أعلن أحد ممثلي إقليم كردستان بالمحكمة الاتحادية العليا في العراق، الثلاثاء، انسحابه منها لعدم تمكنه من الدفاع عن مصالح الإقليم.
وقال القاضي عبد الرحمن زيباري في مؤتمر صحافي: "منذ ما يقرب من 3 أعوام باشرت وظيفتي ومنصبي كقاض وعضو أصيل في المحكمة الاتحادية العليا كممثل لإقليم كردستان".
وأضاف: "لمست وجود نزعة في قرارات المحكمة المتتالية نحو العودة التدريجية إلى أسس النظام المركزي للحكم والابتعاد شيئاً فشيئاً عن أسس ومبادئ النظام الاتحادي من خلال توسيع نطاق الصلاحيات الحصرية للسلطات الاتحادية... على حساب السلطات الممنوحة للأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم".
وقالت المحكمة الاتحادية العليا في بيان، إن "إعلان انسحاب القاضي عبد الرحمن سليمان زيباري من عضوية المحكمة الاتحادية العليا لا يؤثر على سير العمل فيها لوجود 3 قضاة احتياط".
ومضى زيباري قائلاً: "ما لمسته في اتجاهات وقرارات المحكمة الاتحادية العليا وتفسيراتها لنصوص الدستور في الكثير من الدعاوى هو الاتجاه نحو التفسير الواسع الخارج عن السياق والذي قد يصل إلى مستوى التعديل الدستوري، وبما يشكل مساساً بالعديد من المبادئ الدستورية ومن ضمنها المبدأ الفيدرالي ومبدأ الفصل بين السلطات، وهذا ما أفقد جمود الدستور قيمته ومغزاه".
وأردف: "إصدار الأحكام والقرارات والتي تكون في معظمها بالأكثرية جعلت ممثلي إقليم كردستان (وهما قاضيان ضمن العدد الإجمالي لأعضاء المحكمة التسعة) عاجزين من الناحية العددية من تفادي صدور قرارات وأحكام تعتبر في نظرهما تمس حقوق الإقليم وكيانه الدستوري، الأمر الذي جعل تمثيلهما للإقليم ليس له قيمة حقيقية".
توضيحات من المحكمة
وتواجه المحكمة الاتحادية العليا انتقادات حادة من الطبقة السياسية في إقليم كردستان بسبب قرارات اتخذتها بشأن حق الحكومة الاتحادية في السيطرة على إدارة النفط وتصديره والواردات الداخلية، وكان آخرها الحكم بصرف رواتب موظفي الإقليم من الحكومة الاتحادية بشكل مباشر دون الرجوع إلى حكومة كردستان.
وفي هذا الخصوص اعتبرت المحكمة أن "آلية التوطين تتطلب فترة زمنية استناداً إلى كتاب وزارة المالية الاتحادية بخصوص تمويل الحساب"، وأضافت في بيان "لذا فإن من واجب حكومة إقليم كردستان التعاون والتنسيق مع وزارة المالية الاتحادية بهذا الصدد" معتبرة أن الهدف من "قرار المحكمة الاتحادية العليا من عملية توطين الرواتب تكمن بضمان حقوق الموظفين في الإقليم، وحفاظاً على قوتهم وتحقيق العدالة الاجتماعية".
وتابع البيان أنه "على وزارة المالية الاتحادية ووزارة المالية والاقتصاد في حكومة الإقليم ، الإسراع وبذل الجهود لتحقيق عملية التوطين، على أن يتم صرف رواتب الموظفين الباقين الذين لم تكتمل عملية توطين رواتبهم لأسباب فنية نقداً لحين استكمال عملية توطين الرواتب كاملةً".
وجاء قرار المحكمة الاتحادية العليا هذا، وهي أعلى سلطة قضائية في العراق، إثر دعوى تقدّم بها محامون وموظفون من السليمانية، ثاني أكبر مدن إقليم كردستان، حيث يقيم معلمون إضراباً ويتظاهرون منذ أسابيع نتيجة عدم تلقيهم مستحقاتهم للأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2023.
وألزم رئيس المحكمة جاسم العميري في الحكم الذي بثّه التلفزيون الرسمي، الحكومة في بغداد "بتوطين رواتب" جميع موظفي الإقليم بكافة الوزارات والمؤسسات العامة، فضلاً عن المتقاعدين والمستفيدين من الرعاية الاجتماعية، "لدى المصارف الحكومية الاتحادية العاملة خارج الإقليم".
وأوضح أن هذه المدفوعات "تخصم من حصة الإقليم المحددة بموجب قانون الموازنة لهذه السنة وللسنوات المقبلة". وأضاف القاضي أنه ينبغي على كل الجهات المعنية بهذه الآلية الجديدة "تنفيذ" القرار "دون الرجوع" إلى سلطات الإقليم.
ويلزم القرار كذلك أربيل "بتسليم جميع الإيرادات النفطية وغير النفطية إلى الحكومة الاتحادية"، فارضاً كذلك تدقيقاً على البيانات الخاصة بتلك الايرادات.