إبراهيم رئيسي.. 3 سنوات في رئاسة إيران بين "التشدد والمصالحات"

time reading iconدقائق القراءة - 10
آخر ظهور للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي على متن طائرة مروحية في محافظة أذربيجان الشرقية شمال غربي البلاد. 19 مايو 2024 - AFP
آخر ظهور للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي على متن طائرة مروحية في محافظة أذربيجان الشرقية شمال غربي البلاد. 19 مايو 2024 - AFP
دبي-الشرقوكالاتالشرقوكالات

غيّب الموت الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان وعدد من المسؤولين، في حادث تحطم مروحية كانت تقلهم، بسبب سوء الأحوال الجوية في محافظة أذربيجان الشرقية شمال غربي البلاد.

وشهدت فترة حكم رئيسي (63 عاماً)، المستمرة منذ قرابة 3 سنوات سلسلة من التطورات والأحداث السياسية، بدءاً من الحركة الاحتجاجية التي هزت البلاد نهاية العام 2022، مروراً باستئناف العلاقات مع السعودية، وانتهاءً بتفاقم التوترات الإقليمية، بسبب حرب إسرائيل على غزة، وتبادل الهجوم المباشر مع تل أبيب للمرة الأولى. 

وواجه رئيسي تحديات اقتصادية وسياسية داخلياً وخارجياً، في ظل سعيه لتنفيذ وعوده التي أعلنها خلال الانتخابات الرئاسية عام 2021 بأن يحقق الكثير، في منصب انتخب ليتولاه من دون خبرة سابقة في السلطة التنفيذية.

من هو إبراهيم رئيسي؟

وُلِد رئيسي بمدينة مشهد في نوفمبر 1960، وتولى مناصب عامة في سن مبكرة، إذ عيّن مدعياً عاماً في مدينة كرج قرب العاصمة طهران وهو في العشرين من العمر، وذلك بعد فترة وجيزة من الثورة الإيرانية عام 1979.

ورئيسي متزوج من جميلة علم الهدى، أستاذة علوم التربية في جامعة شهيد بهشتي بطهران، ولهما ابنتان. وقد جعله هذا الارتباط العائلي نسيباً لأحمد علم الهدى، إمام الجمعة وممثل المرشد الأعلى في مشهد، ثاني كبرى مدن إيران.

وأمضى رجل الدين الشيعي قرابة 3 عقود في هيكلية السلطة القضائية لإيران، متنقلاً بين مناصب عدة منها مدعي عام طهران بين 1989 و1994، ومعاون رئيس السلطة القضائية اعتباراً من 2004 حتى 2014، حين تم تعيينه مدعياً عاماً للبلاد.

لكنه بالنسبة للعديد من الإيرانيين، يرتبط اسم رئيسي بسلسلة من المحاكمات السياسية والإعدامات خلال الحرب مع العراق في ثمانينات القرن الماضي.

ورداً على أسئلة وجهت إليه عامي 2018 و2020 على خلفية تلك الحقبة، نفى رئيسي ضلوعه في هذه الإعدامات، كما أبدى تقديره لـ"الأمر" الذي أصدره الخميني (المرشد الإيراني السابق) لتنفيذ الإجراءات بحق هؤلاء الموقوفين، بحسب "فرانس برس".

وحتى أعوام قليلة مضت، لم يكن رجل الدين المحافظ رئيسي معروفاً تقريباً لدى غالبية الإيرانيين، إذ خاض انتخابات عام 2017، لكن الحظ لم يحالفه. وفي السنوات الأخيرة، عيّنه خامنئي في مناصب رفعت مكانته في مراكز القوة الإيرانية، أبرزها رئاسة القضاء.

ثقة المرشد برئيسي دفعته لتعيينه عام 2016 كرئيس لـ"آستان قدس رضوي"، إحدى أكثر المؤسسات الدينية تأثيراً في البلاد، ويتوزع مجال نشاطها بين العمل الخيري وإدارة مجموعة واسعة من العقارات والشركات، بدءاً من الزراعة إلى البناء، وأدار رئيسي هذه الإمبراطورية الاقتصادية لمدة 3 سنوات.

خبرة قضائية

ووفقاً لسيرته الذاتية الرسمية، قام رئيسي الذي يعرف بردائه الديني ونظارتين رفيعتين ولحية مشذبة غزاها الشيب، بتدريس مواد فقهية ودينية في الحوزات العلمية اعتباراً من العام 2018، خصوصاً في مدينة مشهد، بحسب "فرانس برس".

وسرعان ما أصبح على رأس القضاء الإيراني وتحديداً عام 2019، إذ جعل رئيسي مكافحة الفساد جزءاً أساسياً من حملته. في حين يقول منتقدوه إنه كان منذ فترة طويلة جزءاً لا يتجزأ من المؤسسات السياسية الإيرانية، غير أن تربعه على رأس القضاء مكّنه من قيادة الإطاحة ببعض خصومه السياسيين البارزين.

وبعد بضعة أشهر من تعيينه رئيساً للسلطة القضائية في عام 2019، فرضت الولايات المتحدة عليه عقوبات، بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان، تشمل قمع اضطرابات في عام 2009، وهي أحداث لعب فيها دوراً، بحسب جماعات حقوقية. 

وفي العام ذاته، تم تعيين رئيسي عضواً بمجلس الخبراء الإيراني، الأكثر نفوذاً في البلاد، والمكلف باختيار المرشد الأعلى المقبل عند وفاة خامنئي البالغ من العمر 85 عاماً.

