قال مسؤول في "حماس"، الأربعاء، إن الحركة لا تزال تبحث عرض وقف إطلاق النار الأخير الذي قدمته مصر، فيما أشار إلى أن تصريحات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، التي اتهم فيها الحركة بأنها "السبب الوحيد" لعدم التوصل لاتفاق في غزة بأنه "محاولة ضغط على الحركة لتبرئة إسرائيل".
واعتبر القيادي في الحركة سامي أبو زهري في تصريحات نقلتها "رويترز"، أن ما قاله بلينكن "مخالف للحقيقة وليس غريباً أن يصدر من بلينكن المعروف عنه أنه وزير خارجية إسرائيل وليس أميركا، وهي محاولة لممارسة الضغط على حركة حماس وتبرئه الاحتلال".
واتهم أبو زهري رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بتعطيل المفاوضات، وأضاف: "تلقينا قبل عدة أيام فقط رداً رسمياً إسرائيلياً وهو قيد الدراسة".
التصريحات تأتي في وقت، تترقب دول الوساطة في مفاوضات غزة، رد الحركة على مقترح الهدنة، وسط تحركات دولية، لدعم تلك الجهود الرامية إلى وقف النار والإفراج عن الأسرى، فيما تتوقع إسرائيل "رداً سلبياً"، لغياب ضمانات إنهاء الحرب.
وعبر القيادي في "حماس"، يوسف حمدان، عن اعتقاده بأن العرض الإسرائيلي الأخير لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل المحتجزين يقترب من موقف الحركة وشروطها، لكنه لا يزال يتضمن "بنوداً ملغمة قد تؤدي لتفجير الاتفاق عند التنفيذ".
وقال حمدان لوكالة أنباء العالم العربي AWP، إن هناك أطرافاً تصف الورقة الإسرائيلية بأنها تتضمن "عرضاً سخياً" وذلك من أجل "الضغط على الحركة لقبول العرض كما هو"، في إشارة إلى تصريحات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.
وبحسب تقارير إسرائيلية، فإن تل أبيب تنتظر رد "حماس" ، مساء الأربعاء، فيما رجحت أنه سيتم اتخاذ قرار بشأن اجتياح رفح جنوبي قطاع غزة في غضون 48 إلى ساعة.
وقالت هيئة البث الاسرائيلية "مكان"، إن نتنياهو قرر مرتين تأجيل العملية العسكرية المنتظرة في رفح في ظل الضغوط الدولية على اسرائيل للامتناع عن تنفيذها، وجهود الوسطاء للتوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى.
وكان من المفترض أن يجتمع مجلس الوزراء الحربي الثلاثاء، لبحث مفاوضات تبادل الأسرى مع "حماس"، لكن مكتب رئيس الوزراء أغلى الجلسة دون إبداء أسباب.
وبعد اجتماع جرى، الاثنين الماضي، في القاهرة مع ممثلي مصر وقطر، وصل وفد "حماس" إلى الدوحة، لدرس مقترح الهدنة الجديد ويُرتقب أن يعطي رده في "أسرع وقت ممكن" بحسب مصدر قريب من الحركة.
لكن في الأثناء، تنتظر دول الوساطة رد الحركة على مقترح هدنة لـ 40 يوماً، يشمل الإفراج عن رهائن محتجزين في غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، في مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين محتجزين في السجون الإسرائيلية.
وجاء تكثيف المساعي الدبلوماسية الرامية للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار في أعقاب تجدد جهود بقيادة مصر لإحياء المفاوضات المتوقفة بين إسرائيل والحركة التي تدير قطاع غزة منذ 2007.
جولة فرنسية
في السياق، قال مصدر دبلوماسي فرنسي، إن وزير الخارجية، ستيفان سيجورنيه، سيتوجه إلى العاصمة المصرية القاهرة، الأربعاء، في محطة لم تكن مقررة سلفاً خلال جولة في الشرق الأوسط، مع وصول الجهود الرامية للتوصل إلى هدنة إلى مرحلة حاسمة.
