اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل.. تل أبيب تُغضب "الشريك والوسيط" بدخول رفح

time reading iconدقائق القراءة - 7
مركبات عسكرية إسرائيلية تعمل في الجانب الفلسطيني من معبر رفح جنوب قطاع غزة. 7 مايو 2024 - REUTERS
مركبات عسكرية إسرائيلية تعمل في الجانب الفلسطيني من معبر رفح جنوب قطاع غزة. 7 مايو 2024 - REUTERS
القاهرة -محمود أبو بكرمحمد العطيفي

بينما كانت حركة "حماس" تعلن مساء الثلاثاء، موافقتها على المقترح المصري لاتفاق وقف النار في قطاع غزة، كانت الدبابات الإسرائيلية تشق طريقها إلى شرق رفح في عملية عسكرية سيطرت خلالها على الجانب الفلسطيني من المعبر الفاصل بين القطاع ومصر.

وقوبلت العملية الإسرائيلية بإدانة مصر التي وقعت اتفاقية سلام مع إسرائيل في عام 1979، كما لم يكن الوضع مختلفاً في واشنطن التي رعت الاتفاق، إذ أدانت الخطوة واتخذت قراراً غير مسبوق بتعليق إرسال شحنة أسلحة لإسرائيل، كما هدد الرئيس الأميركي للمرة الأولى علناً تل أبيب بوقف بعض إمدادات الأسلحة حال توغل الجيش الإسرائيلي في المدينة التي تستضيف أكثر من 1.5 مليون نازح فلسطيني.

وأثارت العملية العسكرية التي اقترب فيها الجيش الإسرائيلي من "محور فيلادلفيا" المتاخم لحدود مصر مع قطاع غزة، مخاوف الولايات المتحدة باعتبارها راعية لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل وأحد أبرز ضامنيها.

وعلى مدار الأشهر الماضية، حذرت القاهرة تل أبيب من محاولات احتلال المحور الحدودي، لافتة إلى أن هذا الأمر سيؤدي إلى "تهديد خطير وجدي للعلاقات المشتركة".

وأعرب الرئيس جو بايدن عن هذه المخاوف، الأربعاء في حوار مع شبكة CNN، قائلاً إن الإسرائيليين قاموا بعمليتهم على الحدود مباشرة، "وهذا يسبب مشاكل مع مصر في الوقت الحالي، والتي عَملت بجد لضمان بناء علاقة جيدة معها وتقديم المساعدة".

وأضاف بايدن: "لقد أوضحت لهم (الإسرائيليين) أنهم إذا ذهبوا إلى رفح، وهم لم يذهبوا إليها بعد، إذا ذهبوا إلى رفح، فلن أقدم الأسلحة التي استخدمت تاريخياً للتعامل مع رفح، للتعامل مع المدن".

وبعد أكثر من 48 ساعة على احتلال إسرائيل للجانب الفلسطيني من معبر رفح، انفضت جولة مفاوضات هدنة غزة التي استضافتها العاصمة المصرية القاهرة وغادر وفدا حماس وإسرائيل، فيما لا تزال التساؤلات بشأن تبعات الخطوة الإسرائيلية على حدود مصر مع قطاع غزة وتأثيراتها على الاتفاقية التي أبرمتها القاهرة في العام 1979 مع تل أبيب.

"تهديد غير مباشر"

وزير المجالس النيابية والقانونية السابق في مصر وعضو اللجنة القومية التي قادت عملية استرداد طابا من إسرائيل مفيد شهاب، رأى أن "الجانب الإسرائيلي خرق اتفاقية السلام مع القاهرة من خلال إغلاق معبر كرم أبو سالم، الذي يفترض أن يظل مفتوحاً بموجب الاتفاقية".

وأضاف أن "وجود القوات الإسرائيلية في محور فيلادلفيا هو تهديد غير مباشر لمصر، ما يعد مخالفة لاتفاقية السلام"، مؤكداً أن "هناك مخالفة من جانب إسرائيل".

وفيما يتعلق بردود الفعل المصرية المتوقعة إزاء الخطوة الإسرائيلية، قال شهاب إن هذه "مسألة سياسية تقديرية خاصة بمصر وقيادتها السياسية".

