أكثر من قرن ونصف مضى على الحرب الأهلية الأميركية التي انتهت بتوحيد البلاد وحظر تجارة الرقيق، إلا أن شبح الاقتتال عاد ليُخيّم من جديد، فالاستقطاب الحاد الذي تعيشه الولايات المتحدة منذ سنوات، يُشبه إلى حد ما الأجواء التي سبقت تلك الحرب، فالانقسامات تصل حد العنف المسلّح، ولغة العنف تطغى على الحوار.
والحال أن النزاع الذي اندلع عام 1861، وأودى بحياة نصف مليون أميركي إثر الانقسام حول العبودية، خيّب آمال الأب المؤسس جورج واشنطن، الذي أوصى مواطنيه أن يتمسكوا بمبادئ الأمة، قائلاً في خطبة الوداع عام 1796: "اتحادكم يجب أن يكون دعامةً أساسيةً لحريتكم.. وحبُّ أحدهما سيحثُّكم للحفاظ على الآخر".
في الأيام الأخيرة تصاعد الحديث عن حرب أهلية مقبلة في الولايات المتحدة، إثر تفاقم الخلاف بين إدارة الرئيس جو بايدن وولاية تكساس بشأن الحدود الجنوبية للبلاد وتدفّق المهاجرين غير الشرعيين.
إلا أن هذه القضية ليست إلا واحدة من انقسامات عديدة، تناولتها حلقة برنامج "سؤال المليار" الذي تُقدمه ميراشا غازي على "الشرق بودكاست".
محافظون وليبراليون، أنصار ترمب الملياردير المثير للجدل، وأنصار عدّوه اللدود جو بايدن، السياسي المخضرم غير المحبوب. أجواءٌ مشحونة بالكراهية والغضب. خلافاتٌ بشأن شتّى القضايا، الانتخابات، والسلاح، والحرية، والإجهاض وغيرها الكثير.
الأميركيون منقسمون اليوم، كما لم يكونوا منذ وقت طويل، لكن غالبيتهم يتفقون على أمر واحد "الأمة نار تحت الرماد"، فاستطلاعات الرأي تُرجح اندلاع العنف المسلح خلال العقد المقبل، والمفكرون والناصحون يُحذرون: "أمتنا في خطر، والتهديد الكامن على وحدتنا ليس الصين أو الأسلحة النووية الروسية، ولا حتى ملايين المهاجرين. نحن الخطر".
المخاوف من انزلاق الولايات المتحدة إلى حرب أهلية أثارت شهية العديد من الباحثين، أحدهم هو الكندي ستيفن مارش الذي عاش سنوات بين الأميركيين، لكنه قدّم نظرة تشاؤمية بشأن مستقبلهم، في كتاب أصدره عام 2022 بعنوان "الحرب الأهلية التالية" The Next Civil War.
اعتبر مارش خلال استضافته في برنامج "سؤال المليار" على "الشرق بودكاست"، أن أفضل مؤشر لوقوع حرب أهلية أميركية مستقبلاً هو حدوثها في الماضي. والولايات المتحدة، برأيه، تدخل هذا الطريق، لكن، لا أحد يعرف مدى اقترابها من ذلك.
ويلقي الباحث الكندي في كتابه، كما يشير، الضوء على النزعات العميقة في الحياة السياسية الأميركية، التي تقدم مثالاً تقليدياً لحالة بلد يقف على وشك حرب أهلية، بما في ذلك عدم المساواة الاقتصادية على المستويين العمودي والأفقي، وحركة الهجرة الواسعة، والنظام السياسي الذي يُعدّ لا استبدادياً ولا ديمقراطياً.
وقال إن كل هذه الظواهر عبارة عن مقدّمة كلاسيكية لحرب أهلية، قد تجدونها في شتى أصقاع العالم، لكن في حالة الولايات المتحدة يضاف إليها تصاعد العنف السياسي الداخلي.
مشاحنات في الشارع
خلال السنوات القليلة الماضية تكررت المشاحنات في الشارع الأميركي المنقسم إلى حد كبير، فأمام محكمة مانهاتن، يشتبكون قبل جلسة استماع يواجه فيها ترمب اتهامات بشراء صمت نجمة أفلام إباحية: "أنتم على الجانب الخاطئ"، تقول سيدة لكارهي الرئيس السابق.
وفي كاليفورنيا، قبعةٌ عليها شعار ترمب تستفز أنصار بايدن، فيعتدون على صاحبها.. مطاردة في كنتاكي بين مسلحين مؤيدين لترمب ومتظاهرين في حركة "حياة السود مهمة".. تتدخل الشرطة لفض الاشتباك.
أميركي من أصل إفريقي يهتف خلال احتجاج في تكساس "رئيسي عنصري"، فيردُّ أبيضٌ غاضب: "ترمب ليس عنصرياً". ثم تنتقل المناوشات إلى جوار برج ترمب في نيويورك.
