كشف مسؤولون فلسطينيون، أن الرئيس محمود عباس يتجه إلى تأجيل الانتخابات التشريعية المقررة في 22 مايو المقبل، ما لم تعلن إسرائيل السماح بإجراء الانتخابات في مدينة القدس.
وقال المسؤولون في تصريحات لـ"الشرق"، إن الرئيس بدا قاطعاً برفض أي صيغة للانتخابات لا تشمل مدينة القدس بذات الطريقة التي أجريت بها الانتخابات التشريعية في عامي 1996 و2006، مشيرين إلى أن الرئيس سيدعو جميع الأمناء العامين لجميع الفصائل والقوى السياسية، إلى لقاء لاتخاذ القرار بصورة جماعية، لافتين إلى أنه "سيضع مختلف الكتل أمام المسؤولية الوطنية".
وشدد عباس، في كلمة استهل بها اجتماع اللجنة المركزية لحركة "فتح"، مساء الاثنين، على "الالتزام الكامل بالمضي قدماً في إجراء الانتخابات حسب المواعيد التي أعلن عنها وفق المراسيم الرئاسية، على أن تجرى الانتخابات في الأراضي الفلسطينية كافة، بما فيها القدس الشرقية ترشحاً ودعاية وانتخاباً".
وقال الرئيس الفلسطيني، إنه أجرى اتصالات مكثفة مع العديد من الدول والجهات "وتحديداً هيئة الأمم المتحدة، والولايات المتحدة الأميركية، والاتحاد الأوروبي، من أجل الضغط على الحكومة الإسرائيلية للالتزام بالاتفاقيات الموقعة بيننا فيما يخص العملية الانتخابية، وتحديداً بأن تكون الترشيحات والدعاية والانتخابات داخل المدينة المقدسة".
وأضاف: "حتى الآن لم يصلنا أي رد من الجانب الإسرائيلي حول ذلك".
ووجهت السلطة الفلسطينية رسالة لإسرائيل في 17 يناير الماضي، أبلغتها فيها بقرارها إجراء انتخابات تشريعية، وطلبت منها تسهيل إجراء الانتخابات في كافة الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية، لكن السلطات الإسرائيلية لم ترد حتى الآن.
"انتخابات في كامل الأرض الفلسطينية"
وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، خلال لقائه نائب رئيس الوزراء، وزير خارجية الدوقية الكبرى للوكسمبورغ جان اسيلبورن، إن القيادة الفلسطينية مصرة على عقد الانتخابات في مواعيدها على كامل الأرض الفلسطينية بما يشمل القدس الشرقية، وإن الاستعدادات لإجرائها لم تتوقف، وإن الحكومة وفرت كل الامكانيات لإنجاحها.
ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" أن المالكي استعرض خلال اللقاء، الانتهاكات الإسرائيلية المتصاعدة في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيه القدس الشرقية، مشيراً إلى "منع سلطات الاحتلال الإسرائيلي عقد اجتماعين تشاوريين في مدينة القدس الشرقية بشأن الانتخابات وتوجيه تهديدات بحق مرشحين، في انتهاك صارخ للاتفاقات الموقعة بين الجانبين بشأن الانتخابات في الأرض الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية".
"اعتقال المرشحين"
واعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الدكتور أحمد مجدلاني، في تصريحات لـ"الشرق"، أن "الرد الإسرائيلي جاء واضحاً من خلال اعتقال المرشحين، ومنع عقد اللقاءات الانتخابية في القدس، ونحن لن نقبل بأي انتخابات دون القدس".
وترفض العديد من الكتل الانتخابية تأجيل الانتخابات بسبب عدم الرد الإسرائيلي على إجرائها في القدس، داعية إلى فرض الانتخابات في المدينة رغماً عن إرادة السلطات الإسرائيلية.
وقال هاني المصري، المرشح عن كتلة "الحرية" التي يرأسها ناصر القدوة، إن ترك قرار الانتخابات للإسرائيليين يعني إلغاء الانتخابات، مشيراً إلى أن إسرائيل لا تخفي عدم رغبتها في إجراء الانتخابات.
وأضاف أن "مشاركة القدس مسألة مهمة لكن كيفية المشاركة يجب أن تأتي بقرار فلسطيني وليس إسرائيلياً".
فرص فتح
وقال ناصر أبو خضير، المرشح عن كتلة "نبض الشعب" التابعة للجبهة الشعبية: "يجب عدم التسرع وإلغاء الانتخابات، علينا البحث عن توافق وطني على طريقة مشاركة المقدسيين في الانتخابات".
ويتهم العديد من الكتل حركة "فتح" باللجوء إلى خيار تأجيل الانتخابات بعد أن تبين لها أن فرص فوزها غير كبيرة.
وأضاف أبو خضير: "واضح أن هناك دوافع أخرى وراء من يطالبون بالتأجيل، هى قناعتهم بأن فرص نجاحهم في الانتخابات ضعيفة لذلك يتذرعون بالتصويت في القدس".
المطالبون بالتأجيل يعتبرون أن التنازل عن مشاركة المقدسيين في الانتخابات حتى لو كانت رمزية، تعني التخلي عن القدس، وقال أحمد مجدلاني: "إذا تنازلنا عن مشاركة القدس في الانتخابات فإن هذا يعني التنازل عن المدينة وقبول الأمر الواقع من إسرائيل".
وأضاف: "إذا قبلنا اليوم بإجراء الانتخابات دون القدس، فإن إسرائيل ستفرض علينا عدم مشاركة الأغوار التي تعتزم ضمها في الانتخابات المقبلة، فهل سنقبل ذلك".
حملة دولية
وبدأت السلطة الفلسطينية، في الأيام الماضية، حملة دبلوماسية دولية للضغط على إسرائيل من أجل السماح بإجراء الانتخابات في مدينة القدس بموجب البروتوكول الخاص بالمدينة في الاتفاقات الموقعة بين الجانبين.
وبدأ وزير الخارجية الدكتور رياض المالكي، الاثنين، جولة أوروبية لهذا الغرض، عقد خلالها اجتماعات مع وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، ووزير خارجية بلجيكا، ومن المقرر أن يصل الثلاثاء، إلى لندن، للاجتماع مع وزير الخارجية البريطاني، لكن الكثير من المؤشرات تظهر أن إسرائيل لن تستجيب لأي ضغوط دولية، خاصة في ظل هيمنة أحزاب اليمين على الخريطة السياسية.
وتطالب أحزاب اليمين في إسرائيل ليس فقط بإلغاء كل ما جاء في اتفاق "أوسلو"، بل وضم المزيد من أراضي الضفة الغربية، إلى جانب القدس التي جرى ضمها عقب احتلالها عام 1967، واعتبارها، من قبل الكنيست (البرلمان) عاصمة أبدية لدولة إسرائيل غير قابلة للتقسيم.
برتوكول القدس
وينص برتوكول القدس على مشاركة سكانها في الانتخابات الفلسطينية، والسماح لعدد رمزي منهم بالإدلاء بأصواتهم في 6 مراكز للبريد الإسرائيلي في المدينة، فيما يدلي الباقون بأصواتهم في التجمعات الفلسطينية القريبة من القدس والواقعة تحت السلطة الفلسطينية.
وقال الناطق باسم لجنة الانتخابات، فريد طعم الله، لـ"الشرق"، إن مراكز البريد الإسرائيلية تتسع لـ 6300 ناخب من القدس، فيما يدلي باقي أصحاب حق الاقتراع في المدينة الذين يبلغ عددهم 150 ألفاً، في مراكز الاقتراع في التجمعات الفلسطينية القريبة من القدس.
اقرأ أيضاً: