قبل ساعات من أداء الحكومة الفلسطينية الجديدة اليمين الدستورية، الأحد، قام جهاز الأمن الداخلي التابع لحركة "حماس" في غزة باعتقال عدد من أفراد جهاز المخابرات العامة التابع للسلطة الرسمية في رام الله، العاملين في القطاع، متهماً إياهم القيام بـ"مهمة رسمية استخبارية" بالتنسيق مع المخابرات الإسرائيلية وبتسهيلات منها.
وجاء في بيان وزارة الداخلية التابعة لـ"حماس"، أن أفراد المخابرات "تسللوا إلى شمال غزة مع شاحنات الهلال الأحمر المصري بهدف إحداث حالة بلبلة وفوضى".
ونفت السلطة الفلسطينية في رام الله هذه التهمة، مشيرة في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية، إلى أن العاملين في أجهزة ومؤسسات السلطة في غزة يقومون بأعمال إغاثية، وأنهم سيواصلون القيام بهذه الدور.
وتشكل هذه الحادثة اختباراً مبكراً للعلاقة بين الحكومة الجديدة التي يرأسها الدكتور محمد مصطفى وحركة "حماس" التي تدير قطاع غزة منذ الانقسام عام 2007.
وانتقدت "حماس" تشكيل الحكومة الجديدة، واعتبرتها خطوة "منفردة"، لكن في اللقاءات الخاصة، تبدي الحركة استعدادها للتعاون مع الحكومة في الموضوعات المدنية مثل إدارة الهياكل الإدارية التابعة لها في غزة، والإغاثة الإنسانية، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب.
ويبلغ عدد موظفي حكومة "حماس" في غزة 40 ألفاً، تصل رواتبهم ومصاريف وزاراتهم إلى حوالي 150 مليون شيكل شهرياً (الدولار يساوي 3.69 شيكل).
وتقر "حماس" بأنها لم تعد قادرة على حكم قطاع غزة، جراء ما دمرته الحرب، ومنه مصادر إيرادات الحكومة، لكنها تشترط على الحكومة الجديدة تبني الموظفين والهياكل الإدارية القائمة، وبقاء أجهزة الأمن والشرطة الحالية التابعة لها في الخدمة، وترفض السماح لأجهزة أمن السلطة بالعمل في القطاع.
وقال مسؤول في الحركة لـ"الشرق"، إن "الأجهزة الأمنية في غزة لديها عقيدة أمنية مختلفة عن أجهزة السلطة، عقيدة تقوم على مساندة المقاومة، ورفض التنسيق الأمني مع أجهزة الاحتلال، كما تفعل أجهزة السلطة".
وأضاف: "نحن لن نتخلى عن أجهزة الأمن في غزة، وستواصل الحركة تبنيها، حتى لو تخلت عن الحكم".
وترى السلطة الفلسطينية في توجهات "حماس" هذه محاولة لخلق نموذج "حزب الله" اللبناني في غزة، وقال أحد المسؤولين لـ"الشرق"، إن "(حماس) تريد أن تلقي بالأعباء علينا، فيما تواصل هي حكم قطاع غزة من خلال أجهزتها الأمنية وذراعها العسكري".
وذكر المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن الحكومة الجديدة قد لا تعمل في غزة في حال حاولت "حماس" فرض هذا النوع من العلاقة، مضيفاً أن "الحكومة ستعمل على تقديم الإغاثة لأبناء شعبنا في غزة، وستعمل على وضع آلية لإعادة الإعمار، لكن لن نقبل ما تحاول حماس إملاءه من معادلة".
وأعلن رئيس الحكومة الجديدة محمد مصطفى، أن الأولية الأولى لحكومته هي الإغاثة الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة.
وضمت الحكومة 8 وزراء من غزة يتركز عملهم في القطاع، وتعكف الحكومة على تشكيل هيئة مستقلة لإعادة الإعمار، ثلثا أعضائها من قطاع غزة.
ويرى العديد من المراقبين أن مستقبل إدارة وحكم قطاع غزة يعتمد على نتيجة الحرب، ففي حال صمدت "حماس" في وجه الحرب، وأجبرت إسرائيل على الانسحاب، ستظل لها اليد العليا في قطاع غزة، أما إذا حدث العكس، فإن الطريق ستكون مفتوحة أمام السلطة الفلسطينية للعودة إلى القطاع.
وأعلنت إسرائيل رفضها السماح للسلطة الفلسطينية بالعودة إلى إدارة قطاع غزة، وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في أكثر من مناسبة، إنه يبحث عن بدائل للسلطة ولحركة "حماس" لإدارة القطاع.
لكن الإدارة الأميركية ترى عكس ذلك، وتسعى لمساعدة السلطة على تأهيل نفسها للعودة إلى القطاع وإدارته في اليوم التالي للحرب.
وجاء تشكيل الحكومة الجديدة والمسعى لتشكيل هيئة مستقلة لإعادة الإعمار بطلب أميركي تحضيراً لليوم التالي للحرب.