وافق المشرعون الألمان، الجمعة، على قانون يخفف قواعد الحصول على الجنسية، وينهي القيود المفروضة على حمل الجنسية المزدوجة، فيما تقول الحكومة إن الخطة ستعزز اندماج المهاجرين، وتساعد في جذب العمال المهرة.
وسيكون من الممكن الآن التقدّم بطلب للحصول على الجنسية الألمانية، بعد خمس سنوات من الإقامة في البلاد بدلاً من ثماني سنوات حالياً، وذلك بموجب هذا النص الذي تدعمه حكومة المستشار أولاف شولتز، وصادق عليه البرلمان الألماني "البوندستاج"، بأغلبية 382 صوتاً مقابل 234.
وسيصبح الأطفال المولودون في ألمانيا مواطنين تلقائياً، إذا كان أحد الوالدين مقيماً بشكل قانوني لمدة خمس سنوات، بدلاً من 8 سنوات حالياً.
كما أقرّ القانون، إسقاط القيود المفروضة على حمل الجنسية المزدوجة، إذ كان في السابق على معظم الأشخاص من دول أخرى غير أعضاء الاتحاد الأوروبي وسويسرا التخلي عن جنسيتهم السابقة عندما يحصلون على الجنسية الألمانية، على الرغم من بعض الاستثناءات.
ومن المقرر أن يحال قانون الجنسية الجديد على البوندسرات (المجلس الاتحادي) الغرفة الأعلى من البرلمان، الذي لا يحق له أن يجري أيّ تعديلات عليه، وفقاً للدستور الألماني، وبعد الاطلاع عليه، يُحال مرة أخرى إلى المستشار الاتحادي والوزير المختص للمصادقة عليه بتوقيعهما، ويعملا على نشره في الجريدة الرسمية.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتز، "في الولايات المتحدة، من الطبيعي تماماً أن نقول عن شخص إنه ألماني أميركي، أعتقد أنّ هذا الشعور بكونك ألمانياً وإيطالياً أو ألمانياً وتركياً يتوافق مع واقع العديد من مواطنينا في هذا البلد، الاعتراف بذلك ينم على الاحترام".
وقالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر، إن بلادها عازمة على تقديم عروض مغرية للأشخاص المهرة من جميع أنحاء العالم، تماماً كما تفعل الولايات المتحدة وكندا، مضيفة: "يجب أن نظهر تقديرنا للأشخاص الذين يأتون إلى هذا البلد، ويساهمون في استمرار مجتمعنا".
حق التصويت والترشح
وتقول الحكومة الألمانية، إن 14% من السكان، أي أكثر من 12 مليوناً من سكان البلاد البالغ عددهم 84.4 مليون نسمة، لا يحملون الجنسية الألمانية، وأن حوالي 5.7 مليون منهم يعيشون في ألمانيا لمدة 10 سنوات على الأقل، مشيرة إلى أن معدل التجنيس في ألمانيا أقل بكثير من المتوسط في الاتحاد الأوروبي، حسبما نقلت "أسوشيتد برس".
وقالت مفوضة الاندماج في الحكومة الألمانية، ريم العبلي رادوفان، إن القانون يمنح حق التصويت للملايين الذين لم يصبحوا بعد أعضاءً كاملين في المجتمع. وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن نحو 10 ملايين شخص يعيشون في ألمانيا ليس لديهم جواز سفر ألماني.
وأشارت رادوفان، إلى ضرورة منح حق التصويت والترشح للانتخابات إلى "أي شخص يشكل جزءاً لا يتجزأ من مجتمعنا".
ويميز هذا الإجراء ألمانيا عن الدول الأخرى في أوروبا التي تشدد معايير التجنيس. وبموجب قانون الهجرة الذي أقره البرلمان الفرنسي الشهر الماضي، لن يحصل الأطفال المولودون في فرنسا لأبوين مهاجرين على الجنسية تلقائياً، ولكن سيتعين عليهم طلبها بين سن 16 و18 عاماً.
وقال ألكسندر ثروم، المتحدث باسم السياسة الداخلية للحزب الديمقراطي المسيحي (المعارض)، إن القانون الجديد "يقلل من قيمة المواطنة" و"يسير في الاتجاه الخاطئ تماماً"، مضيفاً: "بينما تعمل دول أخرى مثل فرنسا، بعد تجربة مؤلمة، على تشديد قواعدها الخاصة بالتجنس، نعمل على تسهيل الإجراءات".
وأضاف أن الأشخاص الذين أقاموا في ألمانيا لمدة خمس أو ثلاث سنوات لم يكتسبوا جذوراً بعد في البلاد. وقال إن إسقاط القيود المفروضة على الجنسية المزدوجة "سيجلب الصراعات السياسية من الخارج إلى سياستنا".
إصلاحات اجتماعية
ويعد إصلاح قانون الجنسية، واحداً من سلسلة من الإصلاحات الاجتماعية التي وافق ائتلاف شولتز المكون من ثلاثة أحزاب، على تنفيذها عندما تولى منصبه في أواخر عام 2021.
وفي الأشهر الأخيرة، سعت الحكومة، التي أصبحت لا تحظى بشعبية كبيرة نتيجة للتمزق الداخلي المستمر والضعف الاقتصادي ومؤخراً أزمة الميزانية التي أدت إلى خفض الإنفاق والدعم، إلى نزع فتيل هجرة طالبي اللجوء باعتبارها حلاً للمشكلة، وفق "أسوشييتد برس".
وفي عام 2022، حصل حوالي 168 ألفاً و500 شخص على الجنسية الألمانية. وكان هذا هو أعلى رقم منذ عام 2002، مدعوماً بالزيادة الكبيرة في عدد المهاجرين السوريين الذين وصلوا في العقد الماضي وتم تجنيسهم، ولكنهم لا يزالون مجرد جزء صغير من المقيمين لفترة طويلة.
وقالت وزيرة الداخلية الألمانية، إن الإصلاح يضع ألمانيا في صف جيرانها الأوروبيين مثل فرنسا، وأشارت إلى حاجتها إلى جذب المزيد من "العمال المهرة". وقالت للصحافيين قبل التصويت: "علينا أيضاً أن نقدم للأشخاص المؤهلين من جميع أنحاء العالم عرضاً مبهراً".
وينص التشريع على أن الأشخاص المتجنسين يجب أن يكونوا قادرين على إعالة أنفسهم وأقاربهم، على الرغم من وجود استثناءات للأشخاص الذين هاجروا إلى ألمانيا الغربية "كعمال ضيوف" حتى عام 1974، ولأولئك الذين هاجروا إلى ألمانيا الشرقية، للعمل.
وكان البرلمان الألماني، أقر في يونيو من العام الماضي 2023، قانوناً يُسهل قواعد الهجرة للعمال المهرة، في وقت يُعاني أكبر اقتصاد في القارة الأوروبية من نقص مزمن في الأيدي العاملة، ولا سيما ضمن نطاق عدد من الصناعات المهمة في البلاد.
ومنذ سنوات تواجه ألمانيا تحديات تتعلق بالحصول على عدد كاف من العمال في قطاعات مثل الضيافة والصحة والبناء، بسبب "شيخوخة السكان"، وفي نهاية عام 2022، كانت هناك نحو مليوني وظيفة شاغرة.