عرضت حركة "حماس"، على الوسطاء، تصوراً لوقف إطلاق النار في غزة يتضمن مرحلة أولى تشمل "الإفراج عن النساء والأطفال وكبار السن والمرضى من الإسرائيليين، مقابل الإفراج عن عدد يتراوح بين 700 إلى ألف أسير فلسطيني، منهم 10 من أصحاب المؤبدات والأحكام العالية"، حسبما أكدت مصادر مطلعة لـ"الشرق".
وقالت مصادر مطلعة على المفاوضات، وبينها مصادر في "حماس" لـ"الشرق"، إن رد الحركة قضي بالاتفاق لوقف إطلاق النار، وتبادل المحتجزين من الجانبين على مرحلتين، ويشمل رد "حماس"، "الإفراج عن 42 من النساء والأطفال وكبار السن والمرضى ممن المدنيين الإسرائيليين، وعدد من المجندات الإسرائيليات؛ مقابل الإفراج عن عدد يتراوح بين 20 إلى 30 أسيراً فلسطينياً مقابل كل أسير ومحتجز إسرائيلي".
وأضافت المصادر، أن الرد يشتمل أيضاً على "إطلاق سراح نحو 50 أسيراً فلسطينياً من ذوي المحكوميات (الأحكام) العالية (لا مانع أن تحددهم إسرائيل وفق المعايير والفئات المنصوص عليها بالاتفاق المقترح)".
كما يشمل التصور، "الانسحاب العسكري من كافة المدن والمناطق المأهولة في قطاع غزة، وعودة النازحين دون قيود، وفق آليات حرية الحركة، مع توفير المساعدات الإغاثية لإقامة النازحين في بيوتهم ومناطقهم، كذلك تدفق المساعدات بما لا يقل عن 500 شاحنة يومياً من المساعدات الغذائية والطبية، والوقود لتشغيل المستشفيات والمخابز ومحطات المياه وعمل البلديات".
وتتضمن المرحلة الثانية، وفق المصادر المطلعة لـ"الشرق"، الاتفاق على تبادل شامل للأسرى، وتشتمل هذه المرحلة إطلاق سراح كافة الأسرى الضباط والجنود الإسرائيليين، والقتلى لدى "حماس" والفصائل الفلسطينية، مقابل عدد يتم الاتفاق بشأنه من الأسرى الفلسطينيين؛ "لكن لا يقل عن عدة آلاف يتضمن ذوي المحكوميات العالية، ومنهم عدد من كبار القادة مثل مروان البرغوثي، وأحمد سعدات، وتشتمل هذه المرحلة على الانسحاب العسكري الكامل من القطاع، وآليات إعادة الإعمار، وإنهاء الحصار وفتح المعابر".
وأشارت المصادر إلى أنه "ستتولى مصر وقطر مع الولايات المتحدة متابعة وضمان تطبيق الاتفاق وإعلانه (حال موافقة إسرائيل)".
ووفقاً للمقترح، الذي اطلعت عليه "رويترز"، قالت "حماس" إنها "ستوافق على موعد لوقف دائم لإطلاق النار بعد أول تبادل للرهائن بالأسرى"، مشيرة إلى أن "الموعد النهائي للانسحاب الإسرائيلي من غزة سيتم الاتفاق عليه بعد المرحلة الأولى".
قيادي في "حماس": أبدينا "مرونة كبيرة"
وقال مصدر قيادي في حركة "حماس" الفلسطينية لـ"الشرق"، إن الحركة أبدت "مرونة كبيرة في ملف تبادل الأسرى، من حيث الأعداد والفئات"، من خلال التصور الشامل الذي قدمته للوسطاء في مصر وقطر للتوصل إلى اتفاق في قطاع غزة، بما يحقق صفقة تبادل أسرى "مشرفة وواقعية".
وأضاف المصدر، أن التصور الذي سيتم عرضه على الإدارة الأميركية عبر الوسطاء، يتسم بمرونة كبيرة في سبيل التوصل إلى اتفاق هدنة في القطاع.
وأعلنت "حماس"، في بيان، الخميس، أنها قدمت للوسطاء في مصر وقطر، تصوراً شاملاً للاتفاق مع إسرائيل بما في ذلك ملف تبادل الأسرى والمحتجزين، لافتةً إلى أنه يرتكز على "المبادئ والأسس التي تعتبرها ضرورية للاتفاق".
وأوضحت أن هذه المبادئ والأسس تشمل وقف الحرب على قطاع غزة، وتقديم الإغاثة والمساعدات لسكانه، وعودة النازحين إلى ديارهم، وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع.
وكان رئيس المكتب السياسي لـ"حماس"، إسماعيل هنية، قال إن الفرصة متاحة للتوصل إلى اتفاق متعدد المراحل بشأن وقف الحرب في قطاع غزة، إذا تخلت حكومة إسرائيل عن ما سماه "تعنتها".
