"وورلد سنترال كيتشن"... منظمة خيرية كسرت حواجز إسرائيل لإطعام الفلسطينيين

time reading iconدقائق القراءة - 12
أشخاص يتجمعون حول سيارة تستخدمها مجموعة الإغاثة World Central Kitchen ومقرها الولايات المتحدة والتي تعرضت لقصف إسرائيلي في دير البلح وسط قطاع غزة. 2 أبريل 2024 - AFP
أشخاص يتجمعون حول سيارة تستخدمها مجموعة الإغاثة World Central Kitchen ومقرها الولايات المتحدة والتي تعرضت لقصف إسرائيلي في دير البلح وسط قطاع غزة. 2 أبريل 2024 - AFP
دبي -الشرق

تُعرّف منظمة "وورلد سنترال كيتشن" (المطبخ المركزي العالمي)، التي قتل الجيش الإسرائيلي 7 من موظفيها في غزة، الاثنين، نفسها بأنها "أول من يصل إلى الخطوط الأمامية" سواءً في الحروب أو الكوارث الطبيعية، إذ تقدم وجبات الطعام استجابة للأزمات الإنسانية والمناخية، وهو ما قامت به في غزة على مدار الأشهر التي تلت اندلاع الحرب الإسرائيلية على القطاع.

وقالت المنظمة غير الربحية للمساعدات الغذائية، والتي شاركت بشكل لافت في جهود الإغاثة في غزة، إن غارة جوية إسرائيلية قتلت 7 من موظفيها في قطاع غزة الاثنين، بالرغم من تنسيق التحركات مع الجيش الإسرائيلي، وأعلنت وقف عملها في المنطقة، على أن يتم اتخاذ قرار بشأن العمليات المستقبلية.

وكان الفريق التابع للمنظمة يتنقل في "منطقة خالية من الاشتباكات" في مركبات ضمت سيارتين مصفحتين تحملان شعار المنظمة. وتعرضت القافلة للقصف أثناء مغادرتها مستودع دير البلح، حيث قام الفريق بتفريغ أكثر من 100 طن من المساعدات الغذائية الإنسانية التي تم جلبها إلى غزة عبر الطريق البحري.

متى تأسست "وورلد سنترال كيتشن" وما دورها؟

أسس الطاهي الإسباني الأميركي خوسيه أندريس وزوجته باتريشيا منظمة "وورلد سنترال كيتشن" غير الحكومية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها في عام 2010، في أعقاب زلزال كبير في هايتي، وقد تطورت منذ ذلك الحين لتصبح مؤسسة خيرية عالمية تقدم الطعام للاجئين على حدود الولايات المتحدة، فضلاً عن أعمالها في فنزويلا وأوكرانيا.

وتركز عمل المنظمة في البداية على التعامل مع الناجين من الكوارث الطبيعية الذين يعانون الجوع والتشرد، لكن سرعان ما وسعت مجال تدخلها، إذ قامت بتوفير وجبات مغذية للاجئين الذين يصلون إلى حدود الولايات المتحدة، بعد فرارهم من العنف والفقر المدقع، كما وزعت مساعدات غذائية للأسر الفنزويلية الفقيرة، وموظفي المستشفيات خلال جائحة فيروس كورونا والعائلات الأوكرانية التي تعاني ويلات الحرب.

وتشير المنظمة في موقعها الرّسمي، إلى أنها تقدم المساعدات الغذائية أثناء حدوث الأعاصير والزلازل والأمطار الغزيرة والانفجارات البركانية وحرائق الغابات وأزمات اللاجئين والحروب عبر أنحاء العالم. 

وكان للمنظمة دور كبير في إعصار هارفي في هيوستن بولاية تكساس الأميركية في عام 2017، إذ عمل خوسيه مع العديد من الطهاة من فريقه، على إعداد وجبات الطعام للناجين والمحتاجين. 

وبعد مرور شهر واحد فقط على "كارثة هيوستن"، ضرب إعصار ماريا، بورتوريكو، وجلبت العاصفة دماراً كارثياً، وكان ملايين الأميركيين في حاجة إلى المساعدة، وتدخلت المنظمة ووفرت وجبات جاهزة للمحتجين، كما قدمت ما يقرب من 4 ملايين وجبة طازجة في أعقاب الإعصار.

وتقول المؤسسة إنها دخلت أوكرانيا بعد 5 أيام من الغزو الروسي في فبراير 2022، وأقامت مطاعم في خمس مدن.

وقال خوسيه أندريس في مقابلة مع مجلة "فانيتي فير"، أجريت معه في الآونة الأخيرة: "حينما يكون الآخرون في مرحلة تقييم للوضع، نكون نحن قد قدمنا الطعام بالفعل، وخلال العملية نعلم ما الذي يجري، وليس العكس".

وفي المجمل، قدمت المنظمة 350 مليون وجبة في جميع أنحاء العالم.

