بعد ضمان الترشح.. "تغييرات حزبية" بمقدمة أولويات ترمب قبل انتخابات نوفمبر

time reading iconدقائق القراءة - 13
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وزوجته عقب التصويت في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري  في فلوريدا. 19 مارس 2024 - Getty Images via AFP
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وزوجته عقب التصويت في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في فلوريدا. 19 مارس 2024 - Getty Images via AFP
واشنطن -رشا جدة

بعد حسمه المبكر للانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري رغم التحديات السياسية والقانونية، يحاول الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، اتخاذ مجموعة من الخطوات تضمن استقرار حملته وإحكام سيطرته على الحزب، قبل مباراة العودة مع الرئيس جو بايدن في نوفمبر المقبل. 

بعد أن علقت منافسته السابقة نيكي هيلي حملتها في أعقاب سلسلة من خسائر "الثلاثاء الكبير" في 5 مارس الجاري، أصبح ترمب آخر مرشح رئيسي يخوض الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري. وأعلنت اللجنة الوطنية للحزب في بيان، الأربعاء الماضي، أن ترمب "المرشح المفترض" للحزب للمرة الثالثة، على الرغم من أنه لا يزال على بعد أيام من الفوز بعدد كافٍ من المندوبين اللازمين.

بدأ ترمب حملته الرئاسية في 16 نوفمبر الماضي، ضعيفاً، بعد إلقاء اللوم عليه في الأداء المخيب في انتخابات التجديد النصفي لعام 2022، ولم تتعد نسبة تأييده 16%.

وفي أعقاب المجموعة الأولى من لوائح الاتهام ضده في أبريل الماضي ارتفعت نسبة تأييده إلى 24%، وظلت تقفز نسب تأييده حتى تخلف عنه الركب، الذي ضم أكثر من 10 منافسين، بأرقام فردية.

وباستراتيجته الناجحة التي تمثلت في عدم الظهور في المناظرات التمهيدية، احتفظ ترمب بدعم العديد من الناخبين الجمهوريين في الولايات المبكرة، وحقق فوزاً قياسياً في ولاية أيوا بتقدمه بنسبة 30 نقطة مئوية، ثم توالت الانتصارات، وتوالت التأييدات من أنصاره الذين دعموا نظرياته بشأن تزوير انتخابات 2020، واستهدافه بشكل غير عادل من قبل المدعين الفيدراليين وممثلي الولايات.

وفي أول تحرك له، بعد انتصارات "الثلاثاء الكبير"، بسط ترمب نفوذه على الحزب الجمهوري، بعد دفعه رئيسة اللجنة الوطنية للحزب رونا مكدانيل، للتنحي، ووضع مايكل واتلي، المدعوم منه، بديلاً عنها رئيساً للجنة الوطنية في تصويت الجمعة 8 مارس.

واعتبر خبراء وسياسيون تحدثوا مع "الشرق"، أن حجم التغيرات التي يسعى ترمب لإجرائها على اللجنة الوطنية، أقرب إلى الاستيلاء على السلطة. وأكد الخبراء أن تلك مجرد خطوة واحدة من بين مجموعة من الخطوات التي يسعى ترمب لتحقيقها في الفترة القادمة، استعداداً لمواجهة منافسه جو بايدن.

جمع الأموال واختيار النائب

من بين أولوياته كمرشح خلال الأشهر الثمانية المقبلة، يسعى ترمب إلى حشد الجمهوريين الذين دعموا منافسته السابقة نيكي هيلي، خاصة مع توقعات بأن تكون مباراة العودة في الانتخابات العامة شديدة التنافسية. 

وأظهر استطلاع للرأي أجرته وكالة "أسوشيتد برس" ومركز NORC لأبحاث الشؤون العامة، أن حوالي 58% من الأميركيين "غير راضين للغاية" أو إلى حد ما عن فوز ترمب بترشيح الحزب الجمهوري. ويكشف الاستطلاع الذي نشر في ديسمبر الماضي، عن نسبة مماثلة تقدر بـ56% غير راضين عن فوز بايدن بترشيح الحزب الديمقراطي.