كلا الحزبين الأميركيين يتهم الآخر بدفع البلاد نحو العنف السياسي.. كل منهما لديه حجته على الآخر.. الديمقراطيون يتهمون الجمهوريين بالتطرف والجنوح إلى العنف.. والجمهوريون بدورهم يتهمون الديمقراطيين بالاستبداد وضرب قيم المجتمع.
وفي تقرير أجرته قناة NBC News خلال أغسطس الماضي، عبّر بعض الأميركيين عن غضبهم خلال مسيرة تأييد لترمب خلال أغسطس 2023 في نيو هامشاير، فقال أحدهم: "لقد سُرقت الأصوات، أعتقد ذلك من صميم قلبي. إذا أراد ترمب أن أحميه فسأفعل".
بدورها أعربت امرأة عن غضبها من الرئيس الديمقراطي جو بايدن: "إنه هتلر النازي، لا يمكنك إسكات خصمك السياسي، لأنك لا تتفق معه. يجب أن يكون جو بايدن في السجن بسبب الرشاوى"، مرجحة الانزلاق إلى نزاع مسلح: "أتوقع حرباً أهلية. قُسّمت البلاد. من الواضح أننا لا يمكننا العيش معاً".
من كان ليتصور يوماً أن أبناء أقدم ديمقراطية في العالم لم يعد بإمكانهم العيش معاً؟!
نزاع في مواقع التواصل
لم تقتصر حلبة الصراع الأميركي على الاحتجاجات والاحتجاجات المضادة، بل انتقلت إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وقد رصد فريق "سؤال المليار" على منصة "X"، آراء متحمسة للحرب قد تبدو للوهلة وكأنها من فيلم سينمائي أو تنبؤات عائلة "سيمبسون" التي يصيب بعضها، وتُحاك الخرافات بشأن بعضها الآخر.
إلا أنها لم تكن سوى ردود فعل عينة صغيرة من أنصار ترمب أعقبت تفتيش مكتب التحقيقات الفيدرالي لمنزله في فلوريدا، على خلفية وثائق سرية احتفظ بها/ ما أحدث آنذاك عاصفة سياسية في البلاد.
تساءل أحد المغردين: "هل حانت ساعة الحرب الأهلية؟"، وكتبت سيّدة غاضبة: "خطوة واحدة أقرب إليها"، وأكد آخر: "لقد اشتريت ذخيرتي بالفعل"، وقال أميركي متحمس: "دعونا نشنُ الحرب"، ورأت سيّدة أن "الحرب الأهلية الثانية بدأت للتو"، وحثّ أحدهم الأميركيين: "حرب أهلية! ارفعوا السلاح أيها الناس!".
كالفيروسات، انتشرت عدوى الحديث عن الحرب الأهلية إلى كل الاتجاهات.. في الشارع.. بين السياسيين.. وحتى رجال الأعمال.. "ربما نحتاج فقط إلى سولا في العصر الحديث!"
هكذا علّق مالك منصة "X" الملياردير إيلون ماسك في 13 يونيو الماضي، بعد انتشار مزاعم تلقي بايدن رشاوى خلال توليه منصب نائب الرئيس السابق باراك أوباما.
كثيرون تساءلوا: من هو سولا؟ وماذا يقصد ماسك؟ أما سولا هذا، كما تُعرّفه الموسوعة البريطانية، هو قائد عسكري سيء الصيت، انتصر في أول حرب أهلية شهدتها الإمبراطورية الرومانية، (خلال القرن الأول قبل الميلاد)، قبل أن يتحول إلى حاكم مستبد اشتهر بقسوته ضد معارضيه.
وأما قصد ماسك من تغريدته.. فكما يُقال "المعنى في قلب الشاعر".
العنف السياسي
بعد منتصف ليلة 27 أكتوبر 2022، تسلل أميركي متطرف إلى الفناء الخلفي لمنزل رئيسة مجلس النواب آنذاك نانسي بيلوسي في مدينة سان فرانسيسكو.. حطم المهاجم الأبواب الزجاجية باستخدام مطرقة، واقتحم المكان، لم تكن ذات الـ 82 عاماً هناك، إلا أن المنزل لم يكن فارغاً، إذ استيقظ زوجها بول المماثل لعمرها على وقع الضجة، فنهض فزعاً لتفقد المكان، وما إن رآه المهاجم حتى انهال بالمطرقة على رأسه. لم يفقد بول المسكين حياته، لكنه تعرض لكسور خطيرة في الجمجمة.
ذكرت تحقيقات الشرطة أن المهاجم أميركي متطرف مؤيد لترمب، ومن أشد المصدقين لادعاءاته بشأن سرقة انتخابات 2020، لكن خطر العنف السياسي لم يقتصر على تلك الحادثة بحد ذاتها فحسب، فردود الفعل لم تكن أقل عنفاً، إذ لقي تعليق شخصية معروفة استهجاناً كبيراً.
