أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، الاثنين، برنامج إصلاح السلطة الفلسطينية الذي تعمل الحكومة على إنجازه، بتوجيه من الرئيس محمود عباس، موضحاً أن البرنامج يتضمن تعيين محافظين جدد، وإجراء انتخابات، وإقرار قوانين جديدة، وخفض الرواتب، وإعادة هيكلة قوات الأمن.
وقال اشتية، في اجتماع الحكومة الذي عقد بمدينة رام الله في الضفة الغربية: "اليوم نعلن انطلاق المرحلة الجديدة من تنفيذ هذا البرنامج في المنظومة القضائية والأمنية والإدارية والمالية، والتي ستتركز على تعزيز منظومة القضاء وإجراء تغييرات هيكلية فيه، وتنفيذ القانون ومعالجة مدة التقاضي في المحاكم، واستمرار الحوار مع النقابة والجهات ذات العلاقة بشأن إقرار نظام المساعدة القانونية لمن يحتاج إليها".
وأضاف: "البرنامج يتضمن استكمال عمل النظام الإداري الفلسطيني، وسيعين الرئيس محافظين جدد، بعد مضي عدة أشهر على شغور المناصب في جميع المحافظات، وكذلك الأمر بالنسبة للسفارات التي تشهد شغوراً في المناصب".
كانت الولايات المتحدة شددت على أهمية تنفيذ إصلاحات في السلطة الفلسطينية، لتتحمل مسؤولية الحكم في قطاع غزة، في أعقاب حرب غزة، وطالب وزير الخارجية أنتوني بلينكن، الرئيس الفلسطيني بـ"الشروع الفوري في إصلاحات جدية استعداداً لإدارة القطاع"، كما أعلنت واشنطن أنها تعمل مع السلطة لإدخال إصلاحات مالية وقانونية وسياسية، "تعزز ثقة المانحين والشعب الفلسطيني في كفاءة مؤسساتها".
وأشار اشتية إلى أن البرنامج يشمل "إجراء تغييرات جوهرية في وزارة الصحة، خاصة القضايا المتعلقة بتوفير تأمين صحي لجميع الفلسطينيين، ومتابعة قضايا التحويلات الطبية، سواء كان في المستشفيات الخاصة، أو المستشفيات عند الطرف الآخر من أجل ضبطها".
معالجة الديون
ويشمل البرنامج، إجراء تغييرات لمعالجة الديون المستحقة على جهات عديدة، متعلقة بفواتير المياه والكهرباء، والتي تخصمها إسرائيل من المقاصة (أموال الضرائب)، وإعادة هيكلة بعض الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطنين، بحسب تصريحات اشتية في الاجتماع.
ويتضمن البرنامج، إقرار قانون الخدمة المدنية، وقانون ضريبة القيمة المضافة، الذي جرى التشاور بشأنه بين وزارة المالية والقطاع الخاص، وقانون المنافسة الاقتصادية، والعمل على خفض فاتورة الرواتب عن طريق توظيف شخص واحد بدلاً من شخصين متقاعدين، وعدم التجديد لمن يبلغ سن التقاعد، لإتاحة الفرصة لخلق وظائف أمام الخريجين الجدد، والاستمرار في نشر معلومات مالية شهرياً لإطلاع المواطنين على الوضع المالي.
كما يشمل البرنامج أيضاً معالجة الرواتب، وتحديد امتيازات وسن التقاعد لجميع موظفي الدولة، استناداً إلى قانون التقاعد وقانون السلك الدبلوماسي أو تعديلاته، واستكمال دمج المؤسسات الحكومية غير الوزارية مع الوزارات ذات العلاقة، وتعيين مجالس أمناء جديدة للمؤسسات التعليمية والعامة وذات العلاقة بالمؤسسة الرسمية حسب القانون، وإعادة هيكلة قوى الأمن، وتطوير وصفها الوظيفي وحوكمة مرجعيتها ومرجعية هيئات الأمن حسب القانون، وتعديل نظام التعيين في قوى الأمن بما يشمل المنتسبين الجدد.
مكافحة الجريمة
وأوضح اشتية أن برنامج إصلاح السلطة الفلسطينية، يتضمن مكافحة الجريمة والخارجين على القانون وتعزيز السلم الأهلي، وتكليف هيئة مكافحة الفساد بإصدار بيانات دورية عن عملها وإعادة تشكيل مجلس الهيئة بما يدفع عملها إلى الأمام وبمزيد من الشفافية.
كما يتضمن كذلك، إنشاء الشركة الوطنية للمياه، واستكمال إنشاء مرافق المياه في مختلف المحافظات، ونقل ضريبة الأملاك من مسؤولية وزارة المالية إلى البلديات بالتدريج، لتمكينها من توفير موارد بما يساعد على توفير خدمات بشكل أفضل، ويعزز دور البلديات في خدمة المواطنين.
وبحسب ما أعلنه رئيس الوزراء الفلسطيني، فإن برنامج الإصلاح، سيعمل على توسيع نطاق مشاركة مؤسسات المجتمع المدني من خلال بعض القوانين لضمان تطوير العلاقة مع المجتمع المدني، والتأكيد على وقف العمل بالقرار بقانون رقم 7 لعام 2021 الذي سبق أن احتجت عليه مؤسسات المجتمع المدني.
والقانون المشار إليه، خاص بالجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية، ولا يزال سارياً في الضفة وغزة، ويلزم الجمعية أو الهيئة بتقديم خطة عمل سنوية وموازنة تقديرية للسنة المالية الجديدة، إلى الوزارة المختصة، منسجمة مع خطة الوزارة، على أن تقدم في نهاية السنة المالية تقريرين معتمدين من الجمعية العمومية، الأول عبارة عن وصف كامل لأنشطتها خلال العام السابق، والثاني مالي معتمد من محاسب قانوني أو جهة تدقيق معتمدة، ويتضمن الإيرادات والمصروفات.
