أصدرت عشرات المدن الأميركية قرارات بشأن حرب إسرائيل على غزة، يدعو معظمها إلى وقف إطلاق النار في القطاع، ما يفرض المزيد من الضغوط على الرئيس جو بايدن للمساعدة في إنهاء القتال قبل الانتخابات المقرر إجراؤها نوفمبر المقبل، وفق تحليل أجرته وكالة "رويترز".
وأصدرت 48 مدينة على الأقل قرارات رمزية تدعو إلى وقف القصف الإسرائيلي على غزة، بينما أصدرت 6 مدن أخرى قرارات تدعو على نطاق أوسع إلى السلام، وصدر ما لا يقل عن 20 قراراً للتنديد بهجمات السابع من أكتوبر الماضي.
وجرى تمرير معظم القرارات الداعية إلى وقف إطلاق النار في ولايات للديمقراطيين مثل كاليفورنيا، لكن صدر 14 قراراً على الأقل في ولايات متأرجحة مثل ميشيجان التي قد تحسم محاولة بايدن لإعادة انتخابه ضد الرئيس السابق (الجمهوري) دونالد ترمب.
إدارة بايدن ترفض
ورفضت إدارة بايدن الدعوات لوقف إطلاق النار، بحجة أن وقف العمليات الإسرائيلية من شأنه أن يعود بالنفع على "حماس"، ويقول منتقدو قرارات المدن إن ليس لها تأثير ملموس على السياسة الوطنية، وتشتت الانتباه عن القضايا الداخلية.
ورداً على طلب للتعليق، أشار البيت الأبيض، الذي قال إنه يضغط على إسرائيل لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين في غزة، إلى تصريحات سابقة مفادها بأن وقف إطلاق النار "لن يفيد سوى حماس".
وأصبحت شيكاغو، الأربعاء، أكبر مدينة تدعو إلى وقف إطلاق النار في تصويت متقارب كان متعادلاً، بواقع 23 صوتاً مقابل 23، قبل أن يرجح رئيس البلدية براندون جونسون الكفة لصالح القرار.
وجمعت "رويترز" بيانات من 70 مدينة أصدرت قرارات أو بيانات بشأن حرب غزة، وتشمل المناطق مدناً كبرى مثل، سان فرانسيسكو وأخرى أصغر مثل كاربورو في نورث كارولاينا وويلمنجتون بولاية ديلاوير مسقط رأس بايدن.
كما تم صياغة العديد من دعوات وقف النار على غرار قرار "وقف إطلاق النار الآن" للنائبة بالكونجرس عن ولاية ميزوري كوري بوش، ويحض أيضاً على إطلاق سراح المحتجزين وزيادة المساعدات لغزة.
انخفاض دعم العرب لبايدن
وكانت 9 دعوات على الأقل لوقف إطلاق النار في ميشيجان، حيث يُمثل العرب الأميركيون 5% من الناخبين، وكان هامش فوز بايدن على ترمب في انتخابات 2020 أقل من 3%. وأظهر استطلاع للرأي أجري في أكتوبر الماضي أن دعم الأميركيين من أصول عربية لبايدن انخفض إلى 17% من 59% في عام 2020.
وتسبب الدعم الأميركي لإسرائيل طوال الحرب في انقسام الأميركيين بشكل حاد لتنطلق احتجاجات في البلاد، دعماً لكل من تل أبيب وغزة، لكن استطلاعاً أجرته "رويترز" العام الماضي أظهر تأييداً من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لوقف النار.
ويرى الخبير الاستراتيجي الديمقراطي في ولاية نورث كارولاينا المتأرجحة دوجلاس ويلسون، أن هذه الحرب "ستكون في أذهان الناخبين".
وأضاف ويلسون: "سيمثل هذا مشكلة هنا، وفي جميع الولايات المتأرجحة، بسبب السكان المسلمين واليهود في هذه الولايات، وذوي البشرة السمراء".
لكن بعض منتقدي دعوات وقف إطلاق النار في المدن الأميركية يرون أنها "سابقة لأوانها"، وفي هذا الصدد قال تايلر جريجوري رئيس مجلس علاقات المجتمع اليهودي في سان فرانسيسكو، الذي استنكر الدعوات، ووصفها بأنها أحادية الجانب: "لا يمكن إعلان وقف النار مع منظمة إرهابية تعهدت بالقيام بذلك مرة أخرى".
وأشار بعض المسؤولين في المدن إلى أن دعوات وقف النار حظيت بدعم الناخبين اليهود أيضاً.
وفي السياق ذاته، قالت المشرفة على مجلس مدينة سان فرانسيسكو هيلاري رونين، إن "المئات من السكان اليهود والمسلمين حثوها على التصويت لصالح القرار الذي مُرّر في المدينة"، وهي واحدة من أكبر المدن التي وافقت عليه.
وأضافت رونين: "بالنسبة لمن هم مثلي، اليهود الذين لديهم أفراد عائلات في إسرائيل، من المهم للغاية بالنسبة لنا أن نتخذ موقفاً ضد هذه الحرب".
بدوره، قال مدير السياسات في "الحملة الأميركية من أجل حقوق الفلسطينيين" محمد خضر، إن "المناصرين يأملون في أن يعترف أولئك الذين لديهم سلطة تصويت محلية أو اتحادية بناخبيهم الفلسطينيين".
إحباط من بايدن
وحذَّر محللون من أن الإحباط من بايدن محلياً قد يضر به في صناديق الاقتراع من خلال ضعف الإقبال، رغم أن الكثير قد يتغير قبل انتخابات الخامس من نوفمبر المقبل.
ورفضت إدارة بايدن الدعوات لوقف إطلاق النار بحجة أن وقف العمليات الإسرائيلية من شأنه أن يعود بالنفع على حركة "حماس". ويقول منتقدو قرارات المدن إن ليس لها تأثير ملموس على السياسة الوطنية، وتشتت الانتباه عن القضايا الداخلية.
وقالت عضو مجلس ديترويت جابرييلا سانتياجو روميرو، إن ذلك يعكس "الإحباط، خاصة من قِبَل المسؤولين الشبان وغير البيض تجاه بايدن، وغيره من قادة الحزب الديمقراطي".
وأضافت روميرو: "نريد قيادة مستعدة للاستماع إلينا. يتعين على الديمقراطيين الاستماع إلى الشبان، والاستثمار في التنوع، وفي الأشخاص الذين يتوافقون مع القيم، ويستمعون بالفعل إلى ناخبيهم".