"انسحاب تدريجي"
وبشأن ملف الانسحاب العسكري قال القيادي في "حماس" لـ"الشرق"، إن التصوّر تضمن مطلباً بانسحاب القوات الإسرائيلية من كافة المناطق المأهولة والمدن، بما يمكن النازحين من العودة دون قيود في المرحلة الأولى، على أن يكون الانسحاب كاملاً في النهاية من كافة أنحاء قطاع غزة بما يشمل المناطق الحدودية.
وركزت الحركة في تصورها على ضمان تدفق المساعدات بما يضمن إدخال ما لا يقل عن 500 شاحنة مساعدات يومياً والوقود بكميات كافية لتشغيل المستشفيات والمخابز ومحطات المياه، وفقاً للمصدر.
واعتبر المصدر أن التوصل لاتفاق مع إسرائيل "يتوقف الآن على موقف الاحتلال ومدى الضغط الأميركي على (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو وحكومته، للموافقة على هذه النقاط والشروط التي تحقق الاتفاق وتراعي كافة الظروف".
وشددت الحركة على ضمان آليات إعمار القطاع، وتوفير حلول إغاثية عاجلة لمن فقد بيته كلياً أو جزئياً لضمان حياة كريمة.
وتابع المصدر: "إذا أوقف نتنياهو التعطيل والمماطلة يصبح التوصل لاتفاق قريباً، ويصبح حينها بإمكان الوسطاء إعلان الاتفاق".
نتنياهو: "تغيير إيجابي"
من جانبه، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال لقائه مع ممثلي عائلات المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، أنه ما زال بانتظار "رد حقيقي" من "حماس"، لافتاً إلى ما وصفه بـ"تغيير إيجابي"، يتمثل في الضغط الذي تمارسه قطر على الحركة الفلسطينية.
وقال نتنياهو وفق بيان أصدره مكتبه، في مستهل اللقاء: "نحن ملتزمون بإعادتهم جميعاً. حتى إذا كنا نتجه لنظام متعدد المراحل إنه يشمل الجميع، بمن فيهم ضحايانا، وكذلك المختطفين والمختطفات".
وأضاف: "كان يسعدني لو كنت أستطيع أن أزف لكم بشرى سارة اليوم، لكن حتى هذه اللحظة لم يردنا رد حقيقي من حماس، الذين ما زالوا يتمسكون بمطالب غير مقبولة".
وتابع: "وبعد الضغط الذي مارسته الحكومة وبفضل مساعدتكم أيضاً نلاحظ لأول مرة ضغطاً قطريا على حماس"، موضحاً: "حالياً نشهد تغييراً يتمثل في الضغط الذي تمارسه قطر. وهو الأمر الإيجابي الذي يمكنني التنويه إليه".
وأشار إلى أن "الضغط القطري بدأ يؤدي مفعوله. حيث بدأت قطر تقول لهم: نحن سنقوم بترحيلكم، وسنحول دون وصول الأموال إليكم، إنها أشياء قيلت وقد تأكدنا من قولها فعلاً. وهو تغيير وأمر إيجابي"، مضيفاً: "وإذا قال لكم أحد إنني غير معني بإبرام صفقة، وإنه يتم السعي لإفشالها فهذا هراء".
"اقتراح قوي"
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قال، الأربعاء، إن "هناك اقتراحاً قوياً الآن لوقف إطلاق النار في غزة، والسؤال هو ما إذا كانت حماس ستقبل به"، مؤكداً أن الولايات المتحدة منخرطة بشكل مكثف كل يوم وكل ساعة لتحقيق وقف لإطلاق النار.
كما وضعت الولايات المتحدة، الخميس، اللمسات النهائية على صياغة مشروع قرار تعتزم تقديمه لمجلس الأمن الدولي بشأن حرب إسرائيل و"حماس" في غزة.
وعادة ما تكون هذه آخر خطوة قبل طلب التصويت على النص الذي سيدعم الجهود الدولية للتوسط في وقف فوري لإطلاق النار في إطار اتفاق للإفراج عن الرهائن.
والمسودة النهائية لمشروع القرار الأميركي، "تدعم بشكل لا لبس فيه الجهود الدبلوماسية الدولية لتنفيذ وقف فوري ومستدام لإطلاق النار في إطار اتفاق للإفراج عن الرهائن وللسماح بتعزيز السلام الدائم لتخفيف المعاناة الإنسانية".
ولم يتضح على الفور التوقيت الذي ستطلب فيه الولايات المتحدة من مجلس الأمن الدولي، التصويت على النص الذي جرى التفاوض عليه على مدى الشهر المنصرم.
والقرار بحاجة إلى تأييد 9 دول على الأقل وعدم استخدام حق النقض "الفيتو"، من الولايات المتحدة، أو فرنسا، أو بريطانيا، أو روسيا، أو الصين من أجل اعتماده.
وقد تجري الولايات المتحدة تعديلات إضافية على المشروع. وتريد الولايات المتحدة ربط أي دعم مقدم من مجلس الأمن الدولي لوقف إطلاق النار بالإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم "حماس".