أفاد مسؤولون أميركيون بعدة وكالات حكومية، الجمعة، بأن إدارة الرئيس جو بايدن أمرتهم بعدم التحدث علناً عن الضربة "الانتقامية" الإسرائيلية التي تمت داخل إيران، فيما قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير إن البيت الأبيض ليس لديه أي "تعليق" على التقارير عن هجمات إسرائيلية في إيران.
ورأت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أن هذه التصريحات تسلط الضوء على مدى حساسية الوضع، والرغبة في إدارة التهديد بالعنف المتصاعد في المنطقة.
ووقعت انفجارات في مدينة أصفهان، صباح الجمعة، فيما وصفته مصادر بأنه هجوم إسرائيلي، لكن طهران شككت في الواقعة، وأشارت إلى أنها لا تعتزم الانتقام، وهو رد يهدف فيما يبدو إلى تجنب حرب على مستوى المنطقة، بحسب وكالة "رويترز".
ضربة محدودة
ورفض المسؤولون في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، ووزارة الدفاع (البنتاجون)، ووزارة الخارجية، ووكالات أخرى التعليق، لـ"واشنطن بوست" على الضربة.
وقال بعض المسؤولين إنهم تلقوا تعليمات بعدم التصريح في شيء يشبه "الأمر بحظر النشر"، في حين ذكرت الصحيفة أنه يبدو أن الأضرار الناجمة عن الضربة الإسرائيلية في وسط إيران كانت "محدودة"، ما يترك الباب مفتوحاً أمام إمكانية تجنب الطرفين الحرب.
وقال 3 مسؤولين أميركيين وآخر إسرائيلي لمجلة "بوليتيكو" الأميركية، إن "التعليمات الواردة من داخل واشنطن هي التزام الصمت بشأن الهجمات الإسرائيلية على أصفهان".
وذكرت المجلة أن إدارة بايدن تأمل بأن يؤدي "التزام الصمت" وعدم التعليق على هذا الهجوم، إلى تجاوز هذه "الفترة الخطيرة" دون التصعيد إلى حرب شاملة.
ويأتي صمت المسؤولين في الوقت الذي أعربوا فيه عن أملهم بأن تكون ضربة الجمعة، هي التحرك الأخير في دائرة العنف التي اتسعت في الأول من أبريل الجاري بضربة إسرائيلية على قنصلية إيران في سوريا، والتي أسفرت عن سقوط قادة عسكريين إيرانيين كبار، فيما ردت طهران في 13 أبريل عبر إطلاق طائرات مسيرة وصواريخ على تل أبيب، لكن الدفاعات الإسرائيلية والأميركية أوقفت الهجوم بشكل كامل تقريباً، بحسب "واشنطن بوست".
وقال وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاجاني للصحافيين، الجمعة، إنه تم إبلاغ الولايات المتحدة بالضربة الإسرائيلية في "اللحظة الأخيرة" لكنها لم تشارك فيها.
من جهته، أشار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في مؤتمر صحافي في إيطاليا، إلى أنه "لن يتحدث عن الأمر"، لكنه أكد على أن "الولايات المتحدة لم تشارك في أي عمليات هجومية".
ووقعت الضربة في إيران بعد ساعات من قيام مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان بعقد اجتماع مع مسؤولين أميركيين وإسرائيليين لبحث "عدة قضايا في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنته إيران ضد إسرائيل".
ولكن لم يذكر البيان الذي أصدره البيت الأبيض عقب الاجتماع أي عملية عسكرية محتملة في طهران، إلا أن القادة الإسرائيليين قالوا إنهم يعتزمون الرد على الهجوم الذي شنته إيران الأسبوع الماضي، على الرغم من المناشدات بضبط النفس من جانب بايدن، وغيره من زعماء العالم الذين يسعون إلى نزع فتيل التوتر في الشرق الأوسط.
وتحدث وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الخميس، مع نظيره الإسرائيلي يوآف جالانت، وأصدر "البنتاجون" بياناً من جملتين أعلن فيه عن المكالمة، لكنه لم يقدم إلا تفاصيل قليلة.
وكان أوستن شكا سابقاً إلى جالانت من عدم إخطاره بشكل مسبق بالضربة الإسرائيلية في الأول من أبريل على دمشق، وقال أوستن لجالانت، إنه "لو علم المسؤولين الأميركيين بالضربة قبل شنها، لكان (البنتاجون) أكثر قدرة على حماية قواته أو حتى حماية إسرائيل نفسها"، بحسب ما نقله مسؤولين أميركيين مطلعين على المكالمة.
"توسل أميركي"
وأكد مسؤول إسرائيلي لـ"بوليتيكو"، أن "لا أحد يريد تصعيد الأمور" في المنطقة، فيما أعرب معظم المسؤولين الذين تحدثت إليهم المجلة عن "ارتياحهم؛ لأن الهجوم كان محدوداً نسبياً".
لكن أحد المسؤولين عبّر عن "إحباطه من أن إسرائيل لم تستجب لتحذيرات بايدن بممارسة المزيد من ضبط النفس، وعدم شن هجوم مضاد" ضد إيران.
ولفت مسؤول أميركي إلى أن "الولايات المتحدة توسّلت إلى إسرائيل ألا تفعل ذلك"، موضحاً أن ألا أحد في "البنتاجون" وهيئة الأركان المشتركة ووكالة المخابرات المركزية، يعتبر هذا الهجوم "أمراً جيداً".
وأضاف: "محرج حقاً عدم استماع إسرائيل إلينا، لكن هذا لا يمنع الرئيس بايدن من الولاء الأعمى"، معتبراً أن "إسرائيل تلعب لعبة خطيرة. ويبدو أن بايدن يضعنا في مرمى النيران".