أفادت تقارير باستخدام إسرائيل صاروخاً باليستياً من طراز "سبارو" الذي يُطلق من الجو، الجمعة، عندما استهدفت مدينة أصفهان الإيرانية، وذلك لتثبت لطهران أنها قادرة على مهاجمة أهداف داخل البلاد من مسافة بعيدة، وفق ما أوردته صحيفة "فاينانشيال تايمز".
وأوضحت الصحيفة أن الصور، التي فحصها محللون عسكريون والمهتمون بالاستخبارات مفتوحة المصدر، أشارت إلى أن إسرائيل ربما استخدمت صاروخاً باليستياً من طراز "سبارو" الذي يُطلق من الجو.
وأشار أحد المسؤولين الإسرائيليين إلى أن القوات المسلحة للبلاد شنت هجوماً صاروخياً عن بُعد من مسافة بعيدة عن حدود إيران، قائلاً: "أبلغت إسرائيل شركاءها أن الهجوم تم بناقلات محمولة جواً، وأنها لم تدخل المجال الجوي الإيراني".
وذكرت الصحيفة أن المعلومات الدقيقة عن الأسلحة المُستخدَمة في الهجوم المضاد "لا تزال غير واضحة"، ولكن تم تحديد أجزاء من الصاروخ، التي تم تصويرها، ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل "صابرين نيوز"، وهي قناة مرتبطة بالجماعات الشيعية العراقية، إذ رُجح أن تكون وحدات دفع الوقود المُستهلَكة في صواريخ "بلو سبارو" إسرائيلية الصُنع، وهو ما يتفق مع تقييمات وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) المبكرة.
ويصل مدى صواريخ "سبارو" التي تُطلَق من الجو إلى 2000 كيلومتر، ومن الممكن أن تكون قد تم إطلاقها بواسطة طائرات مقاتلة إسرائيلية تم تزويدها بالوقود بواسطة طائرات أخرى في المجال الجوي السوري، وفقاً لمحللي "OSINT" الذين استشهدوا ببيانات الرحلة الجوية في وقت متأخر الخميس.
وما يدعم هذه النظرية أن وكالة الأنباء السورية "سانا"، ذكرت أن صواريخ إسرائيلية استهدفت مواقع دفاع جوي في المنطقة الجنوبية للبلاد، إذ قال مسؤول كبير سابق بوزارة الدفاع الأميركية إن مثل هذه الخطوة تتناسب مع احتمالية قيام إسرائيل "بتطهير الممر الجوي في سوريا لتوجيه ضربة مباشرة إلى إيران".
وأشارت "فاينانشيال تايمز" إلى أن فتح ممر آمن للغارات في سوريا على الأرجح هو ما مكَن تل أبيب من شن هجمات بعيدة المدى من قبل الطائرات المقاتلة الإسرائيلية خارج المجال الجوي الإيراني، قائلة إنه من الممكن أن تكون الصواريخ الإسرائيلية قد تخلصت من وحدات تعزيز الوقود الخاصة بها، عندما حلقت بعد ذلك شرقاً فوق العراق، فيما واصلت الأجزاء المذخرة في مسارها للوصول إلى أهدافها في طهران.
ولم تعلق إسرائيل على الغارة، وهو ما يتفق مع سياستها التقليدية المتمثلة في "الغموض الاستراتيجي"، فيما أكدت الولايات المتحدة أنها لم تلعب أي دور فيها، وأشارت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن المواقع النووية الإيرانية "لم تتضرر من الضربة".
وفي الوقت نفسه، قللت إيران من أهمية ما حدث، إذ أشار المسؤولون إلى عدم وجود خطط للرد، وقال مسؤول إيراني لـ "فاينانشيال تايمز"، إن الهجوم تم بعدد محدود من الصواريخ وتم اعتراضها.
وفي هذا الإطار، قال جون ريدج، محلل استخبارات المصادر المفتوحة OSINT: "صحيح أنه لا يزال هناك الكثير من عدم اليقين بشأن الأسلحة المستخدمة، ولكن صواريخ (سبارو) هي الأكثر ملائمة لهذه المهمة، وخاصةً فيما يتعلق بالمدى".
وأضاف ريدج أن "السلاح الآخر الذي من المحتمل أن تكون قد استخدمته إسرائيل هو صاروخ (روكس) الدقيق الذي يُطلق من الجو والمشابه لصاروخ (سبارو)، وكلاهما من صنع مجموعة "رافائيل" لتكنولوجيا الدفاع الإسرائيلية".
