الانتخابات المحلية التركية.. وعود "خيالية" ومعركة على إسطنبول

time reading iconدقائق القراءة - 8
إعلانات انتخابية لعدة مرشحين في الانتخابات المحلية بمدينة إسطنبول التركية. 9 مارس 2024 - AFP
إعلانات انتخابية لعدة مرشحين في الانتخابات المحلية بمدينة إسطنبول التركية. 9 مارس 2024 - AFP
إسطنبول-الشرق

"من فاز بإسطنبول فاز بتركيا، ومن خسر إسطنبول خسر تركيا"، هذه هي المعادلة الوحيدة في كل الانتخابات المحلية التي شهدتها تركيا خلال العقود الماضية، حيث كانت إسطنبول هي بوابة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للوصول إلى كرسي الرئاسة، وعلى إثره سار معارضوه فوضعوا المدينة نصب أعينهم، وفازوا في بلديتها في انتخابات 2019 إلا أن الحظ لم يحالفهم في انتخابات عام 2023 الرئاسية.

وأكثر من 61 مليون ناخب يحق لهم التصويت من المقرر أن يتوجهوا، الأحد المقبل، إلى صناديق الاقتراع في 81 ولاية تركية، لاختيار 1393 رئيس بلدية ومقاطعة، وانتخاب ما يقارب من 33 ألف مختار لكل مدن وأحياء وقرى تركيا.

ويشارك في هذه الانتخابات عشرات المرشحين المستقلين، و36 حزباً سياسياً، بحسب رئيس المجلس الأعلى للانتخابات أحمد ينر.

وعلى رأس هذه الأحزاب حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، وحزب "الشعب الجمهوري" المعارض، وحزب "يني رفاه" (الرفاه الجديد)، وحزب "السعادة" ذو التوجه الإسلامي، وحزب "النصر" اليميني المتطرف.

وفي انتخابات 2019، فاز حزب "الشعب الجمهوري" المعارض في بلديات 3 أهم مدن تركية، إسطنبول وأنقرة وإزمير، والتحدي الذي يواجه حزب "العدالة والتنمية" حالياً هو استعادة إسطنبول، المدينة التي تختصر تركيا.

يتواجه في إسطنبول 46 مرشحاً من مختلف الأحزاب السياسية ومن المستقلين، بيد أن "المعركة" الحقيقية هي بين مرشح "حزب العدالة والتنمية" مراد كوروم، الذي يسعى لاستعادة المدينة بعد 5 سنوات، ومرشح حزب "الشعب الجمهوري" والرئيس الحالي للبلدية أكرم إمام أوغلو، الذي يريد الحفاظ على المكسب الوحيد للمعارضة منذ نحو 3 عقود، لكن حسابات الفوز والخسارة ومعايير الربح تحددها عوامل عدّة نحاول الوقوف عليها في هذا التقرير.

اللاجئون.. الورقة "الضعيفة"

في شارع أوتستراد "E5" الذي يعد شريان إسطنبول ويشقها من نصفها، علّق المرشح الرئاسي السابق كمال كليجدار أوغلو في مايو الماضي، لوحات ضخمة كتب عليها بالخط العريض: "سيذهب اللاجئون، سيذهب السوريون، سيذهب الأفغان"، الأمر الذي خلق حالة غضب لدى فئة من الأتراك دفعهم للاعتراض على ما أسموه باستغلال اللاجئين لـ"مكاسب سياسية".

وفي الطرف المقابل، أيضاً قدم الحزب الحاكم، وعوده بإعادة اللاجئين إلى بلادهم لكن بظروف آمنة، وعلى شكل "عودة طوعية".

صحيح أن ورقة اللاجئين ليست حاضرة في الانتخابات المحلية بنفس القوة التي شهدتها الانتخابات الرئاسية، إلا أن الأحزاب لا تزال تُدرج اللاجئين في برامجها الانتخابية.

وقال رئيس مقاطعة إسطنبول في حزب "العدالة والتنمية" عثمان نوري كاباكتيبي لـ"الشرق"، إن حزبه ليس لديه مشكلة مع "الاختلاف الديمقراطي الاجتماعي"، مشيراً إلى أنه يتكون من "أتراك وعرب وأكراد، فمشكلتنا ليست مع عرق معين، مشكلتنا فقط مع الإرهاب".

وأضاف: "بابنا مفتوح أمام كل من يريد خدمة إسطنبول، في 31 مارس سنضع حداً لفترة خلو إسطنبول المستمرة منذ 5 سنوات".

وفي المقابل، وصف عضو حزب "الشعب الجمهوري" المعارض عمر جان أوغلو ملف اللاجئين بـ"القضية الشائكة"، لافتاً إلى أن "أردوغان استخدمهم لتهديد أوروبا".

