اعتبر الفيلسوف الروسي ألكسندر دوجين، أن "كل شيء يتجه نحو استخدام الأسلحة النووية، وربما تدمير البشرية"، وذلك في مقال بعنوان "تاكر وبوتين ونهاية العالم"، تعليقاً على مقابلة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الإعلامي الأميركي تاكر كارلسون في موسكو.
وفي إشارة إلى الدعم الغربي الكبير لأوكرانيا، وخاصة من الولايات المتحدة، في الحرب مع روسيا التي اندلعت في فبراير 2022، قال دوجين: "لقد هاجم الرئيس الأميركي جو بايدن، ومجانينه بشكل فعال قوة نووية عظمى من خلال أيادي الإرهابيين في كييف الذين أطلقوا العنان لهم، والبشرية على وشك الدمار. لا أكثر ولا أقل".
ووصف دوجين، كلاً من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، والإعلامي تاكر كارلسون، والملياردير الأميركي إيلون ماسك، إضافة إلى حاكم ولاية تكساس جريج أبوت، بأنهم "وجوه الثورة الأميركية التي تلوح في الأفق"، مؤكداً: "نحن في حالة حرب مع الغرب الليبرالي. لذا فلتكن هناك على الأقل صداقة مع الغرب المحافظ".
لماذا مقابلة بوتين محورية؟
واستهل دوجين مقاله الذي نشرته مجلة "أركتوس" بسؤال: "لماذا يُعتبر لقاء تاكر كارلسون محورياً لكل من الغرب وروسيا؟".
وأورد قائلاً: "لنبدأ بالجزء الأبسط وهو روسيا. وهنا، أصبح تاكر كارلسون نقطة محورية لاثنين من الأقطاب المتنافرة داخل المجتمع الروسي: الوطنيون الأيديولوجيون، والنخبة التي تروج لتقبُّل نمط حياة وقيم الغرب، والتي تظل مع ذلك موالية لبوتين والعملية العسكرية الخاصة (الحرب في أوكرانيا). وبالنسبة للوطنيين يُعد تاكر كارلسون ببساطة واحد منّا".
وقال إن "(كارلسون) تقليدي ومحافظ من اليمين، ومعارض قوي لليبرالية. وهذا ما يبدو عليه مبعوثو القرن الحادي والعشرين إلى القيصر الروسي. لا يتفاعل بوتين في كثير من الأحيان مع الممثلين البارزين للمعسكر المحافظ بشكل أساسي".
وتابع دوجين بقوله، إن الاهتمام الذي يوليه الكرملين له، "يوقظ المشاعر داخل قلب الوطنيين، مما يلهم استمرار المسار التقليدي المحافظ في روسيا نفسها. والآن أصبح الأمر ممكناً وضرورياً، فقد حددت القوة الروسية أيديولوجيتها".
ونوَّه إلى أنه "لقد شرعنا في هذا الطريق، ولن نحيد عنه. ومع ذلك، يخشى الوطنيون دائماً أن نفعل ذلك. ومن ناحية أخرى، تنهَّد الذين يروجون لتقبل نمط حياة وقيم الغرب بارتياح ولسان حالهم يقول: انظر، ليس كل شيء في الغرب سيئاً.. هناك أناس طيبون وموضوعيون، قلنا لكم دعونا نكون أصدقاء مع مثل هذا الغرب، وحتى لو كان بقية الغرب الليبرالي العالمي لا يريدون أن يكونوا أصدقاء، بل يقصفوننا فقط بالعقوبات، وبالصواريخ والقنابل العنقودية، ويقتل نساءنا وأطفالنا وكبار السن".
"حرب مع الغرب الليبرالي"
وأشار إلى أنه "نحن في حالة حرب مع الغرب الليبرالي، لذا فلتكن هناك على الأقل صداقة مع الغرب المحافظ. وهكذا، توصل الوطنيون الروس والذين يروجون لتقبل نمط حياة وقيم الغرب من الروس إلى إجماع في شخصية تاكر كارلسون".
ولفت إلى أن "تاكر كارلسون شخصية رمزية. إنه الآن الرمز الرئيسي لأميركا التي تكره (الرئيس جو) بايدن والليبراليين والعولمة، وتستعد للتصويت لصالح (المرشح الجمهوري والرئيس السابق دونالد) ترمب"، مشيراً إلى أن "ترمب وكارلسون و(الملياردير الأميركي إيلون) ماسك، بالإضافة إلى حاكم تكساس (جريج) أبوت، هم وجوه الثورة الأميركية التي تلوح في الأفق، وهذه المرة ثورة محافظة. تتواصل روسيا مع هذا المورد القوي بالفعل".
وأوضح دوجين، أن الأمر "لا يتعلق بدعم بوتين لترمب، والذي يمكن رفضه بسهولة في سياق الحرب مع الولايات المتحدة. إن زيارة كارلسون تدور حول شيء آخر. لقد هاجم بايدن ومجانينه بشكل فعال قوة نووية عظمى من خلال أيادي الإرهابيين في كييف الذين أطلقوا العنان لهم، والبشرية على وشك الدمار. لا أكثر ولا أقل".
وألمح إلى أن "وسائل الإعلام المعولمة تواصل الترويج لمسلسل من استوديوهات مارفل للأطفال، حيث يفوز سبايدرمان (الرئيس الأوكراني فولوديمير) زيلينسكي بشكل سحري بقوى خارقة وخنازير سحرية ضد دكتور إيفل (الشر) في الكرملين. ومع ذلك، هذا مجرد مسلسل رخيص وساذج. في الواقع، كل شيء يتجه نحو استخدام الأسلحة النووية، وربما تدمير البشرية".
"فرصة أخيرة"
وتحدَّث الفيلسوف الروسي المقرب من الكرملين، عن أن "تاكر كارلسون يجري فحصاً للواقع: هل يفهم الغرب ما يفعله، ويدفع العالم نحو النهاية؟ هناك بوتين حقيقي وروسيا حقيقية، وليس هذه الشخصيات والإعدادات المسرحية من مارفل. انظروا إلى ما فعله أنصار العولمة ومدى قربنا منها! لا يتعلق الأمر بمحتوى المقابلة مع بوتين. إنها حقيقة أن شخصاً مثل تاكر كارلسون يزور بلداً مثل روسيا للقاء شخصية سياسية مثل بوتين في مثل هذا الوقت الحرج".
وأردف: "قد تكون رحلة تاكر كارلسون إلى موسكو الفرصة الأخيرة لوقف اختفاء البشرية. إن الاهتمام الهائل بهذه المقابلة المحورية من البشرية نفسها، فضلاً عن الغضب المحموم واللاإنساني لبايدن والعولمة ومواطني العالم المُسْكرين بالتدهور، يشهد على وعي البشرية بخطورة الوضع".
واختتم مقاله بالقول، إنه "لا يمكن إنقاذ العالم إلا بالتوقف الآن. لذلك، يجب على أميركا اختيار ترمب، وتاكر كارلسون، وإيلون ماسك، وأبوت. ثم نحصل على فرصة للتوقف على حافة الهاوية. بالمقارنة مع هذا، كل شيء آخر ثانوي. لقد قادت الليبرالية، وأجندتها البشرية إلى طريق مسدودة. الخيار الآن هو: إما الليبراليون أو الإنسانية. اختار كارلسون الإنسانية، ولهذا السبب جاء إلى موسكو للقاء بوتين. لقد فهم العالم كله سبب مجيئه ومدى أهميته".