عقدت أبرز الدول المصدّرة للغاز اجتماعاً وزارياً في الجزائر، الجمعة، عشية قمة تعقد السبت، وتأتي في ظل أزمات دولية وإقليمية، تلقي بظلالها على أسواق الطاقة العالمية.
وسيطرت الدعوة إلى حماية صناعة الغاز من تداعيات التوترات الجيوسياسية، و"الانتقال العادل لطاقة منخفضة الكربون"، على الاجتماع الوزاري الاستثنائي، كما ناقش الوزراء "إعلان الجزائر" قبيل عرضه للمصادقة عليه في "قمة السبت".
ورجح وزير الطاقة الروسي نيكولاي شولجينوف، في تصريح نقلته "وكالة الأنباء الجزائرية"، أن يكون "إعلان الجزائر" تتويجاً لقمة مصدري الغاز، مضيفاً: "سيكون مهماً للغاية من حيث التنسيق حول البنية التحتية للغاز وكيفية حمايتها من أي حوادث، وكذلك من حيث تطوير سياسة المنتدى وإمكانية انضمام دول جديدة لهذه الهيئة الطاقوية".
وقال مدير التعاون الدولي بوزارة الطاقة الجزائرية سفيان أوفة، لـ"الشرق"، إن القمة السابعة لمنتدى الدول المصدرة للغاز "سيتوج بإعلان الجزائر الذي سيركز على التأكيد على دور الغاز الطبيعي في التحول الطاقوي على اعتباره طاقة نظيفة"، مضيفاً: "مقارنة بالطاقات الأخرى الأحفورية، سيكون الغاز أفضل مرافق لهذا التحول الطاقوي".
وأشار في حديثه إلى أن إعلان الجزائر سيتطرق إلى "تطوير التعاون في المجال التكنولوجي"، مشدداً على أن "من أهم مساعي الدول، ومن بينها الجزائر، هو دعم الاستثمارات في مجال البحث والاستكشاف عن الغاز الطبيعي، في وقت يتزايد فيه الطلب العالمي والمحلي عليه".
تحديات السوق
وتواجه صناعة الغاز تحديات مرتبطة بالتطورات الحالية للسوق، المتميزة بتذبذب الأسعار، بالإضافة إلى انعكاسات التوترات الجيوستراتيجية، وأبرزها الحرب الروسية الأوكرانية، وتوترات البحر الأحمر.
وفي هذا الشأن، قال الخبير الطاقوي شعيب بوطمين، في تصريح لـ"الشرق"، إن الصراعات الجيوستراتيجية الحالية "ألقت بظلالها على توريد الغاز"، معتبراً أن مسألة حماية منشآت الغاز، تفرض نفسها على طاولة منتدى الدول المصدرة للغاز، وذلك على خلفية تخريب خط أنابيب نورد ستريم للغاز ببحر البلطيق، والأزمة الراهنة في البحر الأحمر بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة، وتأثير كل ذلك على نقل شحنات الغاز.
بدوره، قال سفيان أوفة، إن المنتدى تطرق إلى موضوع الأمن الطاقوي بشطريه، شطر الإنتاج والاستغلال وتوفير الكميات، والشطر الثاني يتعلق بأمن المنشآت الغازية، والذي يدخل في إطار الأمن الطاقوي العالمي الذي يسعى المنتدى والجزائر إلى تأكيده.
"انتقال عادل للطاقة"
وخلال الاجتماعات، قال وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري سعد الكعبي، إن إمدادات الطاقة تشكل أكبر تحدٍ لمختلف الدول، في ظل النزاعات الجيواستراتيجية التي أدت إلى حالة من عدم اليقين للكثير من الدول التي تعمل على تحقيق النمو الاقتصادي.
كما اعتبر أنه من المهم للدول الأعضاء في المنتدى العمل على صياغة تصور موحد يضمن "انتقالاً طاقوياً عادلاً للجميع"، عن طريق الذهاب إلى الطاقات منخفضة الكربون، داعياً إلى تعزيز دور الغاز الطبيعي باعتباره "الوقود المفضل" في العالم.