وأضاف عمر جان أوغلو لـ"الشرق"، أن الرئيس التركي "دائماً يهدد أوروبا بفتح الحدود أمام اللاجئين، لكن المعارضة التركية في حال وصلت للحكم ستتعاون مع الدول المصدرة للاجئين، وتعيدهم إلى بلادهم"، مشيراً إلى أن "المجتمع التركي سئم من هذه القضية".

دوافع سياسية

وقالت المواطنة التركية أليف (32 عاماً)، إنها تؤمن أن "حزب (العدالة والتنمية) يقدم خدمات أكثر لإسطنبول، لكنني سأصوت لأكرم إمام أوغلو لأسباب سياسية".

وعلى الرغم من أن عدداً من الناخبين الأتراك قد يختارون حزباً يقدم خدمات أقل وذلك لأسباب سياسية أو إيديولوجية، إلا أن الزلزال الذي هز جنوب تركيا في 6 فبراير 2023، غيّر طريقة النظر إلى التهديد الذي يخيف سكان إسطنبول.

وكل بضعة أيام تحدث هزة أرضية في عموم الولايات التركية، ونادراً ما تتجاوز شدتها 4 درجات، ومع كل هزة أرضية يخرج على وسائل الإعلام التركية من يحذر من "زلزال مدمر قد يضرب إسطنبول في أي لحظة"، الأمر الذي دفع المرشحين بوضع الزلزال ضمن برامجهم الانتخابية.

وذكر المسؤول في حزب "العدالة والتنمية" عثمان نوري كاباكتيبي أنهم سيواصون برامج "التحول الحضري، وأمل أن نبدأ في بناء 650 ألف منزل جديد بسرعة، وسنبدأ بإسطنبول من جديد"، معتبراً ذلك "أمراً فوق السياسية".

النائب في حزب "يني رفاه" دوغان بكين قال لـ"الشرق"، إن "قضية الزلزال ربما تكون لصالح مرشح حزب (العدالة والتنمية) مراد كوروم، كونه كان وزيراً للبيئة والعمران، وقد عرفه الكثيرون في حضوره خلال زلزال فبراير المدمر".

وعلى العكس، رأى المعارض جان أوغلو أن "أهالي إسطنبول وثقوا في أكرم إمام أوغلو في الانتخابات الماضية، وأعتقد أنهم يثقون بمشاريعه المتعلقة باتخاذ إجراءات احتياطية تخفيفاً لأضرار أي زلزال محتمل".

الورقة الأصعب

يشكل الأكراد نسبة تصل إلى 17% من سكان تركيا، ويعد الصوت الكردي لاعبا بارزاً في السياسة التركية، إذ ساهموا في وصول أكرم إمام أوغلو لبلدية إسطنبول في الانتخابات الماضية.

لكن الخسارات المتتالية والخلافات الكبيرة في البيت الداخلي لحزب "الشعب الجمهوري"، دفعت الأحزاب الكردية لإعادة تقييم تحالفها معه، فأعلن حزب "المساواة الشعبية والديمقراطية" الكردي خوضه الانتخابات المحلية بمرشحيه، دون تحالف مع أي حزب آخر، الأمر الذي قد يسحب الأصوات الكردية من المعارضة.

ورأى الباحث التركي إبراهيم أنس أوغلو، أن "عدم إعلان الأحزاب الكردية التحالف مع المعارضة، هذا لا يعني أن جميع الأكراد لن يصوتوا لأي مرشح آخر، فالأكراد ليسوا صوتاً واحداً، وليسوا فئة واحدة".

وتابع أنس أوغلو لـ"الشرق": "في هذه الانتخابات سيصوت جزء من الأكراد لمرشحي الأحزاب الكردية، بينما سيصوت آخرون لمرشح حزب (العدالة والتنمية)، ومنهم من يصوت لأكرم إمام أوغلو"، مشيراً إلى أن "المعادلات اليوم تغيرت، لكن الثابت أن الأكراد ليسوا صوتاً واحداً بل أصواتاً متباينة مختلفة".

وعود "مثيرة للسخرية"

وبعيداً عن المتنافسين الحقيقين "العدالة والتنمية" و"الشعب الجمهوري"، أطلق مرشحو بقية الأحزاب وعوداً وصفتها صحف تركية بـ"المثيرة للسخرية"، حيث وعد أحد المرشحين بأن يجعل سعر الوقود بليرة واحدة للفلاح، فيما وعد الرئيس السابق للحزب "الديمقراطي الليبرالي" بسيم تبوك، بأنه سيلغي التسلل في كرة القدم.

ووعد مرشح آخر بأنه سيسلم كل مواطن مفتاحين، مفتاح للبيت وآخر للسيارة، وإعادة الاقتصاد التركي إلى طبيعته في 400 يوم، ومن الوعود الانتخابية الغريبة الأخرى وعد بإلغاء الامتحان الجامعي، وجعل مليونير واحد على الأقل في كل حي من أحياء تركيا.

تصنيفات

قصص قد تهمك