سويعات قليلة أعقبت الهجوم، ثم نشر دونالد ترمب جونيور (الابن) صورة على حسابه في "إنستجرام" لمطرقة وزوج من الملابس الداخلية، وعلق متهكماً: "لقد جهّزتُ زي بول بيلوسي للهالوين".
رأى الكاتب الكندي ستيفن مارش، أن الولايات المتحدة تعيش حالياً في ظروف الحرب الأهلية، بسبب حجم العنف السياسي الداخلي.
وأردف: "هذه الظاهرة أصبحتْ تنتشر بسرعة أكبر مما توقعتُه. العنف السياسي، عندما يبدأ في الخروج عن السيطرة، يخرج عن السيطرة بسرعة كبيرة".
ولعلّ "تضييق إدارة بايدن الخناق على المحافظين، سيُثير غضب أحدهم، ويطلق النار أو ربما تندلع حرب أهلية" بهذه الكلمات صبّ النائب الجمهوري عن ولاية ميشيجان مات مادوك جام غضبه، خلال كلمةٍ لأنصاره بعد توجيه اتهامات لأعضاء في الحزب بتزوير نتائج الانتخابات لصالح ترمب.
وقال مادوك: "إذا استمرت الحكومة في تسليح هذه الإدارات ضد المحافظين والمواطنين الذين هم دافعو الضرائب، فأنت تعلم ما الذي سيحدث لهذا البلد؟ سيشعر شخص ما بالغضب الشديد، وسيطلق النار على شخص آخر. هذا ما سيحدث. أو قد نشهد حرباً أهلية أو نوعاً ما من الثورة".
تعيش الولايات المتحدة أسوأ حالات العنف السياسي منذ السبعينات، وذلك وفق تقرير لوكالة "رويترز" رصد 213 حادثاً بعد هجوم الكابيتول الشهير، ومع ذلك لم تصل موجة العنف السياسي إلى ذروتها بعد، وفق التقرير ذاته، أما الأسباب، من بينها عدم الارتياح تجاه تغيّر التركيبة السكانية العرقية والإثنية، وتشديد الخطاب السياسي في عهد ترمب.
تحريض ترمب
كان هجوم الكابيتول عام 2021 زلزالاً سياسياً غير مسبوق في التاريخ الأميركي "لا يمكنك أن تسترد بلدك برفق. تسترده بالقوة. كن هناك! ما سيحدث سيكون جامحاً".. هكذا حثّ ترمب أنصاره على التدفق إلى واشنطن والتعبير عن رفضهم لنتائج التصويت.
لبّ الآلاف النداء صبيحة السادس من يناير 2021، لكن سرعان ما خرجت الأمور عن السيطرة. حشود غاضبة تقتحم "الكابيتول" درة تاج الديمقراطية الأميركية. لم يحدث ذلك في يوم عطلة، بل أثناء اجتماع مجلس النواب للمصادقة على فوز بايدن بالرئاسة.
هدير بشري غاضب، أصوات ترعد وتُهدد بالانتقام لرئيسها المحبوب، لم يسلم حتى نائبه من غضب الحشود "شنق مايك بنس الخائن" الذي قبل خسارة سيدّه، هتف المهاجمون الغاضبون.
مشاهد الفوضى أذهلت العالم، أصحاب سوابق يعبثون بأوراق مهمة في مكتب رئيسة مجلس النواب، ما الذي يحدث في الدولة الأعظم؟ تساؤلٌ جعل الملايين يتسمرون أمام هواتفهم الذكية، يراقبون لحظة بلحظة مجريات "غزوة الكابيتول".
فإذا كان ذلك الهجوم هو ردة فعل أنصار ترمب على خسارته الانتخابات، كيف الحال إذا ما أدانه القضاء الأميركي في 2024 بعشرات التهم التي تلاحقه، وتشمل: حيازة وثائق سرية، ومحاولة قلب نتائج الانتخابات، وغيرها الكثير.
هذا السؤال الشائك دفع السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام إلى التحذير من تداعيات ذلك قائلاً: "إذا تمت محاكمة ترمب بتهمة الاحتفاظ بوثائق سرية سنرى أعمال شغب في الشوارع".
حتى ترمب نفسه تنبّأ بحدوث "أشياء مروعة" إذا لم تنخفض حرارة البلاد السياسية، ونقلت عنه قناة "فوكس نيوز" في أغسطس 2022، قوله: "سأفعل كل ما بوسعي لأساعد البلاد، لأنه يجب خفض مستوى الاحتقان. إذا لم ينخفض، أشياء فظيعة ستحدث".
