قدمت إسرائيل، الجمعة، ردّها أمام محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة على اتهامات جنوب إفريقيا بأنها صعّدت حملة "الإبادة الجماعية" في غزة بعمليتها العسكرية في رفح.
ودعت بريتوريا محكمة العدل الدولية إلى إصدار أمر لإسرائيل بوقف هجومها على رفح الذي تقول تل أبيب إنه ضروري للقضاء على حركة "حماس".
وقالت إسرائيل، في ردها أمام محكمة العدل الدولية، إن الدعوى التي أقامتها جنوب إفريقيا "منفصلة تماماً عن الحقائق والملابسات"، وتستهزئ بتهمة الإبادة الجماعية الشنيعة.
وقال كبير المحامين الممثلين لإسرائيل جلعاد نوعام لمحكمة العدل الدولية إن "جنوب إفريقيا تقدّم للمحكمة للمرة الرابعة صورة منفصلة تماماً عن الحقائق والظروف"، وأضاف: "هناك حرب مأساوية تدور رحاها لكن لا توجد إبادة جماعية".
أنفاق رفح
وادعت إسرائيل، في ردها، إنها لم ترد خوض حرب غزة، ولم تبدأها، وأنها "تتعرض للهجوم بما يفرض عليها أن تقاتل للدفاع عن نفسها ومواطنيها"، واصفة رفح بأنها "نقطة محورية لنشاط إرهابي مستمر ومعقل لحركة حماس".
وقال نوعام إن "حماس أقامت في المدينة شبكة من الأنفاق تحت الأرض بما في ذلك مراكز للتحكم والمعدات العسكرية، وقد تم تحديد ما يقرب من 700 نفق في رفح وحدها، 50 منها تعبر إلى مصر، تستخدمها حماس للتزود بالأسلحة والذخيرة. كما يمكن استخدامها لتهريب الرهائن أو إرهابيي حماس إلى مصر".
وسبق أن ردت مصر على مثل هذه الادعاءات الإسرائيلية المتكررة، وأكدت، على لسان مسؤوليها، أن "مصر لديها السيادة الكاملة على أرضها وتحكم السيطرة بشكل تام على كامل حدودها الشمالية الشرقية مع غزة أو إسرائيل"، مع الإشارة إلى تدمير أكثر من 1500 نفق وتقوية الجدار الحدودي مع قطاع غزة.
وكانت إسرائيل ادعت في السابق التزامها "الثابت" بدعم القانون الدولي، معتبرة أن قضية جنوب إفريقيا "لا أساس لها على الإطلاق" و"بغيضة أخلاقياً".
ويقول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن هجوماً برياً واسعاً في رفح ضروري للقضاء على حركة "حماس" في آخر معاقلها.
وأعلنت إسرائيل، الخميس، أنها "ستكثّف" عملياتها البرية في رفح رغم التحذيرات الدولية من شن هجوم واسع على هذه المدينة المكتظة بالسكان في القطاع الفلسطيني المحاصر.
لكن نتنياهو اعتبر أن إسرائيل تجنبت "كارثة إنسانية" في رفح، وقال في بيان نشر مكتبه نسخة منه بالعربية: "حتى الآن تم إجلاء ما يقارب نصف مليون نسمة في رفح من مناطق القتال، حيث لم تحدث الكارثة الإنسانية التي كانوا يتحدثون عنها، بل ولن تحدث".
من جهته، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت أن العملية العسكرية في رفح "ستتواصل مع دخول قوات إضافية".
والخميس، استمعت المحكمة في قصر السلام، مقر أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، إلى محامين يمثلون بريتوريا تحدثوا عن مقابر جماعية وتعذيب وعرقلة متعمّدة لدخول المساعدات إلى قطاع غزة.
