السجن 24 عاماً بحق عمران خان.. إدانات حقيقية أم تصفية حسابات سياسية؟

time reading iconدقائق القراءة - 8
ضباط أمن يرافقون رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان أثناء مثوله أمام محكمة إسلام أباد العليا. 12 مايو 2023 - REUTERS
ضباط أمن يرافقون رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان أثناء مثوله أمام محكمة إسلام أباد العليا. 12 مايو 2023 - REUTERS
إسلام أباد-الشرق

تؤجج الملاحقات القضائية بحق رئيس وزراء باكستان السابق عمران خان، الوضع السياسي في إسلام أباد، خاصة أن البلاد على أبواب انتخابات عامة، والتي يتوقع أن يكون لهذه القضايا، انعكاس مباشر على نتائجها.

24 عاماً من السجن مجمل الأحكام الصادرة بحق عمران خان، حيث قضت محكمة المحاسبة الوطنية، الأربعاء، بالسجن 14 عاماً لكل من رئيس الوزراء السابق، الزعيم السابق لـ"حزب إنصاف"، وزوجته بشرى بيبي، في القضية المعروفة باسم "توشخانا"-مخزن الهدايا التابع للحكومة- والمتعلقة باتهامهما بالتصرف وبيع ممتلكات وهدايا تعود إلى مكتب رئيس وزراء باكستان، أثناء تقلد "خان" للمنصب.

وجاء الحُكم، في هذه القضية، بعد يوم واحد فقط من حكم بالسجن 10 أعوام، صدر من المحكمة الخاصة، التي تم إنشاؤها بموجب قانون الأسرار الرسمي، ضد خان، ووزير الخارجية السابق شاه محمود قريشي، في القضية التي باتت تعرف بـ"الرسالة المشفرة".

وتتعلق الوقائع برسالة وصلت إلى وزارة الخارجية، حينها، من قبل السفارة الباكستانية في واشنطن، والتي كانت تحوي معلومات عن عدم رضا الإدارة الأميركية عن أداء الحكومة الباكستانية، والتي امتنع حينها "قرشي، وخان"، عندما كانا في منصبيهما، عن إطلاع الجهات المعنية عليها، ومن ثم القيام بإفشاء أسرار هذه الرسالة بطريقة خارجة عن القانون، والقنوات الرسمية، ما اعتُبر إفشاءً لأسرار الدولة.

وتوضح التفاصيل الواردة من مقربين لعائلة خان، وحزب إنصاف، أن زوجة عمران خان، بشرى بيبي، سلمت نفسها إلى السلطات الباكستانية للبدء في إجراءات قضاء العقوبة، في تحرك وعلى ما يبدو أنه استسلام للقضاء، الذي يعتبر الآن، الجهة الأكثر قوة في المعادلة الداخلية الباكستانية.

كما تظهر التطورات الأخيرة، أن هناك استبعاداً كاملاً لأي صفقة سياسية داخلية بين عمران خان ومعارضيه من قيادات الأحزاب الأخرى، الذين لم يتخذوا أي قرار رافض لأي إجراء قضائي، في حقه، بل اعتبروا أن ما يحدث، هو "إجراءات قانونية كان لا بد من اتخاذها"، لا سيما وأن أنصار رئيس الوزراء السابق، اعتدوا على مقر القيادة العامة للجيش الباكستاني في مدينة راولبندي، ما اعتُبر، "إحراقٌ- من خان- لكل سفنه".

ويأتي توقيف خان، والتحقيق معه ومحاكمته، بناء على إجراءات هيئة المحاسبة الوطنية، التي أُنشأت لمحاسبة المسؤولين الحكوميين بدءاً من رئيس الوزراء، انتهاء بأصغر مسؤول حكومي.

وبالعودة إلى القرار القضائي الخاص بقضية الرسالة المشفرة، تشير المعلومات الواردة من اللحظات الأخيرة للتداول القضائي، إلى أن القاضي أبو الحسنات ذو القرنين، كان قد وجه سؤالا إلى عمران خان، عن مكان الرسالة المشفرة، ليقدمها إلى القضاء للاطلاع عليها، فرد خان أنه لا علم له بها، وأنه لا يملك الرسالة المشفرة.

رئيس "حزب إنصاف" ينتقد القضاء

رئيس حزب إنصاف، المحامي جوهر علي خان، قال في تصريح خاص لـ"الشرق"، إن "حقيقة القضايا الزائفة لا يمكن إنكارها، حتى لو حُكم على عمران وقريشي بالإعدام"، مؤكداً أن الحزب سيلجأ إلى المحكمة العليا للطعن على الحكم.

وحث "جوهر"، أنصار حزب إنصاف، على التزام الهدوء والسلمية، معرباً عن أمله في الحصول على العدالة من المحكمة العليا، ووجه كلمة لمؤيدي خان قائلاً: "لا يتعين على أحد أن  يكون عنيفاً، ولا أن يقوم حتى برمي حصاة، لأن ذلك سيُسْتَخْدَم، وتحويل القوى كلها، في انتخابات الثامن من فبراير"، ومن المقرر أن تُجرى الانتخابات العامة المقبلة، في الثامن من فبراير 2024.