وخلال كلمته الافتتاحية بالمنتدى، قال وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب إن القمة المقررة، السبت، ستناقش أهم القضايا المرتبطة بالتعاون في مجال تطوير ودعم دور الغاز الطبيعي، والمساهمة في تحقيق الأمن الطاقوي العالمي.
وأضاف الوزير الجزائري: "نجتمع في سياق تغيرات جيوسياسية وهيكلية كبيرة تشهدها أسواق الطاقة خاصة الغاز، مما يُوجب علينا دراسة ومعالجة القضايا الرئيسية التي من بينها التحول التدريجي إلى اقتصاد عالمي يعتمد على مصادر طاقة نظيفة، من أجل مواجهة التغير المناخي الذي يمثل تحدياً وفرصة في نفس الوقت".
"زيادة الاستثمار في الغاز"
وقال وزير الطاقة الجزائري، إنه من المتوقع أن يلعب الغاز الطبيعي الذي يعتبر طاقة المستقبل، دوراً أساسياً في "تحقيق انتقال طاقوي سلس وعادل على المدى البعيد، كما تبرزه وتؤكده عديد الدراسات، لا سيما تلك المنجزة من قبل منتدى الدول المصدرة للغاز".
كما اعتبر أن الاستثمار في موارد الغاز الطبيعي يتطلب كثافة عالية لرأس المال، لذا كان من الضروري إجراء حوار مستمر وجاد بين المنتجين والمستهلكين، لبناء رؤية استشرافية مشتركة تُقرّ بالدور المتنامي للغاز الطبيعي في مزيج الطاقة العالمي، باعتباره مصدراً مستداماً وتنافسياً، يضمن الأمن الطاقوي "شريطة تثمينه بشكل أفضل وعادل للجميع".
وعلى على هامش الاجتماع الوزاري، دعا وزير النفط الإيراني، جواد أوجي إلى زيادة الاستثمارات الموجهة لاستكشاف وتطوير صناعة الغاز، بحسب وكالة الأنباء الجزائرية.
ووفق مسؤولين جزائريين، تناقش قمة السبت، "التنمية المستدامة لصناعة الغاز، وتحسين البنية التحتية لنقل وتصدير الغاز، وتعزيز التعاون التجاري بين الدول الأعضاء"، كما تتناول تحديات صناعة الغاز وأمن الطاقة والمنشآت.
ارتفاع الطلب على الغاز 34% بحلول 2050
وأطلق منتدى الدول المصدرة للغاز، النسخة الثامنة من تقرير توقعات الغاز العالمية 2050، ويتوقع التقرير ارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي بنسبة 34%، مما يرفع حصته بشكل كبير في مزيج الطاقة العالمي من 23% الحالية إلى 26% بحلول عام 2050.
وأعلن الأمين العام للمنتدى محمد حامل، أن موريتانيا انضمت رسمياً إلى منتدى الدول المصدرة للغاز، فيما تم الموافقة على طلب السنغال الانضمام إلى المنتدى.
وأعلنت وزارة النفط في السنغال، الجمعة، أنّ البلاد التي تضم احتياطيات كبيرة من الغاز والنفط تم اكتشافها في السنوات الأخيرة، أصبحت رسمياً عضواً مراقباً في المنتدى.
وأكدت الوزارة في بيان أن السنغال وبانضمامها "كعضو مراقب إلى منتدى الدول المصدرة للغاز تَعبر مرحلة جديدة في اتجاه الاستغلال المسؤول لمواردها الطبيعية لصالح السكان".
يضمّ منتدى الدول المصدرة للغاز 13 عضواً دائماً، وهم: الجزائر، وبوليفيا، ومصر، وغينيا الاستوائية، وإيران، وليبيا، ونيجيريا، وقطر، وروسيا، وترينيداد وتوباغو، والإمارات العربية المتحدة، وفنزويلا وموريتانيا، فضلاً عن 7 أعضاء مراقبين، وهم: أنغولا، وأذربيجان، والعراق، وماليزيا، وموزمبيق، وبيرو والسنغال.
وبحسب المنتدى، يمتلك أعضاؤه 70% من احتياطات الغاز المؤكدة في العالم، وأكثر من 40% من الإنتاج المسوق، و47% من الصادرات عبر الأنابيب، وما يفوق نصف صادرات الغاز الطبيعي المسال على المستوى العالمي.