أشعلت الخلافات المتفاقمة بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مخاوف مسؤولين أمنيين كبار في تل أبيب، أعربوا لنتنياهو عن "خوفهم الحقيقي من الإضرار بالمساعدات لإسرائيل"، بحسب "القناة 13" الإسرائيلية.
وحذر مسؤولون كبار في المؤسسة الأمنية، حكومة الحرب الإسرائيلية من أن "الوضع مع إدارة بايدن يزداد سوءاً"، لافتين إلى أن هذا الوضع "قد يضر بالمساعدات في المستقبل"، كما أشاروا إلى "تفاقم التوترات" مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية المقررة في نوفمبر المقبل.
وقال عضو حكومة الحرب بيني جانتس، خلال زيارته لواشنطن، إن "الإدارة الأميركية معنا في الحرب ضد (حماس)، ولكن ليس في القضية الإنسانية"، موضحاً أن "الرأي العام يلعب دوراً حاسماً في هذا الأمر، وإذا كان علينا أن نقدم المزيد من المساعدات الإنسانية من أجل إبقاء الإدارة إلى جانبنا، فهذا هو الثمن الذي يتعين على إسرائيل أن تدفعه".
وجاء تحذير المسؤولين الأمنيين بعدما قالت نائبة الرئيس الأميركي كاملا هاريس، رداً على سؤال بشأن وقف المساعدات العسكرية لإسرائيل، على "أهمية التمييز بين حكومة إسرائيل ومواطنيها الذين يحق لهم التمتع بالأمن مثل الفلسطينيين".
وأضافت: "لقد قُتل عدد كبير جداً من الفلسطينيين منذ بداية الحرب"، داعيةً إسرائيل إلى "أن تفعل المزيد وتسمح بالمزيد من المساعدات الإنسانية".
واستقبلت نائبة الرئيس الأميركي ووزير الخارجية أنتوني بلينكن هذا الأسبوع في واشنطن، جانتس المعروف بتباين مواقفه مع نتنياهو.
وشدد مسؤولون أميركيون على أنهم لم يكونوا يتوددون إلى جانتس، لكنهم أقروا في محادثات مغلقة بأن الرئيس السابق لأركان الجيش الإسرائيلي، يسعى بشكل متزايد لتقديم نفسه كرئيس حكومة مقبل، بحسب وكالة "فرانس برس".
وتؤشر مواقف بايدن إلى أنه ضاق ذرعاً بنتنياهو مع تصاعد حدة الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، والانتقادات لإدارته حتى داخل الولايات المتحدة، ما يدفع إلى الاعتقاد بأن واشنطن قد تُقدم بشكل متزايد على اتخاذ خطوات أحادية بشأن الحرب، مع استبعاد أي تغيير جذري في دعمها لتل أبيب، بحسب "فرانس برس".
والولايات المتحدة هي الداعم الرئيسي سياسياً وعسكرياً لإسرائيل منذ اندلاع حرب غزة، حيث تقدّم السلاح والذخيرة، كما استخدمت حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي لمنع صدور قرار يطالب بوقف إطلاق النار.
إلا أن مواقف البيت الأبيض تعكس بعض التباين مع نتنياهو وحكومته التي تضم ممثلين لليمين المتطرف، خصوصاً مع استقبال خصمه جانتس في واشنطن، في زيارة أفادت تقارير بأنها لم تحظ بمواقفة رئيس الوزراء.
وبدا موقف بايدن من نتنياهو أكثر وضوحاً عندما سُمع يقول عبر ميكروفون مفتوح إنه سيجري نقاشاً صريحاً مع رئيس الوزراء بشأن الحرب في القطاع.
ورغم هذه التباينات، تجاهلت إدارة بايدن الذي يسعى هذا العام للفوز بولاية ثانية في البيت الأبيض، المطالبات المتزايدة من المناهضين للحرب لاستخدام أكثر أوراقها فعالية مع إسرائيل، أي الدعم العسكري، لانتزاع تنازلات منها بشأن حرب غزة.
وذكّر بايدن خلال خطاب "حال الاتحاد" أنه كان داعماً لإسرائيل طوال مسيرته السياسية، لكنه توجه إلى قيادتها بالقول: "لا يمكن للمساعدات الإنسانية أن تكون مسألة ثانوية أو ورقة مساومة، وإن حماية وإنقاذ أرواح الأبرياء يجب أن تكون الأولوية".
ووضعت حرب غزة المتواصلة منذ 5 أشهر، أكثر من مليوني شخص في قطاع غزة يشكّلون الغالبية العظمى من السكان، أمام خطر المجاعة، وفق الأمم المتحدة.
وفي رسالة مفتوحة، حض 37 نائباً من الحزب الديموقراطي بقيادة خواكين كاسترو هذا الأسبوع بايدن على استخدام "كل وسيلة في حوزتك" لضمان عدم استخدام إسرائيل الأسلحة الأميركية في أي هجوم بري محتمل على مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة، والتي لجأ إليها نحو 1,5 مليون نازح فلسطيني.
وقال مديرة برنامج الشرق الأوسط في مركز ويلسون البحثي في واشنطن ميريسا خورما، إن جهود الإغاثة التي بدأ بها الجيش الأميركي هي "محاولات الملاذ الأخير" لمساعدة الفلسطينيين.
وأضافت: "لكل من يشاهد الصور والتغطية للوضع المروع على الأرض (في غزة)، أعتقد أن هذا كان، مرة جديدة، مؤشراً على أن الولايات المتحدة يجب أن تتحرك إذا كان الإسرائيليون لا ينصتون".
ورأى الباحث في مجلس العلاقات الخارجية ستيفن كوك، أن "بايدن أخطأ التقدير في دعمه غير المحدود لإسرائيل من البداية"، موضحاً أن الرئيس الأميركي لم يحسن التقدير.
وأشار كوك إلى أنه في حين يتعرض بايدن لانتقادات من اليسار، بدأ أيضاً يلاقي انتقادات من داعمي إسرائيل الذين يعتبرون أنه ينحو بشكل متزايد نحو الفلسطينيين.
ولفت إلى أن "هذا عملياً وضع خاسر في الحالتين للرئيس، وسيتعين عليه وعلى مجموعته السياسية أن يختاروا أي مجموعة من الناخبين يريدون أن يثيروا غضبها أكثر".