أعلنت المعارضة التركية، الأحد، تحقيق "انتصار كبير" في الانتخابات البلدية في أنحاء البلاد، والحفاظ على إسطنبول وأنقرة، على حساب حزب "العدالة والتنمية" الحاكم بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان الذي قال إن حزبه "لم يحقق النتائج المرجوة من الانتخابات".
واعتبر أردوغان في كلمة له أن "الانتخابات المحلية ليست النهاية بالنسبة لنا، لكنها نقطة تحول"، كما "سنحاسب أنفسنا بعد نتائج الانتخابات المحلية، وسندرس الرسائل الصادرة عن الشعب"، مشيراً إلى "انتهاء الانتخابات التي استنزفت الاقتصاد".
وأضاف أردوغان في خطاب من مقر حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في العاصمة التركية أنقرة، أن "الشعب التركي بجميع فئاته هو المنتصر اليوم".
ونشرت وكالة الأنباء التركية "الأناضول" التي تديرها الدولة، الأحد، نتائج رسمية بعد فرز بعض صناديق الاقتراع، أظهرت تقدم حزب "الشعب الجمهوري" المعارض في المدن الكبرى مثل إزمير وبورصة وأنطاليا وأضنة.
وقالت وكالة "رويترز" إن الحزب المعارض يتقدم في الانتخابات البلدية بنسبة 37.15%، وذلك بعد فرز 75% من الأصوات في المحافظات جميعهن.
وبعد فرز نحو 79% من صناديق الاقتراع، حاز رئيس بلدية إسطنبول المنتهية ولايته أكرم إمام أوغلو 50.5% من الأصوات، مقابل 40.7% لمنافسه الرئيسي مراد قوروم مرشح تحالف "الجمهور" الحاكم برئاسة أردوغان.
وأعلن إمام أوغلو "الفوز" في انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول، مشيراً إلى "التقدم في التصويت بأكثر من مليون صوت، بعد إحصاء 96% من بطاقات الاقتراع".
وأضاف: "بناء على البيانات التي جمعناها، أستطيع أن أقول إن التأييد والثقة التي يضعها مواطنونا فينا ظهرت بالفعل، والصورة الحالية تسعدنا كثيراً".
انتخابات أنقرة
أما في العاصمة أنقرة، تصدر رئيس البلدية المنتهية ولايته منصور يافاس عن حزب "الشعب الجمهوري"المعارض النتائج بـ58.6% من الأصوات، مقابل 33.5% لمنافسه تورجوت ألتينوك مرشح حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، بعد فرز 46.4% من الصناديق.
من جهته، أعلن منصور يافاس احتفاظه برئاسة بلدية العاصمة التركية أنقرة أمام حشد من أنصاره، قائلاً: "انتهت الانتخابات، وسنواصل خدمة أنقرة وسكانها الستة ملايين بدون تمييز".
كما اعتبر أوزغور أوزيل رئيس حزب "الشعب الجمهوري"، أكبر تشكيل معارض في تركيا، أن "الناخبين اختاروا تغيير وجه تركيا" بعد 22 عاماً من هيمنة حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، مضيفاً أن الناخبين "أرادوا فتح الباب أمام مناخ سياسي جديد في بلادنا".
وأغلقت مكاتب الاقتراع في 81 محافظة في البلاد أبوابها بين الساعة 16:00 والساعة 17:00 (13:00 و14:00 بتوقيت جرينتش).
وقال رئيس المجلس الأعلى للانتخابات أحمد ينير للصحافيين، إن "العملية الانتخابية انتهت من دون أي مشكلة باستثناء بضعة حوادث"، إذ لقي مواطن تركي واحد على الأقل حتفه، وأصيب آخرون جراء اندلاع أعمال عنف بإحدى اللجان الانتخابية في ديار بكر، جنوب شرقي تركيا، خلال انطلاق الانتخابات المحلية.
وتنافس في الانتخابات الحالية 34 حزباً، ستحدد أسماء رؤساء بلديات 81 ولاية، و973 قضاء، و390 بلدة، إلى جانب 50 ألفاً و 336 مختاراً، فضلاً عن أعضاء المجالس البلدية.
"حقبة جديدة"
وتوجه أردوغان رفقة زوجته أمينة أردوغان من منزله الكائن بمنطقة أوسكودار في إسطنبول، إلى مدرسة صفات تشبي، للإدلاء بصوتهما.
واعتبر أردوغان في تصريح صحافي عقب التصويت، أن هذه الانتخابات ستكون بمثابة "بداية حقبة جديدة في البلاد"، مضيفاً: "لقد أجرينا مؤخراً الانتخابات البرلمانية والانتخابات الرئاسية، واليوم نجري انتخابات الحكومات المحلية، لقد أتعبتنا هذه الانتخابات المتتالية، وأتعبت أمتنا أيضاً، لأنه كان لدينا حملة مكثفة للغاية".
وأشار إلى أن بلاده "تفتتح قرناً وعصراً جديداً مع الانتخابات المحلية والانتخابات الرئاسية السابقة، وأبدى شعبنا إخلاصاً في المناسبتين"، معرباً عن اعتقاده أنه "ستصدر نتيجة تعود بالخير على تركيا وشعبها، وثمن جهود كل العاملين على حراسة صناديق الاقتراع".
وفي ذات السياق، أدلى مراد كوروم مرشح تحالف "الجمهور" الحاكم لرئاسة بلدية إسطنبول الكبرى، ومنافسه أكرم إمام أوغلو مرشح حزب "الشعب الجمهوري" أكبر أحزاب المعارضة، بصوتهما في الانتخابات.
وفي تصريح صحافي عقب التصويت، أعرب قوروم عن أمنياته بأن تعود نتائج الانتخابات "بالنفع والفائدة لتركيا والشعب التركي".
وفي المقابل، قال إمام أوغلو للصحافيين: "تستيقظ إسطنبول غداً على صباح ربيعي جميل"، معتبراً أن "التصويت هو حق مقدس لمواطنينا في الديمقراطية، ويجب حماية هذا الحق، وأتمنى أن تسير الانتخابات بسلاسة".
وشهد منصب رئاسة بلدية إسطنبول أكبر عدد من المرشحين بواقع 49 مرشحاً، منهم 22 يمثلون الأحزاب السياسية، و27 مرشحاً مستقلاً، وذلك نظراً لأهمية المدينة سياسياً واقتصادياً في البلاد.
وسبق أن وجه رئيس بلدية إسطنبول إمام أوغلو لأردوغان وحزبه "العدالة والتنمية" أكبر ضربة انتخابية منذ عقدين في السلطة بفوزه في انتخابات 2019، لكن الرئيس التركي تمكن في 2023 من الفوز بفترة جديدة وبأغلبية برلمانية مع حلفائه القوميين.
وتحسنت فرص أردوغان بسبب انهيار تحالف المعارضة الذي هزمه العام الماضي، على الرغم من أن إمام أوغلو لا يزال يحظى بقبول الناخبين خارج حزب "الشعب الجمهوري"، حزب المعارضة الرئيسي.
كما يمكن للانتخابات الحالية أن تعزز سيطرة أردوغان على تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، أو تشير إلى تغيير في المشهد السياسي المنقسم في البلد صاحب الاقتصاد الناشئ الكبير.
ويُنظر إلى فوز إمام أوغلو على أنه يغذي التوقعات بأن يصبح زعيماً وطنياً في المستقبل، بحسب وكالة "رويترز".