أعلن "الديمقراطي الكردستاني"، الحزب الحاكم في إقليم كردستان العراق، الاثنين، مقاطعته لانتخابات الإقليم البرلمانية المقررة في يونيو المقبل، وذلك اعتراضاً على قرار للمحكمة الاتحادية العراقية بشأن قانون الانتخابات.
وكانت رئاسة الإقليم التي يتولاها الحزب الديمقراطي الكردستاني، أعلنت مطلع مارس، أن الانتخابات سوف تجري في 10يونيو بعد إرجائها مراراً نتيجةً لخلافات سياسية بين الحزبين الرئيسيين في الإقليم، وخلافات مع بغداد.
وأصدرت المحكمة الاتحادية العليا وهي أعلى سلطة قضائية بالعراق في 21 فبراير، قراراً حدّدت فيه عدد أعضاء برلمان الإقليم بـ100 عضو بدلاً عن 111، وتسليم المفوضية العليا للانتخابات إدارة انتخابات الإقليم بدلاً من هيئة أخرى محلية.
وأعلن الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتولى كذلك رئاسة حكومة الإقليم ويملك الغالبية في البرلمان الحالي، في بيان "عدم الاشتراك في انتخاب يجري خلافاً للقانون والدستور وتحت مظلة نظام انتخابي مفروض".
وبرّر الحزب قراره بأنه لا يريد "إضفاء الشرعية على انتخاب غير دستوري وغير ديمقراطي"، منتقداً "جميع الخروقات الدستورية التي تمارس من قبل المحكمة الاتحادية ضد إقليم كردستان ومؤسساته الدستورية عامة".
وانتقد "التعديلات غير الدستورية لقانون انتخاب الدورة السادسة لبرلمان كردستان"، لا سيما "في المواد الخاصة بتحديد نظام الدوائر الانتخابية وكوتا (حصص) المكونات وعدد المقاعد والجهة المشرفة على الانتخاب والجهة المختصة بالبت في الطعون الانتخابية".
وهدد الحزب الديمقراطي الكردستاني كذلك بالانسحاب من العملية السياسية في بغداد ما لم يتم "تطبيق الدستور". ويضفي قرار الانسحاب مزيداً من التعقيد على انتخابات كانت معطّلة أساساً.
وكانت أحزاب تمثّل الأقليات المسيحية والتركمانية أعلنت كذلك مقاطعتها للانتخابات خصوصاً بسبب إلغاء الحصة الخاصة بها.
استقالة احتجاجية
وفي فبراير الماضي، أثارت المحكمة الاتحادية العليا جدلاً واسعاً عندما أمرت الحكومة المركزية في بغداد بدفع رواتب موظفي إقليم كردستان مباشرة بدون إرسالها إلى سلطات الإقليم المتمتع بحكم ذاتي.
وجاء القرار بعد دعوى تقدم بها محامون وموظفون من السليمانية، ثاني أكبر مدن إقليم كردستان حيث دخل المعلمون في إضرابات ومظاهرات طيلة أسابيع احتجاجاً على عدم تلقيهم مستحقاتهم للأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2023.
وعقب هذا القرار أعلن أحد ممثلي الإقليم بالمحكمة الاتحادية انسحابه منها لعدم تمكنه من الدفاع عن مصالح كردستان.
وقال القاضي عبد الرحمن زيباري في مؤتمر صحافي: "منذ ما يقرب من 3 أعوام باشرت وظيفتي ومنصبي كقاض وعضو أصيل في المحكمة الاتحادية العليا كممثل لإقليم كردستان".
وأضاف: "لمست وجود نزعة في قرارات المحكمة المتتالية نحو العودة التدريجية إلى أسس النظام المركزي للحكم والابتعاد شيئاً فشيئاً عن أسس ومبادئ النظام الاتحادي من خلال توسيع نطاق الصلاحيات الحصرية للسلطات الاتحادية... على حساب السلطات الممنوحة للأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم".
وأردف: "إصدار الأحكام والقرارات والتي تكون في معظمها بالأكثرية جعلت ممثلي إقليم كردستان (وهما قاضيان ضمن العدد الإجمالي لأعضاء المحكمة التسعة) عاجزين من الناحية العددية عن تفادي صدور قرارات وأحكام تعتبر في نظرهما تمس حقوق الإقليم وكيانه الدستوري، الأمر الذي جعل تمثيلهما للإقليم ليس له قيمة حقيقية".
ومضى زيباري قائلاً: "ما لمسته في اتجاهات وقرارات المحكمة الاتحادية العليا وتفسيراتها لنصوص الدستور في الكثير من الدعاوى هو الاتجاه نحو التفسير الواسع الخارج عن السياق والذي قد يصل إلى مستوى التعديل الدستوري، وبما يشكل مساساً بالعديد من المبادئ الدستورية ومن ضمنها المبدأ الفيدرالي ومبدأ الفصل بين السلطات، وهذا ما أفقد جمود الدستور قيمته ومغزاه".
المحكمة في قلب الصراع
وتواجه المحكمة الاتحادية العليا انتقادات حادة من الطبقة السياسية في إقليم كردستان بسبب قرارات اتخذتها بشأن حق الحكومة الاتحادية في السيطرة على إدارة النفط وتصديره والواردات الداخلية، وكان آخرها الحكم بصرف رواتب موظفي الإقليم من الحكومة الاتحادية بشكل مباشر دون الرجوع إلى حكومة كردستان.
وفي هذا الخصوص اعتبرت المحكمة أن "آلية التوطين تتطلب فترة زمنية استناداً إلى كتاب وزارة المالية الاتحادية بخصوص تمويل الحساب"، وأضافت في بيان: "لذا فإن من واجب حكومة إقليم كردستان التعاون والتنسيق مع وزارة المالية الاتحادية بهذا الصدد"، معتبرة أن الهدف من "قرار المحكمة الاتحادية العليا من عملية توطين الرواتب تكمن في ضمان حقوق الموظفين بالإقليم، وحفاظاً على قوتهم وتحقيق العدالة الاجتماعية".
ويهيمن الحزبان الكبيران المتخاصمان، الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، على الحياة السياسية في الإقليم.
وفيما يتولى الديمقراطي الكردستاني رئاسة الإقليم ورئاسة الحكومة فيه، في المقابل، ومنذ سقوط صدام حسين في العام 2003، كان جميع رؤساء جمهورية العراق من الاتحاد الوطني الكردستاني.
وفي البرلمان الحالي، يملك الحزب الديمقراطي الكردستاني الغالبية مع 45 مقعداً، يليه الاتحاد الوطني الكردستاني مع 21 مقعداً. ولم يحدّد الاتحاد الوطني الكردستاني موقفه من الانتخابات بعد.
وغالباً ما تختلف حكومة الإقليم مع الحكومة المركزية في بغداد بشأن حصة أربيل من الموازنة، وكذلك إدارة صادرات الموارد النفطية التي مصدرها الإقليم.