أقر البرلمان الأوكراني، الخميس، قانوناً مثيراً للجدل ينظم كيفية تجنيد المجندين الجدد في البلاد، بعد أشهر من التأخير، وبعد تقديم آلاف التعديلات على المسودة الأولية؛ بسبب الانتقادات التي طالتها.
وتباطأ المشرعون لعدة أشهر بشأن القانون الذي من المتوقع ألا يحظى بشعبية؛ لأنه لا يذكر فترة لتسريح الجنود ما أغضب الكثير من العسكريين وعائلاتهم.
وقال النائب أوليكسي جونتشارينكو على تليجرام "أقر القانون حول التعبئة بتأييد 283 نائباً" في وقت تواجه أوكرانيا نقصاً في الجنود المتطوعين، وفق ما نقلت "فرانس برس".
وتسبب النص الذي يشدّد بشكل ملحوظ العقوبات على أولئك الذين يقاومون التجنيد، في غضب بسبب حذف بند في اللحظة الأخيرة ينص على تسريح الجنود الذين أمضوا 36 شهراً في الخدمة، وهي ضربة قاسية لمن يقاتل على الجبهة منذ أكثر من عامين.
وجاء القانون بناءً على طلب من القيادة العسكرية بقيادة قائد الجيش السابق فاليري زالوجني، الذي قال إن أوكرانيا تحتاج إلى ما يصل إلى 500 ألف مجند جديد لتعزيز صفوف الجيش.
ولم يكن لدى الجنود المنهكين، على الخطوط الأمامية منذ شنت روسيا غزواً واسع النطاق لأوكرانيا في فبراير 2022، أي وسيلة للتناوب على الراحة، في حين يواصل الآلاف من الرجال الأوكرانيين التهرب من التجنيد الإجباري، وفق وكالة "أسوشيتد برس".
ويأتي القانون الجديد بمجموعة من التغييرات على النظام الحالي من خلال توسيع صلاحيات السلطات الأوكرانية لإصدار مسودات إشعارات الاستدعاء باستخدام نظام إلكتروني.
وقام قائد الجيش الحالي أولكسندر سيرسكي والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي منذ ذلك الحين بمراجعة احتياجات الجيش بعد إجراء التدقيق، قائلين إن العدد المطلوب لم يكن مرتفعاً كما كان متوقعاً، لأنه يمكن تناوب الجنود من الجبهات الخلفية.
وبحسب ما ورد في تقارير إعلامية سابقة، فقد كانت إقالة زالوجني من منصبه بسبب قضية التعبئة.
موضوع شائك
وبينما تستعد أوكرانيا، لدخول العام الثالث من الحرب ضد القوات الروسية، تحتاج كييف إلى عدد أكبر بكثير من الجنود والعناصر البشرية، ولكن نظراً لخطر ردود الفعل الشعبية العنيفة، فإن مهمة تعبئة الجنود الذين يحتاجهم الجيش الأوكراني أصبحت أشبه بنقطة ساخنة في كييف، حيث تقول صحيفة "فاينانشال تايمز" إن المواقف تتباين بين القادة السياسيين في أوكرانيا وكبار قادتها العسكريين.
ولا يبدو أن أياً من الجانبين على استعداد لتحمل المسؤولية الكاملة عن تجنيد مئات الآلاف من الأوكرانيين الذين ربما يكونون مترددين في الخدمة في حرب قاتمة وطاحنة.
وبدأ النقاش في 19 ديسمبر عندما قال الرئيس فولوديمير زيلينسكي في مؤتمره الصحافي في نهاية العام إن قادة الجيش الأوكراني طلبوا تجنيد ما بين 450 ألف إلى 500 ألف رجل. وكان إعلانه استثنائياً من ناحيتين.
وتشير الصحيفة إلى أن الرئيس الأوكراني تحدث عن رقم محدد، علماً أنه منذ بداية الغزو الروسي في فبراير 2022، أبقت أوكرانيا عدد الأشخاص الذين جندتهم، طي الكتمان، تماماً كما هو الأمر بالنسبة لعدد الضحايا.
وأضافت أن زيلينسكي شدد على أن هذا كان طلباً من كبار الضباط، وهو طلب لم يستجب له بعد. وقبل الموافقة عليه، أراد خطة مفصلة من قادته حول سبب الحاجة إلى هذا العدد الكبير من المجندين وما يعنيه ذلك فيما يتعلق بتناوب القوات على الجبهة، وقال "أحتاج إلى تفاصيل.. هذا رقم خطير للغاية."
ويُمنع الرجال الأوكرانيون الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عاماً من مغادرة البلاد، ومن المفترض أن يقوموا بالتسجيل في مكاتب التجنيد العسكرية لاحتمال الاستدعاء.
ومع ذلك، بموجب القواعد الحالية، لا يمكن تجنيد سوى الرجال الذين يبلغون من العمر 27 عاماً أو أكثر. وتم نشر مشروع قانون لخفض هذا السن إلى 25 عاماً في ديسمبر الماضي، والقواعد التي تحكم التعبئة هي من مسؤولية البرلمان.
هروب من المسؤولية
واعتبرت "فاينانشال تايمز" أن حزب زيلينسكي "خادم الشعب" رفض تحمل مسؤولية مشروع القانون، وصدرت تعليمات لنواب البرلمان بعدم التعليق عليه، وبدلاً من ذلك إحالة أسئلة الصحافيين إلى القادة العسكريين، وفقًا لما ذكره موقع "تروث" الأوكراني.
وقبل انطلاق النقاش حول مسألة التجنيد، كان قائد الجيش السابق بعيداً عن الأضواء إلى حد كبير، مع استثناءات قليلة، أبرزها مقابلة أجرتها معه مجلة الإيكونوميست في نوفمبر، وصف فيها الحرب بأنها وصلت إلى "طريق مسدود"، وهي كلمة محظورة في الدوائر الحكومية أثارت غضب الرئيس.
وفي دفاعه عن حملة التجنيد، قال زالوجني إن الجيش يحتاج إلى المزيد من الجنود، لكنه أكد أنه ليس مسؤولاً عن كل التفاصيل.
ورداً على سؤال حول العدد الذي ذكره زيلينسكي، قال الجنرال إن الكشف عن أي أرقام سيكون بمثابة إفشاء سر عسكري، وأضاف "نحن جيش، وعلينا أن نقاتل، لا أن نتدخل في حياة المدنيين".