لكن رئيسي عاد خلال انتخابات 2021، ورشح نفسه لرئاسة البلاد، فيما اعتبر حينها أنه الوحيد القادر على أن يجمع حول شخصه تأييد مختلف المعسكرات السياسية للمحافظين والمحافظين المتشددين "الأصوليين". 

وفاز مرشح التيار المحافظ رئيسي في الانتخابات الرئاسية بـ62% من الأصوات في عملية اقتراع غاب عنها أي منافس جدي، وفقاً لـ"فرانس برس" التي قالت إنه جاء في وقت شكّل فيه الوضع الاقتصادي في إيران التحدي الأبرز، وذلك في ظل الصعوبات العائدة بشكل أساسي إلى العقوبات الأميركية.

وفي ظل خيبة أمل من عدم إيفاء عهد سلفه حسن روحاني (2013-2021) بوعوده على هذا الصعيد، تعهد رئيسي الدفاع عن "حرية التعبير" و"الحقوق الأساسية لكل المواطنين الإيرانيين" و"الشفافية".

تحديّات داخلية وخارجية

شهدت فترة حكم رئيسي، الذي تبنى سياسة "تطوير العلاقات مع دول الجوار"، سلسلة من الأحداث والتطورات على المستوى الداخلي والخارجي، بدءاًَ من اندلاع موجة احتجاجات شعبية واسعة إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعد توقيفها بتهمة عدم الامتثال لقواعد اللباس الصارمة في إيران، وانتهاءً بتفاقم التوترات الإقليمية منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، ودخول فصائل مسلّحة موالية لإيران على خط الأزمة.

وتعزّز موقف رئيسي في الانتخابات التشريعية التي أجريت في مارس الماضي، وهي أول انتخابات وطنية منذ الحركة الاحتجاجية.

ووصف الرئيس الإيراني حينها الاحتجاجات بأنها "فشل تاريخي جديد لحق بأعداء إيران بعد أعمال الشغب" التي دفعت عمليات قمعها على يد السلطات الإيرانية، دولاً غربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة إلى توسيع دائرة العقوبات على طهران التي تعاني منذ سنوات من أزمة اقتصادية.

أما على نطاق السياسية الخارجية، تفاقمت التوترات الإقليمية منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" في قطاع غزة، ودخول فصائل مسلّحة موالية لإيران في سوريا ولبنان والعراق واليمن على خط التصعيد في جبهات إقليمية عدة.

وبهدف بحث "كيفية تجنّب التصعيد الإقليمي"، أجريت مؤخراً محادثات غير مباشرة بين طهران وواشنطن، وذلك بعد الهجوم غير المسبوق بالمسيرات والصواريخ شنته إيران على إسرائيل ليل 13-14 أبريل الماضي، وذلك رداً على تدمير القنصلية الإيرانية في سوريا في الأول من ذات الشهر، بضربة نُسبت إلى إسرائيل، ولقي فيها 7 عناصر في الحرس الثوري حتفهم بينهم ضابطان رفيعان.

كما شهدت فترة ولاية رئيسي إعلان استئناف العلاقات مع السعودية بوساطة صينية في 10 مارس 2023، فيما سبق أن اعتبر الرئيس الإيراني في أغسطس 2022، أن مسألة إعادة بناء وتعزيز علاقات بلاده مع الرياض "تخدم أمن المنطقة".

والتقى الرئيس الإيراني في نوفمبر الماضي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وذلك خلال اجتماع ثنائي على هامش قمة مشتركة لقادة دول الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في الرياض.

وكان رئيسي والأمير محمد بن سلمان، أجريا أول مكالمة هاتفية بينهما في 12 أكتوبر الماضي، عبّرا خلالها عن دعمهما للقضية الفلسطينية وبحثا وفقاً لوكالة الأنباء السعودية "واس" مسألة "التصعيد العسكري الجاري حالياً في غزة ومحيطها".

تقارب مع مصر

وشهدت العلاقات الإيرانية المصرية تقارباً في الفترة الأخيرة، حيث التقى رئيسي، في نوفمبر الماضي للمرة الأولى، نظيره المصري عبد الفتاح السيسي على هامش أعمال القمة العربية الإسلامية في دورتها غير العادية بالرياض.

وفي ديسمبر الماضي، بحث الرئيسان في اتصال هاتفي تطورات الأوضاع في قطاع غزة، فضلاً عن متابعة النقاش بشأن مسار تناول القضايا العالقة بين البلدين.

وعلى هامش فعاليات الدورة الـ15 لمؤتمر القمة الإسلامي في جامبيا، بحث وزيرا خارجية البلدين مسار العلاقات الثنائية بين مصر وإيران، على ضوء الاتصالات واللقاءات السابقة بين الوزيرين وتوجيهات قيادتي البلدين خلال الفترة الماضية، حيث اتفقا على مواصلة التشاور بهدف معالجة كافة الموضوعات والمسائل العالقة".

تشدد بمفاوضات الاتفاق النووي

واتخذ رئيسي، موقفاً متشدداً في المفاوضات المتوقفة الآن مع القوى الست الكبرى، والتي كانت ترمي إلى إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، إذ أنه كان يرى أفقاً للحصول على إعفاءات واسعة النطاق من العقوبات الأميركية مقابل فرض قيود متواضعة فقط على برنامج إيران النووي الذي يسجل تطوراً متزايداً.

وفي عام 2018، انسحب الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب من اتفاق أبرمته طهران مع القوى الست، وأعاد العقوبات الأميركية الصارمة على الجمهورية الإسلامية، مما دفع طهران إلى الدخول في انتهاكات تدريجية للقيود النووية التي اشتمل عليها الاتفاق. 

تصنيفات

قصص قد تهمك