قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الأحد، إن الحرس الثوري لقن إسرائيل درساً قوياً، في إشارة إلى الهجمات التي نفذتها إيران الليلة الماضية على إسرائيل، التي لم تعلن عن تكبدها خسائر بشرية أو مادية جراء الهجوم، وسط احتفال للنواب الإيرانيين داخل البرلمان واحتشاد آلاف الإيرانيين في شوارع المدن الكبرى احتفاء بالهجوم "غير المسبوق".
ونقلت قناة "العالم" الإيرانية عن رئيسي قوله: "أبناء إيران في حرس الثورة سجلوا بالتنسيق مع جميع القطاعات الدفاعية والسياسية صفحة ناصعة في تاريخ البلاد، ولقنوا الصهاينة درساً بليغاً".
وأضاف: "رجال القوات المسلحة الشجعان يراقبون كافة التحركات بالمنطقة، وإذا نفذ الصهاينة وحماتهم تحركات متهورة فإنهم سيتلقون رداً حاسماً أشد عنفاً بكثير".
من جانبه، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إن إيران أبلغت جيرانها بهجومها الانتقامي على إسرائيل قبل 72 ساعة من حدوثه.
وقال عبد اللهيان في مؤتمر صحافي: "قبل حوالي 72 ساعة من عملياتنا، أبلغنا أصدقاءنا وجيراننا في المنطقة أن رد إيران على إسرائيل مؤكد ومشروع ولا رجعة فيه".
هجوم "تحذيري"
ووصف رئيس هيئة الأركان العامة بالجيش الإيراني محمد باقري، الأحد، العملية العسكرية التي شنتها بلاده ضد إسرائيل بـ"التحذيرية فقط".
وأكد باقري، في تصريحات نقلتها قناة "العالم"، أن الضربة الإيرانية "لم تستهدف أي مواقع اقتصادية"، لافتاً إلى أن "أنظمة الدفاع الجوي ستدخل جميعها العمل إذا كانت هناك حاجة لذلك".
وأوضح رئيس الأركان الإيراني أن طهران "حذرت" واشنطن عبر السفارة السويسرية من أنها "إذا تدخلت وساعدت إسرائيل في عملياتها القادمة فسنرد"، مشيراً إلى أن الهجوم أسفر عن نجاح ضرب قاعدتين عسكريتين إسرائيليتين.
وشنت إيران أول هجوم مباشر على إسرائيل باستخدام عشرات الطائرات المسيرة وصواريخ كروز، وذلك بعد سقوط قائد كبير بالحرس الثوري في هجوم إسرائيلي استهدف القنصلية الإيرانية في دمشق الأسبوع الماضي.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أن إيران أطلقت أكثر من 300 مسيرة وصاروخ باتجاه إسرائيل، فضلاً عن إطلاق أكثر من 55 صاروخاً من لبنان خلال الساعات الماضية، معلناً اعتراض 99% منها بواسطة نظام الدفاع الجوي.
"معادلة جديدة"
من جهته، قال القائد العام للحرس الثوري الإيراني حسين سلامي إن صواريخ كروز التي أطلقتها بلاده "تمكنت من عبور الدفاع الدقيق والحماية المعقدة التي قامت بها إسرائيل بمساعدة أميركا في المجال الجوي العراقي والأردني وحتى سوريا".
وأشار إلى أنه "حتى اللحظة لا نملك معلومات دقيقة عن نتائج عمليات ليلة أمس (السبت) لكن لدينا معلومات بأنها تمت بنجاح، وحققت أهدافها بدقة"، مضيفاً: "قمنا بعمليات محدودة بحجم ووزن معين لتحذير إسرائيل، وكان يمكن أن تكون عملية موسعة".
وشدد على أن إيران "اتخذت معادلة جديدة مع إسرائيل، وهي الرد على أي اعتداء من جهتها من الأراضي الإيرانية مباشرة".
احتفال البرلمان
واحتفل مجلس الشورى الإيراني (البرلمان)، في افتتاحية جلسة الأحد، بالهجوم على إسرائيل، حيث احتشد عشرات النواب وسط القاعة مرددين شعارات مثل "الموت لإسرائيل"، و"الدماء في عروقنا هدية لمرشدنا"، و"أيها المرشد خامنئي جاهزون جاهزون"، بحسب شبكة "إيران إنترناشونال".