من هو خوسيه أندريس؟

خوسيه أندريس، مؤسس منظمة "وورلد سنترال كيتشن"، ولد في إسبانيا عام 1969، وعمل متدرباً في مطعم "إل بولي" المملوك للطاهي الإسباني الشهير فيران أدريا، قرب برشلونة، ثم انتقل إلى الولايات المتحدة في عم 1991 حيث أنشأ مطعمه "جاليو" لتقديم وجبة التاباس الإسبانية.

وتملك شركته "ثينك فود جروب" أكثر من 20 مطعماً، منها مطعم حائز على نجمتي ميشلان. كما لديه العديد من الجوائز والتقديرات على مهاراته في فن الطهي.

وأقام أندريس علاقات مع بعض أكثر الشخصيات نفوذاً في الولايات المتحدة، وتلقى تبرعات بقيمة 100 مليون دولار من جيف بيزوس مؤسس "أمازون" في 2021، وكوّن صداقة مع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.

ومنحت حكومة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في عام 2014 لقب "أبرز أميركي بالاختيار" لأندريس، وهي جائزة تُمنح لمواطنين من دول أخرى حصلوا على الجنسية الأميركية وحققوا إنجازات استثنائية، ثم منحته الحكومة في عام 2015 القلادة الوطنية للعلوم الإنسانية.

وبسبب عمله في المجال الإنساني حظي أندريس بإشادة واسعة، بما في ذلك ترشيحه لجائزة نوبل للسلام عام 2018.

وكانت علاقة أندريس بالرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الذي خلف أوباما في الرئاسة، أقل وداً.

وألغى أندريس خططاً لإقامة مطعم في فندق مملوك لترمب في واشنطن، بعد تعليقات للمرشح الرئاسي آنذاك عن المكسيكيين. وأقام ترمب دعوى قضائية على أندريس لمخالفته بنود التعاقد، لكنهما توصلا إلى تسوية في عام 2017.

43 مليون وجبة إلى غزة

خلال الأسابيع القليلة الماضية، جلبت "وورلد سنترال كيتشن" حوالي 600 طن من المواد الغذائية والمساعدات إلى شمال غزة، باستخدام ممر المساعدات البحرية الذي تم افتتاحه الشهر الماضي. وتقول المؤسسة الخيرية إنها قدمت حتى الآن للفلسطينيين الذين يواجهون المجاعة أكثر من 43 مليون وجبة، تم تسليمها عن طريق البر والجو والبحر.

كما قامت بتعبئة وإنشاء مطابخ ميدانية جاهزة وشاحنات طعام وأنظمة توزيع، للحصول على وجبات مغذية في أسرع وقت ممكن.

وفي نهاية فبراير، قالت الأمم المتحدة، إن ما لا يقل عن 576 ألف شخص في غزة -أي ربع سكانها- "على بعد خطوة واحدة من المجاعة". وفي منتصف مارس، قال التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إن 1.1 مليون شخص، أي نصف سكان غزة، يواجهون المجاعة، وفق صحيفة "الجارديان" البريطانية.

ورغم القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، تمكنت المنظمة من إنشاء مطبخ ميداني في رفح، كما عملت على إقامة شبكة من المطابخ المتنقلة في جميع أنحاء غزة، وإرسال مئات من شاحنات المساعدات الغذائية إلى المحتاجين"، وفق المنظمة.

وتقدم المنظمة مواد أساسية، من قبيل الأرز والمعكرونة والدقيق والبقوليات والخضروات المعلبة والبروتينات والفاصولياء والجزر والتونة المعلبة والحمص والذرة المعلبة والزيت والملح والتمر.

وتشير المنظمة إلى أن الأزمة الإنسانية في غزة حرجة للغاية، إذ يكافح الناس من أجل الحصول على المياه والغذاء ووسائل الطهي لأسرهم.

ورغم خطورة الوضع داخل قطاع غزة، تعهد خوسيه أندريس، رئيس المنظمة بمواصلة مهامه الإنسانية، وقال: "نحن ندفع كل يوم بإصرار أكبر لتوفير وجبات الطعام لأكبر عدد ممكن من الفلسطينيين"، مضيفاً أن الوضع في غزة هو الأكثر خطورة على الإطلاق في تاريخنا الممتد على مدى 15 عاماً.

وأضاف: "الغذاء مسألة حياة أو موت. وفي غزة يموت المزيد من الناس، وخاصة الأطفال، من الجوع. لقد عرفنا منذ أشهر أن المجاعة وشيكة، وأن الوضع يزداد سوءاً".

مساعدات عبر البر والبحر والجو

ويحافظ فريق المنظمة في القاهرة، على تدفق الشاحنات من وإلى معبر رفح. وقال خوسيه في تصريحات سابقة: "أرسلنا أكثر من 1.700 شاحنة مليئة بالطعام ومعدات الطبخ لمطابخنا المتنقلة في غزة والبالغ عددها 68 مطبخاً، توفر هذه المطابخ الموارد اللازمة لإطعام الأطفال والنساء وكبار السن"، وفق موقع المنظمة.

