كردستان العراق: المحكمة العليا أعطت نفسها صلاحيات لم ترد بالدستور

time reading iconدقائق القراءة - 8
وزير العدل في حكومة إقليم كردستان العراق فرست أحمد عبد الله - رووداو
وزير العدل في حكومة إقليم كردستان العراق فرست أحمد عبد الله - رووداو
دبي-AWPأ ف ب

اتهم وزير العدل بإقليم كردستان العراق أحمد فرست، الأربعاء، المحكمة الاتحادية العليا بالانحياز والانحراف عن الدستور وحمّلها مسؤولية انسحاب القاضي عبد الرحمن زيباري، أحد ممثلي الإقليم من هيئتها في قرار جاء احتجاجاً على قرارها بصرف رواتب موظفي الإقليم من الحكومة الاتحادية بشكل مباشر دون الرجوع إلى حكومة كردستان.

وقال فرست في مقابلة مع وكالة أنباء العالم العربي AWP: "المحكمة الاتحادية العليا أعطت نفسها صلاحيات لم ترد بالدستور تتجاوز على مبدأ الفصل بين السلطات، وتجاوزت على سلطات تشريعية لبرلمان كردستان، كما تجاوزت السلطة التنفيذية، في حين أن صلاحياتها الحصرية محددة بالمادة 110 من الدستور والتي تبين بشكل واضح مهامها وصلاحياتها واختصاصاتها".

وأشار الوزير إلى ما اعتبر أنها تجاوزات واضحة من المحكمة الاتحادية، وقال إنها "ألغت مواداً من قانون الانتخاب الخاص ببرلمان كردستان، وأحيت مواداً ملغية أصلاً بالبرلمان. وهذا بحد ذاته تجاوز لأن هذا من اختصاص السلطة التشريعية لإقليم كردستان العراق". 

وأضاف أنه حتى بالنسبة للقضايا الاتحادية مثل انتخاب وتعيين رئيس برلمان العراق الاتحادي، فإن هذا اختصاص مجلس النواب العراقي وليس المحكمة الاتحادية، مؤكداً أنه لا يوجد نص يشير إلى أن هذا الأمر هو ضمن اختصاصاتها المحددة حصراً بالمادة 110.

وتابع: "ألغت المحكمة الاتحادية العليا أيضاً قانون النفط والغاز الخاص بإقليم كردستان قبل سنتين تقريباً، في حين أن القانون لا يحتوي على أي مخالفة للدستور العراقي، دستور سنة 2005، كما أنه كان بإمكانها تحديد المواد المخالفة، لكنها ألغت القانون جملة وتفصيلاً". 

ومضى قائلاً إن المحكمة الاتحادية "ألغت المقاعد الخاصة بالمكونات القومية ببرلمان كردستان، في حين أن نفس الحالة موجودة بمجلس النواب العراقي ولم تتطرق لها".

انسحاب القاضي زيباري

وعن إعلان القاضي سليمان زيباري انسحابه من هيئة المحكمة الثلاثاء، حمَّل وزير العدل بإقليم كردستان المحكمة الاتحادية العليا مسؤولية هذه الخطوة قائلاً "هذا القاضي يمثل إقليم كردستان في المحكمة الاتحادية، وعندما يجد أن هناك قرارات تصدر دون أن يكون له دور في مناقشتها ودون أن يكون له صوت مسموع بالمحكمة رغم أن لديه دكتوراه في القانون الدستوري فمن المفترض أن يتخذ موقفاً. وعندما كررت المحكمة مواقفها ووصلت إلى حد أن قراراتها تُعتبر تعديلاً للدستور، وهذا  غير منطقي وغير قانوني، اتخذ موقفاً".

ويرى فرست أن موقف زيباري بالانسحاب "لن يؤثر من الناحية الإجرائية، لأن المحكمة لديها حسب اعتقادي 3 أو 4 أعضاء احتياط، لكن من ناحية أخرى فإن موقفه يلفت نظر المحكمة إلى إجراءاتها، لعل وعسى أن تتوقف عن هذا النهج".

وزاد: "زيباري يمثل إقليماً، لذلك إذا وجد نفسه أنه لا يستطيع تأدية واجبه المطلوب منه في الدفاع عن حقوق الإقليم وصلاحياته واختصاصاته الدستورية فمن المفترض أن يتخذ موقفاً، وهو اختار هذا الموقف".

وقال زيباري في مؤتمر صحافي الثلاثاء: "لمست وجود نزعة في قرارات المحكمة المتتالية نحو العودة التدريجية إلى أسس النظام المركزي للحكم والابتعاد شيئاً فشيئاً عن أسس ومبادئ النظام الاتحادي من خلال توسيع نطاق الصلاحيات الحصرية للسلطات الاتحادية... على حساب السلطات الممنوحة للأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم".

وذكرت المحكمة الاتحادية العليا في بيان أن "إعلان انسحاب القاضي عبد الرحمن سليمان زيباري من عضوية المحكمة الاتحادية العليا لا يؤثر على سير العمل فيها لوجود 3 قضاة احتياط".

رواتب موظفي الإقليم

وتواجه المحكمة الاتحادية العليا انتقادات حادة من الطبقة السياسية في إقليم كردستان بسبب قرارات اتخذتها بشأن حق الحكومة الاتحادية في السيطرة على إدارة النفط وتصديره والواردات الداخلية، وكان آخرها الحكم بصرف رواتب موظفي الإقليم من الحكومة الاتحادية بشكل مباشر دون الرجوع إلى حكومة كردستان.