صواريخ "سبارو"
وتتضمن مجموعة صواريخ "سبارو" 3 إصدارات: الإصدار قصير المدى "بلاك آرو"، وإصداري "بلو سبارو" و"سيلفر سبارو" متوسطي المدى، وتشير شركة "رافائيل" الإسرائيلية، التي تنتج الصواريخ، إلى أن "بلو سبارو" تؤدي مهامها بشكل لا تشوبه شائبة حتى الآن.
وأشارت التقارير الأولية الصادرة عن وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية إلى أن إسرائيل ربما استخدمت أيضاً طائرات صغيرة بدون طيار أو ما تُعرف بـ "كوادكوبتر"، بدلاً من الصواريخ في الهجوم.
وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إن "الطائرات الصغيرة بدون طيار التي ورد أن إسرائيل أطلقتها على إيران لم تسبب أي أضرار أو إصابات".
لكن مصدراً عسكرياً، قال لشبكة "فوكس نيوز" الأميركية، إن هدف الضربات الإسرائيلية في إيران، كان قاعدة عسكرية في مدينة أصفهان، مضيفاً: "لقد ضرب الإسرائيليون ما كانوا يعتزمون ضربه".
وأشار المصدر إلى أن التقارير الواردة من طهران التي تزعم أن الانفجارات في المنطقة كانت نتيجة لعمل أنظمة الدفاع الجوي الخاصة بها "غير صحيحة".
وذكر أن أهداف الضربة الإسرائيلية شملت "أنظمة دفاع جوي إيرانية من بين تلك المُستخدَمة لحماية منشآت طهران النووية"، لافتاً إلى أنها "كانت رسالة للإيرانيين مفادها أن إسرائيل يمكنها الوصول إليكم".
ووفقاً للمصدر، فإن الجيش الإسرائيلي استخدم صواريخ وطائرات بدون طيار لتنفيذ عمليته، ولكن أنظمة الدفاع الجوي أثبتت عدم فاعليتها في صد الضربات.
استراتيجية إيرانية
ووفقاً لـ "فاينانشيال تايمز"، فإن ذلك قد يكون جزءاً من استراتيجية إيرانية متعمدة، للتقليل من تأثير الضربة الإسرائيلية وفعالية أسلحتها بعيدة المدى، ولكن مسألة توجيه الضربة الإسرائيلية بطائرة مسيرة من دون طيار يتناسب أيضاً مع العمليات الإسرائيلية السرية السابقة داخل طهران، والتي استخدمت طائرات بدون طيار لاستهداف منشآت الأسلحة مرتين على الأقل.
وقال الجنرال السابق في سلاح الجو الإسرائيلي والرئيس السابق للاستخبارات العسكرية، عاموس يادلين، إنه بغض النظر عن الطريقة التي نفذت بها تل أبيب الضربة على طهران، فإن مجرد حدوثها يبعث برسالة قوية.
وأضاف: "ما فعله الإيرانيون ووكلاؤهم بمئات القذائف، فعلناه ببضعة صواريخ فقط، وهو ما يُظهر لطهران أنها مُعرضة للخطر، وأن لدينا قدرات أكبر بكثير مما تعتقد".
وتعليقاً على الصور التي تم تصويرها في العراق لأجزاء الصواريخ التي سقطت، قال يادلين إنها تبدو وكأنها أجزاء من "سلاح بقدرات بعيدة المدى لم يُستخدم من قبل".
وفي إشارة إلى أن الهجوم الإسرائيلي يبدو أنه حقق توازناً بين إظهار القوة العسكرية للبلاد دون إثارة رد فعل إيراني مضاد، أشاد مسؤول الدفاع الأميركي الكبير السابق الذي تحدث إلى الصحيفة بما وصفه بـ "التنفيذ المدهش" للضربة.
وكانت إسرائيل قد طوَرت صواريخ "سبارو" في الأصل لاختبار فعالية نظام الدفاع الجوي "آرو"، الذي يُستخدم لإسقاط الصواريخ الباليستية القادمة للبلاد، ولكنها قامت بعد ذلك بتصنيع نسخة أخرى برأس حربي، فيما تعد صواريخ "روكس" نسخة مشتقة من "سبارو".