وجه الرئيس الأميركي جو بايدن تحذيراً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اتصال هاتفي، الخميس، قائلاً إنه إذا لم تغيّر إسرائيل مسارها في قطاع غزة "فلن نتمكن من دعمكم"، بحسب ما نقله موقع "أكسيوس" الإخباري عن 3 مصادر وصفها بالمطلعة.
وبينما ذكر الموقع في تقرير، الجمعة، أن بايدن لم يحدد طبيعة خسارة الدعم تلك، ولم يتطرق إلى احتمال وقف شحنات الأسلحة لإسرائيل، إلا أنه نقل عن المصادر قولها إن المكالمة كانت "الأصعب" منذ هجمات السابع من أكتوبر الماضي "من حيث اللهجة والمضمون".
وأشار "أكسيوس" إلى أن المكالمة "جعلت نتنياهو يبدأ خطوات كان يعارضها من قبل"، موضحاً، نقلاً عن المصادر، أن بايدن تحدث إلى نتنياهو بشأن الهجوم الإسرائيلي الذي أودى بحياة عمال الإغاثة التابعين لمنظمة "وورلد سنترال كيتشن"، قائلاً إن هذا "الهجوم سيفاقم الأزمة الإنسانية الشديدة في غزة".
وتصاعد الغضب الدولي إزاء الأزمة الإنسانية في القطاع الفلسطيني الذي يسكنه 2.3 مليون نسمة بعدما تسببت 3 غارات جوية إسرائيلية، الاثنين الماضي، في سقوط 7 من موظفي مؤسسة "وورلد سنترال كيتشن" الخيرية ومقرها الولايات المتحدة.
وقال الجيش الإسرائيلي في تقرير، الجمعة، إنه ارتكب سلسلة من "الأخطاء الجسيمة" أبرزها في التقدير، مؤكداً أنه أراد استهداف "مسلح من حماس" اعتلى سطح إحدى شاحنات المساعدات، وراح يطلق النار.
وقف القتال في غزة
وذكر "أكسيوس" أن الكثير من أعضاء الإدارة الأميركية البارزين كانوا موجودين خلال المكالمة التي استمرت 30 دقيقة بين بايدن ونتنياهو، ومن بينهم نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان.
ووفقاً للمصادر، أبلغ بايدن نتنياهو بالحاجة إلى وقف القتال في غزة بسبب ذلك الحادث من أجل السماح باستئناف جهود الإغاثة، بينما ذكر له نتنياهو أنه ستكون هناك إجراءات جديدة على الأرض، ومن ثم لن تكون هناك حاجة لوقف أعمال القتال.
وأضافت المصادر أن نتنياهو أبلغ بايدن أيضاً بأن وقف القتال يحتاج أن يكون متزامناً مع اتفاق لإطلاق سراح المحتجزين في قطاع غزة.
ونقل الموقع عن مسؤول إسرائيلي قوله، إن "نتنياهو ومساعديه دُهشوا من مطالبة بايدن بوقف القتال خارج سياق اتفاق بشأن المحتجزين".
وأوضح المسؤول الإسرائيلي الذي حضر اجتماع مجلس الوزراء الأمني المصغر عقب المكالمة، أن "نتنياهو ذكر خلال الاجتماع أن قراءة البيت الأبيض للمكالمة لم تربط وقف إطلاق النار في غزة بإطلاق سراح المحتجزين".
وأشار المسؤول إلى أنه بعدما طلبت إسرائيل من البيت الأبيض توضيحاً، أكدت إدارة بايدن أنها ما زالت ترى أن وقف إطلاق النار لمدة 6 أسابيع يجب أن يتم مقابل الإفراج عن المحتجزين في قطاع غزة.
ولفت مسؤول إسرائيلي إلى "إجراءات فتح المعابر"، و"زيادة المساعدات لغزة"، معرباً عن اعتقاده بأنها "ستعمل على تهدئة الموقف بين الولايات المتحدة وإسرائيل".
ووافقت إسرائيل على إعادة فتح معبر إيريز المؤدي إلى شمال غزة وعلى الاستخدام المؤقت لميناء أسدود في جنوب إسرائيل بعد أن طالب بايدن باتخاذ خطوات لتخفيف الأزمة الإنسانية في غزة، قائلاً إن الدعم الأميركي لإسرائيل قد يكون مشروطاً إذا لم تتخذ إسرائيل إجراء، بحسب وكالة "رويترز".
رسالتان من بايدن
وبعث الرئيس الأميركي إلى نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، رسالتين يدعو فيها إلى الضغط على "حماس" من أجل التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل لإطلاق سراح المحتجزين، وفقاً ما نقلته وكالة "أسوشييتد برس" عن مسؤول كبير في الإدارة الأميركية.
وقال المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن مستشار الأمن القومي الأميركي سيجتمع، الاثنين المقبل، مع أفراد عائلات بعض المحتجزين في غزة.
وأشارت الوكالة إلى أن الرسالتين تأتيان في الوقت الذي أوفد فيه بايدن مدير وكالة المخابرات المركزية CIA بيل بيرنز إلى القاهرة لإجراء محادثات، نهاية الأسبوع الجاري بشأن أزمة المحتجزين.
ويعتقد بايدن أن نتنياهو لا يبذل كل ما في وسعه للحصول على "صفقة تبادل"، ويحتاج إلى إظهار "المزيد من المرونة"، لذلك تأتي هذه المساعي الأميركية في محاولة لكسر الجمود في المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل و"حماس"، بشأن التوصل إلى صفقة تشمل هدنة في غزة والإفراج عن أسرى فلسطينيين بالسجون الإسرائيلية، مقابل إطلاق سراح محتجزين لدى الحركة في القطاع، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت".
"نقطة تحول"
تأتي هذه التحركات وسط تفاقم حالة الإحباط خلال الأشهر الأخيرة بين الديمقراطيين داخل الكونجرس الأميركي بسبب الطريقة التي نفذت بها حكومة نتنياهو هجومها العسكري على قطاع غزة، والظروف الإنسانية الصعبة التي يواجهها المدنيون الفلسطينيون، بحسب شبكة NBC الأميركية.
وذكرت الشبكة أن الهجوم على موظفي مؤسسة "وورلد سنترال كيتشن" أثار غضب الديمقراطيين في الكونجرس، ما جعل المشرعين يسعون لدفع بايدن إلى فرض شروط على المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل.
وقال مسؤول في الكونجرس للشبكة: "قد يكون هذا الأسبوع نقطة تحول".
ولفتت NBC إلى أن المشرعين الذين امتنعوا سابقاً عن انتقاد إسرائيل؛ بسبب تكتيكاتها في حرب غزة، انضموا إلى الدعوات المطالبة بوقف إطلاق النار، كما حذروا حكومة نتنياهو من دخول مدينة رفح جنوب القطاع، دون خطة لحماية المدنيين.
وتوقع مساعدون في الكونجرس أن يدفع الضغط الذي يمارسه الديمقراطيون، الإدارة الأميركية إلى احتمال تأخير تسليم أسلحة هجومية معينة أو مساعدات عسكرية.
وعلى الرغم من أن مثل هذه الخطوة ستطبق على المعدات المقرر تسليمها بعد أشهر أو سنوات من الآن، ولن تؤثر في إمدادات إسرائيل الحالية من الأسلحة والذخيرة، إلا أنها سترسل رسالة سياسية غير مسبوقة إلى تل أبيب، وفقاً للشبكة.