في خطوة تزيد من توتر العلاقات بين تل أبيب وواشنطن، بعد قرار الأخيرة تعليق بعض المساعدات العسكرية، يقدم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الجمعة، تقريراً إلى الكونجرس ينتقد سلوك إسرائيل في غزة، لكنه قد لا يصل إلى حد استنتاج أنها "انتهكت" شروطها المتعلقة باستخدام الأسلحة.
ووفقاً لموقع "أكسيوس"، فإن مسؤولين أميركيين قالوا إن التقرير، الذي يقيم ما إذا كانت إسرائيل قد التزمت بالقانون الدولي وقيّدت المساعدات الإنسانية لغزة، كان "الأكثر إثارة للجدل" في الأوساط الداخلية في الخارجية الأميركية منذ 7 أكتوبر الماضي.
وخلال الأشهر الأخيرة، انخرطت الخارجية الأميركية، في عملية داخلية لإعداد "التقرير الحساس سياسياً" والمطلوب بموجب مذكرة الأمن القومي الجديدة، والتي أصدرها الرئيس جو بايدن في فبراير الماضي.
وتُلزم مذكرة للأمن القومي معروفة باسم NSM-20، أصدرها بايدن في فبراير الماضي، وزارة الخارجية بتقديم تقرير إلى الكونجرس بحلول 8 مايو الجاري، بشأن مدى موثوقية ضمانات إسرائيل بأن استخدامها للأسلحة الأميركية لا ينتهك القوانين الأميركية ولا الدولية.
وتقوم وزارة الخارجية بمراجعة استخدام الأسلحة من قبل إسرائيل و6 دول أخرى منخرطة في صراعات مسلحة مختلفة، وحال إثبات أن دولة ما قد انتهكت القانون الإنساني الدولي أو أعاقت تسليم المساعدات الإنسانية التي تدعمها الولايات المتحدة، فقد يؤدي ذلك إلى تعليق المساعدات العسكرية الأميركية.
وفي الإطار، قال مسؤول أميركي، إن التأخير كان لـ"أسباب فنية إلى حد كبير ويرتبط بعدم جاهزية جميع التقارير السبعة"، فيما قال كبير مستشاري البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط، بريت ماكجورك، لمجموعة من خبراء الشرق الأوسط من عدة مراكز بحثية، الخميس، إن التقرير "سيُقدم إلى الكونجرس الجمعة"، إلا أن مسؤولاً بوزارة الخارجية رجح إمكانية تغيير الموعد.
ماذا يحوي التقرير؟
وقال مسؤولون أميركيون، إن تقرير بلينكن سيدرج سلسلة من الأحداث التي وقعت خلال الحرب على غزة، أثارت مخاوف جدية بشأن انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي، إذ سيتضمن التقرير "بعبارات حرجة للغاية" أن وزارة الخارجية لا تزال تحقق في العديد من تلك الحوادث.
لكن في الوقت نفسه، لن يصل بلينكن إلى حد استنتاج أن إسرائيل انتهكت القانون الدولي في سياق مذكرة الأمن القومي، وذلك بعدما دارت في الأسابيع الأخيرة، داخل وزارة الخارجية ما وصفه الموقع بـ "لعبة شد الحبل"، بشأن ما يتضمنه التقرير المتعلق بإسرائيل واستنتاجاته.
وأوصى مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، بلينكن، بالتوصل إلى أن إسرائيل "انتهكت شروط مذكرة الأمن القومي"، لكن آخرين من الوزارة ضغطوا على بلينكن ليشهد بأنها لم تفعل ذلك.
وقال مسؤولان أميركيان، إن السفير الأميركي لدى إسرائيل جاك ليو، والمبعوث الإنساني الأميركي المنتهية ولايته في غزة ديفيد ساترفيلد، أرسلا مذكرة إلى بلينكن في الأسابيع الأخيرة، قالا فيها إن إسرائيل "لا تنتهك القانون الدولي في حربها في غزة".
وأوصى ليو وساترفيلد، بلينكن، بـ"التصديق في التقرير على أن إسرائيل لا تعرقل المساعدات الإنسانية"، كما أوضحا أنه بينما قامت إسرائيل بتقييد المساعدات الإنسانية في الماضي ووضعت عقبات أمام وصول المساعدات إلى غزة، إلا أنها غيرت سياستها منذ أبريل، بعد أن قدم الرئيس جو بايدن لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "إنذاراً نهائياً".
ووفقاً لمسؤولين أميركيين، فقد أشار ليو وساترفيلد، إلى أن "الوضع المتعلق بالمساعدات الإنسانية في السياسة الإسرائيلية قد تحسن بشكل كبير وأن إسرائيل لا تعرقل المساعدات عمداً".
وقال مسؤول أميركي كبير، إن تقرير بلينكن تبنى أيضاً استنتاجات ليو وساترفيلد، ويؤكد أن إسرائيل لا تنتهك حالياً مذكرة الأمن القومي، عندما يتعلق الأمر بتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية المدعومة من الولايات المتحدة.
مذكرة "بيروقراطية"
وكان بعض المشرعين الجمهوريين، انتقدوا مذكرة الأمن القومي ووصفوها بأنها "بيروقراطية غير ضرورية" تساهم في إحباط الشركاء والحلفاء الذين يعتمدون على المساعدة الأمنية الأميركية.
لكن 88 مشرعاً ديمقراطياً كتبوا إلى الرئيس الأسبوع الماضي، قائلين إن هناك "أدلة كافية" على أن القيود التي تفرضها إسرائيل على المساعدات "تنتهك" القانون الأميركي، ما أثار توبيخاً شديداً من السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة.
وقال السيناتور كريس فان هولين، الذي دفع من أجل مذكرة الأمن القومي، إنه يجب أن يُنظر إلى تقرير وزارة الخارجية "على أنه يستند إلى الحقائق والقانون، وليس على أساس ما يرغبون فيه".
وخلال الأشهر الأخيرة، كثفت الولايات المتحدة انتقاداتها لإسرائيل، قائلة إنها لا تفعل ما يكفي لحماية المدنيين والسماح بدخول المساعدات إلى الأراضي الفلسطينية المحاصرة، والتي تقول الأمم المتحدة إن أجزاء منها على وشك المجاعة.
ويحل الموعد النهائي لتقديم التقرير وسط مخاوف من مجاعة في غزة ودعوات من الولايات المتحدة وبلدان أخرى وهيئات دولية لإسرائيل إلى عدم شن هجوم كبير على مدينة رفح، التي تقول إسرائيل إنها المعقل الأخير لمقاتلي حركة "حماس"، ولكنها أيضاً الملاذ الذي نزح إليه أكثر من 1.4 مليون مدني فلسطيني.
وقال مساعد في الكونجرس ومسؤول في الإدارة، طلبا عدم كشف هويتهما أثناء مناقشة مداولات خاصة، إن صفقة أسلحة أخرى معلقة كانت قيد المراجعة منذ أشهر بقيمة 260 مليون دولار بين شركة "بوينج" وإسرائيل لشراء ما يصل إلى 6500 مجموعة من المعدات الحربية، لكن مع تصاعد التوتر، قال مسؤولون في إدارة بايدن إن هذه التحركات تهدف لممارسة أكبر قدر ممكن من الضغط على إسرائيل لتقليص غزوها لرفح أو التخلي عنه، وفق ما أوردته "بلومبرغ".