قال مصدر دبلوماسي فرنسي في بيروت لـ"الشرق"، إن المسار التفاوضي بشأن وقف الأعمال العدائية على الحدود بين لبنان وإسرائيل، يمكن أن ينطلق عندما يصدر الرد اللبناني الرسمي على المقترح الفرنسي بشأن التهدئة.
ويعد ذلك أول رد فعل فرنسي على تصريح وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب بأنه يأمل أن يكون الرد اللبناني على المقترح الفرنسي منجزاً، خلال الأسبوع المقبل.
وأضاف المصدر الفرنسي أن مقترح بلاده هو تأكيد على إيمان فرنسا بإمكانية التوصل إلى حل دبلوماسي للوضع عند الحدود اللبنانية الإسرائيلية، مشيراً إلى أن الرد اللبناني المنتظر هو خطوة إضافية للتحرك إلى الأمام باتجاه ذلك الحل.
واعتبر أن "هذا الرد بحد ذاته يتضمن إشارات بالغة الدلالة على أن مؤسسات الدولة اللبنانية هي الجهة المخولة بالتفاوض، بعيداً عن الخطابات والتصريحات التي تطلقها القوى السياسية المتعددة في لبنان".
وذكر المصدر الفرنسي أن النقاط التي سيتناولها الرد اللبناني من شأنها أن تحدد آلية العمل الدبلوماسي المرتقب، بعد وقف الأعمال العدائية بين حزب الله وإسرائيل.
مساع فرنسية لعودة الاستقرار
وأوضح أن الاقتراح الفرنسي يسعى إلى إعادة الهدوء لجنوب لبنان بأسرع وقت ممكن؛ حرصاً على أرواح الناس وممتلكاتهم، ولإعادة أبناء القرى والبلدات إلى منازلهم، مؤكداً أن فرنسا لا تريد أن تتصاعد وتيرة العنف لتحدث بعدها الحلول السياسية.
وأضاف المصدر أن "فرنسا ونظراً إلى عمق الروابط التاريخية التي تجمعها بلبنان، تسعى جاهدة وبأقصى قوتها إلى تثبيت مسار التهدئة وصولاً إلى حل مستدام، انطلاقاً من القرار الأممي رقم 1701".
وأشار إلى "إيمان فرنسا بدور الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل في تثبيت الأمن في جنوب لبنان"، مؤكداً أن فرنسا تواصل مساعيها لدعم الجيش.
وقال إن تأجيل المؤتمر الذي كان من المفترض عقده نهاية فبراير في فرنسا لدعم الجيش اللبناني يرجع إلى أسباب لوجستية، غير أن باريس لن تتوانى عن تقديم العون للجيش اللبناني لكي يقوم بدوره في الجنوب، وأن فرنسا على ثقة بقيادة الجيش وبدوره في تعزيز الأمن في الجنوب وعلى الأراضي اللبنانية كافة.
ولفت المصدر الدبلوماسي إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لا يترك مناسبة أو محفلاً دولياً إلّا ويتحدث فيه عن لبنان، وعن أهمية إعادة الاستقرار إلى ربوعه، وكذلك مساعدته على كافة المستويات خصوصاً الاقتصادية.
والقرار (1701) جرى اتخاذه بالإجماع في مجلس الأمن في 11 أغسطس 2006، بهدف حل النزاع اللبناني الإسرائيلي، وقد وافق عليه الجانبان، وينص على وقف الأعمال العدائية بشكل كامل بين إسرائيل وجماعة "حزب الله"، وانسحاب جميع القوات من منطقة منزوعة السلاح بين الخط الأزرق ونهر الليطاني.
أفكار هوكشتاين
وفي شأن وجود رهانات لبنانية أو إسرائيلية على حلول يعمل عليها الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين للوضع عند الحدود اللبنانية الإسرائيلية، أكد المصدر الدبلوماسي الفرنسي أن بلاده لا تسعى إلى حلول تحت وطأه تصاعد وتيرة العنف، و"المزيد من الضربات التي نلاحظ بأنها تزداد يوماً بعد يوم وتتخطى كل قواعد الاشتباك على طرفي الحدود".
وأوضح أن باريس تريد حلاً سريعاً وعلى قواعد ثابتة، تبدأ بوقف الأعمال العدائية وانسحاب العناصر المسلحة إلى عمق عشرة كيلومترات، والتزام إسرائيل بالقرار 1701، والبحث في النقاط البرية المتنازع عليها عند الحدود، وتشكيل لجنة لهذا الغرض تضم فرنسا والولايات المتحدة ولبنان وإسرائيل.
ورأى أن الوضع في الجنوب اللبناني في ظل الأعمال العدائية بين الطرفين "لا يحتمل ترف الانتظار لإيجاد حلول لكل الأزمات الأمنية والسياسية والاقتصادية"، مضيفاً أن "المطلوب من الجميع التعاون لوقف العنف في هذه الأيام الصعبة".
الرد اللبناني "أول مارس"
وفي المقابل، أكد مصدر حكومي لبناني لـ"الشرق"، أن رد الحكومة اللبنانية على المقترح الفرنسي سيكون بداية مارس، فيما قال وزير الخارجية عبد الله بوحبيب بعد لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إنه يجري العمل على الرسالة والنقاط التي ستتناولها، أملاً أن يكون الرد لدى الفرنسيين الأسبوع المقبل.
وجدد وزير الخارجية اللبناني تأكيده أن موقف لبنان معروف "ونريد تطبيقاً كاملاً وشاملاً للقرار (1701) ومن ضمنه مزارع شبعا وتلال كفرشوبا".
وقال "نرحب بالدور الفرنسي، ولقد أعطانا الفرنسيون هذه الأفكار لأنه يهمهم لبنان وأمنه وسلامته".
كان وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه قد زار كلاً من لبنان وإسرائيل في مطلع فبراير، وقال مصدر دبلوماسي غربي لـ"الشرق" في ذلك الوقت إن تحرك الوزير الفرنسي اكتسب أهمية خاصة، بعدما انتهت إلى جملة أفكار واقتراحات من شأنها إذا حازت موافقة الطرفين، أن تضع حداً للصراع الجاري، وتثبت مسار التهدئة على الحدود المشتركة.
وزير الخارجية الفرنسي، الذي قال إن لبلاده مصالح مباشرة في لبنان حيث يوجد 20 ألفاً من المواطنين الفرنسيين، و700 جندي يشاركون في بعثة حفظ السلام جنوب لبنان، نقل إلى المسؤولين اللبنانيين أجواء، و"ليس رسالة تهديد تعبر عن الوضع المتوتر في الجانب الإسرائيلي"، ما دفعه إلى التخوف من احتمال حدوث تصعيد واسع نتيجة لضغط كبير في تل أبيب بعد نزوح أكثر من 100 ألف مستوطن من شمال إسرائيل، خوفاً من "حزب الله"، وقواته الموجودة عند الحدود، وفق المصدر.
واستمر الجيش الإسرائيلي في التصعيد ضد لبنان في الأيام الأخيرة، إذ شن، الاثنين، غارات على بعلبك شرقي لبنان في تصعيد هو الأول من نوعه منذ اندلاع المواجهات على الحدود بين الجانبين في أعقاب حرب غزة، إذ كانت تقتصر المواجهات على المناطق الحدودية فقط.