وفي لقاء بثّته منصة "X" العام الماضي، سأل المذيع الأميركي الشهير تاكر كارلسون، الرئيس السابق عما إذا كان يعتقد أن الولايات المتحدة تتجه نحو حرب أهلية، فأجاب ترمب واصفاً المتظاهرين في هجوم الكابيتول: "لم أر من قبل الحب والشغف اللذين أظهرهما الحشد، لكن في الوقت نفسه لم أر من قبل هذا الكم من الكراهية التي أظهرها الحشد نفسه بسبب ما فعله الآخرون ببلدهم".
ثم تساءل كارلسون عن إمكانية الاتجاه نحو صراع مفتوح، فاكتفى ترمب بالقول: "هناك مستوى من العاطفة لم أره من قبل، وهناك مستوى من الكراهية لم أره من قبل أيضاً، وربما يكون هذا مزيجاً سيئاً".
لكن متى بدأت هذه الكراهية تتنامى في الولايات المتحدة؟
القضية العرقية
كان الـ 20 من يناير 2009 يوماً شديد البرودة في العاصمة واشنطن، لكن حرارة الحدث أخرجت مليوني شخص من منازلهم للاحتفال، قبل 6 عقود لم يكن الأميركيون من أصل إفريقي يستطيعون ارتياد أماكن البيض، لكن ها هو أحدهم يدخل البيت الأبيض.
أول رئيس من أصول إفريقية، والأول من خلفية مسلمة، والأول الذي يُردّدُ اسماً عربياً خلال تنصيبه، باراك حسين أوباما.
حتى الآن كل شيء مبهر ورائع وعاطفي. ولايتان متتاليتان بدا أنهما فتحتا صفحة جديدة في تاريخ البلاد، لكن سرعان ما انقلب كل شيء. الرئيس التالي يأتي من أقصى اليمين. فوز ترمب في نظر الكثيرين "انتصار للعرق الأبيض".
وفقاً للكاتب الكندي ستيفن مارش، يتمثل الفارق الكبير في استطلاعات رأي الجمهوريين بين عامي 1980 و2020، في أن مستوى الإحباط العرقي، الذي يختلف عن العنصرية، كان متشابها لدى كل من الجمهوريين والديمقراطيين قبل 43 عاماً، إذ كان لديهم الحجم نفسه من الإحباط العرقي.
وبشكل جوهري، استوعب الجمهوريون كل الأصوات على أساس الإحباط العرقي، الأمر الذي يحمل دلالات مهمّة. والآن نرى أن الأغلبية البيضاء ستصبح أقلية في الولايات المتحدة في 2044، وهذا يعني أن البيض لن يكونوا قوة متفوّقة، وستقلّ حصتهم في السكان عن 50%" بحسب مارش.
وأضاف الكاتب الكندي: "عندما يحدث ذلك في شتى مناطق العالم ينشب العنف. وهناك دراسة مثيرة للاهتمام عن الهند كتبها مجموعة من خبراء الاقتصاد البريطانيين. كشفوا أن حالات العنف بين الهنود والمسلمين في البلاد لم تكن بسبب تكاثر هجمات المسلمين على الهنود. فالأمر ليس هكذا".
تخيل أنك ديمقراطي من أصل إفريقي تسكن في منزل ريفي جميل بولاية فلوريدا وجارك جمهوري أبيض، كيف ستبدو علاقتكما؟
مع صعود نجم ترمب في الحياة السياسية، سرعان ما تبنّى اليمين الأميركي "نظرية الاستبدال" التي وُلدت على يد المفكر الفرنسي رينو كام عام 2010، وتزعم أن هناك مؤامرة عالمية لاستبدال المواطنين البيض عمداً بمهاجرين من الأفارقة والمسلمين واللاتينيين.
هذه الأفكار ترافقت مع ازدياد حوادث العنف ضد الأقليات العرقية والدينية، فالكثيرون فهموا شعار حملة ترمب "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" على أنه دعوة لإعادة هيمنة العرق الأبيض.
خلال حديثه لـ"سؤال المليار"، قال مارش: "تعلّمنا في الماضي أن الثورة تنشب حين ينهض الفقير للاستيلاء على ما يمتلكه الغني، لكن في الحقيقة، يبدأ العنف السياسي حينما يشعر أصحاب المزايا بالخطر، أي يشعرون بأن أحداً ما يريد أخذ تلك المزايا منهم. هذا ما حدث في رواندا أو مختلف الحروب الأهلية بين ممثلي المجموعات العرقية، ولهذا لا أرى أنها قضية عرقية بقدر ما هي قضية مزايا تحدث في كل أصقاع العالم، وها هي تحدث في الولايات المتحدة".
الخلاف الديني
على عكس الأوروبيين حيث انحسر التديّن بشكل كبير خلال القرن الماضي، حافظ 70% على الأقل من الأميركيين على التزامهم بزيارة الكنيسة، غير أن هذه النسبة بدأت تتراجع مع بداية الألفية الثالثة، لتهبط إلى أكثر من النصف بقليل للمرة الأولى في تاريخ البلاد، وفق إحصاء أجراه معهد أبحاث الدِين غير الربحي في مارس 2023.