ومع أن حشد أصوات المستقلين والناخبين المترددين أمر رئيسي يسعى ترمب لبلوغه، فإن أستاذ السياسة الأميركية والاقتصاد السياسي في جامعة كورنيل ريتشارد بنسل، يقول إنه "ليس كل أولويات ترمب".  

وفي حديثه مع "الشرق" يرجح بنسل أن يركز ترمب كل جهده على جمع الأموال في المقام الأول، "لأنه يبدو متخلفاً عن الديمقراطيين في مساهمات الحملة الانتخابية، وبعد ذلك سيأتي جهد الحملة لحشد الأصوات المترددة خلفه".

وكانت تقارير تمويل الحملات الانتخابية، في أواخر فبراير الماضي، أظهرت أن لجنتين رئيسيتين في عملية ترمب السياسية قد جمعت 13.8 مليون دولار فقط، في يناير الماضي، بينما قامت في الوقت نفسه بإنفاق مبلغ أكبر من الذي حصلت عليه. وذهب جزء كبير من الإنفاق على الرسوم القانونية للقضايا التي يواجهها ترمب في المحاكم.

وشكلت لجنة save America الجزء الأكبر من المدفوعات، حيث ذهب 84% من إنفاق اللجنة على التكاليف القانونية له. 

ومع نقص الأموال الحاد الذي تشهده مسيرة ترمب السياسية والقانونية، يقول أستاذ الإدارة السياسية ومدير الأبحاث في مركز الإدارة السياسية بجامعة جورج واشنطن، مايكل كورنفيلد، إن خطوات ترمب التاليه ترتكز على جمع الأموال لدفع رسومه القانونية وحملته الانتخابية. 

وأضاف كورنفيلد في تصريحات لـ"الشرق"، أن من بين أولويات ترمب الاستمرار في المبالغة في التهديد الذي يشكله المهاجرين غير الشرعيين، "والتباهي بسجله كرئيس، والاستجابة بسرعة للأخبار التي تخدم مصلحته".

وعلى الرغم من أن تسمية نائب لترمب في الفترة المقبلة يمثل قمة الأولوليات، فإن الرئيس السابق سيطيل فترة اختيار نائبه باعتباره "قصة مثيرة للاهتمام"، كما يعتقد الخبير السياسي في مركز الدراسات السياسية في جامعة فيرجينيا، كايل كونديك.

وفي حديثه مع "الشرق" يقول كونديك، إنه سيكون هناك تركيز كبير على اختيار المرشح لمنصب نائب الرئيس، "وهو القرار الرئيسي في الفترة القادمة، لكن لن يتم الإعلان عن ذلك، على الأرجح، قبل أشهر". 

وكان ترمب، قد أعلن في وقت سابق من الشهر الماضي، أن هناك ما لا يقل عن ستة أسماء مدرجة في قائمته المختصرة لمنصب نائب الرئيس، وهي قائمة تمتد من منافسه السابق السيناتور تيم سكوت إلى حاكم فلوريدا المرشح الجمهوري السابق رون ديسانتيس، مع استبعاد تام للمنافسة الأخيرة له نيكي هيلي، التي تراجعت عن تأييده في خطاب تعليق حملتها.

استراتيجية تأخير المحاكمات

يكافح الرئيس السابق من أجل تأجيل 91 تهمة في أربع قضايا جنائية إلى ما بعد انتخابات نوفمبر، وتبدأ محاكمته الأولى أواخر الشهر الجاري. 

ومن بين التهم التي يواجهها ترمب سوء التعامل مع وثائق سرية رفض إعادتها إلى الأرشيف الوطني، وتزوير وثائق تجارية لإخفاء دفع أموال سرية المعروفة بـ"أموال الصمت"، والتآمر لإلغاء نتائج انتخابات 2020 في ولاية جورجيا. ويواجه أيضاً لائحة اتهام اتحادية منفصلة تتهمه بالتدخل في انتخابات 2020، التي خسرها أمام بايدن. 

