أعلن نواز شريف وعمران خان، رئيسا الوزراء السابقان في باكستان، الجمعة، الفوز بالانتخابات العامة التي أفسدها تأخير إعلان النتائج وهجمات مسلحين، وهو ما يلقي بالبلاد في أزمة سياسية أعمق.
وفاز حزب شريف بأكبر عدد من المقاعد لحزب واحد في الانتخابات التي أجريت الخميس، بينما فاز أنصار خان المسجون حالياً بأكبر عدد من المقاعد إجمالاً، وذلك بعد أن دخلوا الانتخابات كمرشحين مستقلين.
ودخل أنصار خان الانتخابات كمرشحين مستقلين بدلاً من ترشحهم في تكتل واحد، وذلك بسبب حظر حزب خان من دخول الانتخابات. وحصلوا على 98 مقعداً من 245 تم فرز أصواتهم، بحلول الساعة 18:30 بتوقيت جرينيتش.
وفي المقابل حصل حزب شريف على 69 مقعداً، في حين حصل حزب الشعب الباكستاني بقيادة بيلاوال بوتو زرداري، نجل رئيسة الوزراء التي اغتيلت بينظير بوتو، على 51 مقعداً، وحصلت أحزاب صغيرة ومستقلون آخرون على باقي المقاعد.
وحتى لو تأكدت هذه النتائج، فهذا لا يعني أن حركة الإنصاف الباكستانية بزعامة خان ستكون قادرة على تشكيل حكومة.
وفي حال فشلت الكتل الثلاث في الحصول على غالبية مطلقة، ينبغي على الفائز أن ينسج تحالفات، ما يعني أن كل الخيارات تبقى مفتوحة بالنسبة إلى تشكيل هذا الائتلاف.
وقال شريف من مقر حزبه في لاهور "ليس لدينا الغالبية لنشكل حكومة منفردين، لذا ندعو الأحزاب الأخرى والمرشحين الفائزين إلى العمل معنا".
وعاد شريف (74 عاماً) إلى باكستان في أكتوبر بعد أربعة أعوام في المنفى بلندن. ويقول مراقبون إنه يحظى بدعم الجيش، ومن جهة أخرى مُنعت "حركة الإنصاف الباكستانية" التي يتزعّمها خان من خوض الانتخابات التي جرت الخميس.
وفي الرسالة، التي عادة ما يتسلمها منه المحامون شفهياً، رفض خان ادعاء منافسه نواز شريف في وقت سابق الفوز في الانتخابات، وهنّأ خان أنصاره على "الفوز" بالانتخابات، ودعاهم إلى الاحتفال وحماية أصواتهم.
ولا يزال نجم الكريكت السابق يتمتع بشعبية واسعة بسبب مواقفه المناهضة للمؤسسات القائمة، رغم توليه الحكم وتسجيل تدهور في الوضع الاقتصادي عندما كان رئيساً للوزراء.
وتحدثت مفوضية الانتخابات عن "مشكلات في الإنترنت" لتبرير بطء عملية فرز الأصوات. وازدادت الشكوك في نزاهة الانتخابات، بسبب قطع السلطات للاتصالات ولخدمة الإنترنت عبر الهواتف النقالة طوال يوم الاقتراع. ويفاقم بطء عملية الفرز الشكوك من تلاعب ممكن في النتائج لا يصب بمصلحة حزب عمران خان.
كما أبدى بعض الناخبين غضبهم من خطوة تعليق خدمات الهواتف المحمولة. وقال مسؤولو لجنة الانتخابات إنهم تلقوا عدة شكاوى من أشخاص لم يتمكنوا من العثور على مراكز الاقتراع الخاصة بهم بسبب إغلاق شبكات الإنترنت.
"مزاعم تزوير"
وشككت الخارجية الأميركية الجمعة، في "القيود غير المبررة" التي فُرِضَت خلال العملية الانتخابية في باكستان، معربة عن قلقها لمزاعم بحصول تزوير، لكنها أبدت استعدادها للعمل مع أي حكومة مقبلة يتم تشكيلها.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر إن واشنطن تتطلع إلى "نتائج كاملة تصدر في الوقت المناسب، وتعكس إرادة الشعب الباكستاني"، وأضاف "ندين العنف الانتخابي (...) ونشعر بالقلق إزاء مزاعم التدخل في العملية الانتخابية. وينبغي التحقيق بشكل كامل في مزاعم التدخل أو التزوير".
وأعربت بريطانيا عن "قلق بالغ" حيال مجريات العملية الانتخابية في باكستان، وحضت السلطات على "احترام حقوق الإنسان الأساسية".
"انقلاب الأدوار"
وتذكر انتخابات الخميس باقتراع العام 2018، لكن مع انقلاب الأدوار. فحينذاك، استُبعد شريف من الترشح بسبب إدانته بالفساد في قضايا عدة، بينما وصل خان إلى السلطة بفضل دعم الجيش له وتمتعه بتأييد شعبي.
ونفى شريف خلال الإدلاء بصوته في ولاية لاهور الخميس، أن يكون قد عقد أي اتفاق مع الجيش ليعود إلى السلطة. وقال "في الواقع لم أواجه أبدًا أي مشاكل مع الجيش".
ونقلت وكالة "فرانس برس" عن المدير التنفيذي لمجموعة "غالوب باكستان" للاستطلاعات بلال غيلاني، قوله إن "تاريخ الانتخابات الباكستانية مليء باتهامات التزوير، لكن أيضاً محاباة حزب سياسي معين. شهد العام 2018 ظروفاً مشابهة جداً". وأضاف "إنها ديموقراطية موجّهة يديرها الجيش".
لكن بخلاف الانتخابات الأخيرة، حُذف اسم حزب المعارضة من بطاقات الاقتراع، ما أجبر مرشحي حركة إنصاف على الترشّح كمستقلين.
وحُكم على خان، لاعب الكريكت الدولي السابق الذي قاد باكستان للقب كأس العالم 1992، بالسجن لفترات طويلة بتهم الخيانة والفساد إلى جانب زواج غير شرعي.