مع ذلك، تُمثل قضايا كالإجهاض والمثلية، أبرز مظاهر الانقسام بين الأميركيين، فبينما يراها البعض جرائم تتنافى مع القيم الدينية، هناك من يعتبرها حقوقاً يجب أن يكفلها الدستور. لكن أي دور يلعبه الدِين حقاً في هذا الجدل؟
بحسب الباحث الكندي ستيفن مارش الذي عاش بين الأميركيين لسنوات، انخفض وزن الهوية الدينية في المجتمع الأميركي بشكل سريع، وهذا يعني أن هناك عدداً أقل بكثير من المتدينين، مقارنة مع ما كان عليه الوضع قبل 10 سنوات وطبعاً قبل 20 سنة.
وتابع: "مع كل الاحترام للناس ذوي الهوية الدينية القوية، إلا أن بعض هذه الخلافات ترتبط بالتطرف الديني، فينحصر النقاش في الدعوات إلى احترام الحرية أو احترام قيمة الحياة من جانب، واحترام قيمة اختيار عملية الإجهاض من جانب آخر، لكن الدين لا يلعب سوى دور صغير في بعض تلك النقاشات بالفعل، وكأن كل ذلك يتمّ توجيهه. ورغم أن هناك بعض المنتسبين إلى معسكر اليمين المتطرّف والمجموعات المسيحية القومية التي لا تزال تمثّل قوة، لكن لا أخفي عليكم أن الحركات الإنجيلية تشهد انكماشاً على مستوى النشاط في الولايات المتحدة، الأمر الذي يؤثّر في نفوذها السياسي أيضاً".
فوضى السلاح
لو كنتَ أميركياً أو تعيش في الولايات المتحدة فأنت معرض لإطلاق نار أكثر من معظم سكان العالم. قد يحدث هذا في الليل أو وضح النار، في مركز للتسوق بتكساس أو أثناء مرورك صدفة في شارع مزدحم بنيويورك، أو ربما خلال وجودك في إحدى مدارس فلوريدا أو تينيسي، فهناك نحو 400 مليون قطعة سلاح، وترليونات الطلقات.
فقط في النصف الأول من عام 2023 لقي حوالي 15 ألف أميركي مصرعهم بالرصاص.
كل ما تفعله بالسلاح قانوني في الولايات المتحدة، لكن شرط أن لا تضغط الزناد. ثمّة مفارقة غريبة، فالتعديل الثاني للدستور منذ عام 1788 يكفل للأميركيين حق امتلاك السلاح "كي لا تستبدّ الحكومة بهم".
أما جوهر هذا القانون، فيوضحه ستيفن مارش بأن "مَن أسس الولايات المتحدة هم المتمرّدون الانفصاليون. وهكذا كان الحق الأصلي في حيازة الأسلحة النارية ينطبق على الميليشيات ويرتبط بنشاطها، والغاية أن يتوفّر لديها الوصول إلى الأسلحة لتجنّب تفوّق القوات الفيدرالية المركزية عليها".
وأردف: "المسألة الكبرى التي تواجه الولايات المتحدة تكمن في أن الدستور الأميركي الذي يُمجّده الجميع، بما في ذلك اليمين واليسار تمجيداً شبه ديني مثل الكتاب المقدّس أو حتى أكثر، يعتبر وثيقة قديمة، وعمره أكثر من 200 عام، وبالتالي فإن التعديل الثاني للدستور الأميركي يصبح بلا معنى تماماً عندما نكون في عالم تُمتلك فيه الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية. تلك أشياء لم يكن بوسع مؤسسي الدستور أن يتخيلوها أو يخططوا لها".
وتابع: "إذن لديك هذه الوثيقة، وهي نتاج عقلية مبدعة. لكنها قديمة. قضية الأسلحة النارية في الولايات المتحدة تكمن في أن السلاح يُعدّ موضع تمجيد، ويعد أيضاً علامة للحرية ورمزاً ثقافياً عميقاً".
انتشار الميليشيات
في يوم مشمس من شهر يوليو عام 2020، سار عشرات الأميركيين من ميليشيا "NFAC" نحو نصب تذكاري مثير للجدل في ستون ماونتن بولاية جورجيا. بملابس سوداء شبه عسكرية وبنادق وذخيرة، أقسم المسلحون الذين كان معظمهم من أصول إفريقية، على حماية أمة السود. مع ذلك، قالت وسائل إعلام أميركية إن أعضاء "الميليشيا" المدججين بالسلاح يدعون إلى السلام والعدالة.
لم تكن "NFAC" إلا واحدة من عشرات الجماعات المسلحة في الولايات المتحدة، أغلبها من البيض، وأعضاؤها يمينيون متعصبون أو يساريون معتدلون، بعضها معروف وبعضها الآخر يلفه الغموض.