وفي هذا الصدد اعتبرت المحكمة أن "آلية التوطين تتطلب فترة زمنية استناداً إلى كتاب وزارة المالية الاتحادية بخصوص تمويل الحساب"، وأضافت في بيان: "لذا فإن من واجب حكومة إقليم كردستان التعاون والتنسيق مع وزارة المالية الاتحادية بهذا الصدد" معتبرة أن الهدف من "قرار المحكمة الاتحادية العليا من عملية توطين الرواتب تكمن بضمان حقوق الموظفين في الإقليم، وحفاظاً على قوتهم وتحقيق العدالة الاجتماعية".

وجاء قرار المحكمة الاتحادية العليا هذا، وهي أعلى سلطة قضائية في العراق، إثر دعوى تقدّم بها محامون وموظفون من السليمانية، ثاني أكبر مدن إقليم كردستان، حيث يقيم معلمون إضراباً ويتظاهرون منذ أسابيع نتيجة عدم تلقيهم مستحقاتهم للأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2023.

وألزم رئيس المحكمة جاسم العميري في الحكم الذي بثّه التلفزيون الرسمي، الحكومة في بغداد بـ"توطين رواتب" جميع موظفي الإقليم بكافة الوزارات والمؤسسات العامة، فضلاً عن المتقاعدين والمستفيدين من الرعاية الاجتماعية، "لدى المصارف الحكومية الاتحادية العاملة خارج الإقليم".

ويلزم القرار كذلك أربيل "بتسليم جميع الإيرادات النفطية وغير النفطية إلى الحكومة الاتحادية"، فارضاً كذلك تدقيقاً على البيانات الخاصة بهذه الإيرادات.

"استمرار الحوار بين بغداد وأربيل"

وقال المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء في بيان نقلته وكالة الأنباء العراقية، إن "رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، استقبل رئيس وأعضاء كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في مجلس النواب، وشهد اللقاء بحث الأوضاع العامة في البلاد، بما فيها الأوضاع في إقليم كردستان العراق".

وأضاف أن "السوداني جدد تأكيداته على أهمية تكامل العمل ما بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، من أجل دعم البرنامج الحكومي الذي يهدف إلى تحسين الخدمات والإصلاح والنهوض بالواقع المعيشي والاقتصادي للمواطنين في جميع أنحاء العراق".

وأشار السوداني- بحسب البيان- إلى "المواضيع المشتركة ما بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، وأهمية استمرار الحوار من أجل معالجتها، وفق ما نصّ عليه الدستور".

انتخابات في الطريق

ومطلع مارس الجاري، أعلنت رئاسة إقليم كردستان العراق تحديد 10 يونيو موعداً جديداً للانتخابات البرلمانية في الإقليم والتي كانت مقررة في فبراير، وذلك بعد إرجائها مراراً نتيجة خلافات سياسية بين الحزبين الرئيسيين.

وفي أكتوبر 2022، مدّد برلمان الإقليم مدة دورته عاماً إضافياً، على خلفية نزاعات سياسية بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، بشأن كيفية تقسيم الدوائر الانتخابية.

وبعد ذلك، حُددت الانتخابات في 18 نوفمبر 2023، لكن مفوضية الانتخابات العراقية طلبت إرجاءها من جديد لقرب موعدها من موعد انتخابات مجالس المحافظات في العراق التي جرت في 18 ديسمبر.

وحُدّدت الانتخابات بعدها في 25 فبراير 2024، لكن المفوضية طلبت في يناير إرجاءها مرةً أخرى بانتظار صدور قرار من المحكمة الاتحادية العليا بشأن قانون انتخابات الإقليم.

وأصدرت المحكمة في 21 فبراير قراراً حدّدت فيه عدد أعضاء برلمان الإقليم بـ100 عضو بدلاً عن 111، وتسليم المفوضية العليا للانتخابات إدارة انتخابات الإقليم بدلاً عن هيئة أخرى محلية، كما أفادت وكالة الأنباء العراقية الرسمية.

وأعلن رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني تحديد 10 يونيو 2024 موعداً للانتخابات العامة للدورة السادسة لبرلمان كردستان"، وفق بيان صادر عن مكتبه مطلع مارس الجاري.

وبحسب البيان "فإن الجهات المعنية كافة ملزمة بأداء وإنجاز ما يلزم من أجل التعاون والتنسيق مع المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لغرض تنفيذ هذا الأمر".

ويهيمن الحزبان الكبيران المتخاصمان، الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديموراطي الكردستاني، على الحياة السياسية في الإقليم. وفي البرلمان الحالي، يملك الحزب الديمقراطي الكردستاني الغالبية مع 45 مقعداً، يليه الاتحاد الوطني الكردستاني مع 21 مقعداً.

ويهيمن الحزب الديمقراطي الكردستاني خصوصاً في أربيل، ويتولّى رئاسة الإقليم ورئاسة الحكومة فيه. في المقابل، ومنذ العام 2003، كان جميع رؤساء جمهورية العراق من الاتحاد الوطني الكردستاني.

تصنيفات

قصص قد تهمك