وقال رئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف إن مهاجمة إسرائيل رداً على استهداف المواقع الدبلوماسية الإيرانية "كان قائماً على ميثاق الأمم المتحدة"، حسبما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا".
واعتبر قاليباف، في بداية جلسة مفتوحة للمجلس، أن الرد العسكري الإيراني "صفعة قوية للعدو الصهيوني".
الإيرانيون يحتفلون
واحتشد آلاف الإيرانيين في شوارع المدن الكبرى ملوّحين براية إيران، احتفاء بالهجوم "غير المسبوق" الذي شنّته طهران على إسرائيل، بحسب وكالة "فرانس برس" التي قالت إن متظاهرين احتشدوا في ساحة فلسطين وسط طهران، بعيد الإعلان عن إطلاق الحرس الثوري عملية سماها "الوعد الصادق".
وردد المحتشدون شعارات من قبيل "الموت لإسرائيل" و"الموت لأميركا"، في تكرار للهتافات التي تُرفع في غالبية المناسبات الرسمية منذ الثورة الإيرانية عام 1979.
ورفع المتظاهرون الأعلام الإيرانية وأعلام "حزب الله" اللبناني المدعوم من طهران. كما حمل بعضهم صوراً للقائد السابق لفيلق القدس اللواء قاسم سليماني، أحد أبرز مهندسي السياسة الإقليمية لطهران والذي اغتيل في يناير 2020 بضربة أميركية على بغداد.
وكان المسؤولون الإيرانيون، يتقدمهم المرشد علي خامنئي، توعدوا بـ"معاقبة" إسرائيل بعد الضربة المنسوبة إليها في الأول من أبريل على القنصلية الإيرانية في دمشق، والتي أودت بحياة 7 أفراد من الحرس الثوري، من بينهم ضابطان رفيعا المستوى.
ومنذ بضعة أيام، علقت لافتة كبيرة على مبنى ساحة فلسطين، تدعو الإسرائيليين بالعبرية إلى "الاحتماء".
وكُشف ليلاً عن رسم جداري جديد في الساحة يظهر علماً إسرائيلياً ممزّقاً مع صواريخ في الخلفية، وكُتب عليه أن "الصفعة المقبلة ستكون أقوى".
ونظمت تجمعات أيضاً لفترة قصيرة أمام السفارة البريطانية، في غياب تمثيليات دبلوماسية للولايات المتحدة وإسرائيل اللتين تعتبران العدوين اللدودين لطهران.
إجراءات احترازية
وساد هدوء في أحياء العاصمة الأخرى حيث تشكلت طوابير انتظار أمام بعض محطات الوقود لملء خزانات السيارات في إجراءات احترازية.
وفي مدينة أصفهان بوسط البلاد، تجمّع أشخاص أمام مرقد اللواء محمد رضا زاهدي، أبرز الأفراد السبعة من الحرس الثوري الذين قضوا في الضربة على القنصلية الإيرانية في دمشق.
وجرت تجمعات مماثلة أمام مرقد اللواء سليماني في كرمان (جنوب)، وفي مدن مثل تبريز وكرمانشاه والأهواز.
وفي هذه الأجواء المشحونة بالقلق وانعدام اليقين، تراجع الريال الإيراني إلى أدنى مستوياته تاريخياً، مساوياً حوالي 650 ألفاً مقابل الدولار في السوق الموازية.
ولم يُخفِ إيرانيون كثيرون قلقهم في الأيام الأخيرة من مواجهة مباشرة بين إيران وإسرائيل، بعد أعوام من مواجهة في الظل بينهما.
وتتهم إيران إسرائيل بالوقوف خلف سلسلة عمليات طالت أراضيها، مثل عمليات تخريب في منشآت عسكرية، وأخرى مرتبطة ببرنامجها النووي، أو عمليات اغتيال لعلماء وقادة عسكريين.
من جهتها، تتهم تل أبيب طهران بالعمل على "إزالتها"، ودعم مجموعات عدة في الشرق الأوسط مناهضة لها مثل "حزب الله" اللبناني وفصائل فلسطينية، وتعزيز حضورها العسكري في سوريا.