منافسة إعلامية
ولفت اشتية إلى أن البرنامج، يتضمن فتح المنافسة أمام وسائل الإعلام، وإقرار حرية الوصول إلى المعلومات، عبر إقرار مجموعة من القوانين ذات العلاقة، بالتنسيق مع نقابة الصحافيين.
وطالب الوزارات بعقد جلسات استشارية منتظمة مع العاملين في القطاعات الاقتصادية والخدماتية من القطاع الأهلي والقطاع الخاص.
وأوضح أن الرئيس محمود عباس، أكد أهمية إجراء الانتخابات العامة، فور توفر الظروف المناسبة، بما يشمل القدس المحتلة.
وشدد اشتية، على أن "المهم في موضوع إنعاش السلطة وما يتحدث عنه المجتمع الدولي هو وقف الجرائم الإسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، وإزالة الحواجز، ووقف جرائم المستعمرين، ووقف اجتياح المخيمات والقرى والمدن، ووقف الاقتطاعات المالية من المستحقات الضريبية، وتحويل الأموال".
إسرائيل ومحكمة العدل الدولية
في سياق متصل، شدد اشتية على ضرورة التزام إسرائيل بكل ما جاء في قرار محكمة العدل الدولية، واصفاً قرار المحكمة أنه "مهم قانونياً، وسياسياً، وإنسانياً، فإدخال المساعدات يحتاج إلى وقف إطلاق النار، ووقف العدوان، وتمكين الناس من العودة إلى بيوتهم".
كانت محكمة العدل الدولية، قررت، الجمعة، إلزام إسرائيل باتخاذ إجراءات عاجلة لمنع أعمال الإبادة الجماعية للفلسطينيين.
ورحب اشتية بقرار أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو جوتيرش، بإحالة قرار المحكمة إلى مجلس الأمن الدولي، وأن يرتقي إلى حجم الحدث الجلل، ويطالب بوقف العدوان على الشعب الفلسطيني.
وقال: "المهم في قرار المحكمة هو أن إسرائيل تقف اليوم متهمة بارتكاب إبادة جماعية، بعد أن وصفتها قبل عام العديد من المؤسسات الدولية بأنها دولة عنصرية تمارس أبرتهايد (الفصل العنصري)، ضد الشعب الفلسطيني، وعلى رعاة إسرائيل وقفها عن ضم أراضي في قطاع غزة بحجة إنشاء منطقة عازلة، ومنع عودة الاستعمار والمستعمرين إلى قطاع غزة".
و"أبرتهايد" أو "أبرتايد" تعني الفصل العنصري، وهي كلمة إفريقية الأصل استُخدمت للتعبير عن نظام الفصل العنصري الذي حكمت من خلاله الأقلية البيضاء في جنوب إفريقيا عام 1948.
وأشار اشتية إلى أن العدوان على قطاع غزة دخل يومه الـ115، في ظل ظروف جوية سيئة، وخيام غمرتها مياه الأمطار، ونازحون ينامون في الوحل، ومنهم من ينزف دماً وجوعاً، ما فاقم معاناة الأطفال والنساء والشيوخ.
هجوم سياسي على "الأونروا"
وبشأن التطورات الخاصة بأزمة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، اعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني، أن الهجوم الذي تتعرض له الوكالة، "هجوم سياسي مبيت من إسرائيل، فمنذ زمن وهي تحارب وكالة الغوث، والمخيمات في كل مكان، ولقد رأينا ذلك في غزة، وجنين، وطولكرم، وبلاطة، وعقبة جبر، والفوار، والدهيشة".
وأعرب عن أمله في أن تتراجع الدول التي أوقفت مساعداتها مؤقتاً، عن هذا الإجراء، كونه يشكل خطرا على "الأونروا"، ويعيق تنفيذ قرار المحكمة، لا سيما أنها تقدم مساعدات إلى نحو 1.7 مليون إنسان، ويعرض أرواح المحتاجين للمساعدة في غزة للخطر.
مستوطنات جديدة
وعن انتهاكات الاحتلال المتواصلة في الضفة الغربية، قال اشتية: "تحضر إسرائيل لإنشاء عدد من المستعمرات الجديدة، وتعزيز الاستعمار، لتقويض أي جهد دولي لإنهاء الاحتلال، ويسرق المستوطنون الأغنام، والمواشي، ويجبرون أصحابها على دفع آلاف الدولارات للإفراج عنها، تحت حجة أنها ترعى في المناطق (ج)، وهذا الأمر يتكرر في الأغوار، ومسافر يطا، وغيرها".
وعن المقاصة، أشار اشتية إلى أن الخيار النرويجي ما زال مفتوحاً، وهناك مداولات إسرائيلية - نرويجية ومتابعة من وزير المالية، ولكن شروط إسرائيل تبقى مكانها، وهي رفض تحويل هذه الأموال إلى السلطة.
وأكد اشتية رفض قبرص محاولات إسرائيل تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وأن مساعدتها هي للإغاثة وتعزيز صمود الفلسطينيين، وقال: "تسلمنا رسالة من الرئيس القبرصي بوساطة وزير الخارجية، يؤكد فيها رفض قبرص الصديقة محاولات التهجير من قطاع غزة، وأن جهودها سوف تنصب على الإغاثة، وإيصال المساعدات، ونحن نرحب ونشكره على ذلك".