ستيفن مارش ألقى نظرة على تلك الميليشيات، وأوضح لـ"سؤال المليار" كيف تبدو عن قرب "لقد قضيت وقتاً طويلاً مع أعضاء الحركات اليمينية المتطرفة في الولايات المتحدة، وأجريت مقابلات معهم، وتحدثت معهم، ورأيت كيف أن سياساتهم تتغير أحياناً كل أسبوع".
وقال: "يلتقطون مثلاً مسائل مختلفة لتكون موضع هوسهم، وينسجون نظريات المؤامرة حولها، وأحياناً كل شهر، مثل (Proud Boys) وتلك المجموعات المختلفة. إنها جماعات تنهار، ومن ثم تعيد تنظيم صفوفها طوال الوقت. ليسوا وحدة متماسكة، وأياً كان ما سنقوله عنهم الآن ربما لن يكون صحيحاً في غضون 6 أشهر، فهم مجرد كتلة متصاعدة يمكن أن تتخذ هويات سياسية جديدة بين عشية وضحاها، وهذا السبب في أنه من الصعب جداً فهمهم، ومع ذلك فهم منتشرون بكثرة، ويتنقلون في أرجاء مختلفة".
وأشار الباحث الكندي إلى أن "هناك حرفياً المئات من تلك المجموعات الصغيرة للغاية التي ينضم إليها الناس، ويتركونها ذهاباً وإياباً. وقد يهتمون فجأة بالتعديل الثاني للدستور، ثم يعتقدون أن حكومة الولايات المتحدة عقدت صفقة مع مخلوقات فضائية ذات سلطة، ثم يحتجون على الضرائب. ولذلك أُفضّل أن أشبهها بالبوفيه، مثل مائدة كبيرة من الأفكار، لا ينصب تركيزهم على فكرة واحدة منها، إنهم غير مترابطين على أقل تقدير. إنهم يؤمنون بأميركا، لكنهم يكرهون حكومتها. وقد يصل الأمر إلى مرحلةٍ تجعلهم يعتقدون أن كرههم للحكومة هو تجسيد لحبهم لبلادهم، وهذا يخلق حساً من التناقض المتجذر".
حادثة "بيتزا جيت"
بالحديث عن العنف والسلاح والمليشيات، قد يتبادر إلى الذهن سؤال عن أسباب سهولة جر الأميركيين إلى العنف؟
حتى نحاول فهم العقلية التي تُوجه خيارات العديد من الأميركيين، نستذكر حادثة وقعت عام 2016، عندما انتشرت نظرية مؤامرة Pizzagate، التي تزعم أن وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون ومسؤولين ديمقراطيين آخرين متورطون مع شبكة للاتجار الجنسي بالأطفال، تديرها سلسلة من مطاعم البيتزا في واشنطن.
وفي أحد أيام ديسمبر المشمسة قاد أميركي مسلح في العشرينات من العمر شاحنته من نورث كارولينا إلى العاصمة، مقتحماً مطعم كوميت بينج بونج، ظناً أن الأطفال المختطفين في قبو أسفله، وغايته أن يكون "بطلاً بنظر الأميركيين"، لكنه لم يجد أحداً، فأطلق عدة عيارات نارية دفعت الشرطة إلى التدخل والقبض عليه، لينتهي الحادث دون أن يصاب أي شخص بأذى.
من هذه الحادثة، انطلق الأكاديمي الأميركي توماس باترسون في تأليف كتاب صدر عام 2019 بعنوان "كيف فقدت أميركا عقلها؟"، محذراً من جهل الأميركيين بشؤون بلادهم، الأمر الذي يجعلهم عرضة للخداع والتضليل.
واللافت بحسب وسائل إعلام أميركية، أن الجمهوريين كانوا أكثر ميلاً لتصديق تلك الشائعة من الديمقراطيين، غيرَ أن ظاهرة تصديق نظريات المؤامرة والأخبار الكاذبة ليست غريبة على المجتمع الأميركي أساساً، فقد رصدت صحيفة "واشنطن بوست" أكثر من 7 آلاف ادعاء كاذب ومضلل، أدلى به ترمب في أول عامين من رئاسته، وصدّقه كثيرون.
وأظهر بحث آخر أجراه باترسون، أن 15% من الأميركيين يُصدقون أن لقاحات الأطفال تُسبب مرض التوحد مثلاً، و35% منهم يعتبرون أن أزمة التغير المناخي مجرد خدعة، حتى أن بعضهم يجهل معلومات بديهية، كاسم حاكم ولايته أو عدد النجوم على العلم الأميركي، أو حتى القارة التي تقع فيها الولايات المتحدة!
مع ذلك، تبدو أزمة تصديق المعلومات المضللة في أميركا أعمق من مجرد أفكار ضالة تدور في رؤوس الناس، فأحد أبرز أسبابها، كما يقول باترسون، هو انعدام ثقة الكثيرين بالساسة والمؤسسات الحكومية.
