ماكرون يرحب بالتزام الصين "الامتناع عن بيع أسلحة" لروسيا

شي يحذّر من تشويه صورة بكين بسبب الحرب في أوكرانيا

time reading iconدقائق القراءة - 9
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال لقاء نظيره الصيني شي جين بينج في قصر الإليزيه في باريس. 6 مايو 2024 - REUTERS
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال لقاء نظيره الصيني شي جين بينج في قصر الإليزيه في باريس. 6 مايو 2024 - REUTERS
باريس/ دبي-أ ف بالشرق

أثنى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الاثنين، على "الالتزامات الصينية بالامتناع عن بيع أي أسلحة (وتقديم) أي مساعدة لموسكو".

كما رحب ماكرون في تصريح للصحافيين في باريس إلى جانب الرئيس الصيني شي جين بينج "بمطالبة جميع الأطراف المعنية" في مختلف النزاعات بإعلان "هدنة أولمبية".

ولمس الرئيس الصيني، في مستهل زيارة دولة يجريها إلى فرنسا "حزماً أوروبياً"، بشأن مسائل تجارية متراكمة، وحذّر من تشويه صورة بلاده بسبب الحرب في أوكرانيا.

ووصل شي، الأحد، إلى العاصمة الفرنسية، في مستهل جولة أوروبية ستشمل صربيا والمجر، وهي الأولى للرئيس الصيني للقارة العجوز منذ عام 2019، وتتزامن مع ذكرى مرور 60 عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية الفرنسية الصينية.

وعبّر ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الاثنين، عن موقف حازم بشأن القضايا التجارية خلال اجتماع في الإليزيه مع الرئيس الصيني.

"شراكة اقتصادية متوازنة"

وشدّد ماكرون خلال الاجتماع على أهمية اعتماد "قواعد عادلة للجميع" مع تصاعد الخلافات التجارية بين أوروبا والصين. من جهتها، أكدت فون دير لاين أن "أوروبا لن تتردد في اتخاذ قرارات حازمة"، إذا لزم الأمر "لحماية اقتصادها وأمنها".

وقالت فون دير لاين: "لدينا مصلحة في إظهار أن تعاوننا يؤتي ثماره"، متحدّثة عن "التحدي" المتمثل في "العلاقة الاقتصادية الجوهرية" بين بروكسل وبكين، ومطالبة بـ"مساواة في الوصول إلى الأسواق".

وكانت قد أشارت قبل الاجتماع إلى أن أوروبا لا يمكنها "أن تقبل" بـ"تجارة غير عادلة" ناجمة عن تدفق السيارات الكهربائية أو الفولاذ الصيني المصنّع بفضل "الإعانات الضخمة".

واعتبر شي في رده أن "المشكلة المسماة فائض القدرة لدى الصين غير موجودة"، مشدداً على أن "القطاع الصيني للطاقة الجديدة" أتاح "زيادة العرض العالمي وتخفيف الضغوط التضخمية العالمية". 

وأضاف: "ما يسمى مشكلة القدرة الفائضة للصين غير موجودة، سواء من حيث الميزة النسبية أو في ضوء الطلب العالمي".

سلسلة تحقيقات لـ"حزم الدعم"

وفي ظل المخاوف الأوروبية من التراجع اقتصادياً في ظل التنافس بين القوتين الأوليين في العالم، أي الولايات المتحدة والصين، فتحت بروكسل خلال الأشهر الماضية سلسلة تحقيقات بشأن حزم الدعم التي تقدمها الحكومة الصينية لبعض القطاعات الصناعية، خصوصاً السيارات الكهربائية.

ويخشى الأوروبيون والأميركيون من أن هذا الدعم الحكومي يقوّض المنافسة وقد يلحق ضرراً بالاقتصاد العالمي.

وتتهم بكين أوروبا بـ"الحمائية" وتعتزم جعل موقفها واضحاً في باريس.

"هدنة أولمبية"

وفيما يتعلق بالقضية الرئيسية الأخرى حالياً، دعا ماكرون إلى تنسيق "حاسم" بشأن الحرب في أوكرانيا على أمل ألا تزيد بكين دعمها لروسيا، في حين قالت فون دير لاين إن الاتحاد الأوروبي وباريس يعوّلان على الصين "لاستخدام كل تأثيرها على روسيا" لوقف حرب أوكرانيا.

وأضافت: "لقد أدى الرئيس شي دوراً مهماً في الحد من التهديدات النووية غير المسؤولة لروسيا، وأنا واثقة من أنه سيواصل القيام بذلك".

وقال ماكرون: "مستقبل قارتنا سيعتمد بوضوح على قدرتنا على مواصلة تطوير علاقاتنا مع الصين بطريقة متوازنة"، مضيفاً: "الوضع على الساحة الدولية يحتاج بوضوح أكثر من أي وقت مضى إلى هذا الحوار الأوروبي الصيني".

