قالت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون"، إن القوات الأميركية أكملت حتى الآن إنشاء أكثر من 50% من ميناء المساعدات العائم أمام ساحل غزة، لتسريع تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
ويهدف المشروع، الذي تقدر كلفته بنحو 320 مليون دولار، وأعلن عنه الرئيس جو بايدن في مطلع مارس الماضي، إلى الالتفاف على السياسات الإسرائيلية التي تمنع وصول المساعدات إلى القطاع المحاصر، إذ يسمح بنقل المساعدات الإنسانية بحراً، بعد تعطل الطرق البرية الأكثر موثوقية.
وأشار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، خلال جولته في معبر كرم أبو سالم حيث يتم تفتيش شاحنات المساعدات المتجهة إلى غزة، وهي عملية اشتكت جماعات الإغاثة من أنها تعرقل دخول هذه المساعدات، إلى ميناء المساعدات العائم سيعمل خلال أسبوع.
في السياق، قالت صحيفة "فاينانشيال تايمز"، إن مئات من القوات الأميركية أمضت أسابيع في بناء الهيكل الذي يهدف إلى تهدئة الأزمة الإنسانية الأليمة في القطاع، حيث تنقل السفن الأميركية معدات متخصصة إلى نقطة تبعد حوالي ميلين عن الشاطئ حيث من المفترض أن ترسو سفن المساعدات القادمة من قبرص.
ومن هناك، سينقل أسطول من السفن الصغيرة البضائع إلى موقع على شاطئ غزة، حيث خصص 70 فداناً من الأراضي، إذ يمكن أن يبدأ التشغيل التجريبي للرصيف بحلول منتصف مايو الجاري على أقرب تقدير، ومن المتوقع أن يعمل حتى الخريف فقط، عندما يتغير الطقس.
وقال مسؤول أميركي الأسبوع الماضي، إن الرصيف والبنية التحتية المجاورة له، بكامل طاقته، قد يكونان قادرين على التعامل مع ما يعادل حوالي 150 شاحنة من المساعدات.
لكن مسؤولين أميركيين شككوا مراراً بذلك الجهد المعقد والمكلف لنقل المساعدات على مسافة 250 ميلاً من جزيرة قبرص في البحر المتوسط، خصوصاً مع وجود العديد من المعابر الحدودية التي يمكن من خلالها إمداد القطاع بالمساعدات.
وتتفق المنظمات الإنسانية والولايات المتحدة على أن نقل البضائع إلى غزة بالشاحنات هو أفضل وسيلة لضمان حصول المدنيين الفلسطينيين على آلاف الأطنان من المساعدات التي اشترتها الأمم المتحدة والهيئات الدولية الأخرى.
وستقوم إسرائيل بتفتيش المساعدات الموجهة إلى الرصيف الأميركي في قبرص نفسها، ويأمل المسؤولون الأميركيون في تسريع عمليات التسليم بمجرد وصول المساعدات الإنسانية إلى الشاطئ في غزة.
جهد مهدر
بدوره، قال مسؤول كبير في الأمم المتحدة، طلب عدم كشف هويته، للصحيفة إن "الرصيف الجديد يعد جهداً مهدراً. لأن هناك طرقاً، ومعابر حدودية ومساعدات تنتظر خارج غزة".
ولا تزال مئات الشاحنات المحملة بالأغذية والأدوية وغيرها من الإمدادات التي تشتد الحاجة إليها، عالقة خارج الحدود البرية لغزة في انتظار تصريح من الجيش الإسرائيلي، أو غير قادرة على دخول القطاع لأن الطرق المتضررة وغياب القانون جعل عملية التوزيع صعبة.
ومع رفض إسرائيل السماح بتوزيع المساعدات المنقولة بحراً، توسطت الولايات المتحدة في اتفاق مع برنامج الأغذية العالمي لتولي مهمة إيصال بعض المساعدات إلى شمال غزة.
أما بقية المساعدات، والتي ستسافر لعدة أيام على متن السفينة، فسيتم نقلها إلى مستودعات الأمم المتحدة في جنوب غزة، والتي يقع بعضها على بعد دقائق قليلة بالسيارة من الأراضي الإسرائيلية.
وحذرت الأمم المتحدة في مارس الماضي، من أن قطاع غزة بأكمله على شفا مجاعة من صنع الإنسان، وأن المجاعة تنتشر في النصف الشمالي من القطاع.
وحتى الآن، تشكو الأمم المتحدة وغيرها من الوكالات من عدم كفاية عدد أجهزة المسح الضوئي عند نقاط التفتيش الأمنية الإسرائيلية، والرفض التعسفي لعدد من الشاحنات، وعدم كفاية السلامة على الطرق الرئيسية داخل غزة لتنقل شاحنات المساعدات.
معارضة إسرائيلية
ويعارض قسم كبير من الجناح اليميني الإسرائيلي تسليم المساعدات للمدنيين في غزة إلى أن تطلق حركة "حماس" سراح الرهائن الذين ما زالوا قيد الاحتجاز في غزة، ولم تفعل الشرطة الكثير لتفريق الاحتجاجات الدورية على طول الطريق الذي يجب أن تسلكه الشاحنات، وعند مدخل معبر "كرم أبو سالم" جنوب القطاع.
وأوقف محتجون، الأربعاء، قافلة مساعدات أردنية كانت متجهة عبر إسرائيل، وألقوا إمداداتها على الطريق، بحسب مقطع فيديو نُشر على الإنترنت، فيما قالت الشرطة الإسرائيلية إنها "تجري تحقيقاً".
وبات إقناع إسرائيل بتبسيط وتسهيل نقل المساعدات إلى غزة مسعى دبلوماسياً دولياً، إذ استغرق الأمر أسابيع من الضغط الأميركي حتى تتمكن إسرائيل من فتح المعبر جزئياً، للسماح لشاحنات المساعدات بالسير لمدة 30 دقيقة من ميناء أسدود.
وتقدر الأمم المتحدة أن غزة تحتاج إلى ما يصل إلى ألف شاحنة من المساعدات يومياً خلال الأسابيع القليلة المقبلة، للتغلب على النقص الكبير في الغذاء والدواء وغيرها من الإمدادات الحيوية التي تراكمت في الأشهر القليلة الماضية.
وقبل بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في السابع من أكتوبر الماضي، كان القطاع يتلقى نحو 500 شاحنة مساعدات يومياً، في حين بلغ متوسط عدد الشاحنات في أعقاب اندلاع الحرب نحو 200 شاحنة يومياً خلال الأشهر الستة الماضية.