سيناريو الرصاصة الأولى
في كتابه "الحرب الأهلية المقبلة" وضع ستيفن مارش 5 سيناريوهات لحكاية الرصاصة الأولى إذا ما اندلعت حرب أهلية جديدة في الولايات المتحدة. من بينها مواجهات عنيفة بين الحكومة والميليشيات المتطرفة، غيرَ أن اللافت في تلك السيناريوهات تعرض رئيس أميركي للاغتيال.. فهل هذا واردٌ فعلاً؟
يعتقد مارش أن "اغتيال رئيس هو أمر أميركي تماماً"، إذ لقي 4 رؤساء حتفهم بهذه الطريقة منذ تأسيس الولايات المتحدة.
وقال "إنه وظيفة محفوفة بالمخاطر. إنهم ينفقون مليون دولار في اليوم لإبقاء الرئيس على قيد الحياة. قال لي شخص تحدثت إليه، إن قتل السياسيين جزء من العملية السياسية الأميركية. والمشكلة الآن ليست بالضرورة أن يلقى أحدهم حتفه، لكن المشكلة أنه لن يكون هناك مساحة أمام الحزبين للحزن الجماعي".
دور الجيش الأميركي
قبل هجوم الكابيتول بـ3 أيام، حذّر 10 وزراء دفاع أميركيين سابقين، في مقال مشترك نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، من إقحام الجيش في النزاعات السياسية، معتبرين أن قوة الولايات المتحدة تكمن في مدنيّتها وفصل السلطات فيها، بما في ذلك ابتعاد الجيش عن الحياة السياسية تماماً، وخضوعه للسلطة المدنية.
لكن بينما تزداد التحذيرات من انزلاق البلاد إلى مستنقع العنف، هل يمكن أن يتدخل الجيش الأميركي في هذا الصراع؟
برأي مارش: "العنف لا يمكن سوى أن يؤدّي إلى تدهور الوضع في النهاية، لذلك الشيء الأخير الذي يرغب فيه الجيش الأميركي هو أن يجد نفسه في حالة مواجهة مع المتمرّدين في بلاده. لا يريد الجيش مواجهة التمرّد في أي مكان. أعلم أن هناك تعليمات بذلك، فقد تحدثت إلى عقيد مسؤول عن تنفيذ عمليات متنوعة في الولايات المتحدة، لا سيما تلك المتعلقة بمواجهة الحركات الانفصالية".
تابع الباحث الكندي: "استحالة الانتصار هو العنوان العريض لأي تدخل للجيش في النزاعات المحلية. لذلك تتمثّل الاستراتيجية الوحيدة في عدم المشاركة. العسكريون يعرفون ذلك جيداً، مع ذلك، لكن بما أنه لم يبق سوى مؤسسة واحدة في البلاد تحظى بثقة الجمهور العام، فإنها قد تجد نفسها أمام طريق مسدود، وقد يتم جرها إلى الصراع، فالمؤسسة العسكرية هي الوحيدة التي مازالت تحظى بالشرعية الكاملة. إنهم هنا لخدمة السياسيين. هذا هو الأساس الكامل لأسلوب حياتهم".
"تأثير ترمب الإيجابي"
بعد هجوم الكابيتول بيوم واحد، دعا ترمب أنصاره في تغريدة إلى الابتعاد عن العنف، وبالفعل عاد الهدوء، ولم تشهد الولايات المتحدة أحداثاً مشابهة، وهذا يعكس ربما تأثير ترمب الإيجابي، إن أراد، في تخفيف حدّة التوتر الداخلي.
لكن بحسب مارش: "ترمب هو عَرَض أكثر بكثير من كونه سبباً لأي شيء. هو كمن يركب الموجة، وعندما نتحدث عن هذه المسيرات الانتخابية، فهو لا يضطر إلى الدعوة إليها. الناس يحضرون فحسب. وإذا كنت في بلدة صغيرة في ولاية آيوا، وظهر ترمب، الناس يحضرون بإرادتهم. يبدو الأمر أشبه بمشاهدة مباراة مصارعة عالمية، إنها ترفيهية بقدر ما هي مسيرة سياسية. وكما تعلمون، لديه بالتأكيد هذه القاعدة الجماهيرية، وهي موجودة قبله وستوجد بعده".
وأضاف أن "التفكير بقدرة ترمب على فعل شيء مسؤول هو نوع من سوء الفهم لهويته الحقيقية، فهو ليس شخصاً يتحمل المسؤولية عن أي شيء، وبالتالي لا أعتقد أن هناك أي فائدة يمكن أن تأتي منه، لكن من ناحية أخرى إلقاء اللوم عليه وحده أمر سخيف حقاً".
