قضت المحكمة العليا في كينيا، الجمعة، بمنع الحكومة من نشر الشرطة الكينية المدعومة من الأمم المتحدة في هايتي، وذلك بهدف مساعدتها على التصدي لعنف العصابات التي تعيث خراباً في العاصمة وأنحاء أخرى.
وكان مجلس الأمن الدولي وافق في أكتوبر الماضي، على إرسال قوة متعدّدة الجنسيات إلى هايتي بقيادة كينيا لمساعدة الشرطة في التصدّي لعنف العصابات، مستجيباً بذلك لطلب قدّمته بور أو برنس منذ أكثر من عام.
لكن قاضي المحكمة العليا في نيروبي تشاتشا مويتا، اعتبر أن مجلس الأمن القومي الكيني، والذي يقوده الرئيس وليام روتو، "ليس لديه صلاحية لنشر الشرطة النظامية خارج البلاد".
وأضاف: "لا جدال بشأن عدم وجود اتفاقية تبادل بين كينيا وهايتي، ولهذا السبب لا يمكن نشر قوات الشرطة في هايتي"، موضحاً أن "عرض كينيا كان نبيلاً، لكن لا بد من تنفيذه وفقاً للدستور".
وكان البرلمان الكيني وافق في نوفمبر الماضي، على نشر ألف شرطي لقيادة قوة متعددة الجنسيات في هايتي.
وجاء قرار المحكمة بعد طلب المحامي والسياسي إيكورو أوكوت الذي وصف خطة الحكومة بإرسال قوات الشرطة إلى هايتي بـ"غير القانونية"، لكن المتحدث باسم الحكومة الكينية إسحاق مورا أكد، الجمعة، أن "القرار سيُستأنف".
وذكرت وكالة "أسوشيتد برس" أن القرار وصفه الكثير بأنه "ضربة لهايتي" التي طالبت لأول مرة بالنشر الفوري لقوة أجنبية على أرضها في أكتوبر 2022.
قرار مجلس الأمن
وتشهد هايتي، أفقر دولة في النصف الغربي من الكرة الأرضية، أزمات إنسانية وسياسية وأمنية متفاقمة، وسعى رئيس وزرائها أرييل هنري والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش منذ أواخر 2022 إلى الدفع باتجاه تدخل دولي للمساعدة في دعم الشرطة، من دون أن تأخذ أيّ دولة زمام المبادرة.
ووافق مجلس الأمن في أكتوبر الماضي، على إرسال قوة متعدّدة الجنسيات إلى هايتي بقيادة كينيا لمساعدة الشرطة في التصدّي لعنف العصابات.
ونصّ القرار الذي وافق عليه 13 عضواً، وامتنع عضوان عن التصويت هما الصين وروسيا، على تشكيل "بعثة متعددة الجنسيات للدعم الأمني"، غير أممية، "لفترة أولية مدتها 12 شهراً" يتم تقييم عملها بعد 9 أشهر من تشكيلها.
وترمي البعثة إلى "تقديم دعم عملاني للشرطة الهايتية" في مكافحتها العصابات، وحماية المدارس والموانئ والمستشفيات والمطار. والهدف منها تدعيم الأمن بشكل كاف من أجل تنظيم انتخابات، علماً أن أي اقتراع لم يجر في هذا البلد منذ العام 2016.
وكانت الأمم المتحدة تأمل في أن تُنشَر القوة المتعددة الجنسيات في هايتي قبل نهاية مارس المقبل، لكن السلطات في كينيا تتعرض منذ أشهر لانتقادات في الداخل لانخراطها في البعثة الأممية.
وناشد جاي فيليب زعيم المتمردين السابق في هايتي عبر فيديو هذا الأسبوع، كينيا بعدم السماح بنشر قوات الشرطة أو الجيش في هايتي، قائلاً: "ينظر الشعب الهايتي للكينيين باعتبارهم إخوتهم الأفارقة، ولكن إذا تم نشر الشرطة في منطقة البحر الكاريبي، فسيصبح شعب كينيا عدو، لأنه سيُنظر إليهم على أنهم يدعمون حكومة غير شرعية"، بحسب ما نقلته "أسوشيتد برس".
وجاء في تقرير لجوتيريش العام الماضي، أن الأزمة المتعددة الأوجه التي تعانيها هايتي ازدادت خطورة منذ عام، لافتاً إلى أن عنف العصابات التي أحكمت سيطرتها على العاصمة وخارجها، بات "أكثر وحشية"، كما أشار إلى استخدام جرائم الاغتصاب سلاحاً للترهيب وانتشار قناصين على سطوح المنازل وإحراق سكّان أحياءً.
وأحصى التقرير الأممي، سقوط نحو 2800 شخص بين أكتوبر 2022 ويونيو 2023، نحو 80 منهم قاصرين.
منذ مطلع العام 2023، قُتل أو جُرح أو اختُطف أكثر من 8 آلاف شخص في هايتي، وفقاً لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وهو ما يتجاوز بكثير الأرقام المسجّلة في العام 2022 بكامله.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نحو 80% من منطقة العاصمة بور أو برنس تقع إما تحت نفوذ العصابات المسلحة أو تحت سيطرتها المباشرة.