وقد هدد تصاعد الفواتير القانونية والأحكام الصادرة ضده بأكثر من نصف مليار دولار، في وقت يعجز فيه عن توفير الأموال لحملته السياسية وفواتير قضاياه.

في الوقت نفسه، قد يقضي ترمب أشهر في قاعة المحكمة لمواجهة تهم جنائية قد تؤدي به إلى السجن، مما يؤثر على قدرته على القيام بحملته الانتخابية، لذا فهو يسعى إلى تأجيل المحاكمات، على حد قول الخبير الاستراتيجي الجمهوري جيم دورنان.

وقال دورنان لـ"الشرق" إن استراتيجية ترمب كانت دائماً تأخير المحاكمات لأطول فترة ممكنة، على أمل أن ينفد الوقت، "قد ينجح هذا أو لا ينجح، لكن من الأفضل أن يأمل أن ينجح وإلا سيجد نفسه يواجه عقوبة السجن".

يتفق بنسل مع دورنان في أن استراتيجية ترمب الناجحة هي تأخير محاكماته الجنائية لأطول فترة ممكنة، إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية "والتأخير هو استراتيجيته المثلى في معظم هذه المحاكمات لأن هناك احتمالاً كبيراً بإدانته".

ويرجح كونديك، أن تشكل قضايا ترمب القانونية مشكلة أكبر بكثير بالنسبة للناخبين في الانتخابات العامة، في حين أن هذه المحاكمات لم تزعج معظم الناخبين الجمهوريين الأساسيين. 

ويفسر ذلك كونديك، بأن الناخبين المتأرجحين في الانتخابات العامة، أقل احتمالاً بكثير، من الناخبين الأساسيين في الحزب الجمهوري، لتصديق أعذار ترمب بأنه بريء وأنه مستهدف بشكل غير عادل، "لأنهم أكثر اعتدالاً من الناخبيين الأساسيين في الانتخابات التمهيدية، لذا يدفع ترمب قدر الإمكان خلال الفترة المتبقية إلى تأجيل المحاكمات، حتى لا تؤثر على اختيارات الناخبين المعتدلين  والمتأرجحين في الانتخابات العامة".

تغييرات اللجنة الوطنية

على مدار أشهر، سعى ترمب إلى إجراء تغيير شامل للجنة الوطنية للحزب الجمهوري. وفي 8 مارس، صوتت اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري لصالح تثبيت ترشيحات ترمب. 

ومع استسلام رئيسة اللجنة الوطنية رونا مكدانيل، للضغوطات التي وجهها لها ترمب، وتنحيها عن منصبها، قام أعضاء اللجنة بانتخاب المرشحين المدعومين من الرئيس السابق، زعيم الحزب في ولاية نورث كارولاينا مايكل واتلي، وزوجة ابن الرئيس السابق لارا ترمب للعمل كرئيس جديد ورئيس مشارك للجنة.

وإمعاناً في سيطرة ترمب، فإن اثنين من كبار مستشاريه في الحملة الانتخابية، كريس لاسيفيتا وجيمس بلير، تم ترشيحهم أيضاً للعمل في مناصب عليا في اللجنة.

وعلى الرغم من أنه من الشائع أن يتولى المرشح الرئاسي بشكل أساسي مسؤولية لجنة الحزب بعد أن أصبح "المرشح رسمي"، ويصاحب ذلك تغييراً لرئيس اللجنة أو ترقية أحد مستشاريه لتولي منصب في اللجنة، فإن الخبير الاستراتيجي الجمهوري دورنان يرى الأمر بشكل أقرب إلى الاستيلاء على السلطة وانفاق أموال اللجنة على فواتير ترمب القانونية. 

يقول دورنان "يريد ترمب من المانحين الجمهوريين أن يدفعوا فواتيره القانونية، وهذا هو هدفه من خلال الاستيلاء على اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري".

وكانت حملة ترمب أعلنت عدم استخدام اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري لدفع فواتيره القانونية الشخصية المتزايدة. 

لكن الباحث السياسي زاك مكيري، يشكك في ذلك، ويتفق مع دورنان في أن ترمب سيطر بشكل كامل على الحزب الجمهوري واللجنة الوطنية، بما لا يدع مجالاً للشك في أن ترمب يريد أن يكون قادراً على استخدام الأموال التي تم جمعها في اللجنة الوطنية لدفع الفواتير القانونية الشخصية، ويقول مكيري لـ"الشرق" إنه "سيكون ذلك مفيداً شخصياً لحساب ترمب البنكي، ولكنه سيعني أيضاً أن اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري سيكون لديها موارد أقل للدفاع عن ترمب وغيره من الجمهوريين في الانتخابات".

وبعيداً عن الأموال التي سيجنيها ترمب من اللجنة الوطنية للإنفاق على أعبائه القانونية، يعتقد كورنفيلد أن ترمب سيستخدم سيطرته على اللجنة للمساعدة في فرض الولاء لترشيحه، وهو ما يعتقده بنسل أيضاً. 

وقال بنسل إنه من المهم جداً بالنسبة لترمب أن يُنظر إلى اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري على أنها منظمة تحت سيطرته، إذ أن ما يقرب من 20% من جميع الجمهوريين المسجلين يعارضون ترمب بشدة، "وحتى يبقوا داخل الحزب الجمهوري، فإنهم مجبرون على البقاء صامتين في الغالب، ولكن إذا ظهرت فرصة للمقاومة النشطة فسوف يصبحون أكثر صخباً، ومع إحكام سيطرته فلن تكون هناك فرصة".

أجندة "عدوانية"

تعد الهجرة القضية الرئيسية التي تتمركز حولها حملة ترمب، ويعتبرها الأولوية القصوى في محاولته للوصول إلى البيت الأبيض عام 2024. ووعد ترمب بإنهاء كل سياسة الحدود المفتوحة، والبدء بأكبر عملية ترحيل داخلي في التاريخ الأميركي فور عودته إلى البيت الأبيض.

ووصف الخبراء الذين تحدثوا مع "الشرق"، أجندة ترمب بالعدوانية، إذ تعهد بإعادة فرض حظر السفر الذي يستهدف بعض البلدان ذات الأغلبية المسلمة، وتوسيع الحظر ليشمل اللاجئين من غزة، وكذلك وعد ترمب تطهير الإدارة الفيدرالية من الموظفين المدنيين واستبدالهم بمؤيديه.

من جانبه، اعتبر دورنان أن الفترة المقبلة، يجب أن تكون بمثابة محاولة جادة منه لتوحيد الحزب الجمهوري "لكن بمعرفة ترمب، سوف يشتكي من أنه فاز بالفعل في عام 2020 وأنه سينتقم ممن يسمون أعدائه".

ويحذر كورنفيلد من العواقب المحتملة لفوز ترمب في الانتخابات العامة، قائلاً إن أجندته عدوانية في المقام الأول، ومن نتائج ذلك سيكون هناك تحريك للحكومة الأميركية بعيداً عن مبادئ وممارسات الجمهورية الدستورية، وتنامي نوع من الدكتاتورية إذ ستعكس السياسات حينها رغباته الشخصية، "سيكون لديه الدعم الكبير من المحكمة العليا، ولكن ستؤثر السيطرة الحزبية على مجلسي النواب والشيوخ على قدرته على العمل".

في الوقت نفسه، يقول بنسل إنه إذا فاز ترمب بالرئاسة، فإن البند الأول على أجندته سيكون الانتقام من أعدائه السياسيين الكثيرين. أما البند الثاني، وفقاً لبنسل، فهو العفو عن أنصاره الذين أدينوا بارتكاب جرائم مثل تمرد 6 يناير في مبنى الكابيتول، "وقد يحاول ترمب حتى العفو عن نفسه. بعد ذلك، سيحول انتباهه إلى قضايا السياسة، لكنها ستكون، كما كانت في الماضي، ثانوية بشكل واضح بالنسبة لأجندته الشخصية التي تشكل أولوياته".

تصنيفات

قصص قد تهمك