إلا أنها لم تتلق أي رد حتى الآن.
"الإدارة الأميركية تتحمل المسؤولية"
واعتبر هنية في كلمته أن الحرب الحالية وضعت القضية الفلسطينية "في محطة جديدة مختلفة" وقال "يدرك العالم أجمع أنه لن يكون هناك أمن ولا استقرار ولا مستقبل في المنطقة، إلا بحصول شعبنا على حريته وحقوقه المشروعة في أرضه ووطنه وإقامة دولته المستقلة عاصمتها القدس وإنجاز حق العودة".
وقال إن "الإدارة الأميركية تتحمل المسؤولية الكاملة من حيث دعمها العسكري والأمني والسياسي لدولة الاحتلال والوقوف في وجه إرادة المجتمع الدولي الذي ينادي بوقف العدوان وإنصاف" الشعب الفلسطيني.
وشدد رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" على أنه "لا مستقبل للاحتلال على أرضنا، بل لا شرعية للاحتلال على شبر من أرض فلسطين، كما أكدت هذه الحرب أن شعبنا ليس وحيداً، بل معه أمتنا العربية والإسلامية والكثير من الأحرار في العالم شرقاً وغرباً"، وتابع قائلاً إن "حرب غزة تدار على مستوى العالم".
وأضاف هنية "العالم يدرك أن الاحتلال يمثل كل الشرور، وآن الأوان للحكومات الاستجابة إلى الحق والضمير والمعاني الإنسانية التي نصت عليها القوانين والقرارات الدولية" كما طالب دول العالم بـ"أن تتخلى عن صمتها على الانحياز الأميركي الغربي للاحتلال وتعاملها بازدواجية المعايير فيما يتعلق بفلسطين وقضيتها وحقوقها".
وأشاد هنية بجنوب إفريقيا لرفعها دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية بشأن "جرائم الاحتلال بحق شعبنا"، وعبر عن تطلعه إلى "أن يصدر قرار يحقق العدل لشعبنا، ويوقف جرائم الحرب التي تجري اليوم في غزة".
عرض لصفقة تبادل أسرى
وكانت مصادر فلسطينية مطلعة على مباحثات تبادل الأسرى بين "حماس" وإسرائيل، قد كشفت الثلاثاء، أن الحركة تخلت عن شرط وقف النار الدائم على أن تُفرج عن نحو 40 محتجزاً إسرائيلياً، مقابل وقف النار لمدة تزيد عن شهر وتصل إلى 40 يوماً، فضلاً عن انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع، إلاً أن إسرائيل، رفضت العرض.
وأوضحت المصادر لوكالة أنباء العالم العربي، أن الحركة أبلغت الوسطاء القطريين والمصريين بموقفها هذا، فيما نقلت الأطراف ردّ حماس إلى إسرائيل.
وقالت المصادر الفلسطينية إن الحركة تريد أن تكون التهدئة المنشودة أطول عمراً من الاتفاق السابق، لكنها على استعداد لتطبيق معايير الاتفاق السابق بحيث يتم الإفراج عمن تبقى من النساء غير المجندات وفق ذات الآلية السابقة، والتي كانت تتضمن إطلاق سراح 10 من الأطفال والإسرائيليات المحتجزات يومياً، مقابل إفراج إسرائيل عن 30 أسيرة فلسطينية وطفل.
كما تريد "حماس" في المقابل الإفراج عن عدد يتم الاتفاق عليه من الأسرى الفلسطينيين وعودة المواطنين من الجنوب إلى الشمال وزيادة وتيرة إدخال المساعدات كخطوط عامة للصفقة.
وفد إسرائيلي في القاهرة
وقالت مصادر مطلعة لـ"الشرق" الاثنين، إن وفداً أمنياً إسرائيلياً، من المقرر أن يصل العاصمة المصرية القاهرة، قريباً، لبحث مرحلة جديدة من تبادل الأسرى مع حركة "حماس".
وقالت مصادر مقربة من المباحثات، إن المفاوضات تتركز على أن تطلق الحركة سراح 40 أسيراً إسرائيلياً من كبار السن، والمرضى، والمصابين، والنساء، والقصّر ممن تقل أعمارهم عن 18 عاماً، مقابل إطلاق سراح بضع مئات من الأسرى الفلسطينيين، ووقف إطلاق النار بصورة كاملة في قطاع غزة لفترة تتراوح بين 21 و30 يوماً.
كما تبحث المفاوضات، وفق المصادر، انسحاب وحدات من الجيش الإسرائيلي من قلب قطاع غزة إلى الحدود، وزيادة كميات المواد الغذائية والوقود والدواء التي تدخل إلى قطاع غزة، وعودة أعداد من النازحين إلى مناطقهم في شمال القطاع.
وأضافت المصادر لـ"الشرق"، أن المفاوضات تبحث مواصفات الأسرى الفلسطينيين الذين تطلق إسرائيل سراحهم، لافتة إلى أن هذه الجولة يعقبها مفاوضات على "صفقة شاملة" لإطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين مقابل عدد متفق عليه من الأسرى الفلسطينيين.