وأضاف المصدر: "الزيارة المفاجئة للوزير تأتي في إطار الجهود المصرية لتحرير الرهائن والتوصل إلى هدنة في غزة"، إذ لا يزال 3 فرنسيين محتجزين كرهائن لدى "حماس" منذ أكتوبر.
وتأتي زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى مصر، بعد أن توقف في كل من لبنان والسعودية وإسرائيل، إذ سيسعى على الأرجح إلى تقييم ما إذا كان من الممكن إطلاق سراح الرهائن الثلاث ومدى قرب التوصل إلى اتفاق بالفعل.
وقال سيجورنيه، الذي التقى برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس، الثلاثاء، إن "هناك بعض الزخم نحو التوصل إلى اتفاق، لكنه لن يكون سوى خطوة أولى نحو وقف طويل الأمد لإطلاق النار"، فيما حذر من أن الهجوم على مدينة رفح، جنوب غزة، "لن يساعد إسرائيل في حربها على حماس".
ضغوط أميركية
وخلال لقائه الرئيس الإسرائيلي اسحق هرتسوج في تل أبيب، في وقت سابق من الأربعاء، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن: "حتى في هذه الأوقات الصعبة، نحن مصممون على التوصل إلى وقف لإطلاق النار يعيد الرهائن إلى ديارهم والتوصل اليه الآن. السبب الوحيد لعدم حصول ذلك هو حماس".
وكان بلينكن، قال الثلاثاء، إنه لم يعد هناك مزيد من الأعذار أو التأخير أمام حركة "حماس"، وحضها على "التحرك الآن" لقبول اتفاق الهدنة المعروض عليها من الوسطاء، فيما تشهد الحكومة الإسرائيلية انقسامات بشأن مقترح الهدنة وتبادل الأسرى.
وطالب بلينكن في تصريحات للصحافيين في العاصمة الأردنية عمّان، حركة "حماس" بالقبول سريعاً بمقترح الهدنة، مؤكداً أنه "لا مزيد من التأخير ولا مزيد من الأعذار. وقت العمل حان الآن، نود أن نرى في الأيام المقبلة تنفيذ هذا الاتفاق".
ويأتي المقترح المصري، بعد أسابيع من الجمود في المفاوضات غير المباشرة، الرامية إلى وقف إطلاق النار، بعدما تم التوصل إلى هدنة مؤقتة في نهاية نوفمبر الماضي، سمحت بالإفراج عن حوالى 105 رهائن لدى "حماس"، بينهم 80 إسرائيلياً ومزدوجي الجنسية، في مقابل 240 فلسطينياً لدى إسرائيل.
وتطالب "حماس" بوقف دائم لإطلاق النار قبل أي اتفاق بشأن إطلاق سراح الرهائن، وهو ما ترفضه إسرائيل التي تؤكد عزمها على شن هجوم بري في رفح، حيث لجأ حوالى مليون ونصف مليون فلسطيني غالبيتهم من نازحي الحرب.
ويؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن الهجوم على رفح "ضروري لهزيمة حماس"، إذ قال خلال لقائه ممثلين لعائلات الرهائن، الثلاثاء: "فكرة أننا سنوقف الحرب قبل تحقيق كل أهدافها غير واردة. سندخل رفح وسنقضي على كتائب حماس هناك مع أو بدون اتفاق، من أجل تحقيق النصر الشامل".
وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش من أن أي هجوم عسكري إسرائيلي على رفح سيشكل "تصعيداً لا يحتمل"، كما أعرب عن "قلقه العميق" إزاء اكتشاف مقابر جماعية في المستشفيين الرئيسيين في قطاع غزة، ودعا إلى إجراء تحقيق مستقل.
من جهته كتب مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس على منصة "إكس"، أن "عملية واسعة النطاق في رفح ستؤدي الى كارثة إنسانية"، داعياً كل الأطراف إلى العمل من أجل وقف إطلاق نار.