هيلي تثير حراكاً جديداً بسباق الانتخابات الأميركية.. و"المماطلة القانونية" تعزز مسعى ترمب

time reading iconدقائق القراءة - 12
أميركيون يحملون العلم مع صورة دونالد ترمب خلف لوحة دعائية للمرشحة الجمهورية السابقة للرئاسة نيكي هيلي في ساوث كارولينا. 23 فبراير 2024 - REUTERS
أميركيون يحملون العلم مع صورة دونالد ترمب خلف لوحة دعائية للمرشحة الجمهورية السابقة للرئاسة نيكي هيلي في ساوث كارولينا. 23 فبراير 2024 - REUTERS
دبي -الشرق

عادت المرشحة السابقة للانتخابات الرئاسية الأميركية عن الحزب الجمهوري، نيكي هيلي، إلى الحياة العامة بعد انسحابها في أوائل مارس من سباق الحزب الجمهوري نحو الانتخابات الأميركية المقررة في نوفمبر المقبل، لكن "ليس لديها خططاً عاجلة لتأييد دونالد ترمب"، بينما تعزز "المماطلة القانونية" للرئيس السابق، في القضايا التي يتم محاكمته فيها، مسعاه في الطريق نحو البيت الأبيض مجدداً. 

وفي هذا السياق قال شخص مقرب من هيلي لصحيفة "وول ستريت جورنال" إن حاكمة ولاية ساوث كارولينا السابقة، ستحضر اجتماع المانحين في مدينة تشارلستون، الاثنين والثلاثاء المقبلين، لتقدم الشكر لنحو "100من أكبر المتبرعين لحملتها"، مضيفاً أنه "من غير المتوقع أن تناقش مستقبلها السياسي أو أن تشجعهم على بذل أموالهم لحملات أخرى".

وأكد المصدر للصحيفة، أنها "لا تعتزم تأييد" الرئيس السابق والمرشح الجمهوري المحتمل، مشيراً إلى أن ترمب وهيلي لم يتحدثا منذ خروج الأخيرة من السباق التمهيدي في 6 مارس وحتى الآن.

حراك هيلي

وقال إريك تانينبلات، وهو جامع تبرعات للحزب الجمهوري وخبير استراتيجي في ولاية جورجيا، ويخطط لحضور اجتماع المانحين، إنه يأمل في أن تترشح هيلي، البالغة من العمر 52 عاماً، للرئاسة مرة أخرى. وأضاف: "أحياناً يستغرق الأمر أكثر من جولة لضمان الترشيح"، مستشهداً بنماذج جون ماكين وميت رومني.

وأكد أن هيلي "خلقت نوعاً من الحراك، وأنشأت تحالفاً ضم جمهوريين ومستقلين، وحتى ديمقراطيين محافظين".

وقال تانينبلات، إنه يمكن أن يرى هيلي تؤيد ترمب، إذا بذل الأخير جهوداً أكبر للوصول إليها وإلى مؤيديها، مشيراً إلى أن "الأمر الآن متروك لترمب لتوحيد الحزب الجمهوري بأن يظهر لمؤيدي نيكي أن مكانهم محفوظ تحت سقف الخيمة الجمهورية".

وكانت هيلي أول سفيرة لترمب في الأمم المتحدة، والمرشحة الرئيسية في منافسته على بطاقة ترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية وآخر من غادر حلبة السباق.

وسيحضر اجتماع المانحين، عدد من كبار أعضاء فريقها السياسي، ومن المتوقع أن يقوموا بمراجعة القرارات والجهود التي قادت حملتها للصمود أكثر من حملات ما يقرب من 10 مرشحين آخرين في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، وفقا لـ"وول ستريت جورنال".

وتوقعت الصحيفة أيضاً، أن يشارك فريقها وجماعات متحالفة تمكنوا من جمع 162 مليون دولار من أكثر من 287 ألف مانح، في الاجتماع.

وحتى بعد تعليق حملتها، واصلت هيلي تلقي الدعم في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري. ففي يوم الثلاثاء، في إنديانا حصلت هيلي على ما يقرب من 22% من الأصوات، ما يسلط الضوء على ضعف ترمب في أوساط ناخبي الضواحي.

وأحرزت هيلي أكبر نسبة أصوات في إنديانا بالمناطق الحضرية والضواحي، وكذلك في المقاطعة التي توجد فيها جامعة بوردو. وفي مقاطعة ماريون حيث توجد مدينة إنديانابوليس، عاصمة ولاية إنديانا، حصلت هيلي على 35% من الأصوات، وفقاً لوكالة "أسوشيتد برس".

وتُعد إنديانا ولاية انتخابات تمهيدية مفتوحة، ما يعني إمكانية مشاركة أي ناخب بغض النظر عن انتمائه الحزبي، ومن ثم فقد حصلت هيلي على نسبة كبيرة من الدعم من الناخبين الديمقراطيين والمستقلين.

وبينما لا تمثل إنديانا واحدة من نحو 6 ولايات يُتوقع أن تحسم المعركة الرئاسية، إلا أن هذه النتائج تمثل أحدث مثال على قدرة ناخبي هيلي على الاضطلاع بدور مهم في نوفمبر المقبل، في منافسات الولايات المتأرجحة التي يمكن حسمها بهوامش ضئيلة للغاية.

وتواصلت حملة الرئيس جو بايدن مراراً مع مؤيدي هيلي، حتى أنها عرضت إعلانات تبرز إهانات ترمب المتكررة لها، وإشاراته إلى أنه لا يحتاج إلى أصوات مؤيديها.

ولم تدل هيلي بأي تصريحات بشأن مستقبلها السياسي منذ خروجها من السباق. وفي حال فشل ترمب في الفوز في نوفمبر، فإنها قد تكون في موضع أفضل لخوض محاولة رئاسية ثانية في عام 2028، وفقاً لما نقلته "وول ستريت جورنال" عن خبراء.

صعوبة الاختيار

ورغم أن ترمب كان يحتفظ بعلاقة عمل جيدة مع هيلي، ووصفها بأنها "رائعة"، إلا أن تصريحات كل منهما تجاه الآخر كانت "لاذعة بشكل خاص" في الشهرين الأولين من العام الجاري، حيث استعرضت هيلي بشكل روتيني، تاريخ إضرار ترمب بالحزب في الانتخابات العامة والاتهامات الجنائية التي تلاحقه، من بين قضايا أخرى، بينما أطلق عليها ترمب "عقل الطائر"، وأثار تساؤلات حول غياب زوجها عن حملتها الانتخابية أثناء خدمته في الجيش الأميركي في إفريقيا.

وعاد زوج هيلي من مهمته التي استمرت على مدى عام كامل، الشهر الماضي. وقال الشخص المقرب من هيلي لـ"وول ستريت جورنال" إنها تركز الآن بشكل خاص على مساعدة فريقها في خطواتهم المهنية التالية، وشكر المانحين والمؤيدين وقضاء وقتها مع أسرتها، مشيراً إلى أنها "عادت إلى الركض مرة أخرى".

وانضمت هيلي أيضاً إلى معهد هدسون في واشنطن، رغم أنها ستواصل العيش في ولايتها الأصلية. ومن المتوقع أن تظهر على الملأ في مركز الأبحاث وتساعد في صياغة السياسة الخارجية وتطويرها.

وقال بعض مؤيدي هيلي، إنهم يجدون صعوبة في الاختيار بين بايدن وترمب.

في هذا السياق قالت كاثي هولاند، البالغة من العمر 75 عاماً، وهي صاحبة متجر متقاعدة من مدينة ساندون بولاية نيو هامبشاير، كانت أعطت صوتها لصالح هيلي في الانتخابات التمهيدية في ولايتها، لـ "وول ستريت جورنال" إنها تعتبر بايدن "غير فعال في ولايته الأولى"، ولكن في الوقت نفسه "لا أستطيع أن أحمل نفسي على تأييد ترمب".