وعملت المنظمة على إرسال ما يقرب من 20 شاحنة إلى رفح يومياً، داعية إلى تسريع وتيرة العملية، حتى تتمكن المنظمة والمنظمات الأخرى من إدخال المزيد من المساعدات إلى غزة".

كما قامت "وورلد سنترال كيتشن" بتسليم المواد الغذائية من الأردن عبر القوافل البرية والإسقاط الجوي. وبالتعاون مع القوات الجوية الأردنية، قامت بتوصيل ما يزيد عن 230 ألف وجبة إلى شمال غزة. وصلت هذه الوجبات إلى المناطق التي لا تستطيع القوافل البرية الوصول إليها، وأفادت العائلات أن هذه المساعدات كانت الأولى التي تتلقاها منذ أشهر حيث تم قطع طرق الإمداد عنها تماماً.

وعبرت المنظمة عن استعدادها لإرسال سفينتين هما "جينيفر" و"أوبن آرمز". وهي محملة معاً بـ 1.2 مليون وجبة وجاهزة لإطعام سكان شمال القطاع.

ولا تنتمي المنظمة إلى أي جهة سياسية، كما أن جهودها البحرية لإنفاذ المساعدات منفصلة عن المبادرات العسكرية الأميركية، كما أنها تركز على مهمتها كمنظمة إنسانية غير ربحية تعمل جنباً إلى جنب مع باقي المنظمات، كما تقوم بتوظيف مئات الفلسطينيين والمتطوعين لجعل هذا العمل ممكناً.

"تنديد دولي" بعد استهداف "وورلد سنترال كيتشن"

وقالت الأمم المتحدة، الثلاثاء، إن سقوط 7 موظفين يعملون في مؤسسة "وورلد سنترال كيتشن" الخيرية في غزة، هو "نتيجة حتمية للطريقة التي تدار بها هذه الحرب حالياً"، لافتة إلى أن "ما لا يقل عن 196 من العاملين في المجال الإنساني سقطوا في غزة" منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر الماضي.

وعبّر خوسيه أندريس عن حزنه بعد الحادث، قائلاً إن قلبه انفطر حزناً على عائلات وأصدقاء الموظفين السبعة في المنظمة الخيرية الذين قتلهم القصف الإسرائيلي.

وتحدث الرئيس الأميركي جو بايدن مع أندريس لتعزيته. وقالت كارين جان بيير، المتحدثة باسم البيت الأبيض في مؤتمر صحافي، إن بايدن أبلغ أندريس أيضاً بأنه سيوضح لإسرائيل أنه يتعين حماية العاملين في مجال الإغاثة.

وقدم الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، الثلاثاء، "اعتذاره" خلال مكالمة مع خوسيه أندريس، وعبّر له عن "حزنه العميق واعتذاراته عن الخسارة المأساوية في الأرواح"، وفق بيان للرئاسة الإسرائيلية.

واستدعت بريطانيا السفير الإسرائيلي في لندن، الثلاثاء، بعد الغارة الإسرائيلية التي قتلت الموظفين السبعة، من بينهم 3 مواطنين بريطانيين، وأفاد مكتب رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، بأنه تحدث هاتفياً مع نظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وطالب بإجراء "تحقيق شامل وشفاف ومستقل" في الغارة الإسرائيلية.

كما قال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي، إنه تحدث إلى نظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، بشأن الغارة الإسرائيلية التي قتلت 7 موظفي إغاثة في غزة، من بينهم مواطنة أسترالية.

وقالت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي، الثلاثاء، إن كندا تدين الغارة الإسرائيلية، وتدعو إلى إجراء تحقيق كامل.

وأدان وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه بشدة الغارة الجوية الإسرائيلية، مؤكداً أن "لا شيء يمكن أن يبرر مثل هذه المأساة".

وأدان مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الثلاثاء الغارة، ودعا إلى فتح تحقيق.

وكتب بوريل على منصة "إكس": "أدين هذا الهجوم وأدعو إلى بدء تحقيق في أقرب وقت ممكن". وأضاف "على الرغم من كل المناشدات لحماية المدنيين وعمال الإغاثة، ما زلنا نرى أبرياء يُقتلون".

وأعربت وزارة الخارجية البولندية عن تعازيها لعائلة المتطوع البولندي الذي سقط في الغارة الإسرائيلية، وأضافت: "بولندا لا توافق على عدم الالتزام بالقانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين، بما في ذلك العاملين في المجال الإنساني".

وقال رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، إنه شعر بالصدمة إزاء هذا الحادث، ودعا الحكومة الإسرائيلية إلى "توضيح ملابسات هذا الهجوم الوحشي في أقرب وقت ممكن".

تصنيفات

قصص قد تهمك