وأوضح شهاب، أن "الإجراءات القانونية التي يمكن للدولة المصرية اتخاذها تتمثل في عدة خطوات، أبرزها تحذير إسرائيل بمخالفتها للقانون الدولي، وبعدها يمكن تصعيد الأمر إلى مجلس الأمن، وإبلاغ الدول ذات التأثير مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وغيرها، بهذه المخالفة وخطورتها".

وأشار إلى أن "مصر وقعت اتفاقين مع إسرائيل هما اتفاقية كامب ديفيد 1978، وحولتها في عام 1979 إلى اتفاقية سلام مفصلة، بتوقيتات الانسحاب وإنشاء علاقات دبلوماسية بين البلدين. وأصبحت العلاقة بين مصر وإسرائيل سلام واعتراف متبادل".

ولفت إلى أن ما قامت به إسرائيل "ليس عدواناً على أرض مصرية؛ لكنه يشكل تهديداً لأمن المنطقة"، مضيفاً أن "مصر جارة لأرض فلسطين، ومرتبطة بها".

تحركات محدودة

بدوره، اعتبر أستاذ القانون الدولي أيمن سلامة، أن التطوّرات الأخيرة واحتلال الجانب الفلسطيني من معبر رفح، يعد "انتهاكاً صارخاً" للمواثيق الدولية ومعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، والبروتوكول الأول المُعدل بين القاهرة وتل أبيب في 2005، والخاص بالسيطرة والإشراف والمراقبة المصرية على محور فيلادلفيا داخل قطاع غزة.

واستبعد سلامة في تصريحات لـ"الشرق"، تعليق مصر لمعاهدة السلام مع إسرائيل أو بروتوكول محور فيلادلفيا بشكل كامل، إلا أنها "قد تلجأ لتعليق جزئي لبعض بنود الاتفاقية".

اقرأ أيضاً

بعد سيطرة إسرائيل عليه.. ماهو معبر رفح وما أهميته لغزة؟

قال الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، إنه سيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح في جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر.

من جانبه، قال الأكاديمي المصري والمتخصص في الشئون الإسرائيلية طارق فهمي لـ"الشرق"، إن "وصول إسرائيل إلى معبر رفح من الجانب الفلسطيني عمل محدود وكان متوقعاً، ويحتاج للتمهل في التعامل مع المستجدات، خاصة وأن التصعيد لا يخدم أي طرف من الأطراف المتنازعة".

وأشار فهمي إلى أن "مستوى المواجهات في شرق رفح ليس بالكبير، ما يعني أن إسرائيل قد تكتفي بالسيطرة على شرق رفح والتمركز في تلك المنطقة، إلا أنها ماضية في العمل العسكري حتى الآن".

إسرائيل: عمليتنا "لا تخالف معاهدة السلام"

على الجانب الإسرائيلي، قال أوفير جنلدمان، المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن إسرائيل تعي الحساسية المتعلقة بإجراء عملية عسكرية قرب الحدود المصرية، ولكنه اعتبر أن هذه العملية "لا تخالف على الإطلاق معاهدة السلام المبرمة بين الجانبين"، على حد قوله.

وذكر جندلمان، في إيجاز صحافي، الأربعاء، أن العملية التي يجريها الجيش في معبر رفح الحدودي جنوب غزة ستستمر لحين "القضاء" على حركة "حماس"، والإفراج عن المحتجزين في القطاع.

وحذرت مصر مراراً إسرائيل من احتلال محور فيلادلفيا، ونددت في يناير الماضي، بـ"مزاعم إسرائيلية كاذبة حول الحدود مع غزة"، ادعت فيها  وجود أنفاق، وتهريب أسلحة ومتفجرات ومكوناتها، من الأراضي المصرية إلى قطاع غزة.

ووصف رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية ضياء رشوان حينها تلك الادعاءات بـ"الباطلة"، وطالب الحكومة الإسرائيلية، بـ"تحقيقات داخلية جادة" في جيشها وأجهزتها وقطاعاتها، للبحث عن المتورطين في تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة.

وشدد رشوان على أن "مصر قادرة على الدفاع عن مصالحها، والسيادة على أرضها وحدودها، ولن ترهنها في أيدي مجموعة من القادة الإسرائيليين المتطرفين ممن يسعون لجر المنطقة إلى حالة من الصراع وعدم الاستقرار".

تصنيفات

قصص قد تهمك