وأضافت: "إنني في حيرة من أمري. لقد صوت لصالح ترمب في عام 2016 ولصالح بايدن في عام 2020".

وأعربت عن أنه "من المؤسف أننا لا نستطيع، ولم نعمل على نحو أفضل في هذا البلد الكبير". 
 
وفي سياق مواز، كشف التأخير في قضية الوثائق السرية واتهامات التدخل في انتخابات جورجيا عن حقيقة جوهرية في انتخابات 2024، وهي أن "النظام القضائي لن يعيق الزخم السياسي للرئيس السابق مثلما اعتقد كثيرون"، وفقاً لـ"بلومبرغ".

فمع إمكانية حسم قضية واحدة من بين 4 قضايا قبل يوم الانتخابات في نوفمبر المقبل، سيختار الناخبون الأميركيون على الأرجح بين جو بايدن ودونالد ترمب لرئاسة الولايات المتحدة، دون معرفة نتيجة التحديات القانونية الكثيرة التي يواجهها ترمب، وبينها دوره في اقتحام الكونجرس في 6 يناير 2021، وتهم إخفاء وثائق حكومية سرية عن عمد في المنتجع الذي يقيم فيه في بالم بيتش بولاية فلوريدا.

براعة ترمب بارع في "الإنكار والتأجيل"

ونقلت "بلومبرغ" عن نشطاء سياسيين وخبراء قانونيين قولهم إن قائمة تأخير المحاكمات المطولة، التي تؤثر على جميع القضايا باستثناء قضية دفع أموال مقابل شراء صمت ممثلة الفلام الإباحية ستورمي دانيالز، المنظورة في نيويورك، تنبع من "مزيج من حظ ترمب واستعداد محاميه للي عنق الأعراف القانونية والوتيرة المتباطئة للنظام القضائي الأميركي".

وأضافوا أن ترمب، استفاد أيضاً من "الحديث أمام مجموعة من الكاميرات التليفزيونية في كل مرة يدخل فيها إلى أو يخرج فيها من قاعة المحكمة".

وتزيد التأجيلات الكبيرة في 3 من أصل 4 اتهامات جنائية يواجهها الرئيس السابق من خطورة المحاكمة الجارية في نيويورك، والتي تتضمن تزوير ترمب سجلاته التجارية لإخفاء مدفوعات لشراء صمت ممثلة أفلام إباحية. ومن المتوقع أن تنتهي هذه المحاكمة خلال شهر يونيو المقبل.

وقد تعني الإدانة وضع ترمب تحت المراقبة أو السجن، ما يعيق قدرته على الوفاء بحملته الانتخابية. رغم ذلك، يستطيع ترمب الاستئناف على أي إدانة تنتج عن قضية دفع أموال مقابل شراء الصمت، ما يعني أيضاً احتمالية تأجيل أي حكم أو عقوبة بالسجن إلى ما بعد الانتخابات، وفق "بلومبرغ".

وقال جون سيل، محامي الدفاع الجنائي والمدعي الفيدرالي السابق، إن "ترمب يتمتع بميزة أخرى"، وهي أن قضية نيويورك تُعد "الأقل خطورة في القضايا الأربع" التي يواجهها، سواء من ناحية الأضرار السياسية أو العقوبة القانونية المحتملة.

أما الجانب السلبي، وفقاً لسيل، فيتمثل في أن الشهود في هذه القضية يروون "تفاصيل مشينة عن الحياة الجنسية للرئيس السابق وعلاقته بممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيلز"، التي ينكر ترمب وجود أي علاقة جنسية معها.

وقال ويت أيريس، الخبير الجمهوري في استطلاعات الرأي لـ"بلومبرغ"، إن ترمب "بارع في الإنكار والتأجيلات"، وإنه "يتمتع بخبرة كبيرة في هذا المجال"، ولكنه أيضاً لديه وزارة العدل "التي انتظرت طويلاً لتكون جادة في المقاضاة".

