قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، هانس جروندبرج، الأربعاء، إن تصاعد التوترات الإقليمية المرتبطة بالحرب في قطاع غزة، وبشكل خاص التصعيد العسكري في البحر الأحمر، أدى إلى "تباطؤ وتيرة جهود السلام في اليمن"، معرباً عن قلقه "إزاء تزايد التهديدات بالعودة إلى القتال".
وأوضح جروندبرج خلال جلسة أمام مجلس الأمن الدولي، أنه "في أواخر ديسمبر الماضي، التزمت الأطراف أمامي بوقف النار على مستوى البلاد، واتخاذ تدابير لتحسين الظروف المعيشية، واستئناف عملية سياسية داخل اليمن"، لافتاً إلى أن مكتبه عمل على "تفعيل هذه الالتزامات من خلال اتفاق خارطة طريق أممية".
وأكد المبعوث الأممي، أنه "لا يمكن النأي بجهود الوساطة في اليمن عما يحدث"، موضحاً أن "ما يحدث على المستوى الإقليمي يؤثر في اليمن، وما يحدث يمكن أن يؤثر في المنطقة".
ولفت إلى "تطورات مثيرة للقلق داخل اليمن"، موضحاً أن "المخاوف والاضطرابات تزداد على عدة جبهات". كما أعرب عن قلقه "إزاء تزايد التهديدات بالعودة إلى القتال".
ووصف جروندبرج، حجم التحديات الاقتصادية في جميع أنحاء البلاد بـ"الهائل"، قائلاً: "لم تُدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية بالكامل، خاصة في المناطق التي يسيطر عليها (جماعة) الحوثيين، ويواجه الناس في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة انقطاعات مطولة للكهرباء وارتفاعاً في الأسعار".
مطالب المبعوث الأممي لحل الأزمة اليمينة
- خفض التصعيد على المستوى الإقليمي.
- وقف الأطراف التحريض العلني والامتناع من استغلال الفرص العسكرية داخل اليمن.
- تركيز الأطراف المعنية على حماية التقدم الذي تحقق حتى التوصل إلى اتفاق.
وقدم المبعوث الأممي رؤيته "في ظل التحولات الراهنة"، إذ شدد على أن "هناك 3 أمور يجب أن تحدث: أولاً، نحتاج إلى خفض التصعيد على المستوى الإقليمي.. فقد دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، إلى وقف نار إنساني فوري في غزة، وأعرب قلقه الشديد إزاء امتداد أكبر لهذا الصراع".
وتابع: "ثانياً، يتعين على الأطراف اليمنية وقف التحريض العلني والامتناع من استغلال الفرص العسكرية داخل اليمن"، معتبراً أن "التصعيد هو خيار مكلف للغاية سيدفع ثمنه اليمنيون بالمزيد من فقدان الأرواح وسبل العيش".
وعن الأمر الثالث، قال جروندبرج: "لأن اليمن ليست مجرد ملحوظة هامشية في قصة إقليمية أوسع، فإن الأطراف المعنية بحاجة إلى إعادة تركيزهم على حماية التقدم الذي حُقق حتى التوصل إلى اتفاق".
ولفت جروندبرج إلى أن "الأطراف ما زالت بحاجة إلى المشاركة في بُنى حوارية مستدامة تحت رعاية الأمم المتحدة لتحقيق هذه الإجراءات ومعالجة غيرها من الأولويات".
مسار بديل
وشدد على أن "السلام هو مشروع سياسي، لذلك ينبغي أن يكون الأساس لكل ذلك هو عملية سياسية يمنية-يمنية ذات مصداقية ومدعومة دولياً"، مبيناً أن "هناك مساراً جاذباً وبديلاً عن المضي في الصراع والدمار الاقتصادي، ونعمل من أجل التوصل لاتفاق يسمح للأطراف بالالتقاء والتفاوض، وإحداث فارق في حياة اليمنيين".
وأشار إلى أن "الجميع في هذا المجلس يتمتع بنفوذ، وما تقولونه وما تفعلونه مهم، واليمن يستحق انتباهكم الكامل"، وأردف: "بالرغم من اختلاف وجهات النظر، إلا أن لديكم مسؤولية جماعية لحماية مسار الوساطة وضمان حصول اليمنيين على فرصة حقيقية للسلام".
وكان المبعوث الأممي إلى اليمن، أعلن في ديسمبر الماضي، توافقاً بين الأطراف اليمنية المتنازعة على خارطة طريق من عدة مراحل تفضي لاستعادة العملية السلمية، والحوار للتوصل إلى حل مستدام للأزمة اليمنية المستمرة على مدى 8 سنوات.
ووسط مخاوف من تأثيرها على عمليات السلام، دخلت القوات الأميركية والبريطانية مؤخراً في مواجهة مباشرة مع "الحوثيين"، حيث قصفت مرات عدة منذ الشهر الماضي، مواقع تابعة لهم.
وتأتي هذه الضربات رداً على هجمات ينفّذها "الحوثيون" منذ أكثر من شهرين، على سفن في البحر الأحمر وبحر العرب يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل فيما يعتبرونه دعماً لغزة.
ولم تلق الضربات التي شنتها الولايات المتحدة التي تقود تحالفاً بحرياً في منطقة البحر الأحمر، رواجاً لدى الوسطاء في الملف اليمني، بما في ذلك سلطنة عمان ومبعوث الأمم المتحدة وغيرهم، بسبب انعكاساتها الكارثية على جهود إنهاء الصراع في اليمن.
تقييد الملاحة في البحر الأحمر
وفي السياق ذاته، اتهم روبرت وود، نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، أمام مجلس الأمن، جماعة "الحوثي" بـ"تقييد الملاحة في البحر الأحمر"، موضحاً أن "هجمات الجماعة في البحر الأحمر ترفع كلفة السلع، بينما تضطر السفن للعبور من طريق رأس الرجاء الصالح حول قارة إفريقيا".
من جهتها، قالت مندوبة بريطانيا لدى مجلس الأمن، باربرا وودوارد، إنه "لا يوجد حل عسكري للنزاع في اليمن، ونشعر بتفاؤل حذّر تجاه السلام"، محذرةً من استمرار هجمات الحوثي "المزعزعة للاستقرار في البحر الأحمر"، وقالت إنها "تعرقل الملاحة في المنطقة، وتهدد بتصعيد إقليمي أكبر".
وتعليقاً على الضربات الأميركية البريطانية على مواقع للحوثيين، قالت المندوبة البريطانية: "ضربنا أهدافاً مرتبطة بأماكن هجومية حوثية في البحر الأحمر وملتزمون بعملية السلام في اليمن"، مشيرةً إلى التزام بلادها بإنفاق أكثر من 110 ملايين دولار هذا العام على المساعدات الإنسانية لليمن.
من جانبه، قال مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة عبد الله السعدي، خلال الجلسة، إن الحوثيين يمارسون "سياسة تجويع ضد الشعب، ولا يمكن السكوت عليها"، مطالباً "المنظمات الإنسانية بتحويل أموالها المقدمة لبلاده عبر البنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن".
وكان محمد عبد السلام، كبير المفاوضين الحوثيين، المتحدث باسم الجماعة أصر، في وقت سابق من الشهر الجاري، على أن عمليات الجماعة في البحر الأحمر "منفصلة" عن مسار عملية السلام في اليمن، معتبراً أن تلميحات الغرب بتهديد الحل في الداخل "محاولة ضغط".