وقال أكبر المحامين الممثلين لجنوب إفريقيا فوسيموزي مادونسيلا "كانت جنوب إفريقيا تأمل، عندما مثلنا آخر مرة أمام هذه المحكمة، بوقف عملية الإبادة هذه حفاظاً على فلسطين وشعبها"، مضيفاً "لكن بدلاً من ذلك، استمرت الإبادة الإسرائيلية على نحو متسارع ووصلت للتو إلى مرحلة جديدة ومروعة".
"حماية من الإبادة الجماعية"
وأمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل، في يناير، ببذل كل ما بوسعها لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتمكين وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، لكنها لم تصل إلى حدّ الأمر بوقف إطلاق النار.
وتطالب جنوب إفريقيا المحكمة بوقف لإطلاق النار، وحجتها اليوم أن الوضع على الأرض، لا سيما في رفح، يتطلّب تحركاً جديداً من محكمة العدل الدولية.
وأكد محام عن جنوب إفريقيا أن الهجوم الإسرائيلي في رفح هو "الخطوة الأخيرة في تدمير غزة"، داعياً إلى حماية الشعب الفلسطيني.
وقال فوجان لوي للمحكمة "هذه هي الخطوة الأخيرة في تدمير غزة وشعبها الفلسطيني"، في إشارة إلى الهجوم البري الذي بدأ قبل نحو عشرة أيام.
وأضاف: "رفح هي التي أتت بجنوب إفريقيا إلى المحكمة"، مضيفاً: "لكنّ الفلسطينيين كمجموعة قومية وإتنية وعرقية هم الذين يحتاجون إلى الحماية من الإبادة الجماعية، وهي حماية يمكن للمحكمة أن تأمر بها".
وأوامر محكمة العدل الدولية التي تنظر في النزاعات بين الدول ملزمة قانوناً، لكن ليست لدى المحكمة وسائل لتنفيذها. وأمرت المحكمة روسيا بوقف غزوها لأوكرانيا، لكن من دون أن تكون للحكم أي مفاعيل.
وتطالب جنوب إفريقيا محكمة العدل الدولية بإصدار 3 أوامر طوارئ أو "تدابير موقتة"، بينما تتابع المحكمة النظر في الاتهام الأوسع لإسرائيل بانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948.
أولاً، تريد جنوب إفريقيا من المحكمة أن تأمر إسرائيل "بالانسحاب الفوري ووقف هجومها العسكري" في رفح.
ثانياً، يتعيّن على إسرائيل أن تتّخذ "كل الإجراءات الفعالة" للسماح للعاملين في مجال المساعدات الإنسانية والصحافيين والمحققين بالوصول إلى غزة "دون عوائق".
وأخيراً، تطلب بريتوريا من المحكمة ضمان تقديم إسرائيل تقارير عن الإجراءات التي تتخذها للالتزام بالأوامر.
مصر تنضم للدعوى
وأعلنت مصر، الأحد، "عن اعتزامها التدخل رسمياً لدعم الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية للنظر في انتهاكات إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في قطاع غزة"، حسب ما جاء في بيان للخارجية المصرية.
وأتت الخطوة المصرية، بحسب البيان، "في ظل تفاقم حدة ونطاق الاعتداءات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، والإمعان في اقتراف ممارسات ممنهجة ضد أبناء الشعب الفلسطيني من استهداف مباشر للمدنيين وتدمير البنية التحتية في القطاع، ودفع الفلسطينيين للنزوح والتهجير خارج أرضهم".
وطالبت مصر إسرائيل بـ"الامتثال لالتزاماتها باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال، وتنفيذها للتدابير المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية التي تطالب بضمان نفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية على نحو كافٍ يلبي احتياجات الفلسطينيين في قطاع غزة".
وكانت مصر نددت في السابع من مايو "بأشد العبارات" بدء إسرائيل عملياتها العسكرية في مدينة رفح الفلسطينية، التي تؤوي نحو 1.4 مليون فلسطيني غالبيتهم من النازحين، وما أسفرت عنه السيطرة إسرائيلية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.