فإذا كانت الأجواء في الولايات المتحدة مسمومة إلى هذا الحد، فما الذي تحتاجه لإذابة الجليد بين الأميركيين وتخفيف حدة التوترات؟
اعتبر مارش أن هناك دستوراً غير فعال في الولايات المتحدة، لافتاً إلى أن الأميركيين "يعيشون في كنف نظام قانوني لا يستجيب إلى واقعهم، ولذلك يحتاجون إلى دستور جديد. وإلى التوافق. لقد قال الرئيس السابق توماس جيفرسون (1743 – 1826) إن أي دستور يجب أن يستغرق سريانه 19 عاماً فقط، وإلا فإن الأمر يُشبه الصفقة مع إنسان ميت. هذا هو الوضع في الولايات المتحدة، حيث يُطبّق الأميركيون اتفاقاً مع أناس توفوا قبل حوالي 250 عاماً. وهم بالمناسبة كانوا أيقونات الحوكمة العلمانية، ولا أعتقد أنهم يرغبون في أن يتمّ التعامل معهم كالآلهة أو الأشباح. هم أرادوا حكومة بناءة وفعالة".
الحلم الأميركي
ورث الأميركيون عن آبائهم المؤسسين ما اعتبروه كنزاً منحهم تميزاً وفرادة عن باقي الأمم. في مرحلة لاحقة أطلقوا عليه "الحلم الأميركي" حين استوحاه المؤرخ جيمس آدامز من إعلان الاستقلال "كل الناس خُلقوا متساوين، ولهم بعض الحقوق غير القابلة للتغيير، مثل حق الحياة، والحرية، والسعي وراء تحقيق السعادة".
لكن عادةً عندما تضرب الانقسامات أمة ما تُهدد أثمن ما لديها. فما هو الحلم الأميركي اليوم؟ حلم الجمهوريين فقط أم حلم الديمقراطيين وما الذي تبقى منه؟
لا يعتقد ستيفن مارش أن أميركا فشلت "لقد عملت في أميركا. أحبها. أعتقد أني أقول ذلك من دون تحيّز. الحلم الأميركي هو أساساً أن تُحقق ذاتك، بشروطك أنت. هذا هو معنى الحلم، أن تكون قادراً على التعبير عن هويتك وكيانك بالكامل. هذا كان، ولا يزال، الحلم. ولكن يمكن أن تشعر اليوم أن الحلم يزول".
وتابع: "أخذت أولادي إلى تمثال الحرية منذ بضع سنوات. وسألني ابني: لماذا يُعطى كل هذه الأهمية؟ وقد فطر قلبي، لأنني أتذكر عندما كان يحمل كل المعاني، فهذه بلاد بُنيت على أيدي المهاجرين، الجميع كان يستطيع القدوم إلى هنا. والجميع اعتقد أنه يُسمح للجميع بالقدوم. الأميركيون يشعرون بأهمية عظيمة لوطنهم، ويُبدون ذلك بشكل علني. إنهم يشعرون بأن وطنهم بمثابة المدينة اللامعة على قمة الجبل. هناك أهمية كونية لهذا الوطن بالنسبة للعالم والبشرية. وبطبيعة الحال التغيرات التي تحصل في غاية الخطورة. أعتقد أنها خسارة كبيرة للعالم. لباقي الدول وليس أميركا فقط".
"العيش معاً كإخوة"
في خطاب ألقاه بمناسبة حصوله على جائزة "نوبل" للسلام عام 1964، قال الزعيم الأميركي من أصل إفريقي مارتن لوثر كينج الذي قضى نحبه على يد متعصب أبيض عام 1968: "هناك نوع من فقر الروح الذي يتناقض بشكل صارخ مع وفرتنا العلمية والتكنولوجية. كلما أصبحنا أغنياء مادياً، كلما أصبحنا أكثر فقراً أخلاقياً وروحياً. لقد تعلمنا أن نطير في الهواء مثل الطيور، وأن نسبح في البحر مثل الأسماك، لكننا لم نتعلم الفن البسيط المتمثل في العيش معاً كإخوة".
"العيش معاً كأخوة" إذن ليس حال الأميركيين اليوم، فالأجواء المسمومة يبدو أنها مع اقتراب الاستحقاقات الكبرى، ذاهبة إلى تصعيد أكبر. ترمب يصف بايدن بـ"الفاسد والخرف" المحاط باليساريين والفاشيين، وفي المقابل، يشن بايدن هجوماً لاذعاً على خصمه الجمهوري "نفذ صبري". يقول الرئيس الأميركي، معتبراً أن ترمب خطرٌ على الديمقراطية، ويُهدد جوهر الأمة.
لكن، رغم كل المتاعب القضائية التي تلاحقه.. لن يكون ترمب خارج السباق إلى البيت الأبيض. ما يعني أن هزيمته مرة جديدة في ظل استمرار محاكمته، والتوتر السياسي، والاستقطاب الحاد، قد يفتح أبواب الجحيم على الولايات المتحدة.