يتمتع الرئيس البولندي أندريه دودا بعلاقات قويّة وشخصية مع الرئيس الأميركي السابق والمرشّح المحتمل للانتخابات الرئاسية دونالد ترمب، هذه العلاقة ربما دفعت الحكومة البولندية إلى الاعتقاد بامتلاك "سلاح سري" لتأليب ترمب ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وتشير صحيفة "بوليتيكو"، إلى أنه "عندما أصدر الكونجرس الأميركي قراراً بإلغاء حظر حزمة مساعدات بقيمة 60.8 مليار دولار لأوكرانيا في أواخر أبريل الماضي، سارع المشرعون من حزب القانون والعدالة المعارض في بولندا إلى الإعلان عن أن ذلك كان بفضل نفوذ واحد منهم، هو الرئيس أندريه دودا".
وكان دودا التقى مؤخراً مع ترمب في برجه الشهير بنيويورك في محادثات استمرت لنحو ساعتين ونصف الساعة لمناقشة الاحتياجات العسكرية لأوكرانيا، كما اجتمع لاحقاً مع رئيس مجلس النواب مايك جونسون.
وحسبما نقلت "بوليتيكو"، فإن اجتماع دودا تزامن مع تحول في سياسة ترمب والجمهوريين بشأن مساعدة أوكرانيا.
وكتب داريوش ماتيكي النائب عن حزب القانون والعدالة في بولندا على منصة "إكس": "جولة كبيرة من التصفيق للرئيس أندريه دودا، الذي اكتسب موارد قوية لمحاربة الإمبريالية الروسية".
كما كتب مارسين برزيداتش، وهو نائب آخر في حزب القانون والعدالة: "لقد قام الرئيس أندريه دودا بعمل جيد لبولندا والمنطقة بأكملها".
وفي بولندا المنقسمة سياسياً، حيث تخوض الحكومة بقيادة رئيس الوزراء دونالد تاسك وحزب القانون والعدالة المعارض حرباً بشأن ملفات عديدة، تشمل الاتحاد الأوروبي والإجهاض والتلفزيون العام، وسيادة القانون، ومشروع لبناء مطار جديد وحتى السيارات الكهربائية، إلا أن هناك شبه إجماع على ضرورة كسب ود ترمب.
وقال توسك، وهو خصم قديم لدودا، في منشور على منصة "إكس": "أنا على ثقة من أن الرئيس أخذ خلال اجتماع نيويورك بتوصية الحكومة البولندية وعرض وجهة النظر البولندية بشأن القضايا الأمنية"، وتابع: "في هذه الأمور نحتاج إلى أقصى قدر من الاتفاق والحد الأدنى من الجدل".
ووفق "بوليتيكو"، فإن دودا وتوسك متفقان بشأن الخطر الذي تشكله روسيا، وخطر انسحاب الولايات المتحدة من حلف الشمال الأطلسي "الناتو" والتخلي عن أوروبا في ظل رئاسة ترمب الثانية.
"صديقي دودا"
يعد دودا من السياسيين البارزين والزعماء الدوليين القلائل الذين رفضوا تهنئة الرئيس الأميركي جو بايدن بعد فوزه في انتخابات عام 2020. وفي عام 2018، فكرت حكومة حزب القانون والعدالة في تسمية قاعدة في بولندا باسم "فورت ترمب" لإغراء البيت الأبيض بنشر قوات أميركية في بولندا.
وتماهت مواقف حزب القانون والعدالة في بولندا مع مواقف رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، إذ شكلا لفترة طويلة جزءاً من عالم ترمب الذي يضم الأحزاب الأوروبية المفضلة لديه. وقد تفاخر المرشح الجمهوري بحبه لدودا عندما التقى الاثنان في نيويورك.
وقال ترمب: "دودا صديقي وقد أمضينا 4 سنوات رائعة معاً وقد نضطر إلى القيام بذلك مرة أخرى". وأضاف: "نحن نقف وراء بولندا على طول الطريق.. أكن احتراماً كبيرا لهذا البلد، ولدي احترام كبير للرئيس".
وعلى الرغم من أن الحكومة البولندية الحالية حذرة للغاية بشأن ترمب، إذ انتقد تاسك، ترمب سابقاً بسبب "مشاعره المعادية لأوكرانيا" و"موقفه المؤيد لروسيا"، إلا أن العشاء مع دودا حظي بمباركة وارسو.
وفي مقطع فيديو نُشر في مارس الماضي على مواقع التواصل الاجتماعي، حث وزير الخارجية رادوسلاف سيكورسكي، القوميين والمحافظين البولنديين على الاستفادة من علاقتهم الخاصة المفترضة مع ترمب.
وقال سيكورسكي: "أوكرانيا بحاجة إلى الدعم... ولهذا السبب أناشد القوميين لدينا، وأولئك الذين دعموا دونالد ترمب.. من خلال جعل الجمهور البولندي يعتقد أن لديهم علاقة خاصة معه، هذه هي اللحظة المناسبة لاستخدام هذا التأثير، إذا كان موجوداً بالفعل".
وصرّح وزير الخارجية لشركة أكسل سبرينجر، الشركة الأم لصحيفة "بوليتيكو"، في مقابلة أجريت معه الأسبوع الماضي، أن موقف ترمب بشأن أوكرانيا "ليس أبيض وأسود كما يعتقد بعض الناس".
وقال سيكورسكي في المقابلة: "كان دونالد ترمب محقاً في حثنا جميعاً في أوروبا على إنفاق المزيد على الدفاع"، مضيفاً أن ترمب أرسل أيضاً إلى أوكرانيا صواريخ مضادة للدبابات "قبل الحرب عندما لم يكن الآخرون يفعلون ذلك".
"همس إلى الجمهوريين"
التقى دودا أيضاً مع رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون، الذي خالف المتطرفين في حزبه الجمهوري، لدفع حزمة المساعدات لصالح أوكرانيا.
وقال ميشال بارانوفسكي، الذي يقود مكتب بولندا التابع لصندوق مارشال الألماني، لصحيفة "بوليتيكو" في وقت سابق: "دودا هو همسنا الجمهوري".
وسخر المشرع الأوروبي أندريه هاليكي، اليد اليمنى لتاسك في بروكسل، من فكرة أن دودا وحزب القانون والعدالة كان بوسعهما بمفردهما تغيير موقف ترمب بشأن أوكرانيا.
وقال لمجلة بوليتيكو: "هراء"، واصفاً مثل هذه التصريحات من قبل مشرعي حزب القانون والعدالة بأنها "سرد سخيف". لكنه اعترف بضرورة كسب ود ترمب وقال: "في بعض الأحيان يتعين عليك العزف على عدة آلات بيانو واستخدام قنوات دبلوماسية مختلفة للحصول على ما تريد".