كما حث "جوهر" أنصاره على عدم الانجراف وراء أي عمل "مخطط له مسبقاً"، مثل ذلك الذي حدث يوم 9 مايو، وهي الأحداث التي استهدف فيها مؤيدو خان، مقر القيادة العسكرية في مدينة راولبندي، للتعبير عن رفضهم لتوقيف عمران خان.

ويصف أنصار خان المحاكمة بـ"الصورية والهزلية"، حيث تعهد عدد كبيرٌ منهم، عبر مواقع التواصل الاجتماعي بـ"الانتقام"، من خلال التصويت للحزب في الانتخابات المقبلة. 

ردود فعل محاكمة خان

وفي أعقاب هذه التطورات القضائية، انتقد نواز شريف، رئيس حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية، عمران خان، واتهمه بتهديد سلامة البلاد، وأمنها، بعدما تحرك البرلمان ضده، "فيما هو حق قانوني ودستوري للبرلمان"، على حد قوله.

وقال "شريف"، الذي شغل منصب رئيس الوزراء لثلاث مرات انتهت كلها بالإطاحة به، إنه "كان على خان أن يتحمل نصيبه من الظلم لما فيه مصلحة البلاد"، مؤكداً أن "خان لم يتحمل ألم فقدان السلطة، لذا هاجم باكستان، وهو الآن يتلقى عقاب ذلك".

وفي كلمته أمام مؤتمر لعمال حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية، انتقد "نواز" سياسات عمران الاقتصادية، واتهمه بقيادة البلاد نحو الاضطرابات الاقتصادية، كما اتهمه بتدبير "مؤامرة مخزية" ضد البلاد، وتعريض الأمن القومي للخطر.

وفي سياق متصل، لانتقاد عمران خان، اعتبر القيادي في الجماعة الإسلامية في باكستان، سجاد كجر، أن ما حصل عليه رئيس الوزراء السابق وزوجته يظهر أن "هذا قضاء العدالة، والناس يرون أن هذا القرار عادل لا ضير فيه"، مشدداً أنه على الجميع أن يقبل هذا القرار.

في المقابل، رأت المحللة السياسية، مهوش خان، أنه تم تعجيل القضية "بشكل غريب"، لكنها اعتبرت أن ذلك بات في صالح عمران خان، لأن ما حدث دليل على "ضعف القضاء"، مشيرة إلى أن هذه القضية "دفعت بالكثيرين إلى التضامن مع  رئيس الوزراء السابق، وتأييده".

ولم ينصع خان بالكامل للقرارات القضائية، حيث قدم طعونا على الأحكام، إلى المحكمة العليا الباكستانية، كما عين محاميين للدفاع عنه، وبناء على ذلك، قال كبير محامي حزب إنصاف، سردار لطيف خوسا إن "قضية الرسالة المشفرة وهمية، ولن تستمر طويلًا".

وأضاف عبر منصة "X" أن "الأمة الباكستانية يجب ألا تفقد الأمل، ويجب على الجميع الإدلاء بأصواتهم في انتخابات الثامن من فبراير".

قضية الرسالة المشفرة

تعود قضية الرسالة المشفرة إلى عام 2022، حين قام عمران خان بعرض ورقة، علناً، خلال تجمع حاشد في إسلام أباد في 27 مارس من ذلك العام، مدعياً أنها دليل على "مؤامرة دولية" قبل أن يؤدي التصويت بحجب الثقة إلى الإطاحة بحكومته.

وبدأت وكالة التحقيقات الفيدرالية، إجراءاتها فيما يسمى بـ"الرسالة المشفرة" في 19 يوليو 2023، بعدما أعلنت الحكومة الائتلافية السابقة عن إجراء تحقيق رسمي ضد عمران ورفاقه المقربين بتهمة انتهاك قانون القنوات السرية.

أعقب ذلك القبض على عمران خان في 5 أغسطس، بعد إدانته في قضية التصرف غير الشرعي في هدايا وممتلكات مكتب رئيس الوزراء، وهي القضية التي عرفت باسم "توشخانا"، من قبل محكمة محلية في إسلام آباد، وتم توقيفه أيضاً في "قضية التشفير"، يوم 29 أغسطس من العام نفسه، حيث استمر بقاؤه في السجن إلى حين نطق القضاء بالحكم عليه.

ويبقى، أن أنظار الجميع، تتجه نحو الانتخابات المقبلة، وما ستشهده من تداعيات، نتيجة استمرار القضايا ضد خان، والذي يبدو أن مشكلاته، عبارة عن حلول، تريح غرماءه السياسيين، من منافسته في الانتخابات المرتقبة، إلا إذا كان لأنصاره، أو من يتعاطف معه، رأياً يجعل لغيابه ثقلاً، يوازي حضوره.

تصنيفات

قصص قد تهمك