تحذير صيني

لكن الرئيس الصيني حذّر من تشويه صورة بلاده بسبب الحرب في أوكرانيا، مؤكداً أن بكين لعبت "دوراً إيجابياً" في محاولة إيجاد حل سلمي للغزو الروسي.

وقال "نحن نعارض استخدام أزمة أوكرانيا لإلقاء اللوم، وتشويه صورة دولة ثالثة والتحريض على حرب باردة جديدة". وأضاف "نحن لا نقف موقف المتفرج من الأحداث.. لقد لعبنا دائماً دوراً إيجابياً في تحقيق السلام".

وأضاف: "الصين ليست مصدر الأزمة وليست طرفاً فيها. ومع ذلك، فإننا لا نقف مكتوفي الأيدي أمام مصائب الآخرين. لقد لعبنا دوراً إيجابياً في البحث عن السلام منذ البداية".

واستشهد شي بدعوة الصين لإجراء محادثات سلام، وبجولة للدبلوماسي الصيني لي هوي استمرت 10 أيام في مارس، وشملت روسيا، والاتحاد الأوروبي، وأوكرانيا بهدف المساعدة في البحث عن توافق.

وتؤكد الصين رسميا أنها على الحياد في حرب أوكرانيا، إلّا أنها تعرضت لانتقادات غربية على خلفية عدم إدانتها الغزو الروسي. كما شهدت العلاقات بين موسكو وبكين تقارباً منذ اندلاع النزاع في فبراير 2022.

ويؤكد الإليزيه أن ما تريده فرنسا هو "تشجيع (الصين) على استخدام" نفوذها لدى روسيا "للمساهمة في حلّ للنزاع".

قضايا حقوق الإنسان

وكان ماكرون نقل الرسالة نفسها قبل عام خلال زيارة الدولة التي قام بها إلى الصين، وحقق نتائج متواضعة.

وقال شي في مقال نشرته صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية، الأحد: "نأمل أن يعود السلام والاستقرار بسرعة إلى أوروبا، ونعتزم العمل مع فرنسا والمجتمع الدولي برمته لإيجاد سبل جيدة لحل الأزمة" في أوكرانيا.

أما بشأن قضايا حقوق الإنسان في الصين، فأكد ماكرون أنه يؤثر التطرّق إلى "التباينات... خلف الأبواب الموصدة". ولا تصرّ باريس على منح مسألة تايوان أولوية، على رغم ما تشكّله من نقطة خلاف أساسية بين بكين وواشنطن.

وتجمع المئات من الناشطين التبتيين، الأحد، في ساحة الجمهورية في باريس احتجاجاً على زيارة الرئيس الصيني إلى فرنسا، متحدثين عن "دولة حقوق الإنسان" التي ترحب بـ"ديكتاتور".

أولويات ماكرون

وأشارت وكالة "أسوشيتد برس" في تقرير، الاثنين، إلى أن الرئيس الفرنسي وضع النزاعات التجارية، والجهود الدبلوماسية المتعلقة بأوكرانيا على رأس جدول أعمال محادثاته مع نظيره الصيني.

وفي كلمته الافتتاحية، قال الرئيس الفرنسي إن الاجتماعات ستتناول قضايا التجارة وكيفية ضمان "المنافسة العادلة"، ثم الحربين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

وقال ماكرون: "نحن نقف عند مرحلة تحوّل في تاريخنا"، حيث تواجه العلاقة بين أوروبا والصين تحديات، مضيفاً أن "مستقبل قارتنا سيعتمد بوضوح شديد أيضاً على قدرتنا على تطوير علاقات متوازنة مع الصين".

وفي بداية الاجتماع، قال شي إن "العالم اليوم دخل فترة جديدة من الاضطراب والتغيير"، مضيفاً أنه "باعتبارهما قوتين مهمتين في العالم، يتعين على الصين وأوروبا... تقديم مساهمات جديدة باستمرار من أجل السلام والتنمية العالميين".

وستحظى المناقشات بمراقبة عن كثب من واشنطن، قبل شهر من زيارة الدولة المتوقعة للرئيس الأميركي جو بايدن إلى فرنسا.

وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن فرنسا تسعى إلى إقناع الصين باستخدام علاقاتها لحض روسيا على المضي قدماً في إنهاء الحرب في أوكرانيا

وتسعى جولة شي الأوروبية، وهي الأولى له منذ خمس سنوات، إلى إعادة بناء العلاقات في وقت تتصاعد فيه التوترات العالمية. وبعد زيارة فرنسا يومي الاثنين والثلاثاء، سيتوجه إلى صربيا والمجر.

تصنيفات

قصص قد تهمك