وفي هذا الأسبوع فقط، صدر حكمان لصالح ترمب. ففي الثلاثاء، قررت القاضية إيلين كانون المختصة بالنظر في قضية وثائق فلوريدا تأجيل المحاكمة إلى أجل غير مسمى، والتي كان من المقرر أن تبدأ في 20 مايو الجاري.

كما وافقت محكمة جورجيا، الأربعاء، على سماع المرافعات الخاصة باستئناف ترمب بتنحية المدعية العامة فاني ويليس عن قضية التدخل في الانتخابات، ما سينجم عنه على الأرجح تأجيل القضية لفترة طويلة.

وهناك قضية أخرى تتعلق بمحاولة ترمب إلغاء انتخابات 2020 كانت في طريقها للمحاكمة خلال العام الجاري، ولكنها تعثرت في فبراير بسبب مراجعة المحكمة العليا لحجة حصانة ترمب.

الحملة الانتخابية

ويشكل عدم الالتزام في قاعة المحكمة أيضاً فائدة أخرى غير متوقعة لمساعدي حملة ترمب، الذين خططوا منذ فترة طويلة أن يقضي المرشح الجمهوري المفترض أشهر في المحاكم، بعيدا عن حملته التقليدية، وفقاً لـ"بلومبرغ"، التي أضافت أن ترمب قد يكون لديه الآن "مزيداً من الوقت لعقد تجمعات حاشدة، وحضور حملات جمع التبرعات ومقابلة المستشارين والمؤيدين".

في هذا الإطار قال سيل، الذي طلب في وقت مبكر الانضمام إلى فريق ترمب القانوني، ولكن طلبه قول بالرفض، لـ "بلومبرغ"، إنه "لا شك في أن استراتيجية ترمب في التعامل مع القضايا كانت ناجحة، على المستويين القانوني والسياسي"، مشيراً إلى أنها "ستبقى ناجحة فقط إذا تمكن من الفوز في الانتخابات".

وأدى عدم المضي قدماً في المحاكمات قبل نوفمبر إلى تحييد أحد التحديات الكبرى التي كان يواجهها ترمب، حيث قال 53% من الناخبين في الولايات المتأرجحة إنهم لن يرغبوا في التصويت لترمب "إذا تمت إدانته في إحدى الجرائم"، فيما أبدى 55% نفس الرغبة "إذا حُكم عليه بالسجن"، وفقاً لاستطلاع الرأي الذي أجرته "بلومبرغ نيوز" و"مورنينج كونسلت" في يناير على الناخبين في 7 ولايات تشهد منافسة جادة.

قضية الوثائق

وقالت ماري ماكورد، المدعية الفيدرالية السابقة، والقائمة بأعمال رئيس وحدة الأمن القومي في وزارة العدل، لـ"بلومبرغ"، إن قضية الوثائق السرية "كان من الممكن أن تُحال إلى المحكمة خلال العام الجاري، لولا أن القاضي الفيدرالي المشرف على القضية أعطى متنفساً لتكتيكات المماطلة التي انتهجها ترمب".

ويعتقد النشطاء السياسيون على نطاق واسع، أن هذه القضية كان من الممكن أن تكون الأكثر إضراراً بترمب. ووصف أيريس، خبير استطلاعات الرأي، هذه القضية بأنها "قوية مثل حمض البطارية".

وأضاف لـ "بلومبرغ": "لو فعل أي منا ما فعله ترمب حيال الوثائق، لما كان مُدانا الآن فحسب، وإنما لكان يقضي فترة عقوبته داخل أسوار السجون".

وقالت ماكورد، التي تعمل الآن مديرة تنفيذية لمعهد الدفاع عن الدستور وحمايته، التابع لمركز القانون بجامعة جورج تاون، إنه "لو كان قاض آخر لالتزم بالجدول الزمني ولم يتعاون على هذا النحو مع ترمب" في قضية الوثائق.

ووصفت الأمر بأنه "مزيج من الاستراتيجية القانونية المتمثلة في التأجيل، ثم سمحت بعض المحاكم وبعض الإجراءات التي اتخذتها بعض المحاكم بنجاح هذه الاستراتيجية".

تصنيفات

قصص قد تهمك