"تمرد على الهواء".. ما الذي يحدث في شبكة NBC وما دور الحزب الجمهوري؟

بعد جدل واسع رافق تعيينها كمحللة سياسية، قررت شبكة NBC الأميركية التخلي عن خدمات الرئيسة السابقة للجنة الوطنية الجمهورية رونا مكدانيال، بعد خمسة أيام فقط على إعلان التعاقد معها، في أعقاب "تمرد على الهواء" قاده كبار المذيعين في الشبكة.

واعترض مذيعو NBC، على تعيين مكدانيال التي كانت في "قلب جهود الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لقلب نتيجة انتخابات 2020، ووجهت انتقادات لمذيعي وصحافيي الشبكة".

ورداً على الخطوة، يدرس الحزب الجمهوري تقييد وصول الشبكة إلى مؤتمره الوطني الذي سيعقد خلال الصيف، وسيعلن فيه ترمب رسمياً قبوله ترشيح الحزب لانتخابات الرئاسة في نوفمبر، وهو أهم حدث سياسي للحزب في عام الانتخابات.

وأعلنت شبكة NBC News الجمعة 22 مارس، تعيين الجمهورية رونا رومني مكدانيال كمحللة سياسية بأجر مدفوع، بعد أسبوعين على استقالتها من منصب رئيسة اللجنة الوطنية للحزب، مما خلق غضباً واسعاً داخل الشبكة.

وحصلت مكدانيال على عقد مع الشبكة لتقديم تعليق سياسي على موسم الانتخابات بقيمة 300 ألف دولار، وقالت كاري بودوف براون، نائبة رئيس شبكة NBC للشؤون السياسية عقب قرار التعيين، إن مكدانيال ستساهم في التحليل "عبر جميع منصات شبكة إن بي سي الإخبارية".

وبحلول صباح الأحد، أذيعت مقابلة مع مكدانيال، افتتحتها مقدمة برنامج Meet The Press كريستين ويلكر بالقول إن المقابلة تم تحديد موعدها قبل الإعلان عن تعيين مكدانييل بأشهر. وشهد يوم الاثنين 25 مارس، تمرداً واسعاً على الهواء من مذيعي الشبكة على القرار وبينهم تشاك تود، ورايتشيل مادو، وجين ساكي ونيكول والاس، وجو سكاربورو وميكا بريجينسكي مقدما برنامج "مورنينج جو" الشهير على MSNBC، بسبب علاقة مكدانيال بالرئيس السابق دونالد ترمب، وتصريحاتها بشأن انتخابات 2020.

وقال ستيفن كولبير، وهو مذيع تلفزيوني ومنتج كبير في الشبكة: "في حال لم تكن على دراية بمكدانيال، فهي فظيعة"، مستذكراً: "تورطها مع الرئيس السابق ترمب وإنكارها لنتائج انتخابات 2020".

وأصبحت مكدانيال رئيسة اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري في يناير 2017. وفي هذا الدور، دافعت عن ترمب خلال فترة رئاسته؛ كما رفضت بقوة قبول الهزيمة أمام بايدن في انتخابات 2020، كما قامت بتحريض ترمب على هجوم 6 يناير، وفق "الجارديان".

"أول وآخر ظهور"

في أول ظهور تلفزيوني لها في برنامج "Meet the Press"، قالت مكدانيال إنها "لا تتفق مع خطة ترمب لإطلاق سراح المتهمين والمدانين بارتكاب جرائم في هجوم 6 يناير 2021 على مبنى الكابيتول الأميركي"، مضيفة أن "هذه الأحداث غير مقبولة، ولا تمثل بلادنا"، على حد وصفها.

وعندما ضغطت كريستين ويلكر، مقدمة البرنامج على مكدانيال لمعرفة سبب عدم حديثها في وقت سابق عن خطة ترمب لإطلاق سراح المتهمين بارتكاب جرائم 6 يناير، ردت قائلة: "عندما تكون رئيساً للجنة الوطنية للحزب الجمهوري، فإنك تكون عضواً ضمن فريق واحد، لكن الآن يجب أن أكون على طبيعتي أكثر قليلاً".

وفي المقابلة نفسها، قالت مكدانيال إن الرئيس الأميركي جو بايدن فاز بشكل عادل بانتخابات عام 2020، وأضافت أنه "الرئيس الشرعي".

ومثلت هذه التصريحات الجديدة تحولاً كبيراً في خطاب مكدانيال، إذ كانت هذه المرة الأولى التي تهاجم فيها ترمب، وترفض الطعن في الانتخابات، وهو ما اعتبره عدد من الصحافيين في الشبكة "تلاعباً بمصداقية وخطاب القناة".

وخلال العام الماضي، عبّرت مكدانيال في مقابلة مع الصحافي كريس والاس على شبكة "سي إن إن" عن رفضها قبول نتائج الانتخابات السابقة، وقالت أيضاً إن "هناك الكثير في المشاكل في عام 2020".

وشكك تشاك تود، كبير المحللين السياسيين في NBC NEWS، في صحة تصريحات مكدانيال في برنامج "Meet the Press" واعترض على ظهورها كمساهمة مدفوعة الأجر.

وفي مقابلة على الهواء قال تود للمذيعة التي أجرت المقابلة مع مكدانيال: "أعتقد أن رؤساءنا مدينون لك باعتذار لوضعك في هذا الموقف؛ لأنني لا أعرف ما الذي يجب أن أصدقه. هي الآن مساهمة بأجر مدفوع في الشبكة. ليس لدي أي فكرة عما إذا كانت الإجابة التي قدمتها لك هي بسبب أنها لا تريد إفساد عقدها".

وأضاف: "مكدانيال تعاني مشكلات تتعلق بالمصداقية، ولا يزال يتعين عليها التعامل معها". وقال لويلكر: "أعتقد أن هذه المقابلة كشفت العديد من التناقضات، كما أن هناك سبباً لعدم ارتياح الكثير من الصحافيين في NBC لهذا الأمر، لأن العديد من تعاملاتنا المهنية مع اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري على مدى السنوات الست الماضية قوبلت بخداع".

وافتتحت رايتشيل مادو أبرز نجوم الشبكة برنامجها بفقرة مدتها 29 دقيقة عبرت فيها عن استيائها من القرار، وقالت إن مكدانيال "لم تهاجمنا كصحافيين فقط، ولكنها جزء من محاولة مستمرة للتخلص من نظام الحكم في بلادنا".

وطالبت الشبكة بالتراجع عن قرارها، وقالت "القرارات السيئة تحدث، والأخطاء تقع، ولكن جزءاً من الديمقراطية القوية، هو أن نعترف حين نتخذ قرارات سيئة، وأن نتراجع عن تلك القرارات".

NBC تتراجع وتقطع صلتها بمكدانيال

وعقب الانتقادات التي وجهت للقرار، اعتذر رئيس مجموعة NBC سيزار كوندي، في مذكرة لموظفي الشبكة عن تعيين مكدانيال، وقال: "أريد أن أعتذر شخصياً لأعضاء فريقنا الذين شعروا أننا خذلناهم"، مؤكداً أن مكدانيال لن تظهر على قنوات الشبكة.

وأضاف: "لا يمكن لأي منظمة، وخاصة غرفة الأخبار، أن تنجح ما لم تكن متماسكة ومتوافقة، مضيفاً أنه "خلال الأيام القليلة الماضية، أصبح من الواضح أن هذا التعيين يقوض هذا الهدف". لكنه قال إن الشبكة تظل ملتزمة بتسليط الضوء على "الأصوات التي تمثل أجزاء مختلفة من الطيف السياسي".

وقال مصدر مطلع لموقع "أكسيوس" إن الشبكة لم تتواصل شخصياً مع مكدانيال بخصوص قرار فسخ العقد. 

ولم يصدر أي تعليق من مكدانيال بشأن قرار "الطرد"، فيما أكد مصدر من شبكة "إن بي سي" إنها اكتشفت أنها فقدت وظيفتها من خلال تقارير إعلامية، وليس من شبكة NBC مباشرة، وفق "أسوشيتد برس".

"الجمهوريون يردون"

ومن شأن هذه الخطوة أن تمثل تصعيداً كبيراً في الخلاف المتزايد بين حلفاء ترمب والشبكة التلفزيونية، وفق "بوليتيكو".

وقالت دانييل ألفاريز، المتحدثة باسم اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري وحملة ترمب: "إننا نلقي نظرة فاحصة على ما يعنيه هذا بالنسبة لمشاركة شبكة NBC  في المؤتمر"، مضيفة أن "أولويتنا هي التأكد من أن هذا حدث عالمي يسمح للرئيس ترمب بعرض رسالته ورؤيته بطريقة عادلة".

وذكرت "بوليتيكو" أن أي محاولة لتقييد وصول الشبكة إلى المؤتمر من المرجح أن تؤدي إلى رد فعل قوي من كبار المسؤولين هناك، فضلاً عن المنظمات المكلفة بتمثيل وسائل الإعلام، وربما الصحافيين.

وعلق ترمب، الذي طرد مكدانيال من اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري لصالح زوجة ابنه لارا ترمب، على قرار NBC، بعبارة "واو". 

وكتب ترمب على منصة "تروث سوشيال": "هؤلاء اليساريون المتطرفون مجانين، وكبار الموظفين في شبكة NBC ضعفاء. لقد كانوا محطمين ومحرجين بسبب التقييمات المنخفضة، والأجور الضعيفة للغاية. أعيدوا الصحافة الحرة والنزيهة".

فيما كتب المرشح الرئاسي السابق للحزب الجمهوري فيفيك راماسوامي على منصة "إكس": "لقد كان قراراً سيئاً بالنسبة لرونا أن تنضم إلى شبكة NBC في المقام الأول"، منتقداً قرار الشبكة "بإنهاء مهامها".

من جانبه، قال تيموثي سنايدر، الأستاذ في جامعة ييل ومؤلف كتاب "On Tyranny"، لقناة MSNBC إن رونا مكدانيل، رئيسة اللجنة الوطنية الجمهورية السابقة التي تحولت إلى محللة سياسية في شبكة NBC: "حاولت تفكيك ديمقراطيتنا من خلال دعم أكاذيب تزوير انتخابات دونالد ترمب، ولا ينبغي منحها مثل هذا الدور